دعاء سيّدنا موسى
ورد في صورة القصص في الآية الرابعة والعشرين دعاءً على لسان سيّدنا موسى عليه السلام؛ فقد جاء في الآية الكريمة: (فَقَالَ رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير)
لدعاء سيّدنا موسى عليه السلام هذا معنىً وقصّة؛ فعَنْ اِبْن عَبَّاس رضي الله عنه قَالَ: عندما قام مُوسَى بالهروب مِنْ فِرْعَوْن أَصَابَهُ جُوع شَدِيد، لدرجة كَانَتْ أَمْعَاؤُهُ تُرى مِنْ ظَاهِر الصِّفَاق، وعندما قام بالسّقاية للفتاتين، وَأَوَى إِلَى الظِّلّ، قَالَ: { رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير }.
عندما قال سيّدنا موسى ذلك لم يكن يملك درهماً أو ديناراً، ولكنّه في الآية هذه يثني على ربّه تعالى، ويسأله من الخير، والخير في معناه كلمة جامعة لكلّ ما يلائم الإنسان وينفعه، سواءً أكان ذلك ماديّاً أو حتّى معنويّاً.
وقد قال أهل التّفسير: سأل موسى الله تعالى أن يطعمه في ذلك الوقت لما كان عليه من جوعٍ وتعب، وهو أكرم خلق الله تعالى في ذلك الوقت ، وكان سيّدنا موسى حينها لم يذق طعاماً منذ سبعة أيام، وفي هذا إشارة ومُعتبر وإشعار بهوان الدّنيا على الله تعالى.
استجاب الله جلّ جلاله لدعاء موسى عليه السلام، فإنّ أحسن خير للغريب هو وجود مأوى يأوي إليه، وفيه ما يحتاج إليه من الطّعام والزوجة الّتي يأنس بها ويسكن إليها. فكلّ هذه الأمور المذكورة تيسّرت لموسى عليه السلام في اللحظة الّتي وصل فيها إلى مدين، وارتبط بذلك البيت الصّالح ورزقه الله الزّوجة والمأوى والعمل .
معنى دعاء موسى عليه السلام
ربّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت الي مِنْ فَضْل و نعم فَقِير إِلَى أَنْ تُغْنِينِي بِك عَمَّنْ سِوَاك، ويا ربّ إنّي دائماً أحتاج إلى ما أعطيتني من خير، ويقصد بالخير جميع نعم الله تعالى كالمال والزّوج والبيت والطعام، وسيّدنا موسى افتقر إلى الطّعام فدعاه حتّى يرزقه الله.
وفي هذا الدّعاء إشارة إلى كلّ من يفتقر إلى شيء من نعم الله وخيراته، فعليه أن يدعو به لعلّ الله يغنيه بنعمه؛ فالله تعالى يحبّ عبده اللحوح.