محتويات
مفهوم التربية الإسلامية
يُعرِّف عُلماء المُسلمين التَّربيةَ الإسلاميَّة: بأنها المنهجُ الواضحُ الذي رسمه القُرآنُ الكريمُ والسُّنة النّبوية، وتتكفَّل برعاية الإنسان من حيث البدنِ والعقلِ والروح، وقد تعدَّدت تعريفات العُلماء للتّربية الإسلاميّة، ومنها تعريفُها بأنّها تحضير الإنسان للحياة في الدُنيا والآخرة، ومن تعريفاتها: أنَّها المفاهيم المُترابطة التي تنضبط بفكرٍ وأساسٍ واحد وتعتمد على مبادئ وأخلاق الإسلام، وتُبين للفرد الطَّريق الذي يجب عليه أن يسلُكه بما يتوافق مع تلك المفاهيم والمبادئ، وجاء أيضاً في تعريفها: أنها الطريقة الأفضل في التَّعامل مع فطرة الإنسان، وتعليمه بطريقٍ مُباشرٍ وغير مُباشر، كالكلمة والقُدوة، بناءً على منهجٍ ووسائل تختصُّ بتلك الطَّريقة؛ لتوجيه الإنسان وتغييره نحو الأفضل، وكذلك عُرّفت: بأنَّها تربية الطفل ورعايته بطريقةٍ تكامليّةٍ تشمل جميع جوانبه البدنيّة والعقليّة والروحيّة بناءً على مبادئ الإسلام ونظرياته، فالتربية الإسلاميّة منهج مُتكامل لرعاية الإنسان وتربيته على الأخلاق الحسنة، وتضمن له التوازن والتوافق بين الحياة الدُنيا والآخرة،[١]وتقوم التربية الإسلاميّة على مجموعةٍ من الأُسس، وهي كما يأتي:[٢]
- تحقيق التطور المتوازن والمتكامل في شخصية المُسلم: بحيث أنها تهتمُّ بجميع جوانبه الشخصيّة، والروحيّة، والجسميّة، والعقليّة، والاجتماعيّة، والانفعاليّة في آنٍ واحد، لقوله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)،[٣] حتى التَّزكية التي أمر بها الإسلام تشمل نفسَ الإنسانِ وعقْله وجسمه وفُؤادِه، وتُحقق المصلحة لبدنه، لقوله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً)،[٤] ومن ناحية أخرى تُحقق التوازن للمُسلم من حيث رفضها للتّطَرُف في الطَّاعة، فقد كان النَّبي -عليه الصلاة والسلام- يقوم لصلاة الليل وينام، ويصوم ويُفطر، ويتزوج النساء، كما أنها تدعو إلى التخلي عن الأنانيّة، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ).[٥] وتقوم التربية الإسلاميّة على تربية الفرد على طاعة الله -تعالى- وعبادته في جميع مجالات الحياة، العلميّة، والاجتماعيّة وغيرها، وفق مبادئ الإسلام وقيمه، وجعله فرداً فاعلاً في مُجتمعه، وعدم إغفاله لآخرته، فتقوم على بناء الفرد المُسلم المُتكامل والمُتوازن،[٦] الذي يهتم بجميع جوانب كيانه، فيتعامل معها بواقعيّة وبما يتناسب مع فطرته.[٧]
- تحقيق التربية الفكريّة والعمليّة معاً: بحيث يُترجم المُسلم إيمانه إلى سُلوكٍ عملي، فالله -تعالى- ربط بين الإيمان والعمل في كثيرٍ من آيات القُرآن، كقوله تعالى: (الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ)،[٨] والبُعد عن مُخالفة الأقوال للأفعال، حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ*كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).[٩]
- جَمْع التربية الإسلاميّة بين الطابع الفرديّ والجماعيّ: حيث تُربي الإنسان على الفضائل، وتُحمّلُه مسؤولية أعماله، وكُل ذلك لا يعني انفصاله عن المُجتمع الذي يكفل له التكامل والتكافل والقوة، فبيّن الإسلام أن المُسلم عونٌ لأخيه المُسلم، كما أنها تُعزّز أهمية القُدوات في التأثير على الفرد، وتُؤكد على دور الأُسرة في هذه التربية.
- تربية الفرد على مُراقبة ربه: حيث تُنَمّي فيه الدافع والرقيب الداخليّ الذي يجعله مُستقيماً، مُراقباً لربه في جميع أعماله، لقوله تعالى:(إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ).[١٠]
- المحافظة على نقاء الفطرة الإنسانيّة: فالإنسان يولد على الفطرة النقيّة، لقوله تعالى:(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)،[١١] فالتربية الإسلاميّة تُطهّر نفس الفرد بالتقوى والبُعد عن المعاصي؛ للحفاظ على هذا النقاء، وتقوم بصرف رغباته بما يُناسبها، كتشريعه للصوم لمن لا يمكنه الزواج، وصرف أوقات فراغهم بما هو مُفيد لهم ولأُمتهم.
- توجيه الإنسان نحو الخير: بما تُقدمه للإنسان من تشريعات تجعله رحيماً، ساعياً للخير، لقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)،[١٢] ومن ذلك أنها جعلت معيار التفاضل بينهم هو التقوى والعمل الصالح، كما أنها تُوجّه نحو القيم التي تَكفَل لهم الفوز في الدُنيا والآخرة، كالإخلاص، ومُراقبة الله -تعالى- والتوكل عليه، ومنه قوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)،[١٣] والصبر، والصدق.
- تقوم التربية الإسلاميّة على الاستمراريّة: فهي لا تنتهي بزمنٍ مُعين أو تتوقف عنده، فهي تمتد من الولادة إلى الموت، وتُوجه الإنسان إلى التفكُّر في الكون والعالم؛ مما يُساعد في تقدُّم الأُمة، كما أنها تدعو إلى مواكبة التطور؛ بإخراج الأجيال المؤمنة المُتعلمة.
- تقوم على الانفتاح والعالميّة: حيث أن الإسلام دينٌ عالمي وليس خاص بأُمّةٍ دون أُمّة، فيرفض التعصب للطبقة أو العرق أو اللون وغير ذلك من أشكال التعصب، فالتفاضل فيها على أساس التقوى، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).[١٤]
- تجمع بين المُحافظة والتّجديد: من خلال مُحافظتها على ثوابت الإسلام، كالعقائد والقيم الربانيّة، ولكنها في نفس الوقت تدعو المُسلم إلى التجديد بمطالب الحياة التي تتغير في كُل زمن، مع المُحافظة على الثوابت والأُصول العامة الإسلاميّة.
فالتربية الإسلاميّة هي الطريق التي تربَّى بها الصحابة -رضي الله عنهم-؛ بتنزُّل القُرآن عليهم، كتربيتهم في يوم بدر على أن النصر من عند الله -تعالى-، وحَلّه لتنازُعهم في غزوة أُحد، وفي غزوة الخندق نزلت بعض الآيات التي فضحت المُنافقين، وثبّتت المؤمنين، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يستغل الفُرص مع صحابته؛ لتعليمهم وتربيتهم، وسار بعده أصحابه -رضي الله عنهم- في نفس الطريق؛ حيث قاموا بتعليم التابعين ما تعلموه من النبي -عليه الصلاة والسلام- وتربّوا عليه، ليقوم الأشخاص بحمل الإسلام ونشره على علمٍ وفقْه، ودعوة الناس إلى التمسُّك به.[١٥]
أهداف التربية الإسلامية
للتربية الإسلاميّة العديد من الأهداف، ومنها ما يأتي:[١٦]
- الأهداف العَقَديّة: من خلال توجيه الفرد للتمسُّك بعقيدته التي تُوجّهه إلى العمل في ضوء هذه العقيدة، فتعمل على ربط الفرد بربه ومحبته، وتحرير العبد من العُبوديّة لغيره -تعالى-؛ ممَّا يُساعد على ترابطِ المُجتمعِ وتماسُكِه.
- الأهداف العقليّة: فالعقل هو مصدر الإدراك عند الفرد ومن خلاله يكون مُحاسباً على أعماله، وربط الله -تعالى- في كتابه بين انعدام الاحتكام إلى العقل والانحراف، إذ إن سبب الانحراف هو ترك العمل بمقتضى العقل، وقد ذمّ الله -تعالى- من يُعطِّل عقله، فقال تعالى:(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ)؛[١٧]، وقد اعتنت التربية الإسلامية بالعقل؛ فهو محل التكليف، وأداة التمييز بين الخير والشر، ومن أهم الطاقات عند الفرد، وعلى الإنسان أن يُنمّيه الإنسان بالعلم والمعرفة، والاهتمام بما فيه استعمالٌ له كالتفكير والإبداع، وكذلك تحريره من الأوهام والخُرافات.
- الأهداف الروحيّة: من خلال تربية الأفراد على الإيمان، وتوجيه واستثمار الرغبة
الداعية للتديُّن عندهم، وتربيتهم على القيم المُستمدة من الإيمان الصحيح بأركان الإيمان، ومدّهم بالطاقة الروحيّة والتي هي أسمى الطاقات وهي نفخة من روح الخالق، يقول تعالى:(وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي).[١٨]
- الأهداف الخُلُقيّة: من خلال تعليم الفرد الأخلاق الإسلاميّة والفضائل التي تساهم في نشر الخير والفضيلة في المجتمع، فالأخلاق هي روح الإسلام وجوهره، وقد مدح الله -تعالى- نبيّه -عليه الصلاة والسلام- بِخُلُقه، فقال:(وَإِنَّكَ لعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).[١٩]
- الأهداف الجسديّة: من خلال ضبط ميول الإنسان للنشاط الحركي الجسديّ؛ بتحديد نوع النشاط وضبطه، وتحقيق التوازن بين هذا الميول وبين الحلال والحرام.
- الأهداف الاجتماعيّة: بتحديد علاقة الفرد بالبيئة والكون، وبيان ضوابط علاقته بغيره، والأنشطة التي يُمارسُها بحيث يُصبح فاعلاً في مُجتمعه بما يحمله من أفكار وقيم أخلاقيّة، فتحثُّه على صلة أرحامه، ومُراعاة حُقوق جاره وغير ذلك.
مصادر التربية الإسلامية
للتربيّة الإسلاميّة العديد من المصادر، وهي كما يأتي:[٢٠][٢١]
- القُرآن الكريم: وهو الكتاب الذي أنزله الله -تعالى- على النبي -عليه الصلاة والسلام-، بواسطة الوحي جبريل -عليه السلام-، ففيه تثبيت للقلب، وترسيخ للإيمان، وتعليم القُرآن وقراءته، لقوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا)،[٢٢] وذلك لما يتمتع به من أُسلوبٍ فريد في التربية، فيبدأ بالإقناع العقليّ مُراعياً العواطف الإنسانيّة، بكل بساطة بعيداً عن التعقيد، مع تنوعه في استخدام الأساليب العربيّة، ومما يؤكد ذلك أن بداية نُزول القُرآن كانت آياتٍ تربويّة، وهي قوله تعالى:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).[٢٣]
- السُنة النبويّة: وهي كُل ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول وفعل وتقرير وصفة، لقوله تعالى:(وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)،[٢٤]فجاءت السنة لبيان ما جاء في القُرآن من تشريعات وآداب، فتوضح المنهج الإسلاميّ المُتكامل، بالإضافة إلى استنباط الأساليب التربويّة التي جاءت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في تعامله مع أصحابه وأسرته وأهله، ومُراعاته لجميع فئات المُجتمع، كالطفل والرجل والمرأة والكبير وغير ذلك.
- هدي الصحابة والتابعين: حيث أن الصحابة -رضي الله عنهم- تعلموا من النبي -عليه الصلاة والسلام- وأخذوا منه، وكانوا يُطبّقون القُرآن فور نُزوله، فجاء عنهم: كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نجاوز السورة من القرآن حتى نحفظها ونعمل بها، ومن شدة تأثير القرآن في تربيتهم أنه أغناهم عن الشعر، وأخبار العرب، وعن الكهانة، فعلموا غيرهم من التابعين.
ميادين التربية الإسلامية
للتربيّة الإسلامية العديد من الميادين، وتتمثل هذه الميادين في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)،[٢٥] وهذه الميادين هي كما يأتي:[٢٦]
- الميدان الأول: تلاوة الآيات: ويُعزّز هذا الميدان ولاء المُسلم لدينه، وإظهاره في القول والعمل، من خلال دراسة مُعجزات الأنبياء، وتاريخ الإنسان، والسُّنن الكونيّة، والعُلوم والاختراعات العلميّة، لقوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ).[٢٧]
- الميدان الثاني: التزكيّة: من خلال تعديل السُّلوك الإنسانيّ نحو القيم الإسلاميّة الصحيحة، وتطهير النفس وإصلاحها، وتوجيهه نحو السُّلوك المُستقيم، لقوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى).[٢٨]
- الميدان الثالث: تعليم الكتاب: وهذا الميدان يترتب على ما سبقه من ميادين، فعندما يتلو الإنسان القُرآن ويُزكّي نفسه يكون مؤهلاً لاستقبال التشريعات والأحكام التي جاء بها الإسلام، وفي هذا الميدان يتعلم الفرد العلاقة بينه وبين خالقه، وأثرها في عزته وكرامته، ويُدرك المضمون الحقيقيّ للعبادة؛ من خلال التفقه في دينه، ويُمكّنه من معرفة الآثار الإيجابيّة للإيمان، والآثار السلبيّة للكُفر.
أساليب التربية الإسلامية
تقوم التربية الإسلاميّة على تحقيق الغرض منها بعدة أساليب، ومنها ما يأتي:[٢٩][٣٠]
- القُدوة الحسنة: وهذا الأُسلوب يساعد على تربية الفرد وتأسيسه التأسيس الصحيح وخاصةً في مرحلة الطفولة؛ فالطفل يكتسب سلوكه من خلال تقليد غيره، وقد أمر الله -تعالى- في القُرآن بالاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[٣١]، مما يفرض على المُربي اختيار الأصحاب الصالحين لأبنائه، فقد شبه النبي -عليه الصلاة والسلام- الجليس الصالح وجليس السوء بحامل المسك ونافخ الكير.
- الثواب والعقاب: وهو من الأساليب التي تُناسب طبيعة النفس البشريّة بغض النظر عن جنسها، وتُساعد على التحكُّم بسلوك الفرد وتصرُّفاته؛ لما فيه من بيان النتائج والمآلات للتصرف الذي يَصدُر عن الشخص، وقد ذكر الله -تعالى- العديد من الآيات المُرتبطة بالثواب والعقاب، كقوله تعالى:(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ* فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).[٣٢]
- التوجيه والنُصح: وهو من الأساليب المؤثّرة في نفس الفرد؛ لما يرى في الشخص الذي ينصحه من الحرص عليه، ويُستعمل هذا الأُسلوب بشكلٍ مُباشرٍ وغير مُباشر، ومن الأمثلة على ذلك القصص والغاية منها.
- المعرفة النظريّة: يعدّ التعليم النظري من الأساليب القديمة المُستخدمة في التربية، وقد بيّن الإسلام فضل العلم والعُلماء، وأنه من الطُرق الموصلة إلى الله -تعالى- وخشيته.
- الحوار: وهو من أفضل الأساليب التي يُمكن استخدامها في التربية؛ لما يُتيحُه من مجال للأطراف المُتحاورة من التعبير عن آرائها، والتقارُب بين وجهات نظرها، مما يصل بهم إلى حل المُشكلات، وتصحيح المفاهيم، وقد استعمل الله -تعالى- هذا الأسلوب في كثير من آيات القُرآن، وكذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- في سُنّته، كما أنه يقوي الروابط بين المُسلمين، ويُعين على التكافل والتعاون بينهم، ويُساعد على بناء الثقة والجُرأة عند الفرد؛ من خلال إبادئه لرأيه، ويُنمّي المهارات الفكريّة؛ لمُخالطته وقُربه من أصحاب الخبرات، ويُساعد على التغلب على الأمراض المُتعلقة بالنفس، ويُقوي الروابط بين الأُسر؛ بإزالته للشحناء بينهم.
