محتويات
'); }
تعريف بنوح عليه السلام
اسم نوح عليه السلام ومولده
هو نبيّ الله نوح بن لمك بن متوشلخ بن خنوخ؛ وخنوخ هو نبيّ الله إدريس -عليه السلام-،[١] ذكر ابن جرير أنّ مولد نوح -عليه السلام- كان بعد مئة وستّ وعشرين سنة من وفاة آدم -عليه السلام-، بينما نُقِل عن أهل الكتاب أنّ مولده كان بعد مئة وستّ وأربعين سنة، وقد جاء في الحديث أنّ المدّة التي كانت بين آدم ونوح -عليهما السلام- هي عشرة قرون؛ فقد جاء عن ابن عبّاس قوله: (كان بين نوحٍ وآدمَ عشرةُ قرونٍ كلُّهم على شريعةٍ من الحقِّ فاختلَفوا فبعث اللهُ النبيين مُبشِّرينَ ومُنذرِين قال وكذلك هي في قراءةِ عبدِ اللهِ { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا })،[٢] وقد تكلّم المُفسِّرون في مدّة القرن؛ فقِيل إنّه يساوي مئة سنة، فيكون بين آدم ونوح ألف سنة، وقِيل إنّ المقصود بالقرن: آلاف السنين، أمّا في ما يتعلّق بعمره عند بعثته فقد اختلف فيه المُؤرِّخون؛ فقد رُوِي عن ابن عبّاس أنّ عمره كان ثلاثمئة وخمسين سنة، وقِيل خمسين سنة، وذكر ابن جرير أنّه كان ابن أربعمئة وثمانين سنة.[٣]
صفة نوح عليه السلام ومهنته
وصف الله سيّدنا نوح -عليه السلام- في كتابه العزيز بالعبد الشكور، قال -تعالى-: (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا)؛[٤] وقد جاء عن أهل التفسير أنّ سبب وصف نوح -عليه السلام- بهذه الصفة أنّه كان لا يأكل طعاماً، ولا يلبس لباساً إلّا حمدَ الله عليه،[٥] وجاء في كتب التفسير أنّ نوحاً كباقي الأنبياء كان يأكل من كَسب يديه؛ حيث رُوِي أنّه كان يحترف النِّجارة.[٦]
'); }
زوجة نوح عليه السلام وأبناؤه
اتّفق مُؤرِّخو الأمّة على أنّ ذُرّية نوح -عليه السلام- كانوا الذرّية الوحيدة الباقية بعد هلاك الأُمَم في الطوفان، قال -تعالى-: (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ)؛[٧] فالبشر جميعاً يرجع نسبهم إلى أولاد نوح -عليه السلام- الثلاثة، وهم: حام، وسام، ويافث، فأمّا حام فقد جاء من نَسله أهل الحبشة، وأمّا سام فقد جاء من نَسله العرب، وجاء من نَسل يافث الروم،[٨][٩] ويُشار إلى أنّ زوجة نوح -عليه السلام- هي واعلة التي ضرب الله بها مثلاً للزوجة التي تخون زوجها، وذلك برفضها الإيمان بالحقّ الذي جاء به من عند ربّه.[١٠]
مدّة حياة نوح عليه السلام ومكان سكن قومه
عاش قوم نوح في منطقة جنوب العراق قريباً من الكوفة،[١١] وقد اختلف أهل التفسير في مدّة حياة سيّدنا نوح -عليه السلام-؛ لعدم ثبوت نصّ صريح في ذلك؛ فقد رُوِيت عن الصحابة والتابعين عدّة أقوال عن مدّة حياته -عليه السلام-؛ فنقل ابن كثير عن قتادة أنّ نوحاً لَبِث في قومه قبل أن يُبعَث ثلاثمئة سنة، ثمّ لَبث ثلاثمئة سنة أخرى يدعوهم فيها إلى التوحيد والإيمان، ثمّ لبث ثلاثمئة وخمسين سنة بعد الطوفان، فتكون مدّة حياته كاملة ألف سنة إلّا خمسين، وذكر ابن أبي حاتم قولاً عن كعب الأحبار يذكر فيه أنّ نوحاً لَبِث يدعو قومه ألف سنة إلّا خمسين عاماً، ثمّ لَبِث سبعين عاماً بعد الطوفان، وجاء عن ابن عبّاس أيضاً أنّه عاش ألفاً وأربعمئة سنة، وهذا قول وهب بن منبه، وجاء عن عكرمة أنّ مدّة حياته كاملة كانت ألفاً وسبعمئة سنة، كما جاء عن عون بن أبي شداد أنّ نوحاً لَبِث في قومه ثلاثمئة وخمسين سنة قبل أن يُبعَث، ثمّ بعثه الله فلَبِث في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاماً، ثمّ توفّاه الله بعد الطوفان بثلاثمئة سنة، فيكون عمره كاملاً ألفاً وستّمئة وخمسين سنة، ورُوِي عن ابن عبّاس أنّ نوحاً بعثه الله وعُمره أربعون سنة، ثمّ كانت مدّة مُكثه بين قومه ألف سنة إلّا خمسين عاماً، ثمّ توفّاه الله بعد ستّين عاماً من الطوفان، فيكون عُمره ألفاً وخمسين سنة.[١٢]
مكان قبر نوح عليه السلام
لم تثبت قبور الأنبياء عليهم -صلوات الله- بالتعيين إلّا بالبقعة، أو المنطقة، وليس بالتعيين المخصوص بالقبر كقبر النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وما ثبت بخصوص بقيّة قبور الأنبياء إنّما يتعلّق بالبقعة والمنطقة التي دُفِنوا فيها دون ذِكر لمكان القبر على التعيين،[١٣] واختلف العلماء في مكان قبر نوح -عليه السلام- على رأيَين، هما:
- أنّ قبره موجود ما بين الرُّكن، وزمزم في المسجد الحرام، والمَقام، وهو قول ابن سابط.[١٤]
- أنّ قبر نوح -عليه السلام- موجود في قرية اسمها (الكَرْك) عند سفح جبل في لبنان يُعرَف ب(جبل الدير)، وهو قول سبط ابن الجوزيّ.[١٥]
دعوة نوح عليه السلام
كان نوح -عليه السلام- أوّل رسول يُرسله الله إلى الناس في الأرض، وقد بدأ رسالته بدعوة قومه إلى التوحيد والإيمان بالله وحده، قال -تعالى-: ( فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)،[١٦] وقد خاطب نوح -عليه السلام- قومه؛ لأنّهم أهله، وعشيرته، وهم مَظنّة النصر، والعون على الشدائد، فكان لا بُدّ من استثارة مشاعرهم، وعواطفهم؛ بتذكيرهم بحقّ القرابة عليهم، ثمّ بيّنَ نوح -عليه السلام- لقومه حقيقة التوحيد؛ بإثبات الألوهية لله -تعالى-، ونَفْيها عمّن سواه، وأنّه لا إله إلا الله، ولا مُستَحِقَّ للعبادة سواه، فهو الذي ينبغي أن تتعلّق به القلوب وحده، وهو الذي يُجيب المضطر إذا دعاه، ثمّ ذكّر نوح قومَه بعذاب الله -تعالى- الذي أعدّه لمَن يكفر بدعوة أنبيائه، ثمّ دعاهم إلى الإيمان باليوم الآخر، وساقَ لهم الأدلّة التي تُثبت هذا اليوم؛ بذِكر أحوال الناس قبل البعث، وانتقالهم من طور إلى آخر؛ فهم يُبعَثون من قبورهم التي انتقلوا إليها في الدنيا، إلى الحساب، والوقوف على الصراط؛ فتكون الجنّةُ مصيرهم إن هم آمنوا، أو النار إن هم جحدوا.[١٧]
وقد ردّ قوم نوح -عليه السلام- على دعوته باتّهامه بالضلالة، قال –تعالى-: (قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)،[١٨] وكان من نادى بهذا القول سادة القوم، وذوو الجاه، والسُّلطة، والمال، وهم الملأ الذين استكبروا عن قبول دعوة الحقّ، فردَّ نوح -عليه السلام- على اتّهامهم له بالضلالة بتذكيرهم أنّه رسولٌ من ربّ العالَمين لا يريد لهم إلّا الهداية إلى طريق الرُّشد والسداد، مُرشداً إيّاهم إلى ما فيه سعادتهم، وراحتهم، إلّا أنّهم أبَوا، وأوحى الله -تعالى- إلى نبيّه -عليه السلام- أنّه لن يؤمن بدعوته سوى من آمن، ولن يؤمن غيرهم، وأمره -سبحانه- أن يصنع السفينة، حتى إذا جاء أمر الله، فُتِحت السماء بماء منهمر، وفُجِّرت الأرض عيوناً، فالتقى الماء على أمر قَدّره الله، ثمّ أمر نبيَّه أن يركب مع مَن آمنَ معه في السفينة، ونجّاهم بأمره، وأغرقَ الكافرين بالطوفان.[١٧]
مرتبة نوح عليه السلام بين الأنبياء
ذكر الله قصة نوح -عليه السلام- في سُور كثيرة من كتاب الله -تعالى-؛ فقد أخبرت سورة نوح بتمامها عن قصّة نوح -عليه السلام- مع قومه، كما جاء ذكر هذه القصّة في كلٍّ من سورة الشعراء، والمؤمنين، وهود، والأنبياء، ويونس، والصافات، والعنكبوت، والأعراف، واقتربتِ الساعة (سورة القمر)،[١٩] ويُشار إلى أنّ سيّدنا نوح -عليه السلام- تميّز بصفات وخصائص عدّة أهّلَته لأن يكون واحداً من أولي العزم من الرُّسل؛ فقد لَبِث في قومه فترة طويلة يدعوهم إلى دين الله -تعالى-، مُتحمِّلاً في سبيل ذلك الأذى والمَشقّة، ومُسخِّراً جهده كلّه للدعوة التي استخدم فيها شتّى الأساليب؛ حيث دعا قومه سرّاً وجهراً، وليلاً ونهاراً، ولم يُؤثّر في دعوته لهم ما لَقِيَه من تسفيهٍ، وأذى.[٢٠]
للمزيد من التفاصيل عن قصة سيدنا نوح -عليه السلام- الاطّلاع على مقالة: ((قصة سيدنا نوح عليه السلام)).
المراجع
- ↑ بدر الدين العيني ، عمدة القاري شرح صحيح البخاري ، صفحة 224، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة ، عن عكرمة مولى ابن عباس ، الصفحة أو الرقم: 7/854، صحيح .
- ↑ ابن كثير (1988)، قصص الأنبياء (الطبعة 3)، السعودية : مكتبة الطالب الجامعي ، صفحة 83،84. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء ، آية: 3.
- ↑ الإمام أبو جعفر الطبري ، تفسير الطبري جامع البيان ، صفحة 288-452،309-453، 416-425، جزء 14،23. بتصرّف.
- ↑ محمد بن الحسن الشيباني، كتاب الكسب، صفحة 35. بتصرّف.
- ↑ سورة الصافات، آية: 77.
- ↑ مبارك الميلي ، تاريخ الجزائر في القديم والحديث ، صفحة 64، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ الصنعاني ، كتاب التنوير شرح الجامع الصغير ، صفحة 40، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي ، التفسير الوسيط ، صفحة 2694، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ “قوم شعيب ونوح ولوط وإبراهيم مستقرهم وأصولهم”، www.islamweb.net، 2003-3-5، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-25. بتصرّف.
- ↑ “كم سنة عاش نوح عليه السلام ؟”، www.islamqa.info، 2007-9-19، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-25. بتصرّف.
- ↑ أيمن الشعبان (2017-10-29)، “نعم المصلى (18) أنبياء وصحابة دفنوا في بيت المقدس “، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-25. بتصرّف.
- ↑ القادري، تحقيق إزالة الدهش والوله، صفحة 51. بتصرّف.
- ↑ سبط ابن الجوزي ، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، صفحة 90، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف ، آية: 59.
- ^ أ ب جامعة المدينة ، التفسير الموضوعي ، صفحة 364-377، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف ، آية: 60.
- ↑ عبد القادر شيبة الحمد (2013)، قصص الأنبياء ( القصص الحق)، صفحة 48-49. بتصرّف.
- ↑ “بعض خصائص أولو العزم “، www.dorar.net. بتصرّف.