محتويات
تعريف التطرف الديني لغةً واصطلاحًا
التطرف الديني لغةً
التطرف لغةً: هو إتيان منتهى الشيء والوصول إلى طرفه، وهو كذلك بمعنى مجاوزة التوسط والاعتدال في الأمر، فالتطرف مأخوذ من طرف الشيء المادي المحسوس إذ إنّ لكل شيء طرفاً، والتطرّف أخذ الأمر من طرفه دون وسطه، فنقول تطرف الرغيف أي أخذه من طرفه.[١]
ومن الكلمات ذات الصلة بهذا المصطلح: الغلو والعصبية، وقد تطرّق القرآن الكريم إلى الغلو، يقول الله -تعالى-: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ)،[٢] فجعل الله -تعالى- الغلو مغايراً للحق كما هو ظاهر في الآية الكريمة.[٣]
وبناءً على ما تقدم فإنّ التطرف الديني في اللغة يكون بمعنى: مجاوزة التوسط والاعتدال في الدين، وقد يكون التطرف إلى أحد جهتين، فالتطرف إما أخذ بأدنى الطرف أو أقصاه، وفي كلا الحالين يكون تطرفاً، وبناءً عليه يكون الغلو أخص من التطرف، إذ إنّ الغلو هو الأخذ بالطرف الأكثر تشدّداً وتمسكاً وتعصّباً للشيء.[٣]
التطرف الديني اصطلاحاً
أما التطرّف الديني اصطلاحاً كما عرفه علي الشبل: “الغلو في عقيدة، أو فكرة، أو مذهب، أو غيره يختص به دين أو جماعة أو حزب”،[٣] فقد جعل التطرف في جانب الغلو وهذا صحيح، فالمصطلح إنما يكون مصطلحاً بعدة اعتبارات ومنها اعتبار العرف.[٣]
وقد تعارف الناس على أنّ التطرف الديني إنما يكون في الطرف المتشدّد، فالتطرف الديني إذن هو مجاوزة الحد ومجانبة التوسط باتجاه التشدد والغلو في الجوانب الدينية، وقد وصفت جماعات كثيرة بالتطرف الديني كما هو معروف بما يسمى باليمين المتطرف.[٣]
ولقد جعل الله -تعالى- أمة الإسلام أمة وسطاً عدلاً من بين الأمم، يقول الله -تعالى-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)،[٤] وينبغي للمسلم أن يتنبه إلى هذه القيمة العظيمة التي امتن الله بها على عباده المسلمين، فالمسلم يؤدي ما عليه من واجبات والتزامات على هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير إفراط ولا تفريط.[٥]
مظاهر التطرف الديني
الإسلام لم يأتِ سيفاً مشرعاً على رقاب العباد مشدداً عليهم تشديداً يحرج الناس، ولم يأتِ كذلك رخواً تاركاً الناس في حل من الأمر من غير ضوابط معتبرة تجعل حالهم وسطاً بين الأحوال، بل كان ديناً عدلاً قيِّماً يراعي جميع مناحي الحياة من غير تكلف ولا عناء، وذلك لأنه منهج رباني يعلم ما يصلح أحوال الناس في دنياهم وآخرتهم.
وحتى يتم تصور التطرف الديني بوضوح أكثر، فإن بيان مظاهر التطرف الديني تزيد معنى التطرف الديني وضوحاً وبياناً، ومن مظاهر التطرف الديني ما يأتي:[٦]
- التعصب للرأي الشخصي الذي يراه المتطرف، وعدم الاعتراف بالرأي الآخر ولو في أبسط المسائل التي قد تحتمل عدة وجوه، ومع ذلك يصر المتطرف دينياً على رأيه، ويرى أنّ الآخرين على خطأ عظيم، فيصل به الأمر إلى تجريمهم واعتبارهم معتدين ويجب محاسبتهم.
- إلزام جمهور الناس بما لم يلزمهم الله به، والتشدّد في إلزام الناس بأمور فيها من السعة ما فيها، ولكن يصر المتطرف على إلزام الناس بها، فتراه يتشددّ في الأمور التي جعلها الدين على وجه الاستحباب والإباحة.
- الغلظة في التعامل، والخشونة في الأسلوب، والفظاظة في الدعوة، ظناً منه أنّ هذا هو المنهج الصحيح باعتبار الجدية في الأمر وعدم الرخاوة والتهاون فيه من الدين، وكل ذلك خطأ فادح وليس من الدين في شيء.
- سوء الظن بالناس واحتقارهم والتقليل مما يقومون به، والنظر إليهم نظرة غير عادلة تحكمها الأهواء والمزاجات، والغرور بالنفس وازدراء الآخرين واحتقار شؤونهم.
الفرق بين التطرّف والالتزام بالدين
هناك فرقاً كبيراً بين التمسّك بأصول الدين وشرائعه والعمل بها، وبين التطرف، إذ لا يجوز التعدّي على من يلتزم بأحكام دينه من غير تطرف أن يُنسب إلى التطرف الديني؛ كاللباس الشرعي للمرأة، أو إطلاق اللحية للرجل،[٧]أو حتى الالتزام بالصلاة في المسجد، فكل ذلك لا يعتبر من قبيل التطرف، بل هو التزام واعتدال في الدين.[٧]
أما التطرف الديني هو: الخروج عن الاعتدال وفيه نوع من التعصب وظلم الناس وازدرائهم وإصدار الأحكام عليهم ظلماً وزوراً.
المراجع
- ↑ أحمد مختار عمر، معجم الغة العربية المعاصرة، صفحة 1396. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:77
- ^ أ ب ت ث ج علي بن عبد العزيز الشبل، الجذور التاريخية لحقيقة الغلو والتطرف والإرهاب والعنف، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة ، آية:143
- ↑ ناصر العمر، الوسطية في ضوء القرآن الكريم، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑ يوسف القرضاوي (1402)، الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف (الطبعة 3)، قطر:منشورات الأمة وزارة الأوقاف في قطر، صفحة 39-55، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب صالح حبيب الله الصيني، وسطية الإسلام، صفحة 10. بتصرّف.