أطفال

بحث عن شلل الأطفال

شلل الأطفال

يُعتبر شلل الأطفال (بالإنجليزية: Poliomyelitis) مرض شديد العدوى ناتج عن عدوى فيروسيّة تُهاجم الجهاز العصبي، ويُشار إلى أنّ معظم المُصابين بفيروس شلل الأطفال لا تظهر عليهم أعراض الإصابة بهذا المرض، إلّا أنّ عدد قليل من الأطفال يُعانون من الشلل على إثر التعرّض لهذه العدوى، ويُشارإلى توافر معطوم شلل الأطفال والذي ساهم في انخفاض أعداد الإصابات بهذه الحالة بدرجةٍ كبيرة،[١] وبناءً على تقارير منظمة الصّحة العالمية فإنّ مرض شلل الأطفال لا يزال موجوداً على الرغم من انخفاض عدد حالات الإصابة بنسبةٍ تزيد عن 99% منذُ عامّ 1988م، حيثُ انخفضت حالات الإصابة بالمرض من 350 ألف حالة إلى 33 حالة تمّ الإبلاغ عنها عام 2018م،[٢] وبشكلٍ عامّ تُعتبر عدوى شلل الأطفال أكثر شيوعاً لدى الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 5 سنوات، ومع ذلك تزداد احتمالية الإصابة بشلل الأطفال بغضّ النّظر عن العمر في حال عدم تلقي الشخص لمطعوم شلل الأطفال، أو في حال تلقيه المطعوم بشكلٍ غير تامّ،[٣] وعلى الرغم من التقدّم الهائل وانخفاض عدد الحالات المُصابة بالمرض منذُ عام 1988م إلى أنّ المرض يُمكن أن ينتشر بسهولة طالما هُناك طفل واحد مُصاب بهذه العدوى حتّى وإن كانت المنطقة أو البلد خالية في الأصل من فيروس شلل الأطفال، كما يُمكن أن ينتشر بسرعة كبيرة بين الأشخاص الذين لا يتمتعون بحمايةٍ كافيةٍ ضدّ الفيروس.[٤]

تاريخ مرض شلل الأطفال

يعتقد الخبراء أنّ مرض شلل الأطفال موجود منذ وقت طويل، فقد عُثر على لوحة أحفورية من العصر الفرعوني تعود لعام 1400 قبل الميلاد، يظهر فيها مومياء بأطراف مشوّهة،[٥] وسجلت الكتب أول وصف لأعراض شلل الأطفال عام 1789 ميلدية، بينما تم تسجيل أول حالة موثقة ومؤكدة بالمرض عام 1835 ميلادية،[٦] ويعود اكتشاف الفيروس المسبب لمرض شلل الأطفال لعام 1908 ميلادي؛ حيث تمكّن العالمان كارل لاندستنر وإروين بوبر من عزل الفيروس، وتفحصه تحت المجهر، وبذلك أعلنا أنّ مرض شلل الأطفال ينتج عن كائن فيروسي وليس بكتيريا كما كان الاعتقاد من قبل.[٧] وتبع ذلك إجراء التجربة الأولى واسعة النطاق لمطعوم حضّره في عام 1954 جوناس سالك، والذي كان يُعطى عن طريق الحقن، ومن ثم حضر الطبيب ألبرت سابين مطعوماً جديداً عام 1956 ميلادي، وكان هذا المطعوم يُعطى عن طريق الفم، ويجدر بالذكر أنّ مطعوم شلل الأطفال أصبح مطعوماً روتينياً يُعطى للأطفال في جميع دول العالم.[٦]

أسباب حدوث شلل الأطفال

يُعزى شلل الأطفال إلى فيروس شلل الأطفال المعروف أيضًا بالفيروسة السنجابيّة (بالإنجليزية: Poliovirus) الذي يُعتبر أحد الفيروسات المعوية (بالإنجليزية: Enterovirus)، وهُناك ثلاثة أنماط مختلفة لفيروس شلل الأطفال، إذ يُعدّ النّمط الأول المُسبب الأكثر شيوعاً لتفشي شلل الأطفال، كما يُعتبر أكثرها تسبّبًا بالمُعاناة من الشلل مُقارنةً بالأنواع الأخرى،[٨] وكما تمّت الإشارة سابقًا فإنّ فيروس شلل الأطفال شديد العدوى حيثُ ينتقل المرض من شخصٍ لأخر من خلال الطريق الفموي-الشرجي بشكلٍ رئيسيّ، ويتضمّن ذلك دخول الفيروس عن طريق الفم أو الأنف، بحيث يتكاثر في الحلق والسّبيل المعوي، لينتقل الفيروس بعدها عبر الدم والجهاز اللمفاوي، ويصِل إلى الجهاز العصبي المركزي مؤثرًا فيه، ويُشار إلى وجود العديد من طرق انتقال الفيروس من شخصٍ إلى أخر؛ وتتضمّن ملامسة مُخاط أو بلغم الشخص المُصاب بشلل الأطفال، أو ملامسة البراز للشخص المصاب، أو الاتّصال المُباشر مع المُصاب بشلل الأطفال،[٩][١٠] وفيما يتعلّق بفترة الحضانة فهي تتراوح هذه الفترة بين 5-35 يوم،[١٠] ويُشار إلى إمكانيّة نقل الشخص العدوى للآخرين بشكلٍ فوري قبل ظهور الأعراض، وحتّى أسبوعين بعد ظهورها.[١١]

أعراض شلل الأطفال

قد لا يُعاني معظم المصابين بشلل الأطفال من ظهور أعراض الإصابة بالفيروس، ويُعرف هذا النّوع بالعدوى المُستتِرة أو غير الواضحة (بالإنجليزية: Inapparent infection)، وقد تختلف الأعراض تبعًا للنوع، ويُمكن بيان ذلك كما يلي:[١٢]

  • النوع المُجهِض: (بالإنجليزية: Abortive)، يعدّ هذا النوع خفيفًا ولا يستمر لفترةٍ طويلة، وتشمل أعراضه ما يلي:
    • الحمّى.
    • انخفاض الشهية.
    • ألم الحلق.
    • القيء والغثيان.
    • الم البطن.
    • الإمساك.
    • الشعور بالتعب، والضيق.
  • النوع غير الشللي: (بالإنجليزية: Nonparalytic)، يعدّ هذا النوع أكثر خفّة، ولا يستمر لفترةٍ طويلة من الزمن، وفي الحقيقة، تتشابه الأعراض الشائعة لهذا النّوع مع أعراض شلل الأطفال المُجهِض، وبعد زوال تلك الأعراض قد يُعاني الطّفل من أعراضٍ أخرى، نذكر منها ما يأتي:
    • تصلّب الرقبة، وعلى امتداد العمود الفقري.
    • ألم عضلات الرقبة، والجذع، والذراعين، والساقين.
  • النوع الشللي: (بالإنجليزية: Paralytic)، يُعتبر أكثر الأنواع خطورة ولكنّه نادر الحدوث، وغالبًا ما تتشابه الأعراض الأولية للإصابة مع أعراض الأنواع الأخرى لمرض شلل الأطفال، لكن قد تظهر بعض الأعراض الأخرى للإصابة بهذا النّوع في غضون أسبوع من الإصابة، وتتضمّن ما يلي:[١٣]:
    • فقدان ردود الفعل (بالإنجليزية: Reflexes).
    • رخاوة الأطراف وليونتها فيما يُعرف بالشلل الرخو (بالإنجليزية: Flaccid paralysis).
    • ألم شديد في العضلات، أو الشعور بضعفها.

ولمعرفة المزيد عن أعراض شلل الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هى أعراض شلل الاطفال).

تشخيص شلل الأطفال

يبدأ تشخيص الإصابة بشلل الأطفال عن طريق معرفة التاريخ المرضي للطفل، بما يتضمّن الاستفسار حول ما إذا كان الشخص قد سافر مؤخرًا إلى بلد ينشَط فيها هذا الفيروس، كما يتضمّن التشخيص إجراء الفحوصات البدنية، وقد يتطلّب الأمر إخضاع الشخص لبعض التحاليل والفحوصات المخبرية، والتي نذكر منها ما يأتي:[١]

  • الزراعة التشخيصية: تؤخذ عينة من بُراز المُصاب، وعينة أخرى من سوائل الحلق، حيث يقوم المُختص بزراعتها في بيئة مخصّصة لنمو الفيروسات في سبيل الكشف عن الفيروس المسؤول وراء ظهور هذه الأعراض بدقّة.
  • تحليل الدم: يهدف إلى التحقّق من وجود الأجسام المُضادة لفيروس شلل الأطفال.
  • البزل القطني: (Lumbar puncture)، يُجرى بهدف قياس الضغط في القناة الشوكيّة والدماغ، وإخضاع عينة من سائل النخاع الشوكي (بالإنجلزية: Cerebrospinal fluid) للفحص المخبري، ويتضمّن البزل القطني قيام الطبيب المُختص بإدخال إبرة في منطقة أسفل الظهر داخل القناة الشوكية المُحيطة بالنّخاع الشوكي.

علاج شلل الأطفال

لا يوجد علاج مُحدّد لعدوى شلل الأطفال، ولكن قد يُساهم اتباع بعض وسائل الرعاية الدّاعمة في التخفيف من الأعراض،[١٤]، ونذكر منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • مسكّنات الألم، التي تساعد على تخفيف الألم والحمى، ومنها الآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen).
  • أجهزة التّنفس الصّناعي المحمولة، والتي تُساعد على تحسين التنفس.
  • العلاج الطبيعي، ويهدف إلى الوقاية من التشوّهات وتأثر قدرة العضلات على أداء وظائفها، كما تلعب دورًا في تنشيط العضلات والحركة للأشخاص الذين يعانون من صعوبة ذلك.
  • شرب السّوائل، والتزام الراحة في المنزل خاصّة الذين يعانون من أعراض خفيفه تشبه أعراض الإصابة بالإنفلونزا.

ولمعرفة المزيد عن علاج شلل الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (علاج مرض شلل الأطفال).

مضاعفات شلل الأطفال

يوجد العديد من المضاعفات التي قد تحدث نتيجة الإصابة بشلل الأطفال، والتي تشتمل على ما يلي:[١٧]

  • فشل الجهاز التنفسي الثانوي، ويُعزى ذلك إلى شلل لعضلات الجهاز التنفسي أو تطوّر آفات في مركز التنفس.
  • تمدد المعدة بشكلٍ مفاجئ، وتستلزم هذه الحالة إخضاع الشخص للشفط أو الرشف المعدي (بالإنجليزية: Gastric aspiration) بشكلٍ مُباشر.
  • الآفات المعوية، والتي قد تؤدي إلى نزيف الجهاز الهضمي الذي قد يستلزم إخضاع المريض لنقل الدم.
  • ارتفاع ضغط الدم، والذي يعدّ من المضاعفات التي قد تؤدي إلى الإصابة بالاعتلال الدماغي بارتفاع ضغط الدم (بالإنجليزية: Hypertensive encephalopathy).
  • التهاب السحايا العقيم (بالإنجليزية: Aseptic meningitis)، والذي قد يدؤي إلى المُعاناة من الخمول، والغيبوبة، والنوبة الحموية (بالإنجليزية: Febrile seizure).
  • التهاب التامور القلبي (بالإنجليزية: Myopericarditis)، وقد يتمثل ذلك بالمُعاناة من اعتلال عضلة القلب التوسعي المزمن (بالإنجليزية: Chronic dilated cardiomyopathy)، وفي حالاتٍ نادرة قد يُعاني المريض من التهاب التامور المضيّق المزمن (بالإنجليزية: Chronic Constrictive pericarditis).
  • أنواع مُعينة من التهاب القرنية.
  • متلازمة ما بعد شلل الأطفال (بالإنجليزية: Postpolio syndrome)[١٧] وهي اضطراب تطوري للأعصاب والعضلات تحدث عادةً بعد 15 عام أو أكثر بعد التعافي من شلل الأطفال، ومن أعراض الإصابة بمتلازمة ما بعد شلل الأطفال، الشلل المفاجئ أو المتقدم ببطء، والشعور بالتعب وألم العضلات، وألم المفاصل، وقد يُعاني البعض من صعوبة التنفس.[١٨]

مطعوم شلل الأطفال

يعدّ مطعوم شلل الأطفال أكثر الطرق فعالية للوقاية من الإصابة بهذه الحالة، وهو مُدرج ضمن جدول المطاعيم الروتينية للأطفال منذ 1956 وحتى يومنا هذا، ووفقًا لنظام التطعيم في المملكة المُتحدة فتُعطى الجرعة الأولى الروتينيّة المُوصى بها في جدول المطاعيم بعمر 8 و12 و16 أسبوع من عمر الطفل بعد الولادة، وتُعطى الجرعة الثانية المُعززة بعمر ثلاث سنوات وأربعة أشهر، والجرعة المُعزّزة الثالثة بين 13 إلى 18 سنة،[١٩] وهُناك نوعان لمطعوم شلل الأطفال، نُبينهما فيما يأتي:[٢٠]

  • مطعوم شلل الأطفال المعطّل: (بالإنجليزية: Inactivated poliovirus)، يتكوّن هذا المطعوم من فيروس شلل الأطفال غير النّشِط، الذي يعدّ أمنًا وفعّالًا للغاية، ويُعطى هذا المطعوم على شكل جرعاتٍ مُتفرقة عن طريق الحقن في السّاق أو الذراع اعتمادًا على العمر.
  • مطعوم شلل الأطفال الفموي: (بالإنجليزية: Oral polio vaccine)، يتألف هذا النّوع من شكلٍ ضعيف من فيروس شلل الأطفال، ويُعتبر النّوع المفضل للعديد من البلدان نظرًا لانخفاض تكلفته، وسهولة إعطائه، وقدرته على توفير مستوى عالٍ من المناعة ضد الفيروس.

يُمكن اعتبار الشخص مُتمتًّعا بحمايةٍ تامّة ضدّ فيروس شلل الأطفال في حال تلقيه الثلاث جرعات الأوليّة على الأقل من مطعوم شلل الأطفال المُعطّل أو مطعوم شلل الأطفال الفموي الحيّ، أو أربع جرعات من أيّ مزيجٍ من مطعوميّ شلل الأطفال المعطل والفموي،[٢١] ومن الجدير بالذكر أنّ جدول التطعيم وتعليماته تختلف من بلدٍ لأخر، بحيث يؤخذ بعين الاعتبار التوصيات الوطنية للحصول على المطعوم.[٢٢]

ولمعرفة المزيد عن مطعوم شلل الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (تطعيم شلل الأطفال).

المراجع

  1. ^ أ ب “Poliomyelitis (Polio) in Children”, www.stanfordchildrens.org, Retrieved 2-1-2020.
  2. “Poliomyelitis”, www.who.int, Retrieved 07-01-2020. Edited.
  3. “Poliomyelitis (Polio): For health professionals”, www.canada.ca, Retrieved 2-1-2020.
  4. “Does polio still exist? Is it curable?”, www.who.int, Retrieved 2-1-2020.
  5. “HISTORY OF POLIO”, polioeradication.org, Retrieved 9-5-2020. Edited.
  6. ^ أ ب “History of polio vaccination”, www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved 9-5-2020. Edited.
  7. ” Poliomyelitis”, amhistory.si.edu, Retrieved 9-5-2020. Edited.
  8. “Poliomyelitis”, www.msdmanuals.com, Retrieved 1-1-2020.
  9. “Poliomyelitis”, www.chp.gov.hk, Retrieved 1-1-2019.
  10. ^ أ ب “Polio”, medlineplus.gov, Retrieved 1-1-2019.
  11. “What is Polio?”, www.cdc.gov, Retrieved 1-1-2019.
  12. “Poliomyelitis”, www.urmc.rochester.edu, Retrieved 08-01-2019. Edited.
  13. “Polio”, www.mayoclinic.org, Retrieved 1-1-2019.
  14. “POLIOMYELITIS (POLIO, INFANTILE PARALYSIS)”, www.vdh.virginia.gov, Retrieved 2-1-2020.
  15. “Polio”, www.mayoclinic.org, Retrieved 2-1-2020.
  16. “Polio: Management and Treatment”, my.clevelandclinic.org, Retrieved 2-1-2020.
  17. ^ أ ب “Enteroviruses”, emedicine.medscape.com, Retrieved 2-1-2020.
  18. “Poliomyelitis/Post-Polio Syndrome”, www.aapmr.org, Retrieved 2-1-2020.
  19. “Poliomyelitis”, www.hps.scot.nhs.uk, Retrieved 2-1-2020.
  20. “Everything you need to know about polio”, www.medicalnewstoday.com, Retrieved 2-1-2020.
  21. “Poliomyelitis (Polio) Vaccine Recommendations and Safety”, immunizationforwomen.org, Retrieved 09-01-2019. Edited.
  22. “Poliomyelitis”, medicalguidelines.msf.org, Retrieved 2-1-2020.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شلل الأطفال

يُعتبر شلل الأطفال (بالإنجليزية: Poliomyelitis) مرض شديد العدوى ناتج عن عدوى فيروسيّة تُهاجم الجهاز العصبي، ويُشار إلى أنّ معظم المُصابين بفيروس شلل الأطفال لا تظهر عليهم أعراض الإصابة بهذا المرض، إلّا أنّ عدد قليل من الأطفال يُعانون من الشلل على إثر التعرّض لهذه العدوى، ويُشارإلى توافر معطوم شلل الأطفال والذي ساهم في انخفاض أعداد الإصابات بهذه الحالة بدرجةٍ كبيرة،[١] وبناءً على تقارير منظمة الصّحة العالمية فإنّ مرض شلل الأطفال لا يزال موجوداً على الرغم من انخفاض عدد حالات الإصابة بنسبةٍ تزيد عن 99% منذُ عامّ 1988م، حيثُ انخفضت حالات الإصابة بالمرض من 350 ألف حالة إلى 33 حالة تمّ الإبلاغ عنها عام 2018م،[٢] وبشكلٍ عامّ تُعتبر عدوى شلل الأطفال أكثر شيوعاً لدى الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 5 سنوات، ومع ذلك تزداد احتمالية الإصابة بشلل الأطفال بغضّ النّظر عن العمر في حال عدم تلقي الشخص لمطعوم شلل الأطفال، أو في حال تلقيه المطعوم بشكلٍ غير تامّ،[٣] وعلى الرغم من التقدّم الهائل وانخفاض عدد الحالات المُصابة بالمرض منذُ عام 1988م إلى أنّ المرض يُمكن أن ينتشر بسهولة طالما هُناك طفل واحد مُصاب بهذه العدوى حتّى وإن كانت المنطقة أو البلد خالية في الأصل من فيروس شلل الأطفال، كما يُمكن أن ينتشر بسرعة كبيرة بين الأشخاص الذين لا يتمتعون بحمايةٍ كافيةٍ ضدّ الفيروس.[٤]

تاريخ مرض شلل الأطفال

يعتقد الخبراء أنّ مرض شلل الأطفال موجود منذ وقت طويل، فقد عُثر على لوحة أحفورية من العصر الفرعوني تعود لعام 1400 قبل الميلاد، يظهر فيها مومياء بأطراف مشوّهة،[٥] وسجلت الكتب أول وصف لأعراض شلل الأطفال عام 1789 ميلدية، بينما تم تسجيل أول حالة موثقة ومؤكدة بالمرض عام 1835 ميلادية،[٦] ويعود اكتشاف الفيروس المسبب لمرض شلل الأطفال لعام 1908 ميلادي؛ حيث تمكّن العالمان كارل لاندستنر وإروين بوبر من عزل الفيروس، وتفحصه تحت المجهر، وبذلك أعلنا أنّ مرض شلل الأطفال ينتج عن كائن فيروسي وليس بكتيريا كما كان الاعتقاد من قبل.[٧] وتبع ذلك إجراء التجربة الأولى واسعة النطاق لمطعوم حضّره في عام 1954 جوناس سالك، والذي كان يُعطى عن طريق الحقن، ومن ثم حضر الطبيب ألبرت سابين مطعوماً جديداً عام 1956 ميلادي، وكان هذا المطعوم يُعطى عن طريق الفم، ويجدر بالذكر أنّ مطعوم شلل الأطفال أصبح مطعوماً روتينياً يُعطى للأطفال في جميع دول العالم.[٦]

أسباب حدوث شلل الأطفال

يُعزى شلل الأطفال إلى فيروس شلل الأطفال المعروف أيضًا بالفيروسة السنجابيّة (بالإنجليزية: Poliovirus) الذي يُعتبر أحد الفيروسات المعوية (بالإنجليزية: Enterovirus)، وهُناك ثلاثة أنماط مختلفة لفيروس شلل الأطفال، إذ يُعدّ النّمط الأول المُسبب الأكثر شيوعاً لتفشي شلل الأطفال، كما يُعتبر أكثرها تسبّبًا بالمُعاناة من الشلل مُقارنةً بالأنواع الأخرى،[٨] وكما تمّت الإشارة سابقًا فإنّ فيروس شلل الأطفال شديد العدوى حيثُ ينتقل المرض من شخصٍ لأخر من خلال الطريق الفموي-الشرجي بشكلٍ رئيسيّ، ويتضمّن ذلك دخول الفيروس عن طريق الفم أو الأنف، بحيث يتكاثر في الحلق والسّبيل المعوي، لينتقل الفيروس بعدها عبر الدم والجهاز اللمفاوي، ويصِل إلى الجهاز العصبي المركزي مؤثرًا فيه، ويُشار إلى وجود العديد من طرق انتقال الفيروس من شخصٍ إلى أخر؛ وتتضمّن ملامسة مُخاط أو بلغم الشخص المُصاب بشلل الأطفال، أو ملامسة البراز للشخص المصاب، أو الاتّصال المُباشر مع المُصاب بشلل الأطفال،[٩][١٠] وفيما يتعلّق بفترة الحضانة فهي تتراوح هذه الفترة بين 5-35 يوم،[١٠] ويُشار إلى إمكانيّة نقل الشخص العدوى للآخرين بشكلٍ فوري قبل ظهور الأعراض، وحتّى أسبوعين بعد ظهورها.[١١]

أعراض شلل الأطفال

قد لا يُعاني معظم المصابين بشلل الأطفال من ظهور أعراض الإصابة بالفيروس، ويُعرف هذا النّوع بالعدوى المُستتِرة أو غير الواضحة (بالإنجليزية: Inapparent infection)، وقد تختلف الأعراض تبعًا للنوع، ويُمكن بيان ذلك كما يلي:[١٢]

  • النوع المُجهِض: (بالإنجليزية: Abortive)، يعدّ هذا النوع خفيفًا ولا يستمر لفترةٍ طويلة، وتشمل أعراضه ما يلي:
    • الحمّى.
    • انخفاض الشهية.
    • ألم الحلق.
    • القيء والغثيان.
    • الم البطن.
    • الإمساك.
    • الشعور بالتعب، والضيق.
  • النوع غير الشللي: (بالإنجليزية: Nonparalytic)، يعدّ هذا النوع أكثر خفّة، ولا يستمر لفترةٍ طويلة من الزمن، وفي الحقيقة، تتشابه الأعراض الشائعة لهذا النّوع مع أعراض شلل الأطفال المُجهِض، وبعد زوال تلك الأعراض قد يُعاني الطّفل من أعراضٍ أخرى، نذكر منها ما يأتي:
    • تصلّب الرقبة، وعلى امتداد العمود الفقري.
    • ألم عضلات الرقبة، والجذع، والذراعين، والساقين.
  • النوع الشللي: (بالإنجليزية: Paralytic)، يُعتبر أكثر الأنواع خطورة ولكنّه نادر الحدوث، وغالبًا ما تتشابه الأعراض الأولية للإصابة مع أعراض الأنواع الأخرى لمرض شلل الأطفال، لكن قد تظهر بعض الأعراض الأخرى للإصابة بهذا النّوع في غضون أسبوع من الإصابة، وتتضمّن ما يلي:[١٣]:
    • فقدان ردود الفعل (بالإنجليزية: Reflexes).
    • رخاوة الأطراف وليونتها فيما يُعرف بالشلل الرخو (بالإنجليزية: Flaccid paralysis).
    • ألم شديد في العضلات، أو الشعور بضعفها.

ولمعرفة المزيد عن أعراض شلل الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هى أعراض شلل الاطفال).

تشخيص شلل الأطفال

يبدأ تشخيص الإصابة بشلل الأطفال عن طريق معرفة التاريخ المرضي للطفل، بما يتضمّن الاستفسار حول ما إذا كان الشخص قد سافر مؤخرًا إلى بلد ينشَط فيها هذا الفيروس، كما يتضمّن التشخيص إجراء الفحوصات البدنية، وقد يتطلّب الأمر إخضاع الشخص لبعض التحاليل والفحوصات المخبرية، والتي نذكر منها ما يأتي:[١]

  • الزراعة التشخيصية: تؤخذ عينة من بُراز المُصاب، وعينة أخرى من سوائل الحلق، حيث يقوم المُختص بزراعتها في بيئة مخصّصة لنمو الفيروسات في سبيل الكشف عن الفيروس المسؤول وراء ظهور هذه الأعراض بدقّة.
  • تحليل الدم: يهدف إلى التحقّق من وجود الأجسام المُضادة لفيروس شلل الأطفال.
  • البزل القطني: (Lumbar puncture)، يُجرى بهدف قياس الضغط في القناة الشوكيّة والدماغ، وإخضاع عينة من سائل النخاع الشوكي (بالإنجلزية: Cerebrospinal fluid) للفحص المخبري، ويتضمّن البزل القطني قيام الطبيب المُختص بإدخال إبرة في منطقة أسفل الظهر داخل القناة الشوكية المُحيطة بالنّخاع الشوكي.

علاج شلل الأطفال

لا يوجد علاج مُحدّد لعدوى شلل الأطفال، ولكن قد يُساهم اتباع بعض وسائل الرعاية الدّاعمة في التخفيف من الأعراض،[١٤]، ونذكر منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • مسكّنات الألم، التي تساعد على تخفيف الألم والحمى، ومنها الآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen).
  • أجهزة التّنفس الصّناعي المحمولة، والتي تُساعد على تحسين التنفس.
  • العلاج الطبيعي، ويهدف إلى الوقاية من التشوّهات وتأثر قدرة العضلات على أداء وظائفها، كما تلعب دورًا في تنشيط العضلات والحركة للأشخاص الذين يعانون من صعوبة ذلك.
  • شرب السّوائل، والتزام الراحة في المنزل خاصّة الذين يعانون من أعراض خفيفه تشبه أعراض الإصابة بالإنفلونزا.

ولمعرفة المزيد عن علاج شلل الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (علاج مرض شلل الأطفال).

مضاعفات شلل الأطفال

يوجد العديد من المضاعفات التي قد تحدث نتيجة الإصابة بشلل الأطفال، والتي تشتمل على ما يلي:[١٧]

  • فشل الجهاز التنفسي الثانوي، ويُعزى ذلك إلى شلل لعضلات الجهاز التنفسي أو تطوّر آفات في مركز التنفس.
  • تمدد المعدة بشكلٍ مفاجئ، وتستلزم هذه الحالة إخضاع الشخص للشفط أو الرشف المعدي (بالإنجليزية: Gastric aspiration) بشكلٍ مُباشر.
  • الآفات المعوية، والتي قد تؤدي إلى نزيف الجهاز الهضمي الذي قد يستلزم إخضاع المريض لنقل الدم.
  • ارتفاع ضغط الدم، والذي يعدّ من المضاعفات التي قد تؤدي إلى الإصابة بالاعتلال الدماغي بارتفاع ضغط الدم (بالإنجليزية: Hypertensive encephalopathy).
  • التهاب السحايا العقيم (بالإنجليزية: Aseptic meningitis)، والذي قد يدؤي إلى المُعاناة من الخمول، والغيبوبة، والنوبة الحموية (بالإنجليزية: Febrile seizure).
  • التهاب التامور القلبي (بالإنجليزية: Myopericarditis)، وقد يتمثل ذلك بالمُعاناة من اعتلال عضلة القلب التوسعي المزمن (بالإنجليزية: Chronic dilated cardiomyopathy)، وفي حالاتٍ نادرة قد يُعاني المريض من التهاب التامور المضيّق المزمن (بالإنجليزية: Chronic Constrictive pericarditis).
  • أنواع مُعينة من التهاب القرنية.
  • متلازمة ما بعد شلل الأطفال (بالإنجليزية: Postpolio syndrome)[١٧] وهي اضطراب تطوري للأعصاب والعضلات تحدث عادةً بعد 15 عام أو أكثر بعد التعافي من شلل الأطفال، ومن أعراض الإصابة بمتلازمة ما بعد شلل الأطفال، الشلل المفاجئ أو المتقدم ببطء، والشعور بالتعب وألم العضلات، وألم المفاصل، وقد يُعاني البعض من صعوبة التنفس.[١٨]

مطعوم شلل الأطفال

يعدّ مطعوم شلل الأطفال أكثر الطرق فعالية للوقاية من الإصابة بهذه الحالة، وهو مُدرج ضمن جدول المطاعيم الروتينية للأطفال منذ 1956 وحتى يومنا هذا، ووفقًا لنظام التطعيم في المملكة المُتحدة فتُعطى الجرعة الأولى الروتينيّة المُوصى بها في جدول المطاعيم بعمر 8 و12 و16 أسبوع من عمر الطفل بعد الولادة، وتُعطى الجرعة الثانية المُعززة بعمر ثلاث سنوات وأربعة أشهر، والجرعة المُعزّزة الثالثة بين 13 إلى 18 سنة،[١٩] وهُناك نوعان لمطعوم شلل الأطفال، نُبينهما فيما يأتي:[٢٠]

  • مطعوم شلل الأطفال المعطّل: (بالإنجليزية: Inactivated poliovirus)، يتكوّن هذا المطعوم من فيروس شلل الأطفال غير النّشِط، الذي يعدّ أمنًا وفعّالًا للغاية، ويُعطى هذا المطعوم على شكل جرعاتٍ مُتفرقة عن طريق الحقن في السّاق أو الذراع اعتمادًا على العمر.
  • مطعوم شلل الأطفال الفموي: (بالإنجليزية: Oral polio vaccine)، يتألف هذا النّوع من شكلٍ ضعيف من فيروس شلل الأطفال، ويُعتبر النّوع المفضل للعديد من البلدان نظرًا لانخفاض تكلفته، وسهولة إعطائه، وقدرته على توفير مستوى عالٍ من المناعة ضد الفيروس.

يُمكن اعتبار الشخص مُتمتًّعا بحمايةٍ تامّة ضدّ فيروس شلل الأطفال في حال تلقيه الثلاث جرعات الأوليّة على الأقل من مطعوم شلل الأطفال المُعطّل أو مطعوم شلل الأطفال الفموي الحيّ، أو أربع جرعات من أيّ مزيجٍ من مطعوميّ شلل الأطفال المعطل والفموي،[٢١] ومن الجدير بالذكر أنّ جدول التطعيم وتعليماته تختلف من بلدٍ لأخر، بحيث يؤخذ بعين الاعتبار التوصيات الوطنية للحصول على المطعوم.[٢٢]

ولمعرفة المزيد عن مطعوم شلل الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (تطعيم شلل الأطفال).

المراجع

  1. ^ أ ب “Poliomyelitis (Polio) in Children”, www.stanfordchildrens.org, Retrieved 2-1-2020.
  2. “Poliomyelitis”, www.who.int, Retrieved 07-01-2020. Edited.
  3. “Poliomyelitis (Polio): For health professionals”, www.canada.ca, Retrieved 2-1-2020.
  4. “Does polio still exist? Is it curable?”, www.who.int, Retrieved 2-1-2020.
  5. “HISTORY OF POLIO”, polioeradication.org, Retrieved 9-5-2020. Edited.
  6. ^ أ ب “History of polio vaccination”, www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved 9-5-2020. Edited.
  7. ” Poliomyelitis”, amhistory.si.edu, Retrieved 9-5-2020. Edited.
  8. “Poliomyelitis”, www.msdmanuals.com, Retrieved 1-1-2020.
  9. “Poliomyelitis”, www.chp.gov.hk, Retrieved 1-1-2019.
  10. ^ أ ب “Polio”, medlineplus.gov, Retrieved 1-1-2019.
  11. “What is Polio?”, www.cdc.gov, Retrieved 1-1-2019.
  12. “Poliomyelitis”, www.urmc.rochester.edu, Retrieved 08-01-2019. Edited.
  13. “Polio”, www.mayoclinic.org, Retrieved 1-1-2019.
  14. “POLIOMYELITIS (POLIO, INFANTILE PARALYSIS)”, www.vdh.virginia.gov, Retrieved 2-1-2020.
  15. “Polio”, www.mayoclinic.org, Retrieved 2-1-2020.
  16. “Polio: Management and Treatment”, my.clevelandclinic.org, Retrieved 2-1-2020.
  17. ^ أ ب “Enteroviruses”, emedicine.medscape.com, Retrieved 2-1-2020.
  18. “Poliomyelitis/Post-Polio Syndrome”, www.aapmr.org, Retrieved 2-1-2020.
  19. “Poliomyelitis”, www.hps.scot.nhs.uk, Retrieved 2-1-2020.
  20. “Everything you need to know about polio”, www.medicalnewstoday.com, Retrieved 2-1-2020.
  21. “Poliomyelitis (Polio) Vaccine Recommendations and Safety”, immunizationforwomen.org, Retrieved 09-01-2019. Edited.
  22. “Poliomyelitis”, medicalguidelines.msf.org, Retrieved 2-1-2020.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

