بحث عن فضل الوالدين

'); }

فضل الوالدين

إنّ للوالدين فضلاً عظيماً على أبنائهم؛ لأنهم السّبب في وجودهم بعد إرادة الله -تعالى-، وقد بذلوا الوسع والطّاقة في رعاية وتربية أبنائهم، فهيّؤوا لهم جميع أسباب العيش، لقوله -تعالى-: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)،[١] ومن فضل الوالدين أيضاً؛ التربية على الإيمان والأعمال الصالحة حتى يبلغ الابن ويكبر،[٢] وقد جاءت الوصية من الله -تعالى- بالإحسان إليهما في القول والفعل، ومراعاتهم حتى في قَسَمات الوجه ونظرة العين إليهما، كما أوصى بالرفق بهما، ورعاية أحوالهما، وعدم الإساءة لهما، وإكرام صديقهما، فهو إحسانٌ مُطلقٌ في كل الأحوال.[٣]

فضل الأم

جعل الإسلام للأُمّ المنزلة الأكبر في البرّ والإحسان، لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للرجل الذي جاء يسأله عن أحقِّ النّاس بِحُسن صُحبته، فقال النبيّ: (أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ. وفي حَديثِ قُتَيْبَةَ: مَن أَحَقُّ بحُسْنِ صَحَابَتي وَلَمْ يَذْكُرِ النَّاسَ)،[٤][٥]فإنّ الأُمّ الصالحة تُعدُّ من أسباب الأمان في المُجتمع؛ لقيامها بالتربية الصالحةٍ لأبنائِها،[٦] وقد نالت الأُمّ هذه المنزلة في البرّ؛ لِما عانته من صُعوباتٍ في الحمل، والوضع، والرّضاع، والتربية،[٧] فقال -تعالى-: (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ)،[٨] أي: ضعفاً على ضعف، وهي الأطوار التي يتكوّن فيها الإنسان في بطن أُمّه، فيأخُذ من قوة أُمّه، فتشعُر بالضّعف، وتُعاني حتى تصلُ للولادة؛ وهي من أصعب الأشياء عليها، ولذلك أمر الله -تعالى- بِشُكرها مع شُكره، لقوله -تعالى-: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)،[٨][٩] فقد كان لها الفضل في تربيته ورعايته صغيراً وكبيراً، فوجب الإحسان إليها وبِرّها، وعدّ الإسلام عُقوقها من الكبائر.[١٠]

'); }

فضل بر الوالدين

إنّ لبر الوالدين الكثير من الفضائل، ومنها ما يأتي:[١١][١٢]

  • بر الوالدين أقرب الطُّرق إلى الجنّة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عندما سأله عن أقرب طُرق الجنة: (يا نَبِيَّ اللهِ، أيُّ الأعْمالِ أقْرَبُ إلى الجَنَّةِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى مَواقِيتِها، قُلتُ: وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: برُّ الوالِدَيْنِ، قُلتُ: وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ).[١٣]
  • بر الوالدين من أعظم الطاعات والعبادات، وعُقوقهما من الكبائر، ودلّ على ذلك العديد من الأدلّة التي قَرن الله -تعالى- عبادته بحقّ الوالدين والإحسان إليهما، كما قَرَن شُكره بشُكرهما وبرهما، وغير ذلك من الأدلّة.
  • بر الوالدين أفضل من الجهاد، ومن أعلى مراتبه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قالَ رَجُلٌ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُجَاهِدُ؟ قالَ: لكَ أبَوَانِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَفِيهِما فَجَاهِدْ).[١٤]
  • بر الوالدين سببٌ لرضى الله -تعالى-، ويُدخل صاحبه الجنّة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:(الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ، فإنَّ شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه).[١٥]
  • بر الوالدين سببٌ للبُعد عن دُعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالخُسران لمن أدرك والديه ولم يَبرّهُما ولم يكونا سبباً في دخوله الجنّة، ففي قوله -صلى الله عليه وسلم-: (رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ).[١٦]

صور بر الوالدين

إن لبر الوالدين صوراً عديدةً، منها: إدخال السرور عليهما، فقد جاء رجُلٌ للنبي -عليه الصلاة والسلام- يُريد الجهاد معه، وترك أبواه يبكيان، فأمره رسول الله بالرُجوع إليهما وإرضاهما كما أبكاهما، وكذلك البُعد عن سبِّهما أو شتمهما، وأن لا يكون سبباً في ذلك، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ من أكبرِ الكبائرِ أن يلعنَ الرجلُ والدَيْه: يلعنُ أبا الرجلِ، فيلعنُ أباه. و يلعنُ أمَّه، فيلعنُ أمَّه)،[١٧] وبر الوالدين وإن كان فرضاً فإنّه يُقدَّم فيه بر الأُمّ للأسباب التي ذكرناها، ومن تمام البِر بالوالدين صلة أهل ودّهما، والاستغفار لهما، وصلةُ الرحم التي لا توصل إلا بهما،[١٨] وأن يُكثر الابن من الاتّصال بهما، والاطمئنان عليهما، وتفقّد أحوالهما، وتقديم الهدايا لهما، وإطعامهما، وكِسوتهُما، وإرضائِهما، فإن رضيا عنه فهو على خيرٍ عظيم.[١٩]

المراجع

  1. سورة الأحقاف، آية: 15.
  2. محمد المنتصر بالله بن محمد الزمزمي الكتاني، تفسير القرآن الكريم ، صفحة 1-2، جزء 255. بتصرّف.
  3. علي بن عمر بن أحمد بادحدح، دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح، صفحة 2، جزء 120. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2548، صحيح.
  5. سعد البريك، دروس الشيخ سعد البريك، صفحة 4، جزء 138. بتصرّف.
  6. علي بن عمر بن أحمد بادحدح، دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح، صفحة 3، جزء 116. بتصرّف.
  7. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، بر الوالدين- مفهوم، وفضائل، وآداب، وأحكام في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 22، جزء 1. بتصرّف.
  8. ^ أ ب سورة لقمان، آية: 14.
  9. أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 4، جزء 228. بتصرّف.
  10. وهبة بن مصطفى الزحيلي (1422هـ)، التفسير الوسيط (الطبعة الأولى)، دمشق: دار الفكر، صفحة 2415، جزء 3. بتصرّف.
  11. أزهري أحمد محمود، بر الوالدين، دار ابن خزيمة، صفحة 11-12. بتصرّف.
  12. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، بر الوالدين – مفهوم، وفضائل، وآداب، وأحكام في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 8-19، جزء 1. بتصرّف.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 85، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 5972، صحيح.
  15. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 1900، صحيح.
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2551، صحيح.
  17. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 2214، صحيح.
  18. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، بر الوالدين – مفهوم، وفضائل، وآداب، وأحكام في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 20-23، جزء 1. بتصرّف.
  19. سلمان بن فهد بن عبد الله العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 26، جزء 255. بتصرّف.
Exit mobile version