محتويات
ماهية علم النفس الإكلينيكي
إنّ أوّل من استخدم علم النفس الإكلينيكي كمفهوم هو العالم ويتمر سنة 1896م في الإشارة إلى إجراءات التقييم والتشخيص التي تُستخدم مع الأطفال المتخلّفين والمعوقين، ولذلك فإنّ الاهتمام بالتشخيصِ في هذا العلم يُعتبرُ من بقايا تعريف ويتمر؛ حيثُ كانت البداية العملية لعلم النفس الإكلينيكي بإنشاء مؤسسة فاينلاند والتي تُعنى بدراسةِ التخلُّف العقلي، وذلك في سنة 1906م.
تنوّعت اهتمامات المؤسسين لهذا العلم بعد عدة سنوات لتشمل دراسة أنواع عديدة من الاضطرابات النفسية والعقلية، ومع ذلك فقد بقي الاهتمام الرئيسي قائماً على عمليات التشخيص للوظائف العقلية، فعلم النفس الإكلينيكي يدمج بين العلوم الهامة، والنظريات القائمة، والمعرفة السريرية، وهدفه فهم طبيعية القلق، والتوتر، والضغوطات النفسية، وكذلك الاضطرابات والأمراض النفسية، وما ينتج عنها من خللٍ وظيفي، والعمل على التخفيفِ من حدتها، ومحاولة التغلب عليها ومقاومتها من خلالِ الفحص السريري، والتشخيص، والعلاج.[١]
تعريف علم النفس الإكلينيكي
لعلم النفس الإكلينيكي تعريفات عديدة، ومن هذه التعريفات:[٢][٣][٤]
تعريف مصطفى كامل
علم النفس الإكلينيكي أحد فروع علم النفس الذي يعتمد على نتائج الدراسات العديدة لفروع علم النفس الأخرى الأساسية والتطبيقية، وتهدف هذه الاستفادة إلى الوصول لفهمٍ وتحديدٍ موضوعي؛ بغرض رفع كفاءة الخدمات النفسية الإكلينيكية المقدّمة للمرضى النفسيين في مجالاتٍ عدة؛ كالتشخيص، والتنبؤ ، والتوجيه، والتأهيل، والإرشاد والعلاج، ولغرض وقاية الأشخاص من الوقوع في الحالات، والظواهر المرضية، ومعنى هذا التعريف أنّ علم النفس الإكلينيكي هو أحد فروع علم النفس، ويهتم هذا الفرع بمشكلات التوافق الشخصية، أو هو تطبيقٌ للطريقة الإكلينيكية تشخيصاً للفرد وتنبّؤاً وعلاجاً.
تعريف جوليان روتر
عرّف جوليان روتر علم النفس الإكلينيكي بمعناه الواسع، فقال: (هو الميدان الذي يتم فيه تطبيق المبادئ النفسية التي تقوم في أساسها على الاهتمام بالتوافق السيكولوجي للأفراد، والذي يشتمل على مشكلات السعادة لدى الفرد، مثل: مشاعر عدم الارتياح، والإحباط، والقلق و التوتر، وعدم الملاءمة، وكذلك يتضمّن علاقة الفرد مع الآخرين، والمطالب العديدة للمجتمع الذي يعيش الفرد فيه وعاداته وأهدافه، وبالنظر إلى هذا التعريف يمكن القول بأنّ هذا التعريف يتحدث عن علم النفس الإكلينيكي بشكلٍ عام، ولا يُميّزه عن غيره من الميادين الأخرى التي تهتم أيضاً بالتوافق السيكولوجي الكلي للفرد، فقد شاركت هذا التعريف مهنٌ عديدة مع علم النفس الإكلينيكي باهتماماته، ومن المهن التي تداخل فيها هذا التعريف والتي تهتم بالتوافق السيكولوجي: مهنة طبيب الأمراض النفسية، والمحامي، والأخصائي الاجتماعي، والمختص بأمراض الكلام، ورجال الدين، فجميع هذه المهن تهتم بطريقةٍ معينة بتوافق الفرد مع ظروفٍ خاصة.
تعريف لويس كامل مليكة
أورد لويس عدداً من التعريفات المهمة والشروح العديدة لوظائف علم النفس الإكلينيكية، ومن هذه التعريفات ما ذكره حول هذا العلم، وبأنّه يرتبط بتعريف علم النفس من ناحية وصفه بالعلم، والتكنولوجيا، والمهنة، فهذه الجوانب الثلاثة ذات أهمية كبيرة؛ حيث يعتمد كل جانب منها على الجانبين الآخرين من حيث النمو والتقدم، بل وفي الوجود أيضاً، فأصل كلمة إكلينيكي مشتقة من كلمة يونانية تعني (بجوار سرير المريض)، ثم تطوّر استخدام هذه الكلمة حتى أصبحت تُطلق على دراسة الفرد كفرد، بمعنى أنّ فحص وعلاج المريض يرتكز على أساس الأعراض التي تظهر عليه، وليست على أساس أنّه حالة من الحالات الكثيرة التي تصفها المراجع، وقد تطوّرت هذه الكلمة في العصر الحديث لتأخذ معاني جديدة ومختلفة عما كانت عليه في السابق، فأصبحت تُطلق على العيادة الخارجية، بينما يُطلِق آخرون علم النفس الإكلينيكي على العلم الذي يتناول المرضى والشواذ فقط.
تعريف جار فيلد
هو فرع من علم النفس يدرس مشكلات التوافق الشخصية وتعديلاتها، وفي هذا التعريف بيانٌ على أنّ أخصائي علم النفس الإكلينيكي هو عالم نفس بالدرجة الأولى؛ إلا أنّه يتخصّص بعلم النفس الإكلينيكي، ويتلقى ما يتطلبه هذا التخصص من تدريبات عملية في المواقف الإكلينيكية؛ بمعنى أنّ علم النفس الإكلينيكي علم ومهنة في آنٍ واحد، فهو يختلف عن المهن الأخرى كالطب والخدمة الاجتماعية.
تعريف الجمعية النفسية الأمريكية
بينت الجمعية النفسية الأمريكية، توضيحاً لآلية عمل علم النفس الإكلينيكي، فعرّفته بأنّه الطريقة الصحيحة لاكتساب المتخصص المعرفة المنظمة بطبيعة الشخصية الإنسانية، وتجهيز الطرق وإعدادها؛ لاستخدام هذه المعرفة في تحسين حالة الفرد الفعلية. هذا التعريف يُعتبر التعريف الإجرائي لعلم النفس الإكلينيكي، فهو يبين أنّ أساس هذا العلم تطبيقٌ للطريقة الإكلينيكية من حيث التشخيص والتنبؤ و العلاج، فالأخصائي النفسي الإكلينيكي يستخدم الأسس، والتكنيكيات، والإجراءات السيكولوجية، والعديد من الطرق، وهو الذي يتعاون مع أخصائيين آخرين كالطبيب، والأخصائي الاجتماعي وغيرهما من أجل فهم ديناميات الشخصية التي يتم العمل على علاجها، وتشخيص مشكلاتها، والتنبؤ عن إذا كان هناك احتمال لتطور الحالة، ومدى استجابته للعلاج، وبالتالي الوصول بالشخص المراد علاجه إلى أفضل توافق اجتماعي ذاتي يمكن تحقيقه.
بداية علم النفس الإكلينيكي
بدأ علم النفس الإكلينيكي أو السريري في القرن التاسع عشر؛ حيث أصبحت الدراسة العلمية راسخة في علم النفس، وكانت بداية ذلك عندما وافق العالم ويتمر (رئيس قسم علم النفس بجامعة بنسلفانيا) في ذلك الوقت على علاج طفلٍ صغيرٍ يشكو من صعوبات في النطق، وأدى علاجه إلى نجاح ويتمر، والذي سرعان ما دفعه نجاحه إلى افتتاح عيادة نفسية له سنة 1896م؛ حيث كان اهتمامه يظهر في مساعدة الأطفال الصغار الذين يُعانون من صعوبات كثيرة كصعوبة التعلم، وبعد مضيّ عشر سنوات، أسّس ويتمر أول مجلة علمية تتناول هذا الموضوع فقط، فهي متخصصة بعلم النفس الإكلينيكي، وفي بداية الأمر كانت الاستجابة بطيئة لاتّباع طريق ومنهج ويتمر؛ إلّا أنّه في عام 1914م كانت في الولايات المتحدة الأمريكية 26 عيادة نفسية مماثلة لعيادة ويتمر، وهكذا تم انتشار وممارسة علم النفس الإكلينيكي.[٥]
المراجع
- ↑ عبد الستار إبراهيم وعبد الله عسكر (2008م)، علم النفس الإكلينيكي في ميدان الطب النفسي (الطبعة الرابعة)، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، صفحة 13، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن محمد العيسوي (1992م)، علم النفس الإكلينيكي (الطبعة الأولى)، صفحة 21 – 25، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ إلهام عبد الرحمن خليل (2004م)، علم النفس الإكلينيكي المنهج والتطبيق (الطبعة الأولى)، مصر: ايتراك، صفحة 7، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ لويس كامل مليكه (1977م)، علم النفس الإكلينيكي (الطبعة الأولى)، صفحة 9 – 11، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ الموقع، “علم النفس السريري”، ويكيبيديا، اطّلع عليه بتاريخ 11 – 7 – 2017م. بتصرّف.