'); }
اقتصاد السوق
اقتصاد السوق هو نوع من أنواع الأنظمة الاقتصاديّة؛ حيثُ يحصل فيه الأفراد والمنشآت على حُرّية في تبادل الخدمات والسلع ونقلّها دون أي حواجز، وتُخصَّص الموارد عبر هذا النظام من خلال الاعتماد على مؤسّسة السوق، وآلية الأسعار المرتبطة بمعادلة الطلب (الاستهلاك) والعرض (الإنتاج)، دون وجود أيّ تدخل من الدولة في العملية الإنتاجيّة،[١] ويُعرَّف اقتصاد السوق بأنّه نظام اقتصاديّ قائم على منح الحريات للأفراد؛ أيّ لهم الحق في ممارسة النشاطات الاقتصاديّة التي يريدونها، كما يعتمد على الملكيّة الخاصة للوسائل المستخدمة في الإنتاج، ويُطلق عليه أيضاً اسم الاقتصاد الحُرّ.[٢] من التعريفات الأخرى لاقتصاد السوق هو نظام تعتمد فيه القرارات الاقتصاديّة وأسعار الخدمات والسلع على التفاعلات بين شركات الأفراد في دولة ما.[٣]
نشأة اقتصاد السوق
تعود نشأة اقتصاد السوق إلى العالِم الاقتصاديّ فريدريش هايك؛ حيث سعى إلى تصميم هذه النظرية لمواجهة الاقتصاد الكينزي والذي يعتمد على التدخل الحكوميّ للمحافظة على استقرار السوق، فرفض هايك التدخلات الحكوميّة في الأسواق مُعتبراً أنّ السوق قادر على تصحيح نفسه بشكل ذاتيّ، مع قدرته على تحقيق الرفاه والحرية لكافة الأفراد بعيداً عن أيّ قيود؛ لذلك اعتبر أنّ هذا النوع من الأنظمة الاقتصاديّة يُشكّل ضمانة مثاليّة للرأسماليّة التي تُساهم بتحقيق الازدهار للناس.[٤]
'); }
نظريات اقتصاد السوق
يعتمد اقتصاد السوق على نظريات تهدف إلى دراسة مضمونه وأدائه، كما تحاول تفسير الأمور المتعلقة بالقيمة التبادليّة للسلع، أو المعروفة باسم السعر السائد، وفيما يأتي معلومات عن النظريات الرئيسيّة لاقتصاد السوق:[٥]
- النظرية التقليديّة: هي نظريّة فكريّة مرتبطة بالمفكّرين الاقتصاديين آدم سميث، وديفيد ريكاردو، ووليم بيتي؛ حيث اهتمّوا بدراسة الأداء الخاص باقتصاد السوق، ووفقاً لهذه النظرية فإنّ قيمة السلع تُحدّد بناءً على كمية العمل المُخصص لإنتاجها، ولا تُطبّق عمليّاً إلّا بعد تنفيذ عملية التبادل، والوصول إلى سعر السوق الذي يتأثر بالتقلبات المرتبطة بتغيُّر الظروف، وطبيعة السلوك الخاص بكلٍّ من التُجار والمستهلكين، وهما قوتان تتعارضان مع بعضهما، فعند التقاء مصالحهما معاً يُنتج سعر السوق، ويُعدّ تحقيق التوازن في تبادل السلع شرطاً مهمّاً لاستمرار المنتجين في تطبيق العملية الإنتاجيّة، كما يُؤثّر ظهور أيّ تغيّرات في الطلب والعرض على سعر السلعة، فقد يقلّ أو يزداد أو يتساوى مع قيمتها.
- النظرية الماركسيّة: هي نظريّة فكريّة مرتبطة بالمفكّر كارل ماركس؛ حيثُ استخدمها لانتقاد النظرية التقليديّة (الرأسماليّة)، واعتمد عليها في شرح اقتصاد السوق من خلال استخدام أسلوب الجدليّة الماديّة لتحليل هذا الاقتصاد، كما اتّفق مع أصحاب التيار التقليديّ حول تحديد قيمة السلعة بالوقت المبذول في العمل على إنتاجها، ولكنها ليست علاقة أبديّة بل تخضع لتغيرات متنوعة مع تغير الشروط السائدة في المجتمع، واهتمّ ماركس بشكل كبير في وجود رؤوس الأموال ضمن أيدي قلّة من المنتجين، وتحكُّمهم في تحديد القيمة الخاصة بالسلع ضمن الأسواق، والطُّرق المستخدمة في توزيع الأجور؛ حيث تمتلك النصيب الأكبر من الدخل -على شكل أرباح- مجموعة من القلّة الخاصة بأصحاب رؤوس الأموال، وفي المقابل تكتفي الأغلبية من العُمّال بالحصول على أكبر نصيب من الدخل على شكل أجور.
