التقوى
ورَدت كلمة التقوى في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، وذلك لأهميّة العمل بها، وورد أيضاً لفظ المتّقين؛ أولئك الّذين مدحهم الله عزّ وجل ومنحهم محبته، وذلك بقوله جل وعلا: (إن الله يحب المتقين)، ووعدهم بجزيل الثواب في الدنيا والآخرة. التقوى أمر إلهي، أمر الله عزّ وجل عباده به، وهي أيضاً وصية الأنبياء لأقوامهم، فما من نبي أُرسِل إلّا أوصى قومه بتقوى الله عزّ وجل، وما زال الخطباء إلى الآن في مساجدهم يفتتحون خُطبهم بحضّ الناس على تقوى الله عزّ وجل، والسعيد هو من وُفّق للتقوى، والشقيّ من حرم نفسه منها، ولم يكن في عداد المتقين.
تعريف التقوى
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يبلغ العبد أن يكون من المتّقين حتى يدع مالا بأس به حذراً مما به بأس).
- وردت عدة تعريفات للتقوى على لسان الصحابة الكرام والسلف الصالح، فها هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول في التقوى بأنها: الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.
- قال سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: تقوى الله أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر.
على العبد أن يكون شديد المحاسبة لنفسه، تاركاً لشهواتها، مسارعاً للطاعات والعبادات، شديد الحذر من الذنوب صغيرها وكبيرها، غير آبهٍ لوساوس الشيطان، كثير التوبة والإنابة؛ فالذين يخشون ربهم ويخافونه، وهم الّذين تغلغل الإيمان في قلوبهم، وملك جوارحهم، هم الأتقياء سراً وعلناً؛ فالتقوى محلها القلب، والقلب ملك الأعضاء وسيدها، وآمرها وناهيها، وبصلاحه يصلح الجسد، وبفساده يفسد، وما إن استقرت التقوى في القلب ظهر أثرها على بقية الأعضاء قولاً وعملاً، إذ لا فائدة من القول دون العمل.
التقوى هي خير ما يتزوّد به العبد لقبره وليوم بعثه، وبها يكون الفوز والفلاح؛ إذ لن ينفعه زاد الطعام والشراب، ولا ما جمع من المال والديار، ولا الأهل والأولاد.
ثمار تقوى الله عز وجل
من اتّقوا مولاه في دنياهم جنوا حلو الثمار في الدنيا والآخرة، فمن ذلك:
- رحمة الله عزّ وجل لهم.
- تأييد الله عزّ وجل لهم، ونصره لهم على أعدائهم.
- خَصُّهم بنور يمشون به، وهدى وفرقان يميّزون به بين الخير والشر، والهدى والضلال.
- فتح أبواب الرزق الوفير لهم، والخير والبركة.
- تكفيره جلّ وعلا لسيّئاتهم، وغفرانه لذنوبهم، وتيسيره لأمورهم، وجعل لهم من كلّ ضيق مخرجاً.
- خصُّهم بعظيم الأجر والثواب، والجنة مستقر ودار لهم.