أهمية التربية الإسلامية
تكمُن أهمية التربية الإسلاميّة في فرضيتها، وفي كوْنِها مرجعاً أساسياً لفهْم حقيقةِ الإسلام ومبادئه ومنهجه، وفي أنَّها تبني الوعيَ لدى الفرد المسلمِ بما يهُمُّه من أمورِ دينه ودنْياه من عبادات ومعاملات وأخلاقيات، ممَّا يعودُ بالنَّفعِ على الفرد في الدُّنيا والآخرة، ويمتازُ النِّظام التَّربوي الذي جاء به الإسلام بشموليتِه لجميعِ مَناحي الحياة، وذلك لأنَّه يُشكّل نموذجاً مُتكاملاً يرتقي بالإنسان إلى الكمال،[٣٣]بالإضافة إلى مُراعاتِه للاحتياجات والغرائز البشرية التي لا يخلو منها إنسان، ويعمل على تهذيبها وصَرْفها بالطُّرق المُباحة، وضبطها بضوابط الإسلام.[٣٤]
المراجع
- ↑ عاطف السيد، التربية الإسلامية أصولها ومنهجها ومعلمها ، صفحة 17-18. بتصرّف.
- ↑ نبيل السمالوطي (1998)، بناء المجتمع الإسلامي (الطبعة الثالثة)، القاهرة: دار الشروق للنشر والتوزيع والطباعة، صفحة 135-140. بتصرّف.
- ↑ سورة القصص، آية: 77.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 36.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 13، صحيح.
- ↑ عاطف السيد، التربية الإسلامية أصولها ومنهجها ومعلمها ، صفحة 21. بتصرّف.
- ↑ ليلى عبد الرشيد عطار (1998)، آراء ابن الجوزي التربوية (الطبعة الأولى)، ميريلاند – الولايات المتحدة الأمريكية: منشورات أمانة للنشر، صفحة 255، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الرعد، آية: 29.
- ↑ سورة الصف، آية: 2-3.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 5.
- ↑ سورة الشمس، آية: 7-10.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 107.
- ↑ سورة البينة، آية: 5.
- ↑ سورة الحجرات، آية: 12.
- ↑ محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 3-6، جزء 181. بتصرّف.
- ↑ الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، المدينة المنورة: موقع الجامعة على الإنترنت، صفحة 210-213، جزء 46. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 22.
- ↑ سورة الحجر، آية: 29.
- ↑ سورة القلم، آية: 4.
- ↑ كمال الدين عبد الغني المرسي (1998)، من قضايا التربية الدينية في المجتمع الإسلامي (الطبعة الأولى)، الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، صفحة 27. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن النحلاوي (2007)، أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع (الطبعة الخامسة والعشرون)، دمشق: دار الفكر، صفحة 23-27. بتصرّف.
- ↑ سورة الفرقان، آية: 32.
- ↑ سورة العلق، آية: 1-5.
- ↑ سورة الحشر، آية: 7.
- ↑ سورة الجمعة، آية: 2.
- ↑ نبيل السمالوطي (1998)، بناء المجتمع الإسلامي (الطبعة الثالثة)، دمشق: دار الشروق للنشر والتوزيع والطباعة، صفحة 123-131. بتصرّف.
- ↑ سورة فصلت، آية: 53.
- ↑ سورة الأعلى، آية: 14.
- ↑ محمد منير مرسي (2005)، التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية، : عالم الكتب، صفحة 79-84. بتصرّف.
- ↑ عدنان بن سليمان بن مسعد الجابري (1433/ 1434هـ)، أسلوب الحوار من خلال سيرة مصعب بن عمير – رضي الله عنه – وتطبيقاته التربوية ، المدينة المنورة: قسم التربية – الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 50-53. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 21.
- ↑ سورة الزلزلة، آية: 6-8.
- ↑ الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، المدينة المنورة: موقع الجامعة على الإنترنت، صفحة 209-210، جزء 46. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 17، جزء 181. بتصرّف.