محتويات
'); }
المشكلات والمواقف الحياتيّة
يتعرّض الإنسان في حياته العمليّة إلى العديد من الأمور والمواقف غير المعتادة التي تؤثّر أحياناً على تتمّة أمر معيّن أو تشويه موقف أو إحداث خلل، وقد تكون هذه المواقف والأحداث على درجة بسيطة من الأهميّة غير أنّها تغلق مسارات أو تقف بوجه تحقيق الأهداف أو تؤدي إلى اضطراب النّفس وتعسير الحال، والمتعارف تسمية كلّ تلك الأمور بأنّها مشكلات، ويسعى الإنسان عادةً لحلّ كلّ تلك المعضلات ولإشكالات التي تواجهه وتقف عائقاً في إحدى اتجاهاته ليبقى حاله في حدود الاستقرار والأمن النّفسيّ.
تعرّف المشكلة لغوياً بأنّها صعوبةٌ أو قضيّةٌ تحتاج إلى معالجة وتذليل للوصول إلى نتيجة معيّنة،[١] أمّا في الاصطلاح فتعرّف المشكلة بأنّها حالةٌ غير مرغوبة تتشكّل عن انحراف أمر معين عن مسيره وهدفه، لتصنع حالةً من عدم الاتّزان بين الأمر المفروض أو المتوقّع والأمر الطّارئ ليتكوّن من عدم الاتّزان علاماتٌ شعوريّةٌ تتمثّل بالخوف والقلق والتوتر تشير بوجودها إلى وجود ما يصطلح على تسميته بالمشكلة.[٢]
'); }
تعريف حلّ المشكلات
يمكن تعريف عمليّة حلّ المشكلات بأنّها طريقةٌ منهجيّةٌ أو عمليّةٌ عقليّةٌ يستخدم فيها الفرد تفكيره مع ما يتوفّر لديه من خبرات ومهارات ومعارف مكتسبة وتجارب سابقة من أجل مواجهة الحالات أو الصعوبات أو المواقف المكوّنة للمشكلة كنوع من الاستجابات الهادفة لمعالجة ما ترتّب على المشكلة من علامات وآثار، والعودة إلى تحقيق الهدف المراد، كما تعرّف عمليّة حلّ المشكلات بأنّها نشاطٌ ذهنيٌّ تنتظم فيه تجارب العقل وخبراته السّابقة ومكونات موقف المشكلة لتحقيق الهدف الأساسي قبل حدوث المشكلة.[٣]
خطوات حلّ المشكلة
من الطبيعيّ أن يسعى الإنسان لحلّ المشكلات التي تواجهه سعياً منه لتبديل الحالة غير المتوازنة التي أثّرت في وصوله إلى هدف معيّن أو أعاقت الحصول على نتيجة أو مجموعة من النتائج، وفي أثناء محاولة الفرد علاج المشكلة، فإنّه يضع أهدافاً في ذهنه وتخيّله بما يتناسب مع الأهداف الأساسيّة العامّة للمشكلة والظروف الخاصّة التي ساهمت في تولّدها؛ حيث تمثّل هذه الصورة الذّهنيّة المشكلة داخلياً بما يضمن تحقيق الحلول المناسبة ذهنياً، وقد يتطوّر تمثيل المشكلة كخطوة من خطوات العلاج إلى تمثيلها خارجياً عبر تحويل الصور الذهنيّة إلى رسومات أو رموز تحمل علامات ودلائل تساعد في وصف المشكلة للوصول إلى حلّها المعتمد في أصله على عدّة عوامل أهمّها: التخيّل والتذكّر والتمثيل الدّاخلي لعناصرها ومتعلّقاتها، ونقل ذلك التمثيل إلى علامات خارجيّة، وهذا السّلوك بصورة عامّة هو احتياجٌ فعليٌّ للعنصر البشريّ لما يقدّمه من نتائج إيجابيّة تنهي حالة عدم الاتّزان بين ما هو كائنٌ وما ينبغي أن يكون.[٤]
وترتبط مسألة حلّ المشكلات ارتباطاً وثيقاً بتحديد الأهداف وتحقيقها، وهي مهارةٌ متعلّمةٌ يمكن للأفراد اكتسابها بالتجريب والتعرّض للخبرات، ويمكن استخدام عدّة أساليب في سبيل المساعدة في حلّ المشكلات ضمن خطوات محدّدة وواضحة تتمثّل في ما يأتي:[٤]
- تحديد المشكلة: تتمثّل خطوة تحديد المشكلة في اكتشاف المشكلة والتعرّف إلى ماهيّتها وتكوين فكرة صريحة وواضحة حولها من خلال التعرّف إلى عناصرها والأسباب المكوّنة لها والتي أدّت إلى تشكّلها.
