قضايا مجتمعية

جديد تعريف الجريمة

الجريمة

يُولد الإنسانُ وهو على الفطرة السّليمة التي لا تعرفُ الأذى أو الإجرام، وتُساهم البيئة المحيطة به في تشكيل شخصيته والتأثير فيه، وقد يتعرّض بعض الأشخاص لتأثيرٍ سلبيّ من قِبل البيئة المحيطة بهم، مما يجعلهم ينحرفون نحو فعل السّلوكات غير الجيدة، وارتكاب الممارسات غير المقبولة بالنّسبة لإنسانٍ سويٍّ، مما يقودهم إلى الجرائم. فما هو تعريف الجريمة؟ وما أنواعها؟

تعريف الجريمة

تُعرّف الجريمة (بالإنجليزية: Crime) بأنّها أيّ انحراف عن مسار المقاييس الجمعيّة، التي تتميّز بدرجةٍ عاليةٍ من النوعيّة والجبريّة والكليّة؛ ومعناه أنه لا يُمكن للجريمة أنْ تكون إلّا في حالة وجود قيمة تحترمها الجماعة فيها، كما أنّها توجّه عدواني من قِبل الأشخاص الذين يحترمون القيمة الجمعيّة، تجاه الأشخاص الذين لا يحترمونها.[١]

كما عرّفها البعض بأنّها عمل أو امتناع عن عمل شيء ينصُّ القانون عليه، ويُجازي فاعله بعقوبةٍ جنائيّة.[٢] ويختلِفُ مفهوم الجريمة كذلك بحسب المنظور الذي يُنظر له من خلاله، ومنها:[٣]

  • الجريمة في الشّريعة الإسلاميّة: عرّف الماوردي الجريمة بأنها محظور شرعيّ نهى الله عن فعله إما بحدّ أو تعزير، والمحظور هو عملُ أمرٍ نهى الله عنه، أو عدم عمل أمرٍ أَمَرَ به.
  • الجريمة من النّاحية القانونيّة: هي عملٌ غير مشروع ناتج عن إرادة جنائيّة، ويُقرّر القانون لها عقوبةً أو تصرّفاً احتياطيّاً.
  • الجريمة من النّاحية الاجتماعية والنّفسية: هي عملٌ يخترقُ الأسس الأخلاقية التي وُضعت من قبل الجماعة، وجعلت الجماعة لاختراقها جزاءً رسمياً.
أما تعريفُ المُجرم فهو: الإنسان البالغ الراشد الذي ارتكب فعلاً مؤذياً نصّ عليه قانون مُعيّن؛ مما تترتّب عليه عقوبات جنائية مُحدّدة في القانون ذاته.[٣]

تفسير ارتكاب الجريمة

أسباب ارتكاب الجريمة

يُعزى ارتكاب الأفراد للجريمة إلى كثيرٍ من الأسباب، منها:

  • انعدام أو ضعفُ الوازع الدّيني: حيثُ تُعدّ القوانين الدّينية والمحظورات التي تُحرّم الجرائم رادعاً قويّاً يتمثّله الأفراد.[٤]
  • ضعف الوازع الأخلاقي: يُعدّ الوازع الأخلاقي ركناً مهمّاً من أركان الإصلاح الاجتماعي، ولذلك يجبُ أن تُمارس جميع المؤسسات التربوية دورها في غرس القيم والأخلاق لدى الأبناء لمنع انتشار السلوكات الإجرامية.[٥]
  • البيئة الفاسدة: حيثُ يتأثّر الإنسان بمن حوله سواءً أكانوا صالحين أم فاسدين.[٦]
  • البطالة والظّروف الاقتصادية الصّعبة: حيثُ يقوم الكثيرُ من الشّباب بارتكاب الجرائم لتحصيل الأموال بأسلوب غير مشروع نظراً لحاجتهم.[٧]
  • تعاطي المُسكِرات والمُخدّرات: وتداول صور الإجرام والإرهاب: حيثُ إنّ 70% من جرائم القتل تعودُ لتعاطي الفرد للمخدرات بحسب دراسة قامت بها الجمعيّة التونسيّة لعلوم الإجرام.[٨] وأشارت كذلك دراسةٌ أميركية نُشرت في دوريّة السلوك والعدالة الإجرامية إلى أنّ 93% من المُجرمين قد مرّوا بسوابق إدمان على المخدرات والكحول.[٩]

النظريات المُفسِّرة لارتكاب الجريمة

تناولُ علماء الاجتماع تفسير السّلوك الإجرامي للإنسان، كونه نتاج تأثير المجتمع المحيط فيه ومجموعة من العوامل التي تتعلق به ثقافياً واجتماعياً، ونتيجةً لذلك برزت الكثير من النّظريات التي تُناقش السّلوك الإجرامي من عدّة جوانب، ومنها:[١٠]

  • نظريّة الوصم (بالإنجليزية: Labeling Theory): يُعتبر إدوين لمرت (Edwin Lemert) المُتخصّص في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا،[١١] أبرز من يتبنّى هذه النظريّة، وهي تفترضُ أنّ الأشخاص يقومون بفعل السلوكات الإجراميّة كنتيجةٍ لردود أفعال المُجتمع المحيط بهم تجاههم، ويُقسِّم إدوين لمرت مراحل تشكُّل حالة الانحراف كالآتي:
    • الانحراف الأولي: السّلوك الأولي الذي يقوم به الشخص لاختبار رد فعل المجتمع تجاهه.
    • تشكّل رد فعل المجتمع: والتي تكون على شكل عقوبات مُعيّنة.
    • تكرار الانحراف الأولي: مع زيادة كمية الانحراف أو نسبته عن الانحراف الأولي.
    • قيام المجتمع بأخذ رد فعل رسميّة: وتأتي غالباً هذه الرّدود على شكل وصم الشّخص المنحرف بوصمة الإجرام.
    • زيادة مقدار الانحراف المباشر: وتأتي كرد على موقف المجتمع نحوه بوصمه كمجرم.
    • قبول المنحرف بالوصم الذي وُصِفَ به: ويُحاول هُنا المنحرف التأقلم مع وضعه الجديد كشخصٍ منبوذ.
  • نظريّة الاختلاط التفاضلي (بالإنجليزية: Differential Association Theory): وهي نظريةٌ جاء بها العالم الأميركي إدوين سذرلاند(E-Sutherland)، وتقول بأنّ السّلوك الإجرامي لا يُعدُّ سلوكاً يتناقل بالوراثة، وليس سلوكاً خُلُقيّاً أو نفسياً كذلك، بل هو سلوكٌ مُكتَسب يتعلّمه الفرد كأيّ سلوكٍ آخر من خلال البيئة المحيطة والمؤثرة فيه، حيثُ يدور محور هذه النّظرية حول أنّ الفارق بين ممارسات الأفراد يرتكز بشكلٍ أساسي على نوعية مجتمعه، والأفراد الذين يُحيطون به ويختلط بهم.
  • نظريّة الأنومي (بالإنجليزية: Theory of Anomy): يُعتبر عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم (Emile Durkheim) أوّل من جاء بمصطلح الأنومي، وهو مصطلحٌ يُشيرُ إلى الوضع الذي تختفي فيه المعايير الاجتماعيّة، وتُعدم فيه القواعد والأساسات الموّجهة للسلوك البشري. وينسِبُ دوركايم الإجرام إلى مفهوم اللامعياريّة الاجتماعية وعدم توازن السّلوك، واختلال المبادئ التي تنظم حياة الفرد وذهاب مفهوم التّكافل الاجتماعي.

أنواع الجريمة

قُسّمت الجرائم إلى عدّة أقسام اعتماداً على أسسٍ منها:

  • نوع الباعث: تُقسم الجرائم بحسبِ نوع الباعث الذي أدّى لوقوعها إلى أربعة أقسام، هي:[١]
    • جرائم سياسيّة: وهي الجرائم المُتعلّقة بنظام الحكم أو بالحُكّام بوصفهم حُكّاماً، وقد قام الشّيخ محمد أبو زهرة بتعريفها على أنّها الجريمة التي تحتوي اعتداءً على نظام الحكم أو شخوصه، بوصفهم حُكّاماً، أو على قادة وحاملي الفكر السياسي بسبب آرائهم السياسية.[١٢]
    • جرائم جنسية: وهي سلوكاتٌ جنسيّة حرّمها قانون الدّولة ويُعاقب عليها، وهي تختلف عن الاعتداء والاستغلال الجنسي بأنّها أوسعُ نطاقاً منهما. وتُعدّ جريمةً مُتعدّدة الجوانب إذ لا يكون تأثيرها في جانبٍ واحدٍ فقط، إنّما في الجوانب النفسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية.[١٣]
    • جرائم اقتصادية: وهي الجرائم المُتعلّقة بالنّظام الاقتصادي للدّولة وبسياسياتها الاقتصادية، وتُعتبرُ أخطر أنواع الجرائم إذْ يشملُ تأثيرها أجيالاً كاملةً.[١٤]
    • جرائم الانتقام.
  • تقسيمٌ يُلجأ إليه في الإحصاءات الرسمية، ويشمل:[١]
    • جرائم ضدّ المُلكيّة.
    • جرائم ضدّ الآداب.
    • جرائم ضدّ الأشخاص.

المراجع

  1. ^ أ ب ت إيناس محمد راضي (19-9-2015)، “الجريمة”، University of Babylon ، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2017.
  2. أ. د. محمد جبر الألفي (20-10-2016)، “ماهية الجريمة الجنائية”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2017.
  3. ^ أ ب د.أسماء بنت عبدالله التويجري (2011)، الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للعائدات للجريمة (الطبعة الأولى)، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، صفحة 35+36.
  4. خلف بن محمد بن عبدالله العرم، “من أسباب وقوع الجريمة”، الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017.
  5. سعد الراشد (27-1-2015)، “أسباب الجريمة وطرق مكافحتها”، الجماهير، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017.
  6. رنيم الدويري، “الأسباب التي تدفع المجرمين لارتكاب جرائمهم”، جريدة الأنباط، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017.
  7. محمد منار حميجو (14-11-2016)، “الفقر والتهجير أهم أسباب ازدياد الجرائم”، الوطن، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017.
  8. هدى المسعودي، “70 % من الجرائم سببها المخدرات وفيديوهات الإرهاب”، الصحافة اليوم، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017.
  9. يسرى أبو حامد (1-7-2013)، “اضطرابات نفسية وعقلية متنوعة وراء السلوك الإجرامي”، العربية ، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017.
  10. أسماء بنت عبد المحسن التويجري (2011)، الأسباب التي تدفع المجرمين لارتكاب جرائمهم (الطبعة الأولى)، الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، صفحة 39+40+43+44+46+47.
  11. Robert A. Stebbins, “Lemert, Edwin M.”، Blackwell Reference, Retrieved 27-4-2017.
  12. فوزي نصر (1-10-2006)، “الجريمة السياسية واقعا وقانونا”، الحوار المُتمّدن، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017.
  13. د. عادل عامر (13-4-2017)، “أسباب الجرائم الجنسية في المجتمع”، المصريون، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017.
  14. د. حسن العالي (9-8-2014)، “الجرائم الاقتصادية.. أكثر مخاطر على البشرية”، اليوم ، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى