محتويات
المجتمَع المدنيّ
يُعتبَر المجتمَع المدنيّ هو المُشكِّل للمُؤسَّسات والجمعيّات ذات الطابع الأهليّ، والتي تُنفِّذ الأعمال الخيريّة داخل المجتمَع، وهي من المُؤسَّسات غير الحكوميّة، وتؤمّن الدولة الحماية لهذا النوع من المُؤسَّسات، وتضع القوانين الخاصّة بها، وتراقبُ نشاطاتها عن قُرْب، كما يسيرُ المجتمَع المدنيّ تحت سُلطة الدولة من أجل خدمة الشعب، ويُوجَد في المُجتمَع الإسلاميّ عددٌ من المُؤسَّسات الأهليّة ذات الجذور القديمة، والتي صُمِّمت بهدف تنفيذ عدد من النشاطات المهنيّة، والحرفيّة، إلى جانب عدد من الأنشطة الخيريّة.[١]
ظهر مُصطلَح المجتمَع المدنيّ في قديم الزمان لدى الرومان، إلى أن اختفى، ليعود إلى الظُّهور في القرنَين: السابع عشر، والثامن عشر الميلاديَّين، ويُعتقَد بأنّ جون لوك هو من أعاد استخدام ذلك المُصطلَح، من خلال ذِكْره في رسالة التسامُح الخاصّة به، وذلك في الفترة التي تلَت اندلاع الثورة الإنجليزيّة في عام 1688م، وقد دُرِس المُصطلَح المدنيّ على يد عدد من العلماء، والفلاسفة المُتخصِّصين في عِلم الاجتماع، أمثال: هيغل، وروسو، حيث عُرِف ذلك المُصطلَح خلال الفترة التي انتقلَت فيها أوروبا من مرحلة العصر المُظلِم إلى مرحلة الدولة الحديثة، ثمّ عاد للظُّهور مُجدَّداً عام 1982م في بولندا، خلال مرحلة تحوُّل أوروبا الشرقيّة.[٢]
تعريف المجتمَع المدنيّ
يُعرَّف المجتمَع المدنيّ (بالإنجليزيّة: Civil Society) بأنّه إحدى المُؤسَّسات المُستقِلّة التي تظهرُ داخل المجتمَعات، وتكون العلاقات بين تلك المُؤسَّسات قائمة على الأمور الطوعيّة، وتتمثَّل مُؤسَّسات المُجتمَع المدنيّ في الأحزاب، والنقابات، والمُنظَّمات الخاصّة بحقوق الإنسان، ومن الجدير بالذِّكر أنّ كلمة المُجتمَع تُشتَقّ من الفعل اجتَمع، والمصدر اجتِمَاعاً، ومن اسم المفعول مُجتمَع به، أمّا كلمة المدنيّ فهو اسم يُنسَب إلى كلمة المدينة، وتكون المدنية مُخصَّصة للمواطنين بشكل عامّ على العَكس من مفهوم العسكريّة>[٣]
ويُعرِّف البنكُ الدوليّ المُجتمَعَ المدنيّ بأنّه عدد من المُنظَّمات غير الربحيّة، و غير الحكوميّة، والتي تعتمد على النهوض بالاهتمامات، والقِيَم الخاصّة بالأشخاص المُنضَمِّين إليها، وتكون مُعتمِدة على أُسُس أخلاقيّة، أو خيريّة، أو دينيّة، أو علميّة، أو ثقافيّة، ومن تلك المُنظَّمات: الجماعات الخاصّة بالمُجتمَع المحلِّي، أو المُنظَّمات ذات الطابع غير الحكوميّ، أو الجماعات المُكوَّنة من سكّان المنطقة الأصليِّين، أو المُنظَّمات الخيريّة، أو النقابات العُمّالية، أو النقابات المهنِيّة، ومُلخَّص هذا التعريف أنّها المُؤسَّسات التي أُسِّسَت على يد أفراد أو جماعات ذات طابع إنسانيّ، حيث تظهرُ أعمالها من خلال مقدرة أعضائها وإمكانيّاتهم، كما تتميّز هذه المُؤسَّسات بأنّها بعيدة عن السياسة، ومُستقِلّة تماماً عن السُّلطات الحكوميّة.[١]
ويُوضِّح الجابريّ مُصطلَح المُجتمَع المدنيّ بالنسبة إلى اللغة العربيّة، فيقول إنّه قد حصل على مُسمّاه بالنظر إلى مُقابِلِه في العربيّة، وهو المُجتمَع البدويّ، الأمر الذي فَعلَه ابن خلدون أيضاً بالنسبة لكلمة الاجتماع الحضريّ وضدّها، ألا وهو الاجتماع البدويّ، وقد بدأ المفهوم الخاصّ بالمُجتمَع المدنيّ بالدخول إلى المجتمَع العربيّ بَعْد فترة السبعينيّات؛ وذلك بسبب المُؤلَّفات التي كتبها أنطونيو غرامشي، والتي كانت ذات شعبيّة في تلك الفترة، ولهذا فإنّ الفكر العربيّ لم يستخدم ذلك المُصطلَح قَبل تلك الفترة الزمنيّة كما أنّ ذلك المصطلح ظَهَر في دُوَل المَغرِب العربيّ خلال فترة الثمانينيّات من القرن العشرين، وتُعرِّف أماني قنديل مُصطلَح المُجتمَع المدنيّ بأنّه إجماليّ التنظيمات ذات الطابع الاجتماعيّ، والتي تساعد على رعاية الأفراد، ودَعمِهم؛ من أجل المشاركة في الحياة العامّة، وتتميَّز تلك التنظيمات بأنّها غير موروثة، وغير تابعة للحكومة، ويُعرَف مُصطلَح المُجتمَع المدنيّ بعدد من الأسماء الأخرى، منها: المُجتمَع الأهليّ، أو المُنظَّمات التطوُّعية، أو القطاع المُستقِلّ، أو القطاع الثالث.[٢]
شروط تكوين مُؤسَّسات المُجتمَع المدنيّ
لا بُدّ من توفُّر عدد من الشروط؛ حتى يتمكّن الإنسان من تكوِين مُؤسَّسة في المُجتمَع المحلِّي، ومن تلك الشروط ما يأتي:[٢]
- أن تكون المُؤسَّسة ذات نظام مُستقِلّ بعيداً عن المُؤسَّسات الحكوميّة.
- أن تكون المُنظَّمة غير قابلة للتوريث، ويعني ذلك عدم قُدرة الأفراد على توريث العُضويّة الخاصّة بهم لأحد أفراد العائلة، أو الطائفة، أو العشيرة.
- أن تكون المُؤسَّسة ذات نظام طوعيّ، ويعني ذلك أن يكون الانضمام إلى تلك المُؤسَّسة نابعاً من الحريّة الشخصيّة، والوَعْي الإنسانيّ.
- أن يكون الانتماء لذلك المجتمع من خلال اتِّباع نظام المساواة.
- أن تكون المُؤسَّسة ذات نظام ديمقراطيّ، سواء كان ذلك في علاقاتها، أو أعمالها، أو تعامُلِها مع مَن حولها.
- أن تكون المُؤسَّسة قابلةً للتعدُّد، والاختلاف، والتنوُّع.
- أن يتّسِم المُجتمَع بالحداثة، والتقدُّم، والتمدُّن، والرُّقِي، ويبتعد عن الرجعيّة، والتقليديّة، والتخلُّف.
دَور المُجتمَع المدنيّ في حماية حقوق الإنسان
يُساعدُ المُجتمَع المدنيّ على تعريف الأشخاص بحقوقهم وحرِّياتهم، والدفاع عنها، سواء كان الدفاع داخل النطاق المحلِّي، أو داخل النطاق الدوليّ، وقد تعدَّدَت المُؤسَّسات الخاصّة بالمُجتمَع المدنيّ التي تدافع عن حقوق الإنسان، كما تُنمّي الوَعْي بتلك الحقوق دون وجود أيِّة عراقيل، أو عوائق، كما أنّها تسيرُ على قاعدة تَقضي بأنّ الإنسان فوقَ كلِّ شيء، ويَظهرُ دَور المُجتمَع المدنيّ في حماية حقوق الإنسان من خلال النقاط الآتية:[٤]
- تمتلكُ مُؤسَّساتُ المجتمَع المدنيّ المقدرةَ على تنظيم المُشارَكات التي تتمُّ من قِبَل الأفراد، بحيث تكون مَبنيّة على التسامُح، والإرادة، والتحاوُر، والمُبادَرة.
- تصنعُ هذه المُؤسَّسات شبكة خاصّة بالعلاقات ما بين الحكومة والأفراد، بشكل مُتناسِق، ومُنظَّم، وكامل.
- تُساهمُ المُؤسَّسات في إيجاد البرامج التعليميّة، والتربويّة، والثقافيّة، التي تستندُ إلى الأخلاق، والقِيَم الحميدة، التي شُرعَت في جميع الأديان السماويّة.
المراجع
- ^ أ ب د.مصطفى عطية جمعة (1/10/2016)، “تعريف المجتمع المدني”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22/6/2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت أ.د ليلى عبد الوهاب، منظمات المجتمع المدني، جمهورية مصر العربية: كلية الآداب -جامعة بنها، صفحة 7-12. بتصرّف.
- ↑ “تعريف و معنى المجتمع المدني في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 22/6/2018. بتصرّف.
- ↑ أ.أحمد عبد عباس مغير الجبوري (5/9/2011)، “المجتمع المدني و حقوق الانسان”، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 22/6/2018. بتصرّف.