محتويات
تعريف السلام
السلام في اللغة مصدر، وهو اسم مُشتقّ من الفعل سَلِمَ، ويأتي بمعنى الأمان والنجاة ممّا لا يُرغَب فيه؛ فيُقال: سلِم من الأمر؛ أي نجا منه، والسلامة من الآفات هي النّجاة والتخلص منها، والسلام في مفهومه العريض يمكن أن يشمل عدة تعاريف؛ فالسّلام في الشرع لفظٌ تُراد به البراءة من العيوب. وتأتي كلمة السلام بمعنى التحية؛ فهي تحيّة الإسلام وتحيّة أهل الجنّة، كأن يُقال: السلام عليكم، عند لقاء الناس أو وداعهم، وكأنّ المسلم يقول لأخيه: (لك منّي السلامة، فلا تخشَ شيئاً، فيردّ عليه الآخرُ بالمثل)، ويُقال عند الخروج من الصّلاة، أيضاً: السلام عليكم، وعندما يُقال: عليه السّلام؛ أي الدّعاء بالصلاة والرحمة من الله وملائكته، كما أنَّ السلام اسم من أسماء الله الحُسنى، وصفة من صفاته، وقد سمّى نفسه -سبحانه وتعالى- بهذا الاسم؛ لسلامته من كلّ ما يلحق بمخلوقاته وعباده من نقص، وعيب، وحتّى فناء؛ إذ قال تعالى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ…)،[١] وعندما يُقال: دار السّلام؛ فالمقصود بها الجنّة، والسّلامُ بغداد، كما أنّ السّلام نوع من الشجر.[٢][٣]
ويُعرَّف السلام كمصطلح ضد الحرب؛ بأنّه غياب الاضطرابات وأعمال العُنف، والحروب، مثل: الإرهاب، أو النزاعات الدينية، أو الطائفية، أو المناطقية؛ وذلك لاعتبارات سياسية، أو اقتصادية، أو عرقية. كما يأتي تعريف السلام بمعنى الأمان والاستقرار والانسجام، وبناءً على هذا التعريف فإنّ السلام يكون حالةً إيجابيّةً مرغوبةً، تسعى إليه الجماعات البشرية أو الدول، في عقد اتفاق فيما بينهم للوصول إلى حالة من الهدوء والاستقرار، فالسلام في هذا التعريف لا يعني عدم وجود الاضطرابات بكافة أشكالها، وإنما يعني السعي في الوصول إلى المظاهر الإيجابية.[٤]
أركان السلام
حتى يتحقق السلام في أي مجتمع يجب أن تتوفر مجموعة من الأركان التي لها صلة وثيقة بالإدارة السياسية للمجتمعات، ومنها:[٤]
- الإدارة السليمة للتعددية: إن المجتمعات البشرية تقوم على أساس التعددية الدينية والثقافية والسياسية، فمن الصعب وجود مجتمع يتشكل من عِرق واحد أو يدين بدين واحد، فهذا الامتزاج إما أن تحكمه إدارة سليمة تحفظ حقوق الأقلية دون تمييز، وبإعطائهم مساحة للتعبير عن معتقداتهم في أجواء من الاحترام والتسامح، وإما أن تحكمه أنظمة تخاف من التنوع، وتعمل على سحق الآخر المختلف وحرمانه من حقوقه وحرياته، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى حروب أساسها الدين أو المذهب أو العرق، ينتج عنها دمار الدولة سياسياً واقتصادياً ونشوء أجيال محملة بالكراهية اتجاه الآخر تسعى للانتقام دوماً.
- الاحتكام إلى القانون: وذلك من خلال تأكيد مجموعة من الأساسيات التي تحقق المساواة والعدالة بين الأفراد، باعتبار أن الأفراد متساوون أمام القانون دون تمييز بينهم في اللون أو الجنس أو الدين أو العرق، فإن القانون يجب أن يطبق على الجميع بغض النظر عن الانتماءات الدينية والسياسية والجغرافية، وإتاحة المجال للفرد للجوء إلى المحاكم دون تكليفه أعباء تفوق طاقته، كما يتم تطبيق الأحكام الصادرة عن المحاكم بحزم ودون استثناءات. وفي حالة غياب أحد هذه الأساسيات في الدولة فإنه سيظهر الأثر واضحاً على السلام المجتمعي.
- الحكم الرشيد: إن كثيراً من الاضطرابات وأعمال العنف تحدث نتيجة فساد أنظمة الحكم في الدول التي تغيب فيها الديمقراطية، فالحكم الرشيد يعني وجود نظام حكم يقوم على المحاسبة ومكافحة الفساد، من خلال مؤسسات الدولة كمجلس الشعب والمجتمع المدني والصحافة، كما يعني تمكين الأفراد ورفع مستوى وعيهم وقدراتهم، بتوفير الخدمات التعليمية والثقافية والصحية وفرص العمل وغيرها، وتشجيعهم على المشاركة في العمل العام.
معوقات السلام
من المعوقات التي تحول دون تحقيق الأمن والسلام في العالم المعاصر:[٥]
- الصراعات الناشئة بين أقطاب العالم: تملك القوى الكُبرى حقّ النقض في مجلس الأمن، فهذه الدول تقدم مصالحها على مصالح أمن العالم واستقراره.
- التعصب الديني والعرقي: ينتج عنها الكثير من الاضطرابات وأعمال العنف، التي تولد الكراهية، والتطرف، والإرهاب.
- أطماع الدول الكبرى: أطماع هذه الدول وصراعها للسيطرة على المصادر الطبيعية والاقتصادية للدول النامية.
- اختلال النظام الاقتصادي العالمي: مما ينتج عنه وجود مجتمعات فقيرة جداً بجانب وجود مجتمعات غنية، وهذا يؤدي إلى حالة من الحقد والتذمر.
الجهود المبذولة لنشر السلام عبر التاريخ
يرى الكثير من العلماء الغربيين أن العلاقات السياسية الدولية في العصور القديمة بدأت منذ مؤتمر وستفاليا عام 1648م، إلا أن هناك آراء أُخرى فسّرت وجود العلاقات السياسية منذ عام 1278ق.م، أي عندما وقّع رمسيس الثاني ملك الحبشيين معاهدة السلام في آسيا الصغرى، فقد أوضحت الكشوف الأثريّة وأثبتت وجود علاقات بين دول ما بين النهرين، يعود عمرها إلى 3000 سنة قبل الميلاد.[٦]
والناظر في كتب التاريخ يقرأ المعاهدات التي أبرمها الفراعنة مع الحبشيين، القائمة على مبدأ التحالف الدفاعي بين الدولتين ضد أي عدوان خارجي، بينما العلاقات السياسية التي تميز بها الآشوريون، كانت قائمة على مبدأ الاستعلاء والعداء الدائم ضد أي أمة أُخرى، أما العلاقات بين المدن اليونانية فاتصفت بأنها أكثر ثباتاً ونظاماً، فعندما كانت تحدث الخلافات فيما بينهم يلجؤون إلى الطرق الدبلوماسية والتحكيم، أما الإمبراطورية الرومانية فكانت تفضل استخدام القوة والاستعلاء على الأمم الأُخرى، إلا أن هذا لم يمنعها من إبرام الاتفاقيات مع الدول التي سيطرت عليها، فوضعت قانوناً يحمي الإمبراطورية ويحافظ على استقرارها، وذلك بالاعتراف بالقوانين المحلية للشعوب التي خضعت لها. [٦]
بينما العلاقات السياسية الدولية التي سادت في العصور الوسطى، فبدأت منذ انهيار الإمبراطورية الرومانية عام 476م، وحتى فُتِحت القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الرومانية في الشرق عام 1453م على يدَي محمد الفاتح. وفي هذه الفترة لعب الدين المسيحي دوراً مهماً، حيث هيمن الحكم الكنائسي على الممالك الغربية، وأقامت الكنيسة نظاماً دولياً يدعوا إلى السلام والكف عن القتل وإراقة الدماء، فقد تميزت هذه الفترة بتفوق البابا بحكمه للكنيسة، بينما ظلت العلاقة بين الأمراء المسيحيين تقوم على أساس نظام الإقطاع، أما العلاقات السياسية الدولية في عصر الإسلام، فاختلف علماء الإسلام في تفسير العلاقات ما بين المسلمين وغيرهم من الأمم، فمنهم من رأى أن هذه العلاقات قامت على أساس الحرب، ومنهم من رأى أنها قامت على أساس السلام وعدم الإكراه، فعملت الدولة الإسلامية على عقد الكثير من معاهدات الجوار، والصداقة، والتحالف، والتجارة، وأكثر ما كان يميز الدولة الإسلامية هي مدى التزامها بهذه الاتفاقيات التي كانت تبرمها مع شعوب الدول الأُخرى غير الإسلامية.[٦]
دور هيئة الأمم المتحدة في نشر السلام
هيئة الأمم المتحدة هي منظمة عالمية تأسست عام 1945م، تضم في عضويتها الغالبية العظمى من دول العالم المستقلة، وعددهم 193 دولة عضواً، حيث تهدف إلى حفظ السلم والأمن الدوليين، ونزع السلاح، وتنمية العلاقات بين الدول، وتحقيق التعاون الدولي في المجالات كافة.[٧]
ومن أبرز الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة والتي تُعنى بشؤون السلم العالمي:[٨]
- الجمعية العامة: وهي جهاز التداول، ووضع السياسات والتمثيل في الأمم المتحدة، ولكل عضو في الأمم المتحدة تمثيل في الجمعية العامة، ففي كل سنة تجتمع الدول الأعضاء للمناقشة العامة، والتي يحضرها زعماء العالم ويلقون فيها كلماتهم.
- مجلس الأمن: والذي يقع على عاتقه المسؤولية الرئيسية في صون السلم والأمن الدوليين، ويتكون من 5 أعضاء دائمين و10 غير دائمين تنتخبهم الجمعية العامة مدة سنتين.
- محكمة العدل الدولية: هي الجهاز القضائي الذي يعمل على حل النزاعات بين الدول.
- الأمانة العامة: تقدم خدماتها في إدارة عمليات السلام وإعداد دراسات عن حقوق الإنسان.
المراجع
- ↑ سورة الحشر، آية: 23.
- ↑ “تعريف ومعنى السلام في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 3-4-2018. بتصرّف.
- ↑ ” في تعريف السلام، وبيان أعداء الإسلام”، www.alifta.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-4-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب مركز ماعت للسلام والتنمية وحقوق الانسان (4-4-2010)، “مفهوم السلام الاجتماعي”، tfpb.org، اطّلع عليه بتاريخ 5-3-2018. بتصرّف.
- ↑ عبدالعزيز التويجري (6-5-2017)، “رؤية إلى معوقات السلام”، www.alhayat.com، اطّلع عليه بتاريخ 5-3-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت د. علي العقابي (2010)، العلاقات الدولية، دراسة تحليلية في الأصول والنشأة والتاريخ والنظريات (الطبعة الأولى)، صفحة: 37-43. بتصرّف.
- ↑ “الأمم المتحدة-لمحة عامة”، www.un.org، اطّلع عليه بتاريخ 5-3-2018. بتصرّف.
- ↑ “الأمم المتحدة-الأجهزة الرئيسية”، www.un.org، اطّلع عليه بتاريخ 5-3-2018. بتصرّف.