أحاديث

ثلاثة حق على الله عونهم

ثلاثة حق على الله عونهم

مقالات ذات صلة

ثلاثة حق على الله عونهم

روى أبو هريرة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عزَّ وجلَّ عونُهم؛ المكاتِبُ الذي يريدُ الأداءَ، والنَّاكحُ الذي يريدُ العفافَ والمجاهِدُ في سبيلِ اللهِ)،[١][٢][٣] والمراد من الحديث أنّ هذه الأصناف المذكورة وَعَدَ الله -تعالى- بأن يُعينهم، وقد اختصَّ الله هذه الأمور الثلاثة لِما في القيام بها من المشقّة على الإنسان والتي لا يتمكّن منها إلّا بإعانته -سبحانه وتعالى-،[٤] ولما يترتَّب عليها من النَّفع العظيم والأثر الكبير.[٥]

وهذه الأصناف هي العبد الذي كاتب سيِّده على مجموعةٍ من الحقوق، ونوى ذلك، فإن أدّاها صار حُرّاً، والمكاتَبَة أمر الله بها في القرآن فقال: (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا)،[٦] لأنّ ذلك يُساعد العبد على التفرُّغ من أجل القيام بأموره الدينية والدنيوية، والصنف الثاني هو المتزوج الذي أراد بزواجه أن يُحصِّن نفسه من الوقوع في الفاحشة، وأمّا الصنف الثالث فهو المجاهد في سبيل الله الذي خرج من أجل إعلاء كلمة الله، فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام، ويشمل ذلك الجهاد بالنفس وبالمال وبالعلم وغيرها.[٧][٨]

المكاتب يريد الأداء

يُراد بالمكاتَب الذي يُريد الأداء: العبد الذي يُقدِّم مبلغاً من المال لسيِّده مقابل أن يكون حُرّاً،[٩] ويقوم العبد بأداء المال منجّماً -مقسّطاً-، فإن أدَّاه صار حُرّاً،[١٠] فالعبد الذي يطلب الحرِّيَّة من مولاه من أجل أن يتفرَّغ لِدينه ودنياه، يُعينه الله على ذلك، ويُسهّله عليه، وعلى السيِّد أن يكتب للعبد الآجال التي يجب أن يدفعها له ليُصبح حرّاً، ومن أجل مساعدة العبد في ذلك جعل الإسلام له قسماً من الزكاة.[١١]

والمُكاتَبَة مُستحبّة في الشريعة، والسيّد لا يُجبَر إن طلب منه العبد أن يُكاتبه، وعلى هذا القول جمهور العلماء، ومنهم من قال بوجوبها إذا طلبها العبد؛ مثل عكرمة، وعطاء، ومسروق، وعمرو بن دينار، وجاءت مشروعية المكاتَبَة لتُحقِّق مصلحة السيِّد باكتساب الأجر والثواب، والقيام بعملٍ من أعمال البرّ، ومصلحة العبد في أن يصبح حُرّاً.[١٢]

الناكح يريد العفاف

جعل الله -عزّ وجلّ- الزواج سُنّةً في خلقه، فمن قام به امتثل لأمر الله -تعالى- وأمر رسوله، وحَفِظ فرجه، وعَفّ نفسه، وغَضّ بصره، إضافة إلى ما يتحصَّل من الأجر بالنفقة على الزوجة والأولاد، وإعانة كلّاً من الزوجة والزوج بعضهما على الطاعة وفعل الخيرات، مما يُحَقِّق الرحمة والسكينة،[١٣] وهو ما يدخل في التعاون على البرّ والتقوى، ويحفظ الجنس البشري، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ)،[١٤][٥] فإنّ الله -تعالى- وعد من ينوي الزواج بإعانته وتيسير أموره.[١٥]

أمّا من لم يستطع الزواج فعليه بالعِفِّة، و الصوم إن أمكن كما جاء بالخير الصحيح،[١٦] ويختلف الحُكم في الزواج باختلاف حال مُريده، فإن كان ممن يستطيع القيام به مادياً وجسدياً وخاف على نفسه من الوقوع في الفاحشة فعليه القيام به من أجل أن يعفّ نفسه،[١٧] حيث جعل الله لمن خاف الوقوع في الفاحشة طريقاً شرعياً لذلك، وحتى تتحقَّق هذه الغاية يَسَّر الإسلام أمر الزواج، وتَعهّد الله بإعانة طالبه،[١٨] كما وعد المتزوِّج بالغنى، فقال -سبحانه-: (إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّـهُ).[١٩][٢٠]

المجاهد في سبيل الله

وعد الله المجاهد في سبيله إعلاءً لكلمته، ونُصرةً للحقِّ، ومن تَحمّل مشاقّه وتبعاته، بأن يُعينه ويُيَسّر له أعباء الجهاد،[٢١] إضافة إلى ما يتحصّل له من المكانة العالية عند الله -تعالى- وعند الخلق، وفي يوم القيامة يكون له الثّواب العظيم والمقام الكريم عند ربّه، فيتمنّى أن يعود للدنيا فيقاتل حتى يستشهد لينال ما ناله في الآخرة مرّةً أخرى،[٢٢] والجهاد أفضل الأعمال عند الله، وقد وعد الله المجاهد في سبيله إمّا بالنصر أو الشهادة.[٢٣]

المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3218، حسن.
  2. محمد الخطيب (1985)، مشكاة المصابيح (الطبعة الثالثة)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 929، جزء 2.
  3. محمد بن عيسى الترمذي (1975)، سنن الترمذي (الطبعة الثانية)، مصر: مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، صفحة 184، جزء 4.
  4. علي القاري (2002)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر، صفحة 2047، جزء 5. بتصرّف.
  5. ^ أ ب عبد الكريم الخضير، شرح جوامع الأخبار، صفحة 9، جزء 7. بتصرّف.
  6. سورة النور، آية: 33.
  7. زين الدين المناوي (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 317، جزء 3. بتصرّف.
  8. عبد الرحمن السعدي (1423)، بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار (الطبعة الرابعة)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 108. بتصرّف.
  9. ناصر الدين الألباني (1405)، غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام (الطبعة الثالثة)، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة 142. بتصرّف.
  10. حسين العوايشة (1429)، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (الطبعة الأولى)، الأردن، بيروت: المكتبة الإسلامية، دار ابن حزم، صفحة 8، جزء 5. بتصرّف.
  11. عبد الرحمن السعدي (1423)، بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار (الطبعة الرابعة)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 108-109. بتصرّف.
  12. مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 360-362، جزء 38. بتصرّف.
  13. عبد الرحمن السعدي (1423)، بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار (الطبعة الرابعة)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 109. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1400، صحيح.
  15. حسين العوايشة (1429)، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (الطبعة الأولى)، الأردن، بيروت: المكتبة الإسلامية، دار ابن حزم، صفحة 8-10، جزء 5.بتصرف.
  16. مجموعة من المؤلفين (2009)، التفسير الميسر (الطبعة الثانية)، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 354. بتصرّف.
  17. وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر المعاصر، صفحة 238، جزء 18. بتصرّف.
  18. وهبة الزحيلي (1422)، التفسير الوسيط للزحيلي (الطبعة الأولى)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1748، جزء 2. بتصرّف.
  19. سورة النور، آية: 32.
  20. الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 309، جزء 33. بتصرّف.
  21. عبد الكريم الخضي، شرح جوامع الأخبار، صفحة 11، جزء 7. بتصرّف.
  22. نادية العمري (2001)، أضواء على الثقافة الاسلامية (الطبعة التاسعة)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 285. بتصرّف.
  23. نادية العمري (2001)، أضواء على الثقافة الاسلامية (الطبعة التاسعة)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 283. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى