رسل و أنبياء

جديد بم فدى الله سيدنا إسماعيل

سيدنا إسماعيل

هو إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن عليهما أفضل الصلاة والسلام، وأمه هاجر المصرية التي أعطتها سارة زوجة إبراهيم إلى زوجها سيدنا إبراهيم، وهو جد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، حيث يعود نسب الرسول إلى سيدنا إسماعيل بن إبراهيم، والجدير ذكره أن الله سبحانه وتعالى أرسل سيدنا إسماعيل إلى القبائل العربية التي عاش فيها، كما أرسله إلى أهل اليمن والعماليق، وذلك لدعوتهم إلى الدين الإسلامي وعبادة الله وحده لا شريك له، وما يشارإليه أن اسمه ارتبط بقصة دينية معروفة، ألا وهي الفدية التي قدمها الله له، والتي سنعرفكم عليها في هذا المقال.

فداء الله لسيدنا إسماعيل

رؤية سيدنا إبراهيم للمنام

ذات ليلة رأى سيدنا إبراهيم عليه السلام في منامه رؤيةً غريبة وعجيبة، والتي ظن أنها أضغاث أحلام ومن الهواجس، فقد رأى بأنه يذبح ابنه الوحيد سيدنا إسماعيل، فاستيقظ خائفاً من نومه، ثمّ بدأ يصلي ويسبح ويدعو الله، ثمّ بعدها عاد للنوم مرة أخرى، إلا أنه رأى الرؤية نفسها مرةً ثانية، فقام من نومه ليصلي، فصلى، ثمّ نام مرةً أخرى ورأى نفس الرؤية مرةً ثالثة، وبعدها أدرك سيدنا إبراهيم أن الرؤية التي رآها حق وصدق وأمر ووحي من الله سبحانه وتعالى إليه، وبذلك فإن عليه ذبح ولده الوحيد إسماعيل الذي رزقه إياه الله سبحانه وتعالى بعد طول انتظار، وبعد عمر طويل، وبعد صبر وتحمل كبير.

أفكار سيدنا إبراهيم حيال الرؤية

بدأ سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالتفكير في الأمر، فعليه أن يطيع وينفذ أمر الله سبحانه وتعالى، فهو أول شخص يطيع الله، ولذلك فإنه لن يتردد في طاعة الله، ولكنه بدأ يسأل نفسه العديد من الأسئلة، كيف سيكون وضع ولده؟ وكيف سيخبره بالأمر؟ وهل يجب عليه أن يأخده للصحراء دون إخباره بالأمر، ثمّ يقوم بذبحه رغماً عنه؟ أم الأفضل إخبار ولده بمَ سيقوم به؟ وهل سيطيع أمر الله أو يهرب ويرفض في حال أخبره بالأمر؟ ففكر سيدنا إبراهيم كثيراً، ثمّ توصل إلى رأي واحد، ألا وهو إخبار ابنه بالأمر، ليكون ذلك أهون عليه وأطيب لقلبه من أن يقوم بأخذه رغماً عنه أو أن يذبحه قهراً، فقد رغب بأن يكون الأمر باختياره ورغبته لينال الثواب والجزاء الكبير من الله سبحانه وتعالى.

الطاعة الكاملة

أرسل سيدنا إبراهيم إلى ابنه إسماعيل عليهما السلام طالباً قدومه، وعندما جاء سيدنا إسماعيل وقف أمام والده، فعانقه والده بحنان ورفق، وقال له بنبرة حزينة: (يا بني إني أرى فى المنام أنّي أذبحك فانظر ماذا ترى ) [الصافات:102]، وكان ذلك مفاجأة كبيرة لإسماعيل عليه الصلاة والسلام، إذ إنه لم يتوقع هذا الأمر من والده قط، ولكنه كان على علم بأن والده رسولاً ونبياً إلى الناس، حيث يأتيه الوحي السماوي من الله سبحانه وتعالى، وبذلك فإن رؤيته ما هي إلا وحي من الله سبحانه وتعالى، فهو يدرك بأن رؤيا الرسل والأنبياء صدق وحق وأمر من الله، فينبغي طاعته وتنفيذ أمره، ويجدر بالذكر أن سيدنا سماعيل قد ترعرع ونشأ على طاعة الله سبحانه وتعالى ورسوله، فهو الغلام الحكيم والابن الطائع الذي لا يعصي أوامر الله ولا يخالف والده في شيء، فبما أن والده قد لبى أمر الله وأطاعه في تقديم فلذة كبده وولده قرباناً لله، ففي المقابل فهو لا يقل تلبيةً وطاعةً عن والده، وبالتالي فقد رد على والده قائلاً : (يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) [الصافات: 102].

استعداد سيدنا إسماعيل للذبح

أخذ سيدنا إبراهيم ولده وذهب به إلى الصحراء بعيداً حتى وصل بولده لمكانٍ لا يوجد به أحد من الناس والبشر، فقال له ولده اسماعيل: (يا أبتٍ .. لا تنظر إلي وجهي وأنت تذبحني فتتردد، فلا تنفذ أمر الله واحدد شفرتك أي اجعل السكين حاداً سريع القطع حتى يكون أهون عليك).

كبش من السماء

وصل سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع ابنه إلى صخرة في الصحراء، فقد قرر ذبح ابنه بالقرب من هذه الصخرة، وبعدها ألقى على ولده نظرة الوداع المليئة بالحنان والحب، ثمّ ألقاه بعدها على وجهه، وإذ بسيدنا إسماعيل يستسلم لأمر الله مفوضاً أمره لله سبحانه وتعالى، ثمّ وضع والده السكين على رقبته حتى يوفي بالتضحية بابنه الوحيد تنفيذاً لأمر الله، وبعدها نادى الله سبحانه وتعالى إبراهيم أن يزيل عن رقبة ولده السكين ويرفعها، فقد قال تعالى: (فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين) [الصافات: 103-106]، فالتفت سيدنا إبراهيم إلى نداء الله ورفع السكين فوراً عن رقبة ولده إسماعيل، وإذ به يرى سيدنا جبريل عليه السلام ينزل من السماء العليا ومعه كبش سمين ذو لون أبيض، وقد قدمه فداءً لسيدنا إسماعيل، فأخذ سيدنا إبراهيم هذا الكبش، وقام بذبحه بدلاً من ولده اسماعيل، وفداء له، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وفديناه بذبح عظيم) [الصافات: 107].

موقف سيدنا إبراهيم من الفدية

حمد سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل ربهما على هذا الفضل الكبير وشكراه، ثمّ عادا بالكبش الأبيض المذبوح لهاجر والدة سيدنا إسماعيل، وقد استقبلتهما بالشكر العميق لله وبفرحة الإيمان، ووزع سيدنا إبراهيم لحم الكبش المذبوح على الناس، وقد أصبح هذا اليوم عيداً دينياً للمسلمين، وقد سمي بعيد الأضحى، وهو العيد الذي يقوم فيه المسلمين بذبح الأضاحي، كما يقدم الحجاج فيه الهدي، وذلك تقرباً وطاعةً لله سبحانه وتعالى، وتخليداً لتلك الذكرى الطيبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى