تعبير عن الأم
قال الشاعر:
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها
-
-
-
-
- أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
-
-
-
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا
-
-
-
-
- بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ
-
-
-
الأم لا تقدر بثمن ولا يعوّض جهدها بجهدٍ أو مال، هي التي إن طال الزمان أو قصر لن تستطيع أن توفيها كامل حقها مهما اجتهدت، فهي الحانية، وهي المعلمة، وهي الممرضة، وهي من ترعى أمور ملبسك ومأكلك ومشربك، وهي أصل الحياة ومحورها.
حملتك وهناً على وهن، حنى إذا كنت في أحشائها أكلتَ من طعامها الذي يأتيك مهضومًا جاهزًا، فكبرت يومًا بعد يوم على حساب ما تشعر به هي من ثِقل في بطنها، وضيق في صدرها يحول بينها وبين أن تتنفس، حتى تكبر أنت في رحمها، وتأتي الساعة التي ستلقاك فيها بعد أن كلمتك كثيرًا، ومسحت على جسدك إذ تتحرك في بطنها مشاكسًا، وتأتي أنت على الدنيا بعد أن توجعها وجعًا جماً تنساه فور رؤيتك، فتبسم وتبكي وتبدأ باستجماع قواها شيئًا فشيئًا حتى تقوى على رعايتك في دنياكَ التي أقبلت إليها.
وتبدأ رحلة جديدة لك مع امك، فتراها ترعاك ليل نهار، وتخاف عليك من النسمةِ الرقيقة، وتُكابد السهر إذا مرضت، وتشعر بالراحة إن شُفيت، وتفكر إن ضاق عليها العيش كيف ستطعمك وأخوتك، وكيف السبيل لتجعلك تكبر وتكبر، فتعلّمك الحروف الأولى كما علّمتك الخطوات الأولى، وتسير أنت في الحياة وتكبر، ويكبر حلم أمّك فيك أكثر، وتنظر إليك وأنت الطفل العائد من المدرسة وتبتسم، وتنظر إليك وأنت الشاب الذي يتحدث عن المستقبل وتبتسم، وتنظر إليك وأنت تتأهل للزواج وتبتسم وتبكي فرحًا لما آل إليه ابنها، وتنتظر أحفادك لتعيد لنفسها ذكرياتٍ كان محورها أنت، أنت الطفل وهي الأم، وأنت طفلٌ في عينها مهما كبرت، طفلٌ استبدل حليب الأطفال بالقهوة.
قد تتصادم أفكارك يومًا مع أفكار أمك، لكن راجع نفسك كثيرًا واعلم أنها أمك التي أنجبتك، هي التي جعلت لوجهك فرصة أن يرى هذه الحياة، فاحرص على برّها ما استطعت واخشَ من فقدانها فإنك إن فقدتها لن تعوضها بكل مال وأهل الأرض، فيارب احفظ امهاتنا جميعًا وارحم الأموات منهنّ وأسكنهنّ فسيح الجنان.