جديد تعريف الحرية

'); }

الحُريّة

تُعدّ الحُريّة مَطلباً وضَرورةً حياتيّةً لا تستقيم حياة الفرد إلّا بوجودها؛ وهي ليست مجرّد كلمة يتداولها النّاس في أحاديثهم بل إنّها تشغلُ حيّزاً كبيراً من عقل الإنسان وتفكيره؛ فهي ذات قيمة إنسانيّة نفيسة ومُقدَّسة، ومن أجلها قامت الحروب على مرّ الأزمان. وللحُريّة مفاهيم عِدّة تختلف باختلاف الزّاوية التي يُنظَر منها إلى المُصطلح نفسه؛ ففي وجهة نظر الإسلام مثلاً يختلف مفهوم الحريّة عن مفهومها لدى الغَرْب، فماذا تعني الحُريّة، وما الفرق في مفهومها عند الإسلام وعند الغرب، وكيف نشأت، وما هي أنواع الحُريّات بِصفة عامّة؟

تعريف الحُريّة

تعريف الحريّة لُغةً

ورد في قاموس (Lettre) أنّ الحُريّة هي (وضعيّة الإنسان غير المَملوك)، أمّا قانونياً فهي قُدرة الأفراد على مُمارسة الأنشطة التي يُريدونها دون إكراه، على أن يخضعوا للقوانين التي تُنظّم المُجتمع،[١]والحُريّة في اللّغة هي حسب ما جاء في معجم لِسان العرب: (كلمة الحُرّ من كلّ شيء هي: أعتَقُه وأحسَنُه وأصوبُه، والشّيء الحُرّ: هو كلّ شيءٍ فاخرٍ، وفي الأفعال: هو الفِعل الحسَن، والأحرارُ من النّاس: أخيارُهم وأفاضِلُهم).[٢]

'); }

تعريف الحريّة اصطِلاحاً

تعدّدت معاريف مُصطلح الحريّة عند المذاهِب المختلفة، لكنّه ورَد في إعلان حقوق الإنسان الصّادر عام 1789م على أنّه: (حقّ الفرد في أن يفعل ما لا يَضُرّ الآخرين)، والحُريّة في الإسلام هي: (ما وهبه الله للإنسان من مكنة التصرُّف لاستيفاء حقّه وأداء واجبه دون تعسف أو اعتداء)، وعند الغَرْب هي: (الانطلاق بلا قيدٍ، والتحرُّر من كلّ ضابطٍ، والتخلُّص من كلّ رقابةٍ، ولو كانت تلك الرّقابة نابعةً من ذاته هو).[٢]

الفرق في الحُريّة عند الإسلام والغرب

الحريّة في الإسلام

ارتبط مفهوم الحُريّة في الإسلام بمفهوم التّكليف، فقد خلق الله تعالى الإنسان ومَيّزهُ بالعقل الواعي القادرعلى اختيار أعماله وأقواله، والتصرُّف بإرادته الكاملة، وجعَل الله الإنسان حُرّاً ومسؤولاً في آنٍ واحدٍ، قال تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا*إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)،[٣] وقال أيضاً: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)،[٤] وقد ركّز العُلماء المسلمون في الماضي على مفهوم التّكليف دون التّركيز على الحُريّة الإنسانيّة، ولكنّ الإسلام لم يُهمِل الحريّة الإنسانيّة؛ فالأصل أنّ الإنسان حُرّ لِيكون مُكلّفاً ومسؤولاً، فلا يُمكِن أن يَكون الإنسان مُكلّفاً دون أنْ يكون حُرّاً.[٥]

إذاً، لا قيمة للإنسان دون الحُريّة؛ فهي حقّ من حقوقه، ودونها لا يمُكِن أنْ يُمارِس المرء أعماله، وهي الخاصيّة الّتي تُميّز الكائن النّاطق عن غيره من الكائنات، فهو عاقل وأفعاله تصدر عن إرادته هوَ؛ فالإنسان الحُرّ هو من لم يكَن عبداً أو أسيراً، ومن الدّلائل على تعظيم الإسلام للحُريّة أنّه جعل العقل الحُرّ هو السبيل لإدراك وجود الله تعالى، قال تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)،[٦] وبذلك فإنّ الإيمان بالله يَكمن في الإقناع، وهو مُقترِن بحُريّة الإنسان في الاختيار، وما وظيفة الأنبياء والرُّسُل إلّا الدّعوة والبيان دون الإجبار، قال تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)،[٧][٨][٩]

نشأة الحُريّة

يَرجِع أصل مُصطلح الحريّة إلى الكلمة اللاتينيّة (Liber)، وتعني قُدرة الإنسان على التحرُّك والتصرُّف والقيام بِأيّ عملٍ بوجود أدنى حدٍّ من القيود، وقد ظهر هذا المصطلح لِلمرّة الأولى بِصُدور مرسوم من الحاكم ساردس الذي أقرّ بِمنح الحريّة الدينيّة لِلمسيحيّين، ثمّ ظهر المُصطلح مرّةً أُخرى في قسنطينة مع مرسوم ميلانو عام 313م، وذلك عندما وَرَدَ عن الكنيسة الكاثوليكيّة: (إنّ الإنسان خُلِق حُرّاً، لكنّه أساء استخدام الحرّية عندما أكل ثمرةً من ثمار شجرة معرفة الخير والشرّ).[١٠]

مجال الحُريّات عند المذاهب المختلفة

إنّ الحُريّة بِمفهومها العامّ عرفَت الكثير من المذاهب المُتعلّقة بها، وعليه فإنّ تحديد طبيعة المذهب السّائد في بلد ما يُساعدنا على معرفة مدى اتّساع مجال الحُريّات العامّة المسموح بها أو ضيقه، ومن أهمّ هذه المذاهب:[١١]

  • المذهب الفرديّ: يُؤكّد هذا المذهب بدوره على الحُريّة الفرديّة، ويَعدّ الفرد أهمّ عُنصر في النّظام، والسُّلطة الحاكمة هي المسؤولة عن تحقيق الأمان، وكأنها شُرطيّ المرور الذي يُنظّم عمليّة السَّير.
  • المذهب الاشتراكيّ: يُقدّس المذهب الاشتراكيّ الجماعة، وما الفرد عنده إلا أداة لتحقيق أهداف السُّلطة على الصّعيدَين الفرديّ والجماعيّ.
  • مذهب التدخّل الجزئيّ: هو مذهب يأخذ موقفاً مُعتدِلاً بين المذهبَين السّابقَين.

وجوه الحُريّة

للحريّة ثلاثة وجوه: وجه إيجابيّ يُعبّر عن التصرُّف باستقلاليّة وعفويّة، ووجه سلبيّ يَرفُض المُمارَسات السلبيّة من البعض، مثل: العبوديّة، وإكراه الأفراد على القيام بِأعمال لا يرغبون بها، ووجه نسبيّ يَجمع بين الإيجابيّ والسلبيّ، وهو قائِم على أساس أنّ الإنسان قادر على أنْ يَقوم بما يُريد، على ألّا يتعارض ذلك مع الآداب، والقوانين، والأنظمة العامّة وفقَ القانون الدستوريّ، وألّا يُلحِق الضّرر بِالآخرين وفقَ المادّة الرّابعة من الإعلان العالميّ لِحقوق الإنسان.[١٠]

أنواع الحُريّات بصفةٍ عامّةٍ

يمكن التّمييز بصفة عامّة بين نوعين من الحُريّة، وهما:[٩]

  • حُريّة التّنفيذ: تعني قُدرة الفرد على العمل أو امتناعه عنه، دون أنْ يَخضَع لأيّ ضغوطات خارِجيّة.
  • حُريّة التّصميم: تعني قُدرة الفرد على الاختيار، وتحقيق ما يُريد دون أنْ يخضع لتأثير أهوائه ودوافعه الباطِنة التي تحدّ بدورها من حُريّة التّصميم.

فيديو عن الحرية و أهميتها

للتعرف على المزيد تابع الفيديو

المراجع

  1. “مفهوم الحرية من الناحية القانونية”، العنان، 2016-12-21، اطّلع عليه بتاريخ 2017-5-17. بتصرّف.
  2. ^ أ ب وفاء نايف خالد العجمي (2016-2-18)، “مفـهــوم الحريــة فــي الإســلام”، الملتقى الفقهي، اطّلع عليه بتاريخ 2017-5-17.
  3. سورة الإنسان، آية: 2-3.
  4. سورة البقرة، آية: 285.
  5. محمد زاهد غول (2012-10-25)، “الحرية وأنواعها “، مغرس، اطّلع عليه بتاريخ 2017-5-17. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية: 256.
  7. سورة الكهف، آية: 29.
  8. “مفهوم الحرية في الإسلام”، المركز الديمقراطيّ العربيّ للدراسات الاستراتيجيّة والسياسيّة والاقتصاديّة، اطّلع عليه بتاريخ 2017-5-17. بتصرّف.
  9. ^ أ ب صابر أحمد عبد الباقي، “الحريّة بين الفوضى والالتزام”، كنانة أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 2017-5-17. بتصرّف.
  10. ^ أ ب “ما هي الحرية؟”، بابونج، 2016-4-16، اطّلع عليه بتاريخ 2017-5-17. بتصرّف.
  11. صالح بوعمرة (2015/2016)، مبادئ الاستعمال الجماعي للأملاك العمومیة و تطبیقاتھا في التشریع الجزائري.، صفحة: 18-19. بتصرّف.
Exit mobile version