'); }
بماذا أهلك الله قوم فرعون
أهلك الله -تعالى- فرعون وقومه بالغرق، حيث أذِن فرعون لموسى -عليه السلام- ومن معه بِالخُروج من مصر، ولكنّ فرعون نكث العهد، فتَبِع موسى -عليه السلام- بجنودٍ؛ ليقتلوه ومن معه، ولم يعلم فرعون وجنده أنّ الله -تعالى- أخرجهم ليلقوا مصيرهم،[١] فبعد أن جاوز موسى -عليه السلام- البحر، تبعه فرعون وجنده، فأطبق الله -تعالى- عليهم البحر وأغرقهم، وعندها صدّق وأيقن بالله -تعالى- وبما آمنت به بنو إسرائيل.[٢]
وسبب إهلاكِهِم؛ تكذيبهم لرسالة الإيمان التي جاء بها موسى -عليه السلام- من ربّه، واختلاقِهِم الأعذار لِكُفرهم وشِركِهِم، فقال -تعالى-: (فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَ سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ)،[٣] وهذا من سُنن الله -تعالى- في النّاس؛ فإنّه لا يُعذِّب قوماً حتى يُرسل لهم رسولاً يُبيّن لهم ويُنذرهم، لقوله -تعالى-: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا).[٤][٥] وفيما يأتي تفصيل قصّة غرق فرعون وقومه وهلاكهم:[٦]
- خروج موسى -عليه السلام- وقومه من مصر: وكان ذلك بعد أن تبع أقباط مصر فرعون فتمادوا بالكفر والعناد، وقد أقام عليهم نبيّهم موسى -عليه السلام- الحُجج والبراهين، فلم يؤمن معه إلا قِلّة، فبدأوا بالتآمُر عليهم، فجاءه رُجُلٌ ناصِحٌ لهم بِالخُروج من مصر، وأمرهم الله بِبناء بيوتٍ مُميّزة عن بُيوتِ آل فرعون، لإقامة الصلاة فيها، وليكونوا على استعدادٍ للخُروج.
'); }
- وأمر الله -تعالى- موسى -عليه السلام- قومه بالتوكّل على الله -تعالى-، والصبر على فرعون وأذاه، ودعا موسى -عليه السلام- على فرعون وقومه، لقوله -تعالى-: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ* قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)،[٧]فأوحى الله -تعالى- إلى موسى -عليه السلام- بِالخُروج بمن آمن من بني إسرائيل، فتبعهم فرعون بِجُنوده، حتى وصل إلى البحر.
- إدراك فرعون لموسى -عليه السلام- وقومه ليقتلهم، وهلاكه مع قومه بالغرق: أيقن أصحاب موسى أنّ فرعون سيُدركهم، فضاق بهم الحال واشتدّ عليهم الكرب، فأوحى الله -تعالى- إلى موسى -عليه السلام- بأن يضرب بعصاه البحر، فتشعّب منه اثنا عشر طريقاً، فتبعهم فرعون ومن كان معه، وأراد موسى -عليه السلام- بضرب البحر مرةً أُخرى؛ لكي لا يُدركُهم فرعون، فأمره الله -تعالى- بأن يُبقيه على حاله.
- فدخل فرعون ومن معه في البحر، فأمر الله -تعالى- موسى -عليه السلام- بأن يضرب البحر بعصاه، فضربه، فغرق فرعون ومن كان معه، قال -تعالى-: (وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ* ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ)،[٨] فلما أدرك فرعون الغرق عزم على التوبة إلى الله، قال الله -تعالى-: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ* فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وخسر هُنَالك الْكَافِرُونَ).[٩]
- إجابة الله لدعاء موسى، وجعل فرعون عبرةً للناس إلى يوم القيامة: وهكذا استجاب الله -تعالى- لدعوة موسى -عليه السلام- على فرعون وقومه، وأنجى الله -تعالى- فرعون بِجسده؛ ليكون آيةً لمن بعده،[٦] ثم طافت جُثة فرعون على الماء، فأخذها المصريون، وقاموا بتحنيطها، فقد جعله الله -تعالى- عبرةً للغافلين.[١٠]
توبة فرعون
أغرق الله -تعالى- فرعون، ولكنّه قبل موته تاب ورجع إلى الله -تعالى-، ونفى القُرآن عنه قَبول هذه التوبة، لقوله -تعالى-: (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)،[١١] وبيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عدم قبول توبة الإنسان وهو في حالة الاحتضار والغرغرة، وهي حالة إدراك الإنسان أنه ميتٌ لا محالة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ يقبلُ توبةَ العبدِ ما لم يُغرغرُ)،[١٢][١٣] ولم تُقبل هذه التوبة؛ لأنها جاءت بعد أن أتاه الموت.[١٤]
دعوة موسى عليه السلام لفرعون
بعث الله -تعالى- موسى -عليه السلام- إلى فرعون؛ ليدعوه إلى وحدانيّة الله -تعالى، وإخلاص العبادة له، والإيمان باليوم الآخر، وهي الأُسس التي دعا إليها جميع الأنبياء، واستعمل معه أُسلوب الرِّفق واللّين في الدعوة، وناداه باسمه؛ ليُبطل ما ادّعاه لِنفسه من الرُبوبيّة، و عرّفه برسالته التي جاء بها من عند الله -عز وجلّ-، وأثبت له ذلك بالأدلة والبراهين،[١٥] فبدأ قومُ فرعون بتزيين الباطل وتزييف الحقّ له؛ خوفاً على مصالِحِهِم، واستهزأ فرعون وقومه بِسيدنا موسى -عليه السلام- ودعوته وبالآيات التي جاء بها.[١٦]
المراجع
- ↑ أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 1، جزء 133. بتصرّف.
- ↑ لجنة من علماء الأزهر (1995)، المنتخب في تفسير القرآن الكريم (الطبعة الثامنة عشر)، مصر، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، صفحة 301-302، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة القصص، آية: 36.
- ↑ سورة القصص، آية: 59.
- ↑ محمد مطني، سورة القصص دراسة تحليلية، صفحة 191-192، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي (1968)، قصص الأنبياء (الطبعة الأولى)، القاهرة، مطبعة دار التأليف، صفحة 75-88، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة يونس، آية: 88-89.
- ↑ سورة الشعراء، آية: 65-66.
- ↑ سورة فصلت، آية: 84-85.
- ↑ أحمد أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة الأولى)، بيروت، مؤسسة الرسالة، صفحة 319. بتصرّف.
- ↑ سورة يونس، آية: 91.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3537، صحيح.
- ↑ الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مجلة البحوث الإسلامية – مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، صفحة 376، جزء 94. بتصرّف.
- ↑ أحمد أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة الأولى)، بيروت، مؤسسة الرسالة، صفحة 319. بتصرّف.
- ↑ سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر ( 22/7/2020)، “دعوة موسى عليه السلام لفرعون”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2021. بتصرّف.
- ↑ محمد بن عبد الله زربان الغامدي (2003)، حماية الرسول صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة، عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 107. بتصرّف.