- توفير الخيارات أو البدائل الممكنة: تتضمن هذه المرحلة استمطار جميع الأفكار الممكنة لإيجاد وخلق حلول مقترحة يمكن أن تقدّم علاجاً للمشكلة، ولا اعتبار في هذه المرحلة لموثوقيّة الحلول المقترحة أو تقييمها، إنّما المراد هو توقّع المتاح بأكمله لتحدث المفاضلة لاحقاً بين البدائل المقترحة وفق معايير تتناسب مع ظروف المشكلة وتفاعلاتها.
- تقييم الحلول: وتعتمد هذه الخطوة على نتاجات عمليّة العصف الذهنيّ التي ولّدت مجموعةً من الحلول المقترحة للمشكلة، إذ تختبر الحلول المقدّمة جميعها ضمن معايير المفاضلة لعوامل حدوث المشكلة ونتاجاتها، وتقيّم الحلول بناءً على ما تقدّمه من شعور وتأثير على الموقف بصورة مثلى وعلى المدى القصير والطويل وإمكانيّة تطبيق الحلّ عملياً.
- اختيار الحلّ المناسب: يعتمد اختيار الحلّ المناسب على نتاجات تقييم الحلول المقترحة لاختيار الحلّ الأكثر مناسبةً لظروف المشكلة ومتغيراتها.
- تطبيق الحلّ: تعتبر جميع الخطوات السابق ذكرها من خطوات حلّ المشكلة نموذجاً لتخطيط عمليّة حلّ المشكلة، وتمثّل خطوة تطبيق الحلّ النموذج الانتقالي من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التطبيق والإسقاط الواقعي، وقد تتضمّن عمليّة تطبيق الحلول خطوات عديدة قد لا تنجح بتحقيق أهدافها بالمحاولة الأولى، كما أنّ هذه المرحلة لا تتّسم عادةً بالسهولة، وتحتاج عمليّة تطبيق الحلول المنتخبة إدارةً منهجيّةً تراعي تنظيم التطبيق وتكرار المحاولات.
- المراجعة: تحتاج عمليّة حلّ المشكلات إلى خبرة وتعلّم وممارسة ودراية، وأميز ما يقوم به الفرد خلال تنفيذه لحلّ المشكلة هو تدوين مراحلها وخطوات الحلّ ليقوم بمراجعة مستمرّة وتقييم واضح لمسار كلّ خطوة وإجراء التعديلات اللازمة التي تتطلّبها الظروف والمتغيّرات حسب ما تظهره نتائج المراجعة، وبما أنّ عمليّة حلّ المشكلات مرحلةٌ مستمرّةٌ، فإنّ استمرار المراجعة مطلبٌ مهمٌ لدراسة ظروف التنفيذ، وتغيير الخطوات والزيادة عليها، ومراقبة التطبيق والمحاولات، وتوفير تصوّر واضح ومستمر حول نتاجات الحلّ وقياس نجاحه.
الصفات الشخصية المُعينة على حلّ المشكلة
يمكن النّظر إلى عمليّة حلّ المشكلات باعتبارها مهارة مكتسبة يتقنها المتدربون بصورة مثلى كلما اكتسبوا خبرات وتجارب أكثر في هذا الجانب، وينبغي أن يتمتّع الخبير في حلّ المشكلات ببعض الخصائص التي تمكّنه من فهم تفاصيل المشكلة وحلّها بأسلوب إبداعي؛ كأن يكون ذا اتّجاه إيجابي مثابر يؤمن بقدرته وشخصيّته في مواجهة العقبات، كما ينبغي أن يكون حريصاً على فهم الحقائق بجميع معطياتها ومصادرها، وتغليب التأمّل والتحليل والتجزئة على التخمين والتوقّع غير المستند على معلومات منطقيّة.[٥]
المراجع
- ↑ “معنى مشكلة”، معجم المعاني.
- ↑ “المنهج العلمي لتشخيص وحل المشكلات الإدارية”، مركز اعداد القادة للقطاع الحكومي، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2017. بتصرّف.
- ↑ محمود طافش، حل المشكلات أسلوب مميز لتعليم مهارات التفكير، عمان- الأردن: كادر، صفحة 1. بتصرّف.
- ^ أ ب مركز الصحة النفسية عبر الثقافات (2005)، المرشد العملي- حل المشكلات ووضع الأهداف (الطبعة الأولى)، استراليا: مركز الصحة النفسية عبر الثقافات، صفحة 1-6. بتصرّف.
- ↑ موسى معوض (12-11-2013)، “مفهوم حل المشكلات”، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 23-11-2017. بتصرّف.