شلل الأطفال

يُعتبر شلل الأطفال (بالإنجليزية: Poliomyelitis) مرض شديد العدوى ناتج عن عدوى فيروسيّة تُهاجم الجهاز العصبي، ويُشار إلى أنّ معظم المُصابين بفيروس شلل الأطفال لا تظهر عليهم أعراض الإصابة بهذا المرض، إلّا أنّ عدد قليل من الأطفال يُعانون من الشلل على إثر التعرّض لهذه العدوى، ويُشارإلى توافر معطوم شلل الأطفال والذي ساهم في انخفاض أعداد الإصابات بهذه الحالة بدرجةٍ كبيرة،[١] وبناءً على تقارير منظمة الصّحة العالمية فإنّ مرض شلل الأطفال لا يزال موجوداً على الرغم من انخفاض عدد حالات الإصابة بنسبةٍ تزيد عن 99% منذُ عامّ 1988م، حيثُ انخفضت حالات الإصابة بالمرض من 350 ألف حالة إلى 33 حالة تمّ الإبلاغ عنها عام 2018م،[٢] وبشكلٍ عامّ تُعتبر عدوى شلل الأطفال أكثر شيوعاً لدى الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 5 سنوات، ومع ذلك تزداد احتمالية الإصابة بشلل الأطفال بغضّ النّظر عن العمر في حال عدم تلقي الشخص لمطعوم شلل الأطفال، أو في حال تلقيه المطعوم بشكلٍ غير تامّ،[٣] وعلى الرغم من التقدّم الهائل وانخفاض عدد الحالات المُصابة بالمرض منذُ عام 1988م إلى أنّ المرض يُمكن أن ينتشر بسهولة طالما هُناك طفل واحد مُصاب بهذه العدوى حتّى وإن كانت المنطقة أو البلد خالية في الأصل من فيروس شلل الأطفال، كما يُمكن أن ينتشر بسرعة كبيرة بين الأشخاص الذين لا يتمتعون بحمايةٍ كافيةٍ ضدّ الفيروس.[٤]

تاريخ مرض شلل الأطفال

يعتقد الخبراء أنّ مرض شلل الأطفال موجود منذ وقت طويل، فقد عُثر على لوحة أحفورية من العصر الفرعوني تعود لعام 1400 قبل الميلاد، يظهر فيها مومياء بأطراف مشوّهة،[٥] وسجلت الكتب أول وصف لأعراض شلل الأطفال عام 1789 ميلدية، بينما تم تسجيل أول حالة موثقة ومؤكدة بالمرض عام 1835 ميلادية،[٦] ويعود اكتشاف الفيروس المسبب لمرض شلل الأطفال لعام 1908 ميلادي؛ حيث تمكّن العالمان كارل لاندستنر وإروين بوبر من عزل الفيروس، وتفحصه تحت المجهر، وبذلك أعلنا أنّ مرض شلل الأطفال ينتج عن كائن فيروسي وليس بكتيريا كما كان الاعتقاد من قبل.[٧] وتبع ذلك إجراء التجربة الأولى واسعة النطاق لمطعوم حضّره في عام 1954 جوناس سالك، والذي كان يُعطى عن طريق الحقن، ومن ثم حضر الطبيب ألبرت سابين مطعوماً جديداً عام 1956 ميلادي، وكان هذا المطعوم يُعطى عن طريق الفم، ويجدر بالذكر أنّ مطعوم شلل الأطفال أصبح مطعوماً روتينياً يُعطى للأطفال في جميع دول العالم.[٦]

أسباب حدوث شلل الأطفال

يُعزى شلل الأطفال إلى فيروس شلل الأطفال المعروف أيضًا بالفيروسة السنجابيّة (بالإنجليزية: Poliovirus) الذي يُعتبر أحد الفيروسات المعوية (بالإنجليزية: Enterovirus)، وهُناك ثلاثة أنماط مختلفة لفيروس شلل الأطفال، إذ يُعدّ النّمط الأول المُسبب الأكثر شيوعاً لتفشي شلل الأطفال، كما يُعتبر أكثرها تسبّبًا بالمُعاناة من الشلل مُقارنةً بالأنواع الأخرى،[٨] وكما تمّت الإشارة سابقًا فإنّ فيروس شلل الأطفال شديد العدوى حيثُ ينتقل المرض من شخصٍ لأخر من خلال الطريق الفموي-الشرجي بشكلٍ رئيسيّ، ويتضمّن ذلك دخول الفيروس عن طريق الفم أو الأنف، بحيث يتكاثر في الحلق والسّبيل المعوي، لينتقل الفيروس بعدها عبر الدم والجهاز اللمفاوي، ويصِل إلى الجهاز العصبي المركزي مؤثرًا فيه، ويُشار إلى وجود العديد من طرق انتقال الفيروس من شخصٍ إلى أخر؛ وتتضمّن ملامسة مُخاط أو بلغم الشخص المُصاب بشلل الأطفال، أو ملامسة البراز للشخص المصاب، أو الاتّصال المُباشر مع المُصاب بشلل الأطفال،[٩][١٠] وفيما يتعلّق بفترة الحضانة فهي تتراوح هذه الفترة بين 5-35 يوم،[١٠] ويُشار إلى إمكانيّة نقل الشخص العدوى للآخرين بشكلٍ فوري قبل ظهور الأعراض، وحتّى أسبوعين بعد ظهورها.[١١]

أعراض شلل الأطفال

قد لا يُعاني معظم المصابين بشلل الأطفال من ظهور أعراض الإصابة بالفيروس، ويُعرف هذا النّوع بالعدوى المُستتِرة أو غير الواضحة (بالإنجليزية: Inapparent infection)، وقد تختلف الأعراض تبعًا للنوع، ويُمكن بيان ذلك كما يلي:[١٢]

  • النوع المُجهِض: (بالإنجليزية: Abortive)، يعدّ هذا النوع خفيفًا ولا يستمر لفترةٍ طويلة، وتشمل أعراضه ما يلي:
    • الحمّى.
    • انخفاض الشهية.
    • ألم الحلق.
    • القيء والغثيان.
    • الم البطن.
    • الإمساك.
    • الشعور بالتعب، والضيق.
  • النوع غير الشللي: (بالإنجليزية: Nonparalytic)، يعدّ هذا النوع أكثر خفّة، ولا يستمر لفترةٍ طويلة من الزمن، وفي الحقيقة، تتشابه الأعراض الشائعة لهذا النّوع مع أعراض شلل الأطفال المُجهِض، وبعد زوال تلك الأعراض قد يُعاني الطّفل من أعراضٍ أخرى، نذكر منها ما يأتي:
    • تصلّب الرقبة، وعلى امتداد العمود الفقري.
    • ألم عضلات الرقبة، والجذع، والذراعين، والساقين.
  • النوع الشللي: (بالإنجليزية: Paralytic)، يُعتبر أكثر الأنواع خطورة ولكنّه نادر الحدوث، وغالبًا ما تتشابه الأعراض الأولية للإصابة مع أعراض الأنواع الأخرى لمرض شلل الأطفال، لكن قد تظهر بعض الأعراض الأخرى للإصابة بهذا النّوع في غضون أسبوع من الإصابة، وتتضمّن ما يلي:[١٣]:
    • فقدان ردود الفعل (بالإنجليزية: Reflexes).
    • رخاوة الأطراف وليونتها فيما يُعرف بالشلل الرخو (بالإنجليزية: Flaccid paralysis).
    • ألم شديد في العضلات، أو الشعور بضعفها.

ولمعرفة المزيد عن أعراض شلل الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هى أعراض شلل الاطفال).

تشخيص شلل الأطفال

يبدأ تشخيص الإصابة بشلل الأطفال عن طريق معرفة التاريخ المرضي للطفل، بما يتضمّن الاستفسار حول ما إذا كان الشخص قد سافر مؤخرًا إلى بلد ينشَط فيها هذا الفيروس، كما يتضمّن التشخيص إجراء الفحوصات البدنية، وقد يتطلّب الأمر إخضاع الشخص لبعض التحاليل والفحوصات المخبرية، والتي نذكر منها ما يأتي:[١]

  • الزراعة التشخيصية: تؤخذ عينة من بُراز المُصاب، وعينة أخرى من سوائل الحلق، حيث يقوم المُختص بزراعتها في بيئة مخصّصة لنمو الفيروسات في سبيل الكشف عن الفيروس المسؤول وراء ظهور هذه الأعراض بدقّة.
  • تحليل الدم: يهدف إلى التحقّق من وجود الأجسام المُضادة لفيروس شلل الأطفال.
  • البزل القطني: (Lumbar puncture)، يُجرى بهدف قياس الضغط في القناة الشوكيّة والدماغ، وإخضاع عينة من سائل النخاع الشوكي (بالإنجلزية: Cerebrospinal fluid) للفحص المخبري، ويتضمّن البزل القطني قيام الطبيب المُختص بإدخال إبرة في منطقة أسفل الظهر داخل القناة الشوكية المُحيطة بالنّخاع الشوكي.

علاج شلل الأطفال

لا يوجد علاج مُحدّد لعدوى شلل الأطفال، ولكن قد يُساهم اتباع بعض وسائل الرعاية الدّاعمة في التخفيف من الأعراض،[١٤]، ونذكر منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • مسكّنات الألم، التي تساعد على تخفيف الألم والحمى، ومنها الآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen).
  • أجهزة التّنفس الصّناعي المحمولة، والتي تُساعد على تحسين التنفس.
  • العلاج الطبيعي، ويهدف إلى الوقاية من التشوّهات وتأثر قدرة العضلات على أداء وظائفها، كما تلعب دورًا في تنشيط العضلات والحركة للأشخاص الذين يعانون من صعوبة ذلك.
  • شرب السّوائل، والتزام الراحة في المنزل خاصّة الذين يعانون من أعراض خفيفه تشبه أعراض الإصابة بالإنفلونزا.

ولمعرفة المزيد عن علاج شلل الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (علاج مرض شلل الأطفال).

مضاعفات شلل الأطفال

يوجد العديد من المضاعفات التي قد تحدث نتيجة الإصابة بشلل الأطفال، والتي تشتمل على ما يلي:[١٧]

  • فشل الجهاز التنفسي الثانوي، ويُعزى ذلك إلى شلل لعضلات الجهاز التنفسي أو تطوّر آفات في مركز التنفس.
  • تمدد المعدة بشكلٍ مفاجئ، وتستلزم هذه الحالة إخضاع الشخص للشفط أو الرشف المعدي (بالإنجليزية: Gastric aspiration) بشكلٍ مُباشر.
  • الآفات المعوية، والتي قد تؤدي إلى نزيف الجهاز الهضمي الذي قد يستلزم إخضاع المريض لنقل الدم.
  • ارتفاع ضغط الدم، والذي يعدّ من المضاعفات التي قد تؤدي إلى الإصابة بالاعتلال الدماغي بارتفاع ضغط الدم (بالإنجليزية: Hypertensive encephalopathy).
  • التهاب السحايا العقيم (بالإنجليزية: Aseptic meningitis)، والذي قد يدؤي إلى المُعاناة من الخمول، والغيبوبة، والنوبة الحموية (بالإنجليزية: Febrile seizure).
  • التهاب التامور القلبي (بالإنجليزية: Myopericarditis)، وقد يتمثل ذلك بالمُعاناة من اعتلال عضلة القلب التوسعي المزمن (بالإنجليزية: Chronic dilated cardiomyopathy)، وفي حالاتٍ نادرة قد يُعاني المريض من التهاب التامور المضيّق المزمن (بالإنجليزية: Chronic Constrictive pericarditis).
  • أنواع مُعينة من التهاب القرنية.
  • متلازمة ما بعد شلل الأطفال (بالإنجليزية: Postpolio syndrome)[١٧] وهي اضطراب تطوري للأعصاب والعضلات تحدث عادةً بعد 15 عام أو أكثر بعد التعافي من شلل الأطفال، ومن أعراض الإصابة بمتلازمة ما بعد شلل الأطفال، الشلل المفاجئ أو المتقدم ببطء، والشعور بالتعب وألم العضلات، وألم المفاصل، وقد يُعاني البعض من صعوبة التنفس.[١٨]

مطعوم شلل الأطفال

يعدّ مطعوم شلل الأطفال أكثر الطرق فعالية للوقاية من الإصابة بهذه الحالة، وهو مُدرج ضمن جدول المطاعيم الروتينية للأطفال منذ 1956 وحتى يومنا هذا، ووفقًا لنظام التطعيم في المملكة المُتحدة فتُعطى الجرعة الأولى الروتينيّة المُوصى بها في جدول المطاعيم بعمر 8 و12 و16 أسبوع من عمر الطفل بعد الولادة، وتُعطى الجرعة الثانية المُعززة بعمر ثلاث سنوات وأربعة أشهر، والجرعة المُعزّزة الثالثة بين 13 إلى 18 سنة،[١٩] وهُناك نوعان لمطعوم شلل الأطفال، نُبينهما فيما يأتي:[٢٠]

  • مطعوم شلل الأطفال المعطّل: (بالإنجليزية: Inactivated poliovirus)، يتكوّن هذا المطعوم من فيروس شلل الأطفال غير النّشِط، الذي يعدّ أمنًا وفعّالًا للغاية، ويُعطى هذا المطعوم على شكل جرعاتٍ مُتفرقة عن طريق الحقن في السّاق أو الذراع اعتمادًا على العمر.
  • مطعوم شلل الأطفال الفموي: (بالإنجليزية: Oral polio vaccine)، يتألف هذا النّوع من شكلٍ ضعيف من فيروس شلل الأطفال، ويُعتبر النّوع المفضل للعديد من البلدان نظرًا لانخفاض تكلفته، وسهولة إعطائه، وقدرته على توفير مستوى عالٍ من المناعة ضد الفيروس.

يُمكن اعتبار الشخص مُتمتًّعا بحمايةٍ تامّة ضدّ فيروس شلل الأطفال في حال تلقيه الثلاث جرعات الأوليّة على الأقل من مطعوم شلل الأطفال المُعطّل أو مطعوم شلل الأطفال الفموي الحيّ، أو أربع جرعات من أيّ مزيجٍ من مطعوميّ شلل الأطفال المعطل والفموي،[٢١] ومن الجدير بالذكر أنّ جدول التطعيم وتعليماته تختلف من بلدٍ لأخر، بحيث يؤخذ بعين الاعتبار التوصيات الوطنية للحصول على المطعوم.[٢٢]

ولمعرفة المزيد عن مطعوم شلل الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (تطعيم شلل الأطفال).

المراجع

  1. ^ أ ب “Poliomyelitis (Polio) in Children”, www.stanfordchildrens.org, Retrieved 2-1-2020.
  2. “Poliomyelitis”, www.who.int, Retrieved 07-01-2020. Edited.
  3. “Poliomyelitis (Polio): For health professionals”, www.canada.ca, Retrieved 2-1-2020.
  4. “Does polio still exist? Is it curable?”, www.who.int, Retrieved 2-1-2020.
  5. “HISTORY OF POLIO”, polioeradication.org, Retrieved 9-5-2020. Edited.
  6. ^ أ ب “History of polio vaccination”, www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved 9-5-2020. Edited.
  7. ” Poliomyelitis”, amhistory.si.edu, Retrieved 9-5-2020. Edited.
  8. “Poliomyelitis”, www.msdmanuals.com, Retrieved 1-1-2020.
  9. “Poliomyelitis”, www.chp.gov.hk, Retrieved 1-1-2019.
  10. ^ أ ب “Polio”, medlineplus.gov, Retrieved 1-1-2019.
  11. “What is Polio?”, www.cdc.gov, Retrieved 1-1-2019.
  12. “Poliomyelitis”, www.urmc.rochester.edu, Retrieved 08-01-2019. Edited.
  13. “Polio”, www.mayoclinic.org, Retrieved 1-1-2019.
  14. “POLIOMYELITIS (POLIO, INFANTILE PARALYSIS)”, www.vdh.virginia.gov, Retrieved 2-1-2020.
  15. “Polio”, www.mayoclinic.org, Retrieved 2-1-2020.
  16. “Polio: Management and Treatment”, my.clevelandclinic.org, Retrieved 2-1-2020.
  17. ^ أ ب “Enteroviruses”, emedicine.medscape.com, Retrieved 2-1-2020.
  18. “Poliomyelitis/Post-Polio Syndrome”, www.aapmr.org, Retrieved 2-1-2020.
  19. “Poliomyelitis”, www.hps.scot.nhs.uk, Retrieved 2-1-2020.
  20. “Everything you need to know about polio”, www.medicalnewstoday.com, Retrieved 2-1-2020.
  21. “Poliomyelitis (Polio) Vaccine Recommendations and Safety”, immunizationforwomen.org, Retrieved 09-01-2019. Edited.
  22. “Poliomyelitis”, medicalguidelines.msf.org, Retrieved 2-1-2020.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شلل الأطفال

يُعتبر شلل الأطفال (بالإنجليزية: Poliomyelitis) مرض شديد العدوى ناتج عن عدوى فيروسيّة تُهاجم الجهاز العصبي، ويُشار إلى أنّ معظم المُصابين بفيروس شلل الأطفال لا تظهر عليهم أعراض الإصابة بهذا المرض، إلّا أنّ عدد قليل من الأطفال يُعانون من الشلل على إثر التعرّض لهذه العدوى، ويُشارإلى توافر معطوم شلل الأطفال والذي ساهم في انخفاض أعداد الإصابات بهذه الحالة بدرجةٍ كبيرة،[١] وبناءً على تقارير منظمة الصّحة العالمية فإنّ مرض شلل الأطفال لا يزال موجوداً على الرغم من انخفاض عدد حالات الإصابة بنسبةٍ تزيد عن 99% منذُ عامّ 1988م، حيثُ انخفضت حالات الإصابة بالمرض من 350 ألف حالة إلى 33 حالة تمّ الإبلاغ عنها عام 2018م،[٢] وبشكلٍ عامّ تُعتبر عدوى شلل الأطفال أكثر شيوعاً لدى الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 5 سنوات، ومع ذلك تزداد احتمالية الإصابة بشلل الأطفال بغضّ النّظر عن العمر في حال عدم تلقي الشخص لمطعوم شلل الأطفال، أو في حال تلقيه المطعوم بشكلٍ غير تامّ،[٣] وعلى الرغم من التقدّم الهائل وانخفاض عدد الحالات المُصابة بالمرض منذُ عام 1988م إلى أنّ المرض يُمكن أن ينتشر بسهولة طالما هُناك طفل واحد مُصاب بهذه العدوى حتّى وإن كانت المنطقة أو البلد خالية في الأصل من فيروس شلل الأطفال، كما يُمكن أن ينتشر بسرعة كبيرة بين الأشخاص الذين لا يتمتعون بحمايةٍ كافيةٍ ضدّ الفيروس.[٤]

تاريخ مرض شلل الأطفال

يعتقد الخبراء أنّ مرض شلل الأطفال موجود منذ وقت طويل، فقد عُثر على لوحة أحفورية من العصر الفرعوني تعود لعام 1400 قبل الميلاد، يظهر فيها مومياء بأطراف مشوّهة،[٥] وسجلت الكتب أول وصف لأعراض شلل الأطفال عام 1789 ميلدية، بينما تم تسجيل أول حالة موثقة ومؤكدة بالمرض عام 1835 ميلادية،[٦] ويعود اكتشاف الفيروس المسبب لمرض شلل الأطفال لعام 1908 ميلادي؛ حيث تمكّن العالمان كارل لاندستنر وإروين بوبر من عزل الفيروس، وتفحصه تحت المجهر، وبذلك أعلنا أنّ مرض شلل الأطفال ينتج عن كائن فيروسي وليس بكتيريا كما كان الاعتقاد من قبل.[٧] وتبع ذلك إجراء التجربة الأولى واسعة النطاق لمطعوم حضّره في عام 1954 جوناس سالك، والذي كان يُعطى عن طريق الحقن، ومن ثم حضر الطبيب ألبرت سابين مطعوماً جديداً عام 1956 ميلادي، وكان هذا المطعوم يُعطى عن طريق الفم، ويجدر بالذكر أنّ مطعوم شلل الأطفال أصبح مطعوماً روتينياً يُعطى للأطفال في جميع دول العالم.[٦]

أسباب حدوث شلل الأطفال

يُعزى شلل الأطفال إلى فيروس شلل الأطفال المعروف أيضًا بالفيروسة السنجابيّة (بالإنجليزية: Poliovirus) الذي يُعتبر أحد الفيروسات المعوية (بالإنجليزية: Enterovirus)، وهُناك ثلاثة أنماط مختلفة لفيروس شلل الأطفال، إذ يُعدّ النّمط الأول المُسبب الأكثر شيوعاً لتفشي شلل الأطفال، كما يُعتبر أكثرها تسبّبًا بالمُعاناة من الشلل مُقارنةً بالأنواع الأخرى،[٨] وكما تمّت الإشارة سابقًا فإنّ فيروس شلل الأطفال شديد العدوى حيثُ ينتقل المرض من شخصٍ لأخر من خلال الطريق الفموي-الشرجي بشكلٍ رئيسيّ، ويتضمّن ذلك دخول الفيروس عن طريق الفم أو الأنف، بحيث يتكاثر في الحلق والسّبيل المعوي، لينتقل الفيروس بعدها عبر الدم والجهاز اللمفاوي، ويصِل إلى الجهاز العصبي المركزي مؤثرًا فيه، ويُشار إلى وجود العديد من طرق انتقال الفيروس من شخصٍ إلى أخر؛ وتتضمّن ملامسة مُخاط أو بلغم الشخص المُصاب بشلل الأطفال، أو ملامسة البراز للشخص المصاب، أو الاتّصال المُباشر مع المُصاب بشلل الأطفال،[٩][١٠] وفيما يتعلّق بفترة الحضانة فهي تتراوح هذه الفترة بين 5-35 يوم،[١٠] ويُشار إلى إمكانيّة نقل الشخص العدوى للآخرين بشكلٍ فوري قبل ظهور الأعراض، وحتّى أسبوعين بعد ظهورها.[١١]

أعراض شلل الأطفال

قد لا يُعاني معظم المصابين بشلل الأطفال من ظهور أعراض الإصابة بالفيروس، ويُعرف هذا النّوع بالعدوى المُستتِرة أو غير الواضحة (بالإنجليزية: Inapparent infection)، وقد تختلف الأعراض تبعًا للنوع، ويُمكن بيان ذلك كما يلي:[١٢]

  • النوع المُجهِض: (بالإنجليزية: Abortive)، يعدّ هذا النوع خفيفًا ولا يستمر لفترةٍ طويلة، وتشمل أعراضه ما يلي:
    • الحمّى.
    • انخفاض الشهية.
    • ألم الحلق.
    • القيء والغثيان.
    • الم البطن.
    • الإمساك.
    • الشعور بالتعب، والضيق.
  • النوع غير الشللي: (بالإنجليزية: Nonparalytic)، يعدّ هذا النوع أكثر خفّة، ولا يستمر لفترةٍ طويلة من الزمن، وفي الحقيقة، تتشابه الأعراض الشائعة لهذا النّوع مع أعراض شلل الأطفال المُجهِض، وبعد زوال تلك الأعراض قد يُعاني الطّفل من أعراضٍ أخرى، نذكر منها ما يأتي:
    • تصلّب الرقبة، وعلى امتداد العمود الفقري.
    • ألم عضلات الرقبة، والجذع، والذراعين، والساقين.
  • النوع الشللي: (بالإنجليزية: Paralytic)، يُعتبر أكثر الأنواع خطورة ولكنّه نادر الحدوث، وغالبًا ما تتشابه الأعراض الأولية للإصابة مع أعراض الأنواع الأخرى لمرض شلل الأطفال، لكن قد تظهر بعض الأعراض الأخرى للإصابة بهذا النّوع في غضون أسبوع من الإصابة، وتتضمّن ما يلي:[١٣]:
    • فقدان ردود الفعل (بالإنجليزية: Reflexes).
    • رخاوة الأطراف وليونتها فيما يُعرف بالشلل الرخو (بالإنجليزية: Flaccid paralysis).
    • ألم شديد في العضلات، أو الشعور بضعفها.

ولمعرفة المزيد عن أعراض شلل الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هى أعراض شلل الاطفال).

تشخيص شلل الأطفال

يبدأ تشخيص الإصابة بشلل الأطفال عن طريق معرفة التاريخ المرضي للطفل، بما يتضمّن الاستفسار حول ما إذا كان الشخص قد سافر مؤخرًا إلى بلد ينشَط فيها هذا الفيروس، كما يتضمّن التشخيص إجراء الفحوصات البدنية، وقد يتطلّب الأمر إخضاع الشخص لبعض التحاليل والفحوصات المخبرية، والتي نذكر منها ما يأتي:[١]

  • الزراعة التشخيصية: تؤخذ عينة من بُراز المُصاب، وعينة أخرى من سوائل الحلق، حيث يقوم المُختص بزراعتها في بيئة مخصّصة لنمو الفيروسات في سبيل الكشف عن الفيروس المسؤول وراء ظهور هذه الأعراض بدقّة.
  • تحليل الدم: يهدف إلى التحقّق من وجود الأجسام المُضادة لفيروس شلل الأطفال.
  • البزل القطني: (Lumbar puncture)، يُجرى بهدف قياس الضغط في القناة الشوكيّة والدماغ، وإخضاع عينة من سائل النخاع الشوكي (بالإنجلزية: Cerebrospinal fluid) للفحص المخبري، ويتضمّن البزل القطني قيام الطبيب المُختص بإدخال إبرة في منطقة أسفل الظهر داخل القناة الشوكية المُحيطة بالنّخاع الشوكي.

علاج شلل الأطفال

لا يوجد علاج مُحدّد لعدوى شلل الأطفال، ولكن قد يُساهم اتباع بعض وسائل الرعاية الدّاعمة في التخفيف من الأعراض،[١٤]، ونذكر منها ما يأتي:[١٥][١٦]

  • مسكّنات الألم، التي تساعد على تخفيف الألم والحمى، ومنها الآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen).
  • أجهزة التّنفس الصّناعي المحمولة، والتي تُساعد على تحسين التنفس.
  • العلاج الطبيعي، ويهدف إلى الوقاية من التشوّهات وتأثر قدرة العضلات على أداء وظائفها، كما تلعب دورًا في تنشيط العضلات والحركة للأشخاص الذين يعانون من صعوبة ذلك.
  • شرب السّوائل، والتزام الراحة في المنزل خاصّة الذين يعانون من أعراض خفيفه تشبه أعراض الإصابة بالإنفلونزا.

ولمعرفة المزيد عن علاج شلل الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (علاج مرض شلل الأطفال).

مضاعفات شلل الأطفال

يوجد العديد من المضاعفات التي قد تحدث نتيجة الإصابة بشلل الأطفال، والتي تشتمل على ما يلي:[١٧]

  • فشل الجهاز التنفسي الثانوي، ويُعزى ذلك إلى شلل لعضلات الجهاز التنفسي أو تطوّر آفات في مركز التنفس.
  • تمدد المعدة بشكلٍ مفاجئ، وتستلزم هذه الحالة إخضاع الشخص للشفط أو الرشف المعدي (بالإنجليزية: Gastric aspiration) بشكلٍ مُباشر.
  • الآفات المعوية، والتي قد تؤدي إلى نزيف الجهاز الهضمي الذي قد يستلزم إخضاع المريض لنقل الدم.
  • ارتفاع ضغط الدم، والذي يعدّ من المضاعفات التي قد تؤدي إلى الإصابة بالاعتلال الدماغي بارتفاع ضغط الدم (بالإنجليزية: Hypertensive encephalopathy).
  • التهاب السحايا العقيم (بالإنجليزية: Aseptic meningitis)، والذي قد يدؤي إلى المُعاناة من الخمول، والغيبوبة، والنوبة الحموية (بالإنجليزية: Febrile seizure).
  • التهاب التامور القلبي (بالإنجليزية: Myopericarditis)، وقد يتمثل ذلك بالمُعاناة من اعتلال عضلة القلب التوسعي المزمن (بالإنجليزية: Chronic dilated cardiomyopathy)، وفي حالاتٍ نادرة قد يُعاني المريض من التهاب التامور المضيّق المزمن (بالإنجليزية: Chronic Constrictive pericarditis).
  • أنواع مُعينة من التهاب القرنية.
  • متلازمة ما بعد شلل الأطفال (بالإنجليزية: Postpolio syndrome)[١٧] وهي اضطراب تطوري للأعصاب والعضلات تحدث عادةً بعد 15 عام أو أكثر بعد التعافي من شلل الأطفال، ومن أعراض الإصابة بمتلازمة ما بعد شلل الأطفال، الشلل المفاجئ أو المتقدم ببطء، والشعور بالتعب وألم العضلات، وألم المفاصل، وقد يُعاني البعض من صعوبة التنفس.[١٨]

مطعوم شلل الأطفال

يعدّ مطعوم شلل الأطفال أكثر الطرق فعالية للوقاية من الإصابة بهذه الحالة، وهو مُدرج ضمن جدول المطاعيم الروتينية للأطفال منذ 1956 وحتى يومنا هذا، ووفقًا لنظام التطعيم في المملكة المُتحدة فتُعطى الجرعة الأولى الروتينيّة المُوصى بها في جدول المطاعيم بعمر 8 و12 و16 أسبوع من عمر الطفل بعد الولادة، وتُعطى الجرعة الثانية المُعززة بعمر ثلاث سنوات وأربعة أشهر، والجرعة المُعزّزة الثالثة بين 13 إلى 18 سنة،[١٩] وهُناك نوعان لمطعوم شلل الأطفال، نُبينهما فيما يأتي:[٢٠]

  • مطعوم شلل الأطفال المعطّل: (بالإنجليزية: Inactivated poliovirus)، يتكوّن هذا المطعوم من فيروس شلل الأطفال غير النّشِط، الذي يعدّ أمنًا وفعّالًا للغاية، ويُعطى هذا المطعوم على شكل جرعاتٍ مُتفرقة عن طريق الحقن في السّاق أو الذراع اعتمادًا على العمر.
  • مطعوم شلل الأطفال الفموي: (بالإنجليزية: Oral polio vaccine)، يتألف هذا النّوع من شكلٍ ضعيف من فيروس شلل الأطفال، ويُعتبر النّوع المفضل للعديد من البلدان نظرًا لانخفاض تكلفته، وسهولة إعطائه، وقدرته على توفير مستوى عالٍ من المناعة ضد الفيروس.

يُمكن اعتبار الشخص مُتمتًّعا بحمايةٍ تامّة ضدّ فيروس شلل الأطفال في حال تلقيه الثلاث جرعات الأوليّة على الأقل من مطعوم شلل الأطفال المُعطّل أو مطعوم شلل الأطفال الفموي الحيّ، أو أربع جرعات من أيّ مزيجٍ من مطعوميّ شلل الأطفال المعطل والفموي،[٢١] ومن الجدير بالذكر أنّ جدول التطعيم وتعليماته تختلف من بلدٍ لأخر، بحيث يؤخذ بعين الاعتبار التوصيات الوطنية للحصول على المطعوم.[٢٢]

ولمعرفة المزيد عن مطعوم شلل الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: (تطعيم شلل الأطفال).

المراجع

  1. ^ أ ب “Poliomyelitis (Polio) in Children”, www.stanfordchildrens.org, Retrieved 2-1-2020.
  2. “Poliomyelitis”, www.who.int, Retrieved 07-01-2020. Edited.
  3. “Poliomyelitis (Polio): For health professionals”, www.canada.ca, Retrieved 2-1-2020.
  4. “Does polio still exist? Is it curable?”, www.who.int, Retrieved 2-1-2020.
  5. “HISTORY OF POLIO”, polioeradication.org, Retrieved 9-5-2020. Edited.
  6. ^ أ ب “History of polio vaccination”, www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved 9-5-2020. Edited.
  7. ” Poliomyelitis”, amhistory.si.edu, Retrieved 9-5-2020. Edited.
  8. “Poliomyelitis”, www.msdmanuals.com, Retrieved 1-1-2020.
  9. “Poliomyelitis”, www.chp.gov.hk, Retrieved 1-1-2019.
  10. ^ أ ب “Polio”, medlineplus.gov, Retrieved 1-1-2019.
  11. “What is Polio?”, www.cdc.gov, Retrieved 1-1-2019.
  12. “Poliomyelitis”, www.urmc.rochester.edu, Retrieved 08-01-2019. Edited.
  13. “Polio”, www.mayoclinic.org, Retrieved 1-1-2019.
  14. “POLIOMYELITIS (POLIO, INFANTILE PARALYSIS)”, www.vdh.virginia.gov, Retrieved 2-1-2020.
  15. “Polio”, www.mayoclinic.org, Retrieved 2-1-2020.
  16. “Polio: Management and Treatment”, my.clevelandclinic.org, Retrieved 2-1-2020.
  17. ^ أ ب “Enteroviruses”, emedicine.medscape.com, Retrieved 2-1-2020.
  18. “Poliomyelitis/Post-Polio Syndrome”, www.aapmr.org, Retrieved 2-1-2020.
  19. “Poliomyelitis”, www.hps.scot.nhs.uk, Retrieved 2-1-2020.
  20. “Everything you need to know about polio”, www.medicalnewstoday.com, Retrieved 2-1-2020.
  21. “Poliomyelitis (Polio) Vaccine Recommendations and Safety”, immunizationforwomen.org, Retrieved 09-01-2019. Edited.
  22. “Poliomyelitis”, medicalguidelines.msf.org, Retrieved 2-1-2020.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى