محتويات
'); }
الصحراء
يتكوّن العالم على كوكب الأرض من أنظمة بيئيّة مُختلفة، لكل نظام بيئيّ ميزاته ومُكوّناته الخاصة: كالنّظام البيئي في الغابات، والبحار والأنهار، والجبال الحارة والجليدية، والمناطق الجافة والصحاري، وقد أدّى هذا التنوّع إلى ظهور الاختلافات بين الكائنات الحيّة وسُبُل تكيّفها وتأقلمها مع الظّروف المُحيطة بها. ومن أمثلة تلك البيئات الصّحراء، وهي عبارة عن مناطق رمليّة شديدة الحرارة، وجافّة جدّاً، وتفتقر إلى أدنى مُقوّمات الحياة تقريباً، حيث إنّ المياه تكاد تكون معدومةً إلا من بعض الواحات، وقليلاً هي الأمطار التي تسقط عليها، فتنمو فيها النّباتات الشوكيّة الصحراويّة. وفي النّظام البيئيّ في الصحراء خصائص ومِيزات تنفرد فيها، مثل ارتفاع درجة الحرارة بشكلٍ عالٍ، وخلوّها من الماء، وسرعة رياحِها، ورمالها غير المُتماسكة، ومعالمها غير الواضحة، وقِلّة غطائها النباتيّ. لذلك ينفرد هذا النّظام البيئيّ بكائنات حيّة هي الوحيدة القادرة على التكيّف بالرّغم من الظّروف الصّعبة في الصحراء، فقد استطاعت هذه الحيوانات أن تتغلّب على كل تلك المُعيقات، وتكيّفت مع الأجواء الحارّة وقلّة المياه مع هذا النّظام البيئيّ الصّعب. ومن هذه الكائنات الحيّة التي استطاعت التكيّف مع الصّحراء نبات الصبّار، ونبات الشّيح، والثّعابين، والعقارب، والجمل.
تعريف التكيف
التكيف هو امتلاك الكائن الحي لصفاتٍ تُمكّنه من العيش في نظام بيئيّ مُعيّن بشكل طبيعيّ، فيكون الكائن الحيّ قادر على تغيير سلوكه ليتلائم في الظّروف والعوامل البيئيّة الجديدة، وإذا لم يستطع التكيّف يُؤدّي إلى هلاكه،[١] وعليه، فإنّ الهدف الرّئيس للتكيّف يكون بمساعدة الكائن الحيّ على البقاء، والتّكاثر، والحصول على غذائه بشكل طبيعيّ. ينقسم التكيّف إلى نوعين:[٢]
'); }
- التكيّف التركيبيّ: وهي وجود أعضاء دائمة عند الكائن الحيّ تُمكّنه من التّأقلم مع النّظام البيئيّ، وقد تكون هذه الأعضاء للحماية، أو للتّغذية، أو للسّرعة، أو للصّيد. مثل وجود السّنام عند الجمل لتخزين غذائه.
- التكيّف السلوكيّ: ويكون بمُمارسة الكائن الحيَّ لسلوك ما ليتكيّف مع النّظام البيئي وتغيُّراته. مثل هجرةِ الطّيور من مكانٍ لآخر بحثاً عن الدفء والغذاء.
تكيف الجمل
يُعدّ الجمل من أكبر حيوانات الصّحراء، وأكثرها تحمُّلاً لهذه الظّروف، فهو قادر على تحمّل الجوع والعطش مدّة طويلة، والسّير بشكل مُتواصل دون أن يشعر بالتّعب، ولهذا السّبب أُطلق عليه اسم سفينةُ الصّحراء؛ ويرجع ذلك إلي بُنيته الجسديّة العجيبة التي يمتلكها، ومن هذه التكيُّفات التي يمتلكها الجمل ما يأتي:[٣]،[٤]
- السنام: يختلف حجم السّنام وعدده حسب نوع الجمل؛ فمنه من يمتلك سنامين والذي يُسمّى بالجمل البكتريّ، وبينما تملك أنواع أخرى سناماً واحداً ضخماً يُخزّن فيه الجمل غذاءه على شكل دهون. يقوم جسم الجمل بتحويل الطّعام إلى دهون، وهذا الدّهن يعمل على ترطيب الجسم وبقائه مُشبعاً بالغذاء، مُتحمّلاً الجوع لندرة وجود الغذاء في الصّحراء.
- الأنف: ويكون الأنف ذا شكل غريب يتحكّم الجمل بإغلاقه وفتحه لوجود عضلات في الفتحات الأنفيّة من أجل مواجهة العواصف والرّياح الرمليّة. كما يقوم الأنف بتبريد الهواء الدّاخل للرّئة بسبب ارتفاع حرارة الهواء. ويكون الأنف مُجعّداً من الدّاخل لكي يقوم بتحويل الهواء الخارج من الرّئة بعمليّة الزّفير إلى ماء عن طريق عملية التّكاثف، مُستفيداً من الماء في ترطيب جسمه، فلا يضطر جسمه لفقد المزيد من الماء، وبذلك يستعيد الجمل الماء ليستخدمه في رحلته الطّويلة في الصّحراء.
- المعدة: يستطيع الجمل ملء معدته بكميّات كبيرة من الماء، حيث يستوعب ما يُقارب 16 لتراً دون أن يُصابَ بأي أذىً، فهو بخلاف الكائنات الحيّة يمتلك كريات دم بيضاويّة الشّكل تأخذ شكلها عندما يُكثِر الجمل من الشّرب. وهو قادر على تحمّل العطش مدّة شهر كامل في الشّتاء، ومدّة تصل لأسبوع في أيام الصّيف الحارّة.
- عدم إفراز العرق: كما يتميّز الجمل عن بقيّة الحيوانات بأنّه لا يُفرز العرق، بل يقوم برفع درجة حرارة جسمه إلى 41 درجة مئويّة لتتناسب مع درجة حرارة الصّحراء، وبذلك لا يضطر جسمه إلى التعرّق، ويختزن جسم الجمل الحرارة نهاراً ويتخلّص منها ليلاً.
- شفاه الجمل وأسنانه: للجمل شفة علويّة وسفليّة مشقوقة، يتمكّن خلالها من التقاط النّباتات الشوكيّة بسهولة، كما أنّ له أسناناً من القواطع تُمكنّه من مضغ الأشواك. وتحتوي اللثّة العُليا في التّجويف الفمويّ على زوائد قرنيّة طويلة للحماية من تأثير الأشواك المأكولة.
- الأذن: أذن الجمل صغيرة جداً، وتحتوي على شُعيرات مُتناهية في الصِّغر حتى تمنع دخولَ رمال وغبار الصّحراء إليها،
- العين: عيون الجمل مُزوّدة بصفَّين من الأهداب الطّويلة؛ حتى تمنع دخول رمال الصّحراء وغُبارها فيهما.
- الأرجل: يتميّز الجمل عن بقيّة الكائنات الحيّة بأرجله الطّويلة حتى تُبعده عن حرارة رمال الصّحراء المُلتهبة، وهي مُزوّدة بخُفٍ إسفنجيّ ليّن وعريض يُمكّنه من السّير على رمال الصّحراء المُلتهبة دون أن يشعر بالألم أو أن تُبطِئ من سرعته، كما تحميه من الغوص في رمال الصّحراء الهشّة.
- الكبد: يكون كبد الجمل على شكل فصوص مفصول فيما بينها بأغشية ليفيّة للاستفادة من الدّم والسّوائل قدر الإمكان، كما أنّ جسم الجمل لا يحتوي على المرارة.
- الجلد والوبر: يملك الجمل جلداً سميكاً جداً لعزل جسمه الداخليّ عن الحرارة الخارجيّة المُلتهبة، كما يُساعده على الحماية من حشرات الصّحراء المُختلفة. أما الوبر فيُشكّل طبقةً أوليّةً لعكس أشعّة الشّمس عن جسم الجمل.
المراجع
- ↑ أحمد الحسين (2014-7-31)، “التكيف عند الكائنات الحية”، منهاجي.
- ↑ أحمد الحسين (2014-9-7)، “التكيف عند الحيوانات”، منهاجي.
- ↑ “خصائص تشريحية للإبل”، إبل الكويت.
- ↑ “لماذا سمي الجمل بسفينة الصحراء وما خصائصه الجسمانية؟”، لماذا، 20-5-2015.