- النظرية الحديّة: هي نظرية فكريّة تتبع للمُفكّرين الرأسماليين الجُدد، مثل: فون بافرك، وألفرد مارشال، وترى هذه النظرية أنّ اقتصاد السوق يظهر نتيجةً لعلاقة بين الأفراد والأشياء؛ بمعنى الاهتمام بالتركيز على منفعة السلعة، وتساهم هذه المنفعة بتحديد قيمة السلعة؛ لأنّ الإنسان يبحث بشكل دائم عن طريقة لإشباع حاجاته وتحقيق أفضل الأرباح، فيسعى إلى تحديد قيمة شيء معيّن بالاعتماد على المنفعة الحديّة التي من الممكن تحصيلها منه؛ إذ تُعبّر القيمة الحديّة عن العلاقة بين السلعة والإنسان، فعندما تزداد الحاجة الإنسانيّة إلى سلعة ما يؤدي ذلك إلى زيادة قيمتها؛ لذلك يهتمّ اقتصاد السوق بتحقيق أفضل الأرباح بالاعتماد على إنتاج سلع قابلة للتداول، وتساهم في تلبية رغبات وحاجات الأفراد من المستهلكين.
مبادئ اقتصاد السوق
ساهمت النظريات الاقتصاديّة بوضع مجموعة من المبادئ التي أدّت إلى تشكيل القانون الخاص باقتصاد السوق، وفيما يأتي معلومات عن هذه المبادئ:[٥]
- الملكيّة الخاصة للوسائل الإنتاجيّة: هي اشتراط نظام اقتصاد السوق أنّ تكون ملكية وسائل الإنتاج للأفراد، وتشكّل هذه الوسائل رأس المال الرئيسيّ المعتمد من خلال هذا الاقتصاد؛ لذلك يحصل الأفراد على حق ملكيّة هذه الوسائل والتحكم بها، واستخدامها وفقاً للأشياء المناسبة لمصالحهم الفرديّة، كما يمتلكون الحق في تداول المنتجات في السوق بهدف الحصول على الربح؛ ممّا يؤدي إلى احتكار مجموعة من الأفراد للفائض الاقتصاديّ مقارنةً بالأفراد غير المالكين لهذه الوسائل والذين يحرصون على العمل مقابل الحصول على راتب مُحدد.
- حُرية التبادل التجاريّ والإنتاج: هي اعتماد اقتصاد السوق على التداول العفوي أو التلقائي المُتأثّر بالقوى المختلفة للسوق؛ حيث يهتمّ أصحاب رؤوس الأموال بإدارة مشروعاتهم وفقاً لمصالحهم الخاصة، فيمتلكون الحرية في اختيار طريقة التداول التجاريّ والإنتاج؛ بما أنّ الهدف الرئيسي هو الوصول إلى أكبر كمية ممكنة من الربح.
- صياغة الأسعار بناءً على الطلب والعرض: هي من المحاور الأساسيّة التي يهتمّ بها اقتصاد السوق؛ حيث يلتقي التُجّار والمستهلكون معاً من خلال التقاء الطلب والعرض الخاص بالسلع، كما تُمثّل الأسعار النقطة المركزيّة للالتقاء بين أطراف السوق.
- الحصول على الأرباح في ظلّ الاحتكار والمنافسة: هي من أحد أهمّ الخصائص المرتبطة بالنشاط الاقتصاديّ لاقتصاد السوق، فيتمّ الحصول على ربح عيني أو مادي في ظلّ وجود منافسة كاملة، وعدم ظهور أيّ قيود تُحدّد أسعار السلع، كما يسعى أصحاب رؤوس الأموال إلى التجمُّع معاً ضمن احتكارات تُساهم في تقليل التأثيرات السلبيّة الناتجة عن المنافسة المرتبطة بمشروعاتهم، ويظلّ الهدف النهائيّ من هذه الاحتكارات هو مواجهة المنافسة داخل الأسواق.
المراجع
- ↑ “ما هو اقتصاد السوق؟”، موسوعة الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2017. بتصرّف.
- ↑ وليد أبو سليمان (2-2-2015)، “ما هو الاقتصاد الحر؟”، العربي الجديد، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2017. بتصرّف.
- ↑ “Market Economy”, Investopedia, Retrieved 28-5-2017. Edited.
- ↑ هشام البستاني (20-10-2008)، “خرافة اقتصاد السوق الحرّ”، صحيفة الأخبار – لبنان، العدد 655، الموقع الإلكتروني لصحيفة الأخبار. بتصرّف.
- ^ أ ب ماهر ملندي، “السوق (اقتصاد-)”، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2017. بتصرّف.