أخلاق إسلامية

جديد بحث عن آداب الزيارة

مقالات ذات صلة

الزيارة في الإسلام

يحب الإنسان بطبيعته التعرف والتآلف مع غيره من الناس، وقد جاء الإسلام فأكّد على هذا الأمر وعزّزه، فهو دين ألفة ومحبة، وأكد كذلك على أهمية الاختلاط بالناس والصبر عليهم، وأنّ المؤمن الذي يخالط الناس له أجر عظيم، وهو خير من الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم، وأكد كذلك على أهمية انتشار المحبة والمودة بين المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: (مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مَثلُ الجسدِ، إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى)،[١] والزيارة من الأمور التي تزيد من هذه الأُلفة بين المسلمين، وهي وسيلة من وسائل مخالطتهم، وتقوية رابطة الأخوة الإسلامية فيما بينهم.[٢]

آداب الزيارة

لا بد للمسلم عندما ينوي زيارة أحد ما أن يراعي جملة من الآداب، ومنها ما يأتي:[٣]

  • إخلاص النية لله واستحضارها عند الزيارة: حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنّما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى)،[٤]فالنية هي أساس العمل، وأساس قبوله أو ردّه عند الله تعالى، فربّما يقوم اثنان بزيارةٍ لأحدهما، الأول منهما كانت نيته في تلك الزيارة إرضاء الله تعالى، وصلة رحمه، أمّا الثاني فكانت نيّته أن يُقال عنه كذا وكذا وغير ذلك، فالأول عمله مقبول بإذن الله، أمّا الثاني فعمله مردود عليه، وبالتالي على الزائر أن يبتغي وجه الله في زيارته، وأن تكون نيته لله ولنيل مرضاته جلّ وعلا.
  • اختيار اليوم والوقت المناسبين: فعلى المسلم أن يختار الوقت المناسب للزيارة، ويبتعد عن الأوقات التي نهى الإسلام من الدخول فيها على المسلمين، والتي يغلب الظنّ فيها أنّها أوقات نوم وراحة.
  • استغلال وقت الزيارة بما ينفع: فإنّ الوقت الذي يقضيه المسلم في زيارته وقت سيُسأل عنه، فمن الجميل أن يسعى لقضائه بما ينفع ويفيد، وأن يبتعد عن القيل والقال، وكثرة المزح، وما لا فائدة منه، قال صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رضوانِ اللهِ لا يُلقي لها بالًا يرفعُه اللهُ بها درجاتٍ، وإنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من سخطِ اللهِ لا يُلقي لها بالًا يهوي بها في جهنَّمَ).[٥]
  • الجلوس في المكان الذي يُجلسه فيه صاحب البيت: فعلى الزائر أن يجلس في المكان الذي يأذن له فيه صاحب البيت، فإنّه أدرى ببيته وخصوصيته.
  • غض البصر عن محارم البيت: فإنّ الواجب على المسلم أن يحتاط أثناء زيارته، ولا يُطلق العنان لبصره، فربّما يقع نظره على محارم البيت، وما لا يجب أن يراه، فيؤدي ذلك إلى حدوث المشاكل، والوقوع في الحرمة، خصوصاً إن وصف ما رآه ونقله لغيره.
  • عدم إطلاق العنان للنفس في السؤال عن أثاث البيت: فربّما يرى الزائر أثناء زيارته بعضاً من حُسن أثاث البيت وترتيبه، فيبدأ بسؤال صاحب البيت عن الأثاث، وسعره، وغيرها من الأسئلة والاستفسارات التي قد توقع صاحب البيت في الحرج، والتي لا تليق بالمسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (مِن حُسنِ إسلامِ المرءِ ترْكُه ما لا يعنيهِ).[٦]
  • عدم رفع الصوت: فمن حسن الأدب والاحترام أن يخفض الزائر صوته، ولا يرفعه أثناء حديثه وزيارته لغيره.
  • الحرص على عدم التجسس على أهل البيت: فممّا لا شك فيه أنّ التجسس والتسمّع على الآخرين من الأمور المحرمة التي نهى الإسلام عنها، قال تعالى: (وَلَا تَجَسَّسُوا).[٧]
  • ضبط الأولاد أثناء الزيارة: فقد يأتي الرجل أو المرأة مع أطفالهما للزيارة، ويبدأ الأطفال بالعبث في المنزل وبأثاثه، والتكسير والتخريب وغيرها ممّا لا يليق ولا يحسن أن يكون، وفي هذه الحالة إمّا أن يتم ضبط الأولاد أثناء الزيارة، وإرشادهم لآدابها قبلها، أو تركهم عند غيرهم من العقلاء، حتى يُبعد الأهل أنفسهم عن العتاب، والإثقال على الآخرين.
  • تقديم النصيحة لأهل البيت عند وجود منكر: إذ يجدر بمن يرى أو يسمع منكراً أثناء زيارته أن يقدم النّصح، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فذلك حق من حقوق المسلمين على بعضهم البعض مراعياً في ذلك الأسلوب اللطيف، والكلمة اللينة، قال تعالى: ( ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ).[٨]
  • تقديم الشكر لأهل البيت على الاستضافة: فكما أحسن الشخص المُزار للزائر، وقبِل زيارته، وأحسن استضافته، فإنّ على الزائر كذلك أن يُحسن شكره، وأن يدعو له بالخير.
  • عدم الخروج إلا بعد استئذان أهل البيت: فكما يحتاج الدخول للبيت إلى استئذان، فإنّ الخروج منه يحتاجه كذلك، وذلك مراعاة لصاحب البيت وأهله وحرماته، وحتى لا يقع نظر الزائر على ما لا يجب أن يراه، قال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا زَارَ أحدُكُمْ أَخَاهُ فجلسَ عندَهُ، فلا يَقُومَنَّ حتى يَسْتَأْذِنَهُ).[٩]
  • الحذر من الزيارة الثقيلة: فبعض الزيارات وخصوصاً تلك التي تكون في الإجازات والمناسبات تكون طويلة، وقد يمكث ويبيت فيها الزائر عند أهل البيت، فهنا ينبغي مراعاة خصوصية ذلك البيت، وعدم الإثقال عليهم، وتكليفهم ما لا يُطيقون.

أنواع الزيارة

تُقسم الزيارة إلى نوعين، وفيما يأتي بيان لهما:[١٠]

  • الزيارة الواجبة: وهي التي تجب على المسلم، وقطيعتها تعدّ من السيئات التي يؤثم المرء عليها، ومن الأمثلة عليها زيارة الوالدين، وصلة الأرحام، إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن أحَبَّ أنْ يُبسَطَ له في رزقِه، ويُنسَأَ له في أجَلِه، فلْيتَّقِ اللهَ ولْيصِلْ رحِمَه)،[١١] وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخلُ الجنةَ قاطعٌ، قال ابنُ أبي عمرَ: قال سفيانُ: يعني قاطعَ رحمٍ).[١٢]
  • الزيارة المستحبة: وهي التي يُستحب أن يقوم بها المسلم كلما سمحت له الفرصة بذلك، ومن الأمثلة عليها زيارة الجيران، والأصدقاء، وغيرهم، سواءً كانت زيارتهم في مناسباتهم ومشاركتهم إياها، أو في غيرها من الأوقات العادية، فللمسلم أجر عليها.

فضائل الزيارة

للزيارة وصلة الأرحام فضائل عظيمة، وفوائد جمّة تعود على الطرفين (الزائر والمُزار)، وفيما يأتي بيان البعض منها:[١٠]

  • ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قال اللهُ تعالى: وَجَبَتْ محبتي للمُتَحابِّينَ فِيَّ، والمتجالسين فِيَّ، والمتزاورين فِيَّ)،[١٣] فالزيارة في الله من أفضل القُربات التي تُوجب محبة الله للعبد.
  • تعدّ الزيارة وسيلة من وسائل زيادة المحبة، وتوثيق العلاقات، وبقاء المودة بين القلوب، وفيها مشاركة لأفراح الآخرين وأحزانهم إن وُجدت، والتخفيف فيها عنهم.

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 2586، صحيح.
  2. محمد بن فنخور العبدلي، “آداب الزيارة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-9-2018. بتصرّف.
  3. يحيى بن موسى الزهراني، “آداب الزيارة”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-9-2018. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6478، صحيح.
  6. رواه النووي، في الأربعين النووية، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 24، حسن.
  7. سورة الحجرات، آية: 12.
  8. سورة النحل، آية: 125.
  9. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 182، إسناده صحيح.
  10. ^ أ ب “الزيارة فضائل وآداب”، www.islamweb.net، 4-10-2012، اطّلع عليه بتاريخ 18-9-2018. بتصرّف.
  11. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 439، أخرجه في صحيحه.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 2556، صحيح.
  13. رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 4939، إسناده صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى