من هو سعد بن معاذ
هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الأنصاري الأشهلي، وكُنيته أبو عمرو، أمّا أمّه فهي: كبشة بنت رافع بن عبيد بن ثعلبة، صحابيّةٌ جليلة أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وماتت بعد ابنها سعد رضي الله عنهما ورحمهما، وقد كان سعد رضي الله عنه من أكثر الناس طولاً، وكان أبيضَ البَشَرة جسيمًا جميلاً قَسيماً، حسن اللِّحية وسيم المظهر.[١]
كان سعد بن معاذ رضي الله عنه سيد الأوس، كما كان زعيماً لقبيلة بني عبد الأشهل، وكانت تربطه بأميّة بن خلف القرشي علاقة صداقةٍ وثيقة، وكان يهود بني قريظة موالين له قبل الإسلام، بل إنّهم كانوا من أبرز حُلفائه وكان له عليهم سلطان. أسلم سعد بن معاذ رضي الله عنه على يد مصعب بن عمير رضي الله عنه الذي قدِم إلى المدينة بأمرٍ من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان إسلام سعد قبل هجرة النبي بسنةٍ واحدة، وكان عمره حينها واحداً وثلاثين عاماً، وقد قال لقومه بني عبد الأشهل عند إسلامه: (كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تسلموا، فأسلموا)، وكان لإسلامه أعظم الأثر في الدولة الإسلامية في المدينة بشكلٍ خاص، وكان أعظم الناس بركةً في الإسلام، وقد شهد بدرٍ مع النبي صلى الله عليه وسلم كما شارك في غزوتي أُحد والخندق، وقد توفي وهو في السابعة والثلاثين من العمر.[١]
سعد بن معاذ سيد قومه
للصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه منزلةً فريدةً بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عن صحابته جميعاً؛ كيف لا وهو سيِّد قومه قبل الإسلام، بالرغم من صِغر سنِّه حيث كان يبلغ إحدى وثلاثين سنةً حين إسلامه، وقد كان قبلها سيداً للأوس؛ أي أنّه كان سيداً في قومه قبل أن يبلغ الثلاثين من العمر وقبل دخوله الإسلام ممّا يعني أنّ له شأناً في قومه منذ صغره، وقد حفظ النبيّ صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ تلك المنزلة بعد الإسلام مع أنّه قد تنازل عنها بمحض إرادته واختياره لعلمه بأن لا سيادة لأحدٍ بوجود النبي صلى الله عليه وسلم.
اشتهر سعد بن معاذ رضي الله عنه بالعديد من المواقف العظيمة في الإسلام مع قِصر الفترة التي عاش فيها في ظل دولة الإسلام نظراً لوفاته في سنِّ الشباب بعد إسلامه بسنواتٍ قِلال، حيث كان عمره حين وفاته سبعاً وثلاثين سنةً، أي أنّه قد عاش بعد إسلامه ست سنواتٍ فقط، ومن أعظم المواقف التي تُحفظ لسعد بن مُعاذ رضي الله عنه في ذاكرة الأيام ولا يُمكن لمسلمٍ أن ينساها ما يُعرف بواقعة التحكيم، حيث قام بنفسه بالحكم على يهود بني قريضة، فما قصة واقعة التحكيم التي كان بطلها سعد بن معاذ والتي صدر فيها الحكم القطعي على يهود بني قُريضة، وما هي أبعادها الدينية والسياسية والاجتماعية، هذه المسائل وغيرها ما ستقوم هذه المقالة بطرحه وتبيينه بعد توفيق الله.[١]
حكم سعد بن معاذ في بني قريظة
بعد أن طال الحصار على بني قريظة، وفشلت كل محاولاتهم من إنقاذ نفوسهم من الموت المحقق على يد المسلمين بعد تحالفهم مع الأحزاب التي حاربت المسلمين في غزوة الخندق، حينها عمدت الأوس قوم سعد بن معاذ إلى التَّوسُّط عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى يعفو عن بني قريضة ويتركهم أو يُخفّف العقاب عنهم، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم جميع الوسائط لأجل ذلك، وقال للأوس ألا ترضون بأن يحكم فيهم رجلٌ منكم يعني سعد بن معاذ فقبل الأوس ذلك، والغريب أنَّ بني قُريضة أنفُسهم قبلوا بتحكيم سعد بن معاذ رضي الله عنه ولعلَّهم اعتقدوا أنَّ ما كان بينهم وبين سعد قبل الإسلام من الولاء سيشفع لهم عنده فيُخفِّف في الحكم عنهم.[٢]
حتى إذا ظهر سعد بن معاذ رضي الله عنه على رسول اللّه وشاهده الناس حول النبي صلّى اللّه عليه وسلم، قال لهم رسول الله: (قوموا إلى سيِّدِكم فأنزِلوه)،[٣] فقام الناس حينها احتراماً لسعد بن معاذ رضي الله عنه حتى وصل سعد إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (احكُمْ فيهم، قال: فإنِّي أحكُمُ فيهم أنْ تُقتَلَ مُقاتِلتُهم وتُسبَى ذراريُّهم وتُقسَمَ أموالُهم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لقد حكَمْتَ فيهم بحُكْمِ اللهِ ورسولِه)،[٣] فإن سعد بن معاذ رضي الله عنه لما أصدر حكمه على بني قُريضة لم يُراعِ بذلك ما سبق من أوليائه قبل الإسلام، بل نظر إلى إخلافهم بالوعد الذي قطعوه مع النبي صلى الله عليه وسلم وأثر ذلك على سير المعركة.[٤]
فلما جاء وقت تنفيذ العقوبة التي وضعها سعد ليهود بني قريضة حبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في دار امرأةٍ من بني النجار تُدعى بنت الحارث، ثمّ خندق رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوق المدينة خنادق وبعث في طلب القوم، فضرب أعناقهم فيها وكان بينهم في تلك الواقعة زعيمهم وعدو الله حيي بن أخطب، ومن بينهم كذلك كعب بن أسد كبير قومه، وكان عدد رجالهم ما يقارب ستمائة أو سبعمائة رجل، وقيل إنهم كانوا أكثر من ذلك.[٤]
المراجع
- ^ أ ب ت الأستاذ الدكتور راغب السرجاني (1-5-2006)، “سعد بن معاذ”، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 31-8-2017. بتصرّف.
- ↑ الأستاذ الدكتور راغب السرجاني (12-6-2011)، “قتل بني قريضة”، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 31-8-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 7028، أخرجه في صحيحه.
- ^ أ ب “تحكيم سعد في أمر بني قريظة”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-9-2017.