جديد تطوير المنتج التعليمي

'); }

السياسة التعليمية

وتأهيل المنتج التعليمي لسوق العمل

خطة بناء لثلث المجتمع بوجود الشخصية الخلاقة المعتمدة على نفسها

(تحصين المنتج التعليمي ضد المخاطر المستقبلية) تأهيل الطلاب للاعتماد على أنفسهم في الحصول على وظيفة وكيف يكون أبا وزوجا وأما وزوجة ومواطنا ناجحا في وظيفته؟ وفعالا في المجتمع

'); }

مقدمة

لقد حازت قضية ضعف المنتج التعليمي وعدم ملاءمته لسوق العمل، وعدم الاعتماد عليه بصورة مباشرة دون تأهيله للمهام التي تناط به في الحال والمآل، فضلا عن كونه منتجاً لا يستطيع تحمل مسؤولية نفسه أو مسؤولية تكوين أسرة والتعامل مع الآخر واحترامه والاختلاف معه في الرأي والقدرة على التسامح ومساعدة الآخرين والتفكير الخلاق -إلا النزر اليسير- ومسائل كثيرة من هذا القبيل، والباحث يتساءل كيف يقضي الإنسان مدة 22 سنة من عمره في محاضن التعليم المختلفة (الحضانة والابتدائي والإعدادي والثانوي والجامعي) كل هذه السنوات وهذه المراحل ولا يتخرج الغالبية العظمى من طلابنا على كفاءة عالية من التقدم والتحضر والرقي والإبداع؟

فعلماء التربية قد ابتكروا ونظروا وعملوا على الجودة والمناهج المتكاملة والمناهج المترابطة والتعليم الخدمي والتعليم التعاوني ومراعاة الفروق الفردية والتقويم المستمر والاستثمار في التعليم وجودة المنتج ومخرجات التعليم والحصيلة العلمية … ولكن ما زالت المجتمعات والمؤسسات المحلية والدولية تشتكي عدم ملاءمة المنتج لسوق العمل ، لذا نحاول في هذه الورقة الإجابة على هذا التساؤل وكيفية تحصين المنتج التعليمي ضد المخاطر والآفات المستقبلية وكيفية تكوين منتج قوي فكرياً وصحياً وتكنلوجياً تتلقفه الشركات والمؤسسات عند تخرجه؟ فالجميع في خدمة هذا المنتج (الإدارة والمعلم والمنهج والمشرف التربوي والمباني والأسرة) حتى يستطيع حمل المسؤولية في المستقبل وقادر على تطوير نفسه وتطوير عمله وتطوير وتوجيه من يعول والتأثير الايجابي في المجتمع بأسره فلا يمكن ونحن في عصور التقدم الهائل والامكانات الكثيرة أن نترك تدريب وتربية وتعليم المنتج للصدفة أو للظروف أو لكسب خبرة من أناس غير مؤهلين – ففاقد الشيء لايعطيه – أو نتركه لوقت تخرجه فنعمل له دورة أو دورات فالوقاية خير من العلاج.

وقد قسمت هذا المشروع إلى النقاط التالية:

أولا: عرض المشكلة. (لماذا تحصين المنتج ؟)

ثانياً: خطورة المشكلة وأهميتها. (ما الضرورة لتحصين المنتج؟).

ثالثاً: حل المشكلة على صعيدين: بناء الشخصية وسوق العمل. (مراحل تحصين المنتج؟)

رابعاً: طريقة تنفيذ مشروع تحصين المنتج. (كيفية تحصين المنتج؟).

أولاً: حقيقة المشكلة

في كل عام تتخرج في الجامعات والمعاهد العليا جيوش جرارة من الخريجين (المنتج التعليمي أو المخرجات التعليمية) وكل هذه الأعداد -إلا القليل منها- ليس عنده ما يؤهله ويعينه على تحمل المسؤولية تجاه نفسه أو أسرته أو عائلته أو المجتمع لسبب بسيط أنه قد درس مقررات دراسية في جميع المراحل التي مر بها تفتقد لما يؤهله للحياة العملية أو للوظيفة، فهي مقررات لا تمت إلى التحديات والاحتياجات التي تقابله في واقع الحياة بصلة.

فهو لم يتعلم كيف يعتمد على نفسه في البحث عن وظيفة، وهو غير مؤهل لتلك الوظيفة -بشهادة أصحاب العمل- وقد يطلبون منه بعض التأهيل لنفسه في اللغات أو الكمبيوتر أو الإدارة فإذا أفلح في الحصول على هذه المؤهلات تكون الفرصة قد فاتت منه وضاعت عليه. المشكلة لماذا يحتاج إلى تأهيل بعد أن قضى كل تلك السنين في مراحل التعلم والتربية؟! وماذا كان يفعل طيلة السنوات الماضية؟ ألم يرسله والده إلى مؤسسة التعليم والتربية لهذا الغرض؟!

وإذا كان سوق العمل أو المؤسسة التجارية أوالاقتصادية قد طلبت منه التأهيل؛ فإن المؤسسة الاجتماعية لا تستطيع أن تطلب منه أن يعد نفسه أو يؤهلها كي يكون زوجاً أو أباً أو جاراً يحسن التعامل مع جيرانه؛ فالمنتج في حياته الأسرية كلما تقابله مشكلة يلجأ في حلها إما إلى أصدقائه أو إلى خبرة والده في شؤون أسرته… وكلا الطرفين غير مؤهلين للقيام بدور التوجيه والإرشاد فيقدمان له خبرة مخطئة مدمرة للأسرة وللمجتمع بأسرة.

باختصار المنتج غير ناضج من الناحية الاجتماعية فضلا عن كونه لا يحسن أو لا يعرف كيف يكون سوياً مع الناس ومع أهله (ضعيف الثقة بنفسه، وضعيف الإرادة وعديم القدرة على التفكير الخلاق، عنده أنانية وحسد وحقد، وغير قادر على العطاء وغير قادر على التضحية فهو عدو للناجحين، وعدو لنفسه وعدو المجتمع… هو كتلة من الأمراض النفسية وكتلة من الفيروسات القاتلة.

فمتى نقدم منتجاً قادرا على على تحمل المسؤولية خالياً من الأمراض النفسية والاجتماعية وخالياً من الفيروسات فتتعامل معه وأنت آمن من جانبه. خاصة وأن كل مؤسسات المجتمع المدني وغير المدني ترغب في ذلك.

ثانياً: خطورة المشكلة وأهميتها. (ما الضرورة في تحصين المنتج).

تكمن خطورة الموقف وأهميته فيما يلي:

أن المؤسسة التعليمية وظيفتها إمداد جميع مؤسسات المجتمع على تنوعها واختلافها بالمتنج المناسب فيتطلب ذلك العناية الفائقة بجميع جوانب تكوين المنتج، والمؤسسة التعليمية هي الجهة الوحيدة القادرة على تأسيس عقلية المنتج وترتيب أفكاره وأولوياته وإمداده بالمهارات اللازمة له أثناء رحلته الحياتية بشكل صحيح ومنظم. وأما الجهات الأخرى التي لها أثر في التربية مثل الأسرة أو الشارع أو التلفزيون فلا تملك الإمكانات أو الاستراتجيات أو الوعي بما يحتاجه المنتج فضلا عن الانحرافات السلوكية والفكرية التي قد تكون سببا فيها.

هذه القضايا تتعلق بالأمن الثقافي والفكري والأمن الصحي والأمن الاجتماعي المتمثل في أمن الأسرة الذي يكون منه الأمن الوطني أو القومي.

جميع مؤسسات المجتمع تشتكي من هذا المنتج مشاكل العنف وتعاطي المخدرات والتحرش الجنسي والاغتصاب … إلى غير ذلك من المشكلات الخطيرة التي لا تحتمل التأجيل، لقد أصبح الطالب غير مبال بما يحدث له جراء هذه الجرائم سواء من أضرار نفسية أو صحية أو قانونية لسبب أنه لم يدرك المسؤولية وعنده حالة لا مبالاة شديدة.

إن المسألة أكبر من التدين أو الأخلاق، والمشكلة تكمن في انهدام البناء الأساسي للشخصية السوية، ولا يعالج هذا إلا ببناء شامل للتوعية بالصحة الجسدية والصحة النفسية والأخلاقية والدينية والأسرية والوالدية والثقافية والفكرية الإبداعية والفاعلية في المجتمع، والشخصية القادرة على تحمل المسؤولية.

الطالب فيما سبق كان يرتكب الأخطاء والانحرافات ولكن مع الخجل والاختفاء والتظاهر بالاستقامة فكان سرعان ما يؤوب لرشده قبل فوات الأوان، أما الآن فيرتكب ما يشاء جهرا دونما خجل أو وجل، ويفتخر بذلك مما جعل العلاج عسيرا وانتشار المرض عند باقي الطلاب ممكنا ومرغوباً.

إنهم يتخرجون للمجتمع غير ناضجين، غير أسوياء، وربما حاقدين على غيرهم وكيف نطلب منهم أن يكونوا جادين في أعمالهم ومبدعين، وذوي أخلاق عالية… ونحن لم نعطهم المصل الواقي، تماما مثل الطفل الذي قصرت أمه وأهملت تطعيمه ضد الشلل فخرج إلى المجتمع مشلولا مريضا، فكذلك أطفال المدارس وطلاب الجامعات لم يحصلوا على المصل الكافي ضد الأمراض الفكرية والسلوكية المختلفة؛ فنتيحة الأمر أن يكونوا مُشوَّهي الفكر، مشوَّهي الثقافة، مشوَّهي الأخلاق، مشوَّهي التعامل مع الآخرين، غير أسوياء في تعاملهم مع الإنسان والكون.

من المسؤول عن هذه الحالة التي آل إليها منتَج مؤسسات التربية والتعليم؟ لو كان المسؤول شخصا لقدمناه للمحاكمة … وقديما قال عمر لو كان الفقر رجلا لقتلته، ولو كان الجهل رجلا لقدمناه للمحاكمة. ثالثاً :حل المشكلة على صعيدين. (كيفية تحصين المنتج؟)

أولا: مقررات بناء الشخصية.

إن النفس البشرية عند تكوينها وإعدادها تحتاج إلى وجود قناعات ومسلمات وهذه لا يمكن لها أن تستقر في الإنسان ويتعود عليها وتصبح عادة لصيقة بها ولايستغني عنها وملكة وسجية له إلا إذا تعرف عليها في سن التعليم وتدرب على تطبيقها في روية لا على عجل. والمنتج الذي نريده فعالا وقادرا لابد أن نعلمه وندربه على هذه الملكات في التفكير والثقة بالنفس وغير ذلك ولا يمكن ذلك إلا عن طريق مقررات دراسية أساسية لكل طالب غير اختيارية لها ساعات معتمدة ويجرى فيها امتحان، وتطلب فيه بحوث وواجبات بحثية وميدانية وعليها علامات مؤثرة على التحصيل الشامل، ولا تدخل تحت مواد السلوك لأنها مقرر دراسي. ولا نكتفي بالدورات أو النشرات أو المجلات الحائطية أو المحاضرات العامة؛ فكلها قد أثبت فشلها في بلوغ المراد وتأثيرها ضعيف في مرحلة تأسيس المنتج وهي نافعة للمعلمين وأساتذة الجامعات.

وقد وجدت أن تزويد المنتج بما يساعده على مواجهة الصعاب والعقبات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والسياسية هو أولى الأولويات وذلك من خلال المتخصصين. فطالب اليوم هو معلم الغد وكل ما نعلمه له سيفيد في كونه مربيا في أسرته وفي المدارس والجامعات والمستشفيات والشركات والوظائف المدنية والعسكرية والمناصب الرسمية في المستقبل القريب.

مقرر الجدية والانضباط والاعتماد على النفس

-تطبيق منهج الكشافة العالمي في جميع المدارس والجامعات سيعلم الشباب الاعتماد على النفس وتحمل المسئولية والجدية في العمل واحترام الغير واحترام القانون والقيام بواجبه على أكمل وجه.

هكذا عملت ماليزيا وسنغافورة الدولة الأولى في التعليم على مستوى العالم.

مقرر التثقيف الصحي:

لابد من تعليم المنتج (الطالب) كيفية المحافظة على صحته وصحة المتعاملين معه وخصوصا أبناءه وزوجه. وقد أكدت منظمة الصحة العالمية أن ثلث المرضى في العالم أصيبوا بالأمراض نتيجة عدم الوعي الصحي، ولو أن الوعي توفر لهؤلاء لما أصيبوا. ويعد انتشار الكثير من الأمراض نتيجة لسلوك خاطئ، ومن هنا فإن التثقيف الصحي هو حجر الزاوية للوقاية من هذه الأمراض، بل هو أول أنشطة تعزيز الصحة فمن خلاله يتم الارتقاء بالمعارف والمعلومات وبناء التوجهات وتغيير السلوكات الصحية. والوعي الصحي أن تكون مدركاً لطبيعة جسمك وكيف تشعر به، حتى تتمكن من ملاحظة أي تغيرات فيه. والجهل بقواعد الصحة، وتداول الأفكار الخاطئة وعدم معرفة مصادر الأمراض يؤدي إلى انتشار الأمراض الفتاكة. ومن مظاهر عدم الوعي الصحي التعاطي السلبي مع الأدوية، بشرائها دون وصفة من الطبيب، أو عدم تناولها مطلقا، أو وضعها في متناول الأطفال، أو الإسراف في تناولها دون حاجة أو مقادير طبية.

– مقرر التفكير الإبداعي إن تنمية الشخصية لا يحتاج إلى مال ولا إمكانات ولا فكر معقد، وإنما الحاجة تكمن في الإرادة الصلبة والعزيمة القوية. إن الثقة تكتسب وتتطور ولم تولد الثقة مع إنسان حين ولد. عندها تسعى لتكون لك قيمة وهدف سام ترجو تحقيقه، والحياة دون أهداف ليس لها معنى.

– مقرر إدارة الذات (تكنولوجيا النجاح) علموا المنتج كيف يكون ناجحاً في الحياة لكل إنسان عيوب وهي تحد من النجاح.. كيف تتخلص من عيوبك ؟ تنجح في إدارة ذاتك، وفي تعاملك مع نفسك كيف أبني الثقة في نفسي؟ (إن الإبداع بركان خامد داخل كل فرد يثور متى ما توفرت الظروف المناسبة)

-مقرر كيفية الانجاز السريع

يتعلم المنتج كيفية الانجاز السريع لواجباته مع اتقانها بصورة مشرفة ومبهرة حتى يكون ذلك ملكة في نفسه فيقوم بواجبه نحو والديه وواجبه نحو دراسته وواجبه نحو ربه وواجبه نحو ظيفته ونحو وطنه دون تأجيل فالتأجيل مرض المتخلفين فيعمل ذلك دون تفكير أو عناء لأنه نشأ على ذلك.

-مقرر كيفية التعامل مع الآخرين

تأهيل المنتج لإدراك كيفيات التعامل مع الآخرين وحدود العلاقة بهم ومساحة الحرية التي تضر بالمتعاملين معه سواء أفراد أسرته أوأصدقائه أو جيرانه أو زملائه الذين من جنسه أو من جنس آخر، من وطنه أو من خارج وطنه، من دينه أو من غير دينه … بتدريسه مقررا دراسيا يفيد في كل ذلك. تجد هذا المنتج ضعيفا في اتصاله مع الآخرين، ليس محاورا جيدا حتى يكسب الآخرين بل يخسر الجولة تلو الجولة ويصاب بالاكتئاب والإحباط، ليست عنده قدرة على تجاوز المواقف الاجتماعية مع والديه وإخوته وزوجته وأبنائه ورؤسائه في العمل وزملائه وكل المحيطين به فدائما يلجأ للانتقام والثأر من المخالفين له وتدبير المكائد.

فلا بد لتأهيل المنتج من الاعتناء في المقررات الدراسية بالمحاور التالية:

الأول : الصحة النفسية.

الثاني: التفكير الإبداعي.

الثالث: الإدارة والقيادة وإدارة الذات.

الرابع: البرمجة اللغوية العصبية. مقسمة على مراحل بما يتناسب مع سن الطالب.

ومن المشكلات الاجتماعية التي تتخبط فيها الأسرة المعاصرة المشاكل بين الزوجين، ومردها إلى عدم معرفة التعامل السديد والمناسب مع الطرف الآخر في العلاقة الزوجية، بداية من اختيار الشريك المناسب إلى مرحلة العيش المشترك قبل مجيء الأبناء وبعد وجودهم، والمشاكل مع الوالدين، ومشاكل المعاشرة الجنسية، وأقترح لعلاج هذا النقص في التكوين الاهتمام بمقررات إجبارية تتضمن ما يأتي:

– مقرر التوعية الأسرية

تدريس التوعية الأسرية قائم على أن بناء الأسرة السعيدة يجب أن يبدأ من قاعات الدرس بحسن إعداد الطلاب لمستقبل زوجي أفضل، وهو قائم على أن مؤسسة الأسرة تدار وفق مهارات معينة يمكن تعليمها وتعلمها. فيجلي هذا المقرر للزوجين هدف تكوين الأسرة وطرق الحفاظ عليها، كما يكسبهما مهارات الاتصال بينهما، ومهارات تربية الأولاد، وأسباب الضغوط النفسية وكيفية التعامل معها، وسبل علاجها إلى غير ذلك من القضايا.

– مقرر التربية الوالدية

وهو مقرر يعنى ببيان طرائق ومهارات التربية، فتشمل المنطلق الفكري الذي يجب أن ينطلق منه الوالدان ليكتسبا تصورات علمية عن حاجات الطفل ومراحل نموه وكفاءاته وقدراته واحتياجاته ورغباته، وكيفية التجاوب الإيحابي الفعال مع تلك العناصر كلها، بما يترجم إلى أفعال وممارسات تربوية واعية ومدروسة تجاه هذ الطفل. مقرر الأمن الثقافي والفكري

لابد أن يوجه الطالب منذ المراحل الأولى للدراسة إلى حب المطالعة والقراءة، خاصة في المرحلة الجامعية، ولابد لذلك من العناية بالثقافة الجامعية والاطلاع على المجلات والصحف المحلية والعالمية، والتدريب على الكمبيوتر والبحث العلمي.

– مقرر التحصين الديني والأخلاقي

يجب أن يتعلم أساسيات دينه في كتاب مبسط يكون الهدف الأساس منه معرفة الفرائض والبعد عن المحرمات وبعض الآداب -كل على حسب دينه -ولا مانع أن يتعرف طالب الجامعة في السنوات الأخيرة على نبذة عن جميع الأديان والمذاهب الفكرية.

فغاية التأهيل والتحصين هي إعداد الفرد المنتج في المجتمع:

تهدف عملية إلى تحصين المنتج إخراج منتج يتفاعل تفاعلا مثمرا مع المجتمع والحياة، فيجد الحلول لمشكلات الحياة ويتغلب عليها وينجح في أداء دوره في حياته الشخصية والأسرية والاجتماعية، ومن أجل ذلك لا بد من العمل على العقول والأفكار ابتداء لأن ذلك هو مولد النجاح، فالعقول والأفكار تشكل البيئة التي ينمو فيها الإنسان ويكتسب خبراته، فكيفما كانت أفكاره التي تشكل عقله تكون خبراته الحياتية. وفي هذا المضمار لابد من الاعتناء بالصحة النفسية للنشء لأن الاعتناء بها يؤدي إلى امتلاك القدرات والمهارات التي تمكن الفرد من مواجهة التحديات اليومية بالشكل المناسب .

– مقررات التخصص النابعة من سوق العمل

والأفضل أن تطلب الجامعات من المؤسسات التي سيعمل بها المنتج المواصفات والأسس والمهارات والمعارف التي ينبغي أن تكون عند هذا المنتج. إذا تعلم المنتج ماسبق فإنه سيحسن اختيار تخصصه الذي يأمل أن يكون ناججا فيه ومبدعا ومفتخرا. فالمشكلة أن منتجنا لم يعرف أي كلية يدخل وأي تخصص يدرس؟ فهذه مأساة! ناتجة عند عدم التكوين وفق أهداف مرحلية تتناسب مع سن الطالب منذ مرحلة الروضة والابتدائية إلى المرحلة الجامعية.

وعند التخصص يجب على الجامعة تأهيله في هذا التخصص بحيث يكون قادرا على أداء وظيفته التي يمتهنها فلا يطلب منه السوق زيادة في التأهيل من دورات وبرامج إذ الجامعات قادرة على توفير وقت المنتج وتأهيله، فأربع سنوات في رحاب الجامعة والالتقاء بأحسن العلماء والأساتذة كاف لتكوين شخصية متكاملة خاصة في هذه المرحلة الحساس من حياة الإنسان، تحصنه من الكسل والفساد الجسمي والفكري، فيكون محصنا من الدخول في تيارات فكرية متطرفة لا تأتي للوطن إلا بالويلات والفساد في جميع الأصعدة. اسمحوا لي أن أقول لكم إن الإنسان يخرج إلى الحياة وهو مزود الأساسيات التي تلزمه لبناء شخصيته وحياته وعمارة الأرض والإصلاح فيها، فمثله مثل الكمبيوتر الجديد فيه (الدوز) ثم يحتاج إلى تحميل برنامج (وندوز وأوفيس) وسائر البرامج الأخرى حسب طبيعة العمل الذي يراد منه.

فالغباء ليس فطرة وحب الشر والانحراف ليس فطرة في الإنسان، والعاجز الحقيقي هو عاجز العقل، والعاجز الحقيقي هو الذي لا يفكر وما رأيت في عيوب الناس عيبا كعجز القادرين على التمام.

لا يمكننا أن نطلب من الأجيال النائشة أن يتحملوا مسؤولياتهم ونحن لم نعمل على تربيتهم وتعليمهم وتدريبهم بما يمكنهم من القيام بدورهم على أحسن وجه، هنالك يخرج المنتج الذي يحمل هم نفسه وهم أسرته وهم وطنه لا أن يحمل الوطن همومه ويكون عالة على الآخرين. فالإنسان مؤهل لتحمل مسؤولياته والاضطلاع بها على أحسن ما يكون شرط أن يتعلم ذلك، فإذا تحملنا مسؤولياتنا أمام النشء عند تربيته في سني حياته الأولى تحمل المسؤولية فيما بعد عنا، أما إذا أهملناه فإننا سنتحمل مسؤوليته عندما يشب وتواجهه مشكلات الحياة.

من هنا فإن صناعة الحضارة وبناء المجتمعات لا يكون بكثرة البنايات وطولها وما إلى ذلك من المظاهر، ولكن بتأهيل أفراد المجتمع وتوجيههم ليكونوا رجال المستقبل، فالتنمية البشرية هي الوحيدة التي تحفظ المجتمعات وتضمن رقيها وازدهارها.

الذي يحدث الآن أن المجتمع يمشي بأقل من ربع طاقته وباقي الطاقات معطلة أو مهدرة بسبب أنها لم تتعلم كيف تستخدم طاقتها بشكل صحيح وأصبحنا كما قال الشاعر:

كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

إن الاهتمام بالتنمية البشرية وحماية المنتج التربوي من المفاسد الفكرية والسلوكية والاجتماعية سيوفر جزءا كبيرا من الميزانيات في الصحة والمنشآت العامة والمحاكم، والأجهزة الأمنية لمكافحة الإرهاب والرشوة والغش والخيانة وغيرها من المشكلات الناتجة عن انحرافات في التكوين والتربية، وسيؤدي إلى احترام القانون، والتصرف بوعي مع المنشآت العامة، والتفاعل الإيجابي مع الحياة.

رابعاً: طريقة تنفيذ مشروع تحصين المنتج. (كيفية تحصين المنتج؟).

إن مسألة تحصين المنتج لا تحتاج إلى معجزة ولكن نبدأ بوضع المناهج والمقررات ثم العمل بهمة وابتسامة وأمل مثل ابتسامة الأم عندما تأخذ ابنها إلى الوحدة الصحية لإعطائه التطعيم المناسب له فالأم عندها قناعة والابن عنده قناعة لماذا لأنه لا مفر ولا خيار إما أن يأخذ التطعيم وإما الشلل أو الأمراض العقلية .

أيها السادة وأيتها السيدات،

إن الأمر أخطر من إعاقة الأطفال فإن إعاقة الكبار أشد وأفتك فالأمراض الصحية مثل: السرطان والإيدز والإدمان والأمراض النفسية مثل ضعف الإرادة وضعف الثقة وعدم التفكير الايجابي والأمراض الاجتماعية مثل الحسد والرشوة والأنانية والعجز عن التعامل مع الناس والزوجة والأطفال … الخ إعاقات حقيقية للمجتمع برمته.

يجب على المدرس والمدير والموجه معرفة أنه في مهمة خاصة للغاية مثل رجال المهمات الخاصة. انظر كيف يهتمون بمهمتهم ويؤدونها على أكمل وجه ولا يشغلهم شاغل عن مهمتهم ويؤدونها بعزة وكرامة وافتخار يمشي في الطريق يعتز بنفسه وأسرته تعتز به . أنت أيها المعلم يجب أن تكون كذلك وأكثر لأنك الذي تربي وتخرج أصحاب المهمات الخاصة أقترح أن يلبس المدرس زي خاص أو يلبس الرداء الأبيض الذي يلبسه الأطباء فهم أطباء العقول والقلوب والأرواح …

فالطبيب إذا قصر مات شخص واحد والأستاذ إذا قصر أو أهمل في نفسه أو طلابه خرب جيلا بأكمله. هل رأت طبيباً يعطي المصل أو الدواء وهو غير مبتسم ؟

انظر للطلاب على أنهم جاؤا لأخذ المصل الواقي من الانحراف المستقبلي هنالك ستشفق عليهم، هم يحتاجون إلى وجود قناعات نفسية وعقلية. هل تظن الطالب الذي يفعل المخالفات راض أو واع بتلك المخالفات … هو مريض ولا يدري أنه مريض أو يدري وهو عاجز عن السعي للشفاء هم دائما في اللاوعي فلابد أن نعيدهم الى الوعي.

أقبل على وظيفتك بحب واملأ المركز الذي تشغله بشخصية فاعلة مؤثرة مبادرة محبوبة للزملاء وللمنتج.

التوصيات

1- العناية بمقررات بناء الشخصية الإنسانية.

2- مقررات التخصص النابعة من سوق العمل.

3- المعلم المبدع في تعامله مع الطلاب وفي توصيله للمعلومة وفي ثقافته حول مادته. وطريقة تدريس هذه المقررات تكون بالتعليم الذاتي والمشاركة الفعالة وليس بالتلقين.

4- الإدارة الفاعلة والمبتكرة غير المتسلطة أو المتربصة.

5- الإشراف المشارك في المسِؤولية مع المعلم.

6–مادة التمثيل المسرحي التي تدرس لطلاب المسرح حيث أن المدرسة هي مسرح لهذا المعلم .

7- اضافة أناشيد كثيرة لحب العلم واحترام المعلم وحب الوطن وحب العمل والانجاز والجدية.

خلاصة

موضوع المنتج التعليمي مهم جداً جداً على الافراد والمجتمعات ، لانه اما بأن ينعكس المحتوى والمنتج التعليمي بشكل ايجابي على الفرد وينتقل بصورة ايجابية وتأثير ايجابي على المجتمع لانه الشخص سيكون كفء في معلوماته وفي علمه وبالتالي كفء في عمله ، او ان ينعكس المحتوى والمنتج التعليمي بشكل سلبي على الافراد والمجتمعات اذا كان المنتج التعليمي ضعيف ، لان الفرد بهذه الحالة ضعيف في معلوماته وفي علمه فبالتالي ضعيف في عمله ، وبالتالي ايضاً سيؤثر بشكل سلبي على مجتمعه وتقدمه ، كما انها تسبب الكثير من الامور ومنها الفقر والبطالة ، لأن كثير من المتعلمين لا يجدون عمل او لم يتم قبولهم في الشركات والمصانع والمؤسسات وذلك لأنهم لا يمتلكون الخبرة او عدم اعطائهم المعلومات التي قد تؤهلهم وتلاءم سوق العمل ، فبالتالي اصحاب الشركات يقومون بإحضار مأهلين ذو خبرات وكفاءات لتوظيفهم في أعمالهم ، وابناء البلد لا يعملون .

مع تمنياتي لكم بالتوفيق والسداد. الدكتور/حسام الصيفي اقتصاد وعلوم إنسانية أستاذ بجامعات ماليزيا دكتوراه في الاقتصاد ماجستير ودبلوم

في العلوم الإنسانية  

(علم الإدارة –العلوم السياسية-الإعلام –الاجتماع – التفكير الابداعي -علم النفس)

كوالا لمبور- ماليزيا 21-11-2012\

Exit mobile version