'); }
زهد عبد الله بن عمر
عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى أبو عبد الرحمن القرشي العدوي المكي ثمّ المدني، وأمه زينب بنت مظعون، أسلم وهو صغير السن، وهو من بَايع الرسول صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، رَوى الكثير من العلم عن النبي الكريم، وعن أبي بكر وعثمان، وعن أبيه أيضاً والكثير من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين،[١] واشتُهر بين الصحابة باسم ابن عمر، وكان معروفاً عنه العفة والورع، والعلم والكرم، والانفاق في سبيل الله، والإكثار من صيام النهار والصلاة في جوف الليل، والحج كل عام، والحرص على مُتابعة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان معروفاً عنه الزهد أيضاً،[٢] حيث كان رضوان الله عليه يقول عن نفسه: (واللهِ ما وضعتُ لبنةً على لبنةٍ، ولا غرستُ نخلةً، منذ قُبض النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ)،[٣] كما أنّه كان خائفاً من أن يُوجّه إليه هذا السؤال يوم القيامة: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا)،[٤] وقال ميمون بن مهران عنه: (دخلت على ابن عمر، فقَومتُ (ثَمّنْتُ) كل شيء في بيته من فراش ولحاف وبساط، ومن كل شيء فيه، فما وجدته يساوي مائة درهم)، وفي إحدى المرات؛ قَدّمَ إليه أحد إخوانه القادمين من خراسان هدية عبارة عن حُلّة أنيقة وناعمة، وقال له إنّه أتى إليه بهذه الحُلّة من خراسان، وإنّه لتقر عيناه إن خلع ثيابه القديمة الخشنة، وارتدى هذه الحُلّة الجميلة، فطلب منه ابن عمر أن يُريه إيّاها، فلمسها وسأله إن كانت من الحرير، فردّ عليه صاحبه إنّها من القطن، وبعد أن تَفحّصها عبد الله قليلاً دفعها بيمينه وقال: (لا، إني أخاف على نفسي، أخاف أن يجعلني مُختالاً فخورًا، والله لا يُحبّ كل مُختال فخور)، وأهداه صديق آخر وعاءً مملوء، فسأله ابن عمر عنه، فأجابه هذا الصديق بأنّه دواء عظيم أتى به من العراق، فسأله عبد الله أيّ الأمراض يُعالج، فردّ عليه إنه يهضم الطعام، فَتبسّم ابن عمر وقال باستغراب: (يَهضم الطعام! إني لم أشبع من طعام قَطُّ منذ أربعين عامًا).[٥]
إسلام عبد الله بن عمر
أسلم ابن عمر وهو صغير السن، وقد اُختُلف فيما إن كان إسلامه قبل أبيه أم بعده، فمنهم من قال إنّه أسلم مع أخته حفصة قبل إسلام أبيه، ولكن جمهور المؤرخين يَردّون هذه الرواية مُعتمدين على ما رواه نافع (مولى عبد الله بن عمر)، حيث روى إنّ عبد الله قد أرسله أبوه ليُحضر فرساً من رجل أنصاري، فأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم يُبايع تحت الشجرة، فبايعه عبد الله، ثمّ ذهب وأحضر الفرس، وعاد به إلى عمر، وأخبره بأمر البيعة، فانطلقا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث بايعه عمر هناك، وبسبب هذه الرواية؛ التبس على الناس أكان عبد الله أسلم قبل أبيه أم بايع قبل أبيه بيعة الرضوان، والراجح هو أنّ عبد الله أسلم مع أبيه وبايع قبله.[٦]
'); }
أخلاق عبد الله بن عمر
كان ابن عمر رضي الله عنه صاحب خُلق رفيع في التعامل مع الناس، وكان إذا استَقرض شيئاً وفّاه أحسن منه، فعن عطاء بن مولى ابن سباع قال: (أقرضتُ ابن عمر ألفي درهم، فبعث إليّ بألفي وافٍ، فوزنتُها فإذا هي تزيد مئتي درهم، فقلت: ما أرى ابن عمر إلا يجربني، فقلت: يا أبا عبد الرحمن إنها تزيد مئتي درهم، قال: هي لك)، وكان رضي الله عنه يَخدم تلاميذه كما يَخدمونه، وكان أيضاً حليماً يَعفو ويَصفح، حتّى وإن كان المُخطئ خادماً له أو عبداً.[٦]
المراجع
- ↑ “من مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب”، fatwa.islamweb.net، 2004-4-6، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-25. بتصرّف.
- ↑ “فضائل عبد الله بن عمر بن الخطاب”، fatwa.islamweb.net، 2002-9-4، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-25. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 6303، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
- ↑ سورة الأحقاف، آية: 20.
- ↑ “عبد الله بن عمر”، islamstory.com، 2006-5-1، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-25. بتصرّف.
- ^ أ ب الدكتور محمد روّاس قلعه جي (1986)، موسوعة فقه عبد الله بن عمر عصره وحياته (الطبعة الأولى)، بيروت: دار النفائس، صفحة 7-14. بتصرّف.