محتويات
'); }
كتاب كليلة ودمنة
يعد هذا الكتاب واحدًا من أهم الأعمال الأدبية العربية الشرقية، فهو عَملٌ كلاسيكي يتمحور حول إبداء النصائح الأخلاقية التي ستضل سارية المفعول على مر الزمان واختلافه، ولقد كتبه الفيلسوف الهندي بيدبا.[١]
وفيما يلي سنتناول المزيد من المعلومات عن تلك الرائعة.
نبذة عن الكتاب
كُتب الكتاب بالأصل باللغة السنسكريتية في القرن الرابع للميلاد، وأُطلق عليه اسم كليلة ودمنة نسبةً لابنتي ابنتي آوى، اللتان تلعبان دور الشخصيتان الرئيسيتان في الحكايات، ولقد انتفع به موظفو الخدمة المدنية إذ هُذبت أخلاقهم وتعلموا منه القيم السامية، وبسبب الأسلوب المسلي للسرد انتشر الكتاب سريعًا، بل ووصل إلى العالم العربي، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من التراث الشعبي الإسلامي، ومنه انطلق إلى أوروبا كإيطاليا وإسبانيا وسواها.[٢]
'); }
سبب كتابته
يرجع سبب كتابة كليلة ودمنة إلى ملك كان لديه ثلاثة أمراء شبان، ولما رأى الثراء وقلة الخبرة قد أفسدتهم؛ عَهِدَ بهم إلى وزيره الحكيم سائلًا إياه أن يسلحهم بالمعارف والدروس، فما كان من الوزير إلا أن بدأ بكتابة تلك الحكم على شكل قصص على لسان الحيوانات ميسرة وسهلة الفهم والهضم، وممتعة ومشوقة في آن، وبعد ستة أشهر أصبح الأمراء الثلاثة قادرين على حمل أمانة المملكة.[٢]
خلفية تاريخية عن الكتاب
بعد مرور مائتي عام من الحادثة المذكورة في الفقرة السابقة، بعثَ شاهٌ فارسي طبيبه بورزوي للهند ليبحث له عن عشبة الخلود التي تمنحه البقاء على قيد الحياة للأبد، فعاد الطبيب من دون العشبة، ولكنّه تسلّح بنسخة من الكتاب، وأقنع الشّاه أنّ هذا الكتاب سيعطي من يقرأه بتمعّن حكمة عظيمة تشابه عظمة عشبة الخلود تلك، فأمر الشاه بترجمته للغة البهلوية حتى يتسنى له فهمه وقراءته، ولما تذوق الأدب فيه أحبه للغاية، وجعل منه نسخة في غرفته الخاصة، وبعد مرور حوالي ثلاثمائة عام، وبعد الفتح الإسلامي لبلاد فارس، وقعت نسخة من الكتابة بيد ابن المقفّع، الفارسي الذي أسلم في تلك الفترة، وكان يفهم اللغة البهلوية الفارسية، وقام بترجمة الكتاب للغة العربية، فكان أول من أدخل كتاب كليلة ودمنة التراث العربي الإسلامي.[٢]
كيفية انتشار كتاب كليلة ودمنة
مع مرور الزمان وتعاقب الأحداث على كتاب كلية ودمنة فُقدَت النسخة الأصلية الهندية التي كتبها الوزير بيدبا، وكذلك فُقدت النسخة المترجمة إلى الفارسية الوسطى، ومع الوقت نُسيت الترجمة السريانية ولم يبقى سوى النسخة العربية التي ترجمها ونقحها عبد الله ابن المقفع، بل إنها أصبحت المورد الأساسي لكافة الترجمات الأخرى باللغات اليونانية والعبرية والسلافية القديمة واللاتينية وسواها، بل إنّ ترجمة ابن المقفع زادت من شهرة الكتاب فوصلت إلى الدولة العثمانية في القرن الرابع عشر، ومن الجدير بالذكر أنّ السلطان العثماني سليمان القانوني غيّر من الاسم الأصلي لكليلة ودمنة وجعله (حميان نعمة) وقدمه لبقية السلاطين الذين أحبوه وأشادوا به، ولقد أثّر الكتاب على العديد من المفكرين والكُتاب والأدباء مثل لافونتين وإيسوب (إيسوبوس)، والأخوين جريم، والرومي، وأصبحَ مرجعًا للكثير من حكاياتهم. [١]
وعبدالله بن المقفع هو كاتب ومترجم متخصص في اللغتين العربية والفارسية، وله العديد من الأعمال الأخرى غير كليلة ودمنة، ولقد اتخذ اسم (المقفي) لقبًا له، الذي تحول مع الوقت إلى (المقفع)، وقدُ عرف بمهارته بأسلوب السرد الشيّق، ولعل ذلك من أبرز أسباب شهرة الكتاب وانتشاره.[٣]
دلالات ورموز كتاب كليلة ودمنة
سلّط الكثير من الدراسين والنُقاد الضوء على كتاب كليلة ودمنة رغبةً منهم بالتعرف على الدلالات والرموز الواردة في ثناياه، وفيما يلي إضاءة شاملة على ذلك:
الهدف من الكتاب
- المواضيع التي يطرحها: فالكتاب لا يقتصر على الطريقة التي يجب أن يتصرف بها الحكام وحسب، بل والوزراء أيضًا وغيرهم من الشخصيات المرموقة والرموز الحاكمة، إذ يصف مؤهلات المدير التنفيذي مثلًا، ولهذا فإنّ الكتاب يوصف بكونه مادةً سياسية أخلاقيةً تزود الإداريين بالمعرفة التامة حول إدارة الدولة، بالإضافة إلى معلومات ضرورية عن النمط السليم للحياة اليومية الاعتيادية.[١]
- كيف يجب أن يتصرف كل من هو في منصب؟: يسلط الكتاب الضوء على العدالة كونها الأولوية الأساسية، والشرط المحتوم لأفضل نموذج حكومي ممكن، فهي تقترح على الحاكم التفكير بذكاء والتصرف بناءً على ذلك، وبالتالي اختيار الأشخاص العقلانيين والأذكياء من حوله كالوزراء والمساعدين وسواهم، ممن يتمتعون بالرحمة والشجاعة والمقدرة على رعاية المصالح الوطنية وتقديمها على المصلحة الشخصية.[١]
الرموز المستخدمة في الكتاب
في القصص والحكايات الواردة في كتاب كليلة ودمنة فإنّ كل حيوان يرمز إلى نوع معيّن من البشر، فالأسد يرمز للحاكم، بينما يرمز ابن آوى للوزير، وأما كليلة ودمنة وكلاهما ابن آوى فهما رمز للصدق والكذب (على التوالي)، كما أنّ شخصيات الحيوانات تحمل صفاتٍ رمزية على الدوام، فالقرد شقي وقذر وغير مطيع، والحمار صافي الذهن وهو يعبر عن الأشخاص الماكرين والمخادعين، والضفدع يرمز للأشخاص المشاكسين، والغراب يرمز للشخصية غير المبالية، وأما الغراب والفأر فيرمزان للشخصية الخجولة.[١]
لماذا استخدمت الرموز؟
حاول الفيلسوف الهندي بيديا الذي كتب الحكايات في كليلة ودمنة نقل أخلاقه والتعبير عنها من خلال الحكمة المُلقاة على لسان وشخصيات الحيوانات، التي أصبحت أبطال القصص الخاضعة للانتقاد والنصح، بدءًا من الحاكم إلى الحاشية وحتى أفراد المجتمع، وذلك سعيًا للوصول إلى حلولٍ فعالة لمشاكل مستشرية في المجتمعات مثل الرشوة والفساد ومثيلاتها.[١]
أسماء حكايات من كتاب كليلة ودمنة
تعتبر حكايات كليلة ودمنة واحدةً من أكثر القصص قراءةً وترجمةً عبر التاريخ، إذ أنّها وصلت إلى بلدان عديدة منها إثيوبيا والصين والتبت وبولندا وماليزيا وغيرها، وفيما يلي سنتناول بعضها:[١][٤]
الحكاية الأولى: الثيران الأربعة والأسد
اعتاد الأسد التجول في أحد الحقول الواسعة، وعلى مقربة منه كان يسكن أربعة ثيران، ولم يكن قادرًا على الاقتراب منهم وافتراسهم، فقد كانوا كلّما اقترب منهم الأسد تحلّقوا في دائرة يكون فيها أذيالهم للدّاخل، وقرونهم للخارج بمواجهة الأسد، وظل الحال على ذلك إلى أن تشاجروا في يوم من الأيام، فانفصل كل منهم في زاوية، وكانت تلك فرصة الأسد لينقض عليهم واحدًا تلو الآخر.[٥]
الحكاية الثانية: الأسد والفأر
في يوم من الأيام وبينما كان الأسد نائمًا، صعد فأر صغير على ظهره وبدأ يقفز ويلعب، وعندما استيقظ الأسد استشاط غضبًا وأمسك بالفأر وكاد أن يفترسه، ولكن الفأر الصغير طلب منه الرحمة وأن يخلي سبيله على أن يرد له الجميل في يومٍ ما، وبالفعل لم تمر سوى بضعة أيام حتى وقع الأسد بشباك أحد الصيادين، فأسرع الفأر لقضم الحبال حتى تمكن من تحرير الأسد، وأصبحا صديقين.[٦]
الحكاية الثالثة: الثعلب والغراب
رأى الثعلب ذات صباح الغراب وهو يطير نحو عشه وفي فمه قطعة جبن كبيرة، فطمع بها ولحق بالغراب إلى منزله فوق الشجرة، وراح الثعلب يثني على جمال الغراب ولمعان ريشه وحجم منقاره، ثم قال له: (ما رأيك أن تسمعنا صوتك الجميل وتغني لنا قليلًا؟)، وما أن فتح الغراب فمه حتى سقطت قطعة الجبن في وأخذها الثعلب الماكر.[٧]
الحكاية الرابعة: القرد والتمساح
طلب القرد من التمساح أن يحمله على ظهره ويوصله إلى الضفة الأخرى من النهر، فقبل التمساح، وما أن أصبحا في وسط النهر حتى أخبر التمساح القرد برغبته بأكله، لكن القرد قال للتمساح أنه ترك قلبه في بيته ولهذا فإنه لن يكون وجبة شهية للتمساح، وطلب منه إعادته ليحضر قلبه، وما أن وطأت قدما القرد اليابسة حتى أخبر التمساح بحيلته.[٨]
الخلاصة
ألّف الفيلسوف الهندي كتاب (كليلة ودمنة) الشهير بناءً على طلب الحاكم، وذلك من أجل تقويم أبنائه الأمراء ومنحهم الحكمة والرشاد، وهو عبارة عن مجموعة من الحكايات التي ترويها الحيوانات على ألسنة حيوانات أخرى، ويُستخلص منها الحكم والعِبر المتعلقة بالسياسة والأخلاق، وخاصة في إدارة الحكم وشؤونه، ولقد تُرجم الكتاب للغات عديدة وانتشر في مختلف أنحاء العالم وأصبح أكثر الكتب قراءةً وترجمة، ولقد ترجم عبد الله بن المقفع الكتاب للعربية ومنها أُعيدت ترجمته للغات أوروبية بعد أن فُقدت النسخة الأصلية، ولقد أُدرجت في المقال بعض الحكايات المشوقة منه كحكاية الفأر والأسد، وحكاية التمساح والقرد، وحكاية الغراب والثعلب، وحكاية الأسد والثيران الأربعة.
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح خ Elif Aktas /Adem Beldag, Kalila and Dimna as One of the Traditional Antecedents of Modern Classifications of Values, Page 1. Edited.
- ^ أ ب ت “A Journey of a Book: Kalila wa-Dimna”, 1001inventions, Retrieved 2/7/2021. Edited.
- ↑ “Ibn-al-Muqaffa”, britannica, Retrieved 2/7/2021. Edited.
- ↑ Anna Ettore, “Kalila and Dimna”, inkroci, Retrieved 2/7/2021. Edited.
- ↑ “The Four Oxen and the Lion”, world class learning, Retrieved 2/7/2021. Edited.
- ↑ “The Lion and the Mouse”, world class learning, Retrieved 2/7/2021. Edited.
- ↑ “The Fox & the Crow”, world class learning, Retrieved 2/7/2021. Edited.
- ↑ “Posts Tagged Kalila and Dimna”, stories, Retrieved 2/7/2021. Edited.