قضايا مجتمعية

جديد المرأة ووسائل الإعلام

المرأة ