محتويات
النَّمص
يشير فعل النمص في اللغة إلى النتف، فيُقال: نَمَص الشعر أي نَتَفَه، وهو في الاصطلاح الشرعي ممّا اختلف العلماء في معناه، فذهب جمعٌ منهم إلى القول بأنّه إزالة شعر الوجه عموماً وليس إزالة شعر الحاجب على وجه التحديد، وهو قول جمهور العلماء من الحنفية، والشافعية، والظاهرية، والحنابلة، والمالكية، وغيرهم، وقالوا: إنّ النامصة هي التي تنتف شعر الوجه، أما المتنمّصة فهي التي يُنتَف شعر وجهها، واستدلّ هؤلاء لرأيهم بأنّ حُرمة النمص إنّما جاءت في السُّنة النبوية، ولم يأتِ فيها بيان لحدّ النمص المحرّم، فالواجب في هذه الحال الرجوع في تحديده إلى اللغة، وهو عند أهل اللغة إزالة شعر الوجه عامّةً، فلا يجوز أن نخصّصه بالحاجب دون دليل؛ لأنّ قَصر الدليل على شيء من مدلوله دون حجّة غير جائز، أمّا القول الثاني للفقهاء في معنى النمص فهو قصره على إزالة شعر الحاجب دون سائر الوجه، وهو قول أبي داود في سُننه، وقول عند الأحناف، وقول عند المالكية، وقول عند الشافعية.[١][٢]
حُكم إزالة الشعر بين الحاجبين
اختلف العلماء في حكم إزالة الشعر بين الحاجبين على ثلاثة أقوال، فيما يأتي بيانها:[٣]
- فصّل بعض العلماء في المسألة؛ فقالوا إن كانت إزالة الشعر بين الحاجبين لحاجة؛ مثل: دفع تشويه، أو أذى، أو ضرر، جازت بذلك إزالته، وأمّا إن كان لغير حاجة وإنّما لطلب الحُسن والجمال وتغيير شكل الوجه، فلا يكون جائزاً حينها، وقالوا إن الفرق بين الحالتين أنّ الأولى تُعدّ حاجةً لإزالة العيوب، أمّا الثانية فهي ليست إلا تغييراً لخلق الله من أجل التجمّل.
- أجاز عدد من العلماء -منهم الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ عبد الرزاق عفيفي- أجازوا إزالة الشعر بين الحاجبين على الإطلاق، واستدلوا لذلك بقولهم إنّ الشعر بين الحاجبين لا يُعدّ من ذات شعر الحاجبين.
- لم يُجِز الإمام ابن جرير الطبري أخذ الشعر بين الحاجبين وإزالته مطلقاً، وقال إنّه لا يجوز للمرأة أن تغير شيئاً مما خلقها الله تعالى عليه لا بالزيادة ولا بالإنقاص، لا للزوج ولا لغيره.
حُكم الأخذ من شعر الحاجب بغير النتف
اختلف العلماء في اعتبار الحلق والقصّ من النمص المنهيّ عنه، أو أنّ النمص لا يكون إلا بالنتف؛ فالجمهور منهم يرى أن الحلق والقصّ داخلان في معنى النتف بالنسبة لمسألة النمص، فلا يختلفان بالحُرمة عنه، فكما يحرم على الإنسان نتف شعر حاجبيه يحرم عليه كذلك قصهما أو حلقهما، أمّا الحنابلة فقد ذهبوا إلى اختلاف حُكم الحلق والقص عن حُكم النتف، وقالوا إنّ الأخذ من شعر الحاجبين بهما جائز لا يدخل في النمص المنهيّ عنه.[٤]
وقد أجاز العلماء الأخذ من شعر الحاجبين إذا كان مؤذياً للعينين مانعاً للرؤية، أو كان شكلهما خارجاً عن المألوف المُعتاد بين الناس، وقالوا إنّه حينها يخرج عن النمص المحرّم شرعاً، فإذا كانت الحواجب محرجة ومؤذية لصاحبها، يؤخَذ منها بالقدر الذي يجعلها تعود إلى الوضع المألوف والمقبول بين الناس، لأنّ ذلك حينها يكون من باب دفع الأذى والضرر، وليس إلا إرجاعاً لها للوضع الطبيعي، وفي ذلك قال الشيخ ابن عثيمين: إنّ الأخذ من شعر الحاجب وتخفيفه بطريقة النتف كبيرة من الكبائر، وهي من النمص المحرّم شرعاً، إما إذا كان بالقص والحلق فقد اختلف العلماء فيه؛ فمنهم من كرهه ومنهم من منعه، وفي كلّ الأحوال فإن قيل بجواز أو كراهة الأخذ من شعر الحاجبين بالقص أو الحلق، فالأفضل ألا يأخذ منهما الإنسان إلا لحاجة؛ ككثافتهما أو إيذائهما للعين، وقال بجواز تخفيفهما إن كانا غليظين بطريقة غير معتادة، وذلك يكون بالقص أو الحلق لا بالنتف؛ لأنّه نمص مُحرَّم.[٤]
حُكم أخذ الأُجرة على النّمص
إذا عملت المرأة في مجال تزيين النساء وتجميلهنّ، فقد تقوم أحياناً بالنمص لهنّ مقابل أجرة على ذلك، وقد قال العلماء في بيان حُكم هذه الأجرة أنّها غير جائزة، ولا تحلّ للمرأة، كما أفتوا بعدم جواز توظيف امرأة لفعل ذلك للنساء، وقالوا إن الأجرة على النمص أمر مُنكَر حتى وإن نوت المرأة أن تتبرع وتتصدق به؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى لا يقبل من المال إلا ما كان حلالاً طيباً، وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيها الناسُ! إنَّ اللهَ طيِّبٌ، لا يقبلُ إلا طيِّبًا).[٥][٦]
حُكم تشقير الحواجب
يُعرَّف التشقير في الاصطلاح بأنّه تغيير لون طرفَي الحاجب العلوي والسفلي بضبغهما حتى يظهر وسطه دقيقاً، وهو بهذه الصورة من المسائل المُختلَف في حُكمها بين العلماء، فمنهم من أجازه ومنهم من منعه، واستدلّ المانعون من تشقير الحواجب بعدد من الأدلة منها قولهم إنّه في معنى النمص المنهي عنه في سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقالوا إنّ الغاية من النمص والتشقير واحدة، فكلاهما يهدفان إلى ظهور الحاجب على هيئة من الرقّة، وبذلك فقد أخذت النساء باستخدام التشقير بدلاً من النمص للوصول إلى ذلك الهدف؛ لذا فهو غير جائز، كما قالوا إن استخدام مواد التشقير يؤدي إلى تكثيف شعر الحاجب، ممّا يدفع المرأة بعد مدة إلى اللجوء إلى النمص حتى تخففه، كما يؤدي إلى أضرار صحية أشارت إليها بعض الأبحاث والدراسات، وأخيراً فإن التشقير يؤدي إلى التشبّه بالفاسقات، وذلك مُحرَّم شرعاً.[٧]
أمّا المُجيزون لتشقير شعر الحواجب فقد استدلّوا لذلك بقولهم إنّ التشقير ليس فيه تغيير لخلق الله تبارك وتعالى، والنهي عن الصبغ إنّما هو في اللون الأسود، فإن كان بغيره ظلَّ على أصل الإباحة، وقالوا إنّ التحريم إنّما جاء في النمص وهو نتف شعر الحاجبين، أمّا التشقير فإنّه لا يؤدّي إلى إزالة شيء من شعر الحاجب أبداً.[٧]
المراجع
- ↑ “تعريف ومعنى النمص في معجم المعاني الجامع “، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-27. بتصرّف.
- ↑ د. أحمد بن محمد الخليل (2013-12-8)، “النمص في اللغة والاصطلاح”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-27. بتصرّف.
- ↑ د. أحمد بن محمد الخليل (2013-12-22)، “حكم إزالة الشعر الذي بين الحاجبين”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-27. بتصرّف.
- ^ أ ب “حكم تخفيف شعر الحاجب إذا كان كثيفاً”، www.islamqa.info، 2014-6-9، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-27. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1015، صحيح.
- ↑ “حكم وظيفة نمص الحواجب بنيّة التبرع بالراتب”، www.fatwa.islamweb.net، 2017-2-5، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-27. بتصرّف.
- ^ أ ب د. أحمد بن محمد الخليل (2014-1-5)، “التشقير ( تعريفه – حكمه )”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-27. بتصرّف.