الآداب

النظرية البنيوية التكوينية في علم الاجتماع

مقالات ذات صلة

النظرية البنيوية التكوينية وعلم الاجتماع

من المحقق أن ما حققته البنيوية التكوينية من صهر للمنهجين الداخلي والخارجي يعد حاجة ملحة للإفادة من علم الاجتماع في تحليل الأدب. لهذا تضئ البنيوية الاجتماعية القضايا المركزية التي تتضمنها النصوص الأدبية بالبيان عن صلة البنية بالتحولات الاجتماعية التي تهيمن على أنظمة النص الأدبي وتجعله بتشكل على نحو دون آخر.[١]

يركز المنهج البنيوي التكويني على دراسة آليات تكوين النصوص الأدبية ويظهر طرائق تشكيلها من خلال بيان العلاقات الداخلية والخارجية، وقد جاء هذا المنهج لتجنب الإشكاليات التي تعرضت لها البنيوية الشكلانية ولا سيما مسألة إغلاق النص الأدبي، فقد أظهر هذا المنهج أهمية الإفادة من المرجعيات الاجتماعية والتاريخية لوعي المضامين الفكرية التي يكونها النص الأدبي، ويعتمد المنهج البنيوي التكويني على أربعة عناصر في دراسة النصوص الأدبية؛ وهي:(البنية الدالة، والفهم والتفسير، الكلية والانسجام، تحديد رؤية العالم من خلال النصوص).[١]

ومن الجدير بالذكر أن البنيوية التكوينية قد تجاوزت عدداً كبيراً من الإشكاليات التي تعرضت لها البنيوية الشكلانية، ومنها إغفال المؤثرات الاجتماعية والتاريخية لمؤلف النص المراد تحليله، وإغلاق النص والعناية بالجانب الداخلي. وللبنيوية التكوينية سبق الكشف عن الجوانب الاجتماعية التركيبية، وأن البنيوية الشكلانية أغلقت الأعمال الأدبية، وركزت على أبعادها الداخلية واقتصرت على ذلك.[١]

مفهوم البنوية التكوينية

تنظر البنيوية التکوينية إلی النص ککل يتميز بوحدة تماسكه الداخلي، وإلى مكونات بنيتها، لا على أنها منفصلة قائمة بذاتها، بل مرتبطة بمجمل البنية والدلالة والسياق العام، وهي بهذا الفحوى مفهوم حركي وليس مجرد أنماط شكلية أو عدد من الوحدات البنيوية، كالحال في إطار البنيوية الشكلية أو الوظيفية.[٢]

 إذ هي بنية متغيرة ومتطورة، ترتبط بجماعة اجتماعية يمثّلها المبدع في لحظة تاريخية محددة، ما يعني أنها قوة فعالة داخل هذه المجموعة؛ لما تحمله في طيّاتها من معانٍ أو دلالات يستخلصها الباحث من خلال التماسك الداخلي، الذي يقوم بوظيفة إبراز الدلالات الموضوعية في النص. [٢]

فلسفة البنيوية التكوينية

إن فلسفة البنيوية التكوينية تكاملية، فهي لا تنظر إلى النص الأدبي باعتباره بنية مستقلة بذاتها كالحال في البنيوية الشكلانية، ولا كنسق متجاور مع أنساق أخرى كما في البنيوية الوظيفية، ولكن على أنها بنية مركبة ومتكاملة، مرتبطة ببنية المجتمع وحركة التاريخ.

“فالبنيوية التكوينية تسعى إلى إعادة الاعتبار للعمل الأدبي والفكري في خصوصيته بدون أن تفصله عن علائقه بالمجتمع والتاريخ، وعن جدلية التفاعل الكامنة وراء استمرار الحياة وتجددها، مع المنهج البنيوي التكويني، لا يلغى “الفني” لحساب الأيديولوجي، ولا يؤله باسم فرادة متمنعة عن التحليل”[٣].

مفهوم البنيوية

ترجع الجذور التاريخية للبنيوية إلى المدرسة الشكلانية الروسية، والمدرسة الماركسية، وهو ما جعل هذا المفهوم يبقى غامضا لأنه كان نتاجًا وخليطًا من مناهج نقدية متعددة، إنّ البنيوية في معناها الواسع تعنى بدراسة ظواهر مختلفة كالمجتمعات، والعقول، واللغات.[٤]

ولكنها في معناها الضيق تعني محاولة إيجاد نموذج لكل من بنية هذه الظواهر ووظيفتها على غرار النموذج البنيوي للغة. كما أن البنيوية تدرس النص في ذاته بعيدا عما يدور خارجه، باعتباره بنية مستقلة؛ وهو ما يقود إلى تعدد معاني الألفاظ؛ لأن كل مؤلف يقدم تصوره الخاص عن البنية، ولعل أبرز مفاهيم وأدوات البنيوية هي ثلاثة، وهي (النسق، والتزامن، والتعاقب).[٤]

البنيوية تعطل اللغة عن مهمتها في نقل المعاني، وتحولها إلى هياكل جامدة يعاد تركيبها وصنع دلالاتها بعيدا عن معانيها الظاهرة ومرادات قائليها، وقد ذاع صيت البنيوية، وصارت منهجا منتشرا، واشتهرت في فرنسا في الستينيات على يد الفرنسي (كلود ليفي شتراوس).[٤]

“ظهـر المـنهج البنيـوي كـرد فعـل ضـد المنـاهج النقديـة الأخـرى الـتي اهتمـت بالعلاقـات الخارجيـة لـلأدب أكثر مما اهتمت للأدب نفسه ويرجع الفضل في ظهور هـذا المـنهج إلى التطـورات الكـبرى الـتي تحققـت في مجـال اللسـانيات، ذلـك العلـم الـذي اهـتم بدراسـة اللغـة في مختلـف مكوناتها ومستوياتها الصـوتية والمعجميـة والتركيبية والدلالية، ونظرا لجدة هذا المنهج وفعاليته في التحليل انجذب إليه كثير مـن النقـاد وطبقـوه في دراساتهم للنصـوص”[٥].

المراجع

  1. ^ أ ب ت عمر عبدالله عنبر (2019)، “المنهج البنيوي التكويني (مفاهيمه وأدواته وإشكالياته)”، مجلة جامعة جرش للبحوث والدراسات، العدد 2، المجلد 20، صفحة 405-409-218. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عبدالله حسيني (2017)، (abu.edu.iq) ” البنيوية التكوينية الغولدمانية (المنهج والاشكالية)”، مجلة أهل البيت، العدد 21، صفحة 130-131. بتصرّف.
  3. لوسيان غولدمان، يون باسكاوي، جاك لينهارت، وآخرون، البنيوية التكوينية والنقد الأدبي، صفحة 7. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت محمد بلعفير (2003)، “البنيوية (النشأة والمفهوم)”، مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 15، المجلد 16، صفحة 234-235. بتصرّف.
  5. عبدالله حسني (2017)، “البنيوية التكوينية الغولدمانية (المنهج والاشكالية)”، مجلة أهل البيت، العدد 15، صفحة 118. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى