تعريف بالقنصل دوفال
بيير دوفال أو (ألكسندر قنسطنطين دوفال) ارتبط اسمه بحادثة المروحة الشهيرة، التي كانت السبب المباشر لاحتلال الجزائر، إلا أن المؤرخين قد اختلفوا في حقيقة القنصل دوفال المعني بهذه الحادثة، فمنهم من ادعى أنه بيير دوفال، بينما نسب البعض الآخر تلك الحادثة إلى القنصل شارل دوفال.
عُيّن دوفال سفيراً لفرنسا في الجزائر من قبل لويس الثامن عشر، وذلك لأنّه كان يتقن اللغتين العربيّة والتركيّة، طرده الداي حسين من مجلسه لتطاول دوفال على أعلى مرتبةٍ قياديّة في الأيالة في ذلك الوقت، إضافةً إلى اسفزازه الصريح وإهانته للداي وديوانِه، وهذا ما جعل الداي يطرده من خلال تلويحه بالمروحيّة، فلم يرق هذا الأمر للحكومة الفرنسيّة، وطالبت الداي بالاعتذار خلال أربع وعشرين ساعة، إضافةً إلى رفع الرايةِ الفرنسيّة عوضاً عن الجزائريّة.
تفاصيل حادثة المروحة الشهيرة
يذكر أن حادثة المروحة قد تمت في الجزائر في قصر الداي حسين حين التقى الأخير بالمبعوث الفرنسي، وكان سفيراً في الجزائر وهو القنصل بيير دوفال، ودار بينهما نقاش موسع حول الشؤون الثنائيّة الفرنسيّة والجزائريّة وكان دوفال يتكلم اللغة العربيّة، ويتهكم في مجمل حديثه ويتفاخر بفرنسا، الأمر الذي دفع الداي إلى مطالبته بتسديد ذمة مستحقة من الديون، التي كانت تُقدّر حينها بعشرين مليون فرنك فرنسي، كانت الجزائر قد أقرضتها لفرنسا لمساعدتها في التخفيف من آثار الحصار الذي فُرض عليها كنوع من العقاب، من قبل دول أوروبا نتيجةً لقيام الثورة الفرنسيّة وترسيخ مبادئها ، كما سأله عن سبب عدم رد الحكومة الفرنسيّة على مراسلاته واستفساراته معها، فكانت ردة فعل القنصل غير لائقة بمقام الداي صاحب الأحقيّة في مطلبه وهو معروف بالحكمة والرويّة وحسن الأخلاق، ورد دوفال بأسلوب فيه الكثير من الاستفزاز، إذ قال: (إن حكومتي لا تتنازل لإجابة رجل مثلكم) الأمر الذي دعى الداي حسين إلى طرد القنصل من قصره ملوحاً له إلى جهة الباب، بمروحةٍ كانت في يده أي _انصرف واخرج من هنا_.
أثار هذا التصرف جنون فرنسا التي كانت تلهث راغبةً في احتلال الجزائر، وكل دول المغرب العربي، وجاءتها هذه الذريعة على طبق من فضة، وطلبت من الداي أن يقدم اعتذاره لفرنسا خلال مدة أقصاها أربع وعشرون ساعة، بالإضافة إلى انصياعه وتنفيذه لمجموعة من الشروط، والتي كان من أبرزها: استبدال العلم الجزائري بالعلم الفرنسي ورفعه على أهم الصروح في الجزائر بما فيها قصر الداي . فرفض الأخير هذه الإملاءات وعدها انتهاكاً صارخاً لسيادة بلاده وعلق عليها ساخراً: (لم يبقَ لفرنسا إلا أن تطلب زوجتي) فحشدت فرنسا جيوشها بأمر من الملك شارل العاشر، وتوجهت الحملة الفرنسيّة إلى سواحلها بمرافقة أربعين ألف جندي فرنسي لتأديب كلٍ من الداي وديوانه، وتمت محاصرة الجزائر مدة ستة أشهر، ثمّ تم احتلالها رسمياً بحجة استرجاع مكانة وشرف فرنسا بعد أن أُهينت من قبل الداي الجزائري وكان ذلك سنة ألف وثمانمئة وثمان وعشرين ميلاديّة. وهكذا دام احتلال فرنسا للجزائر مدة قرن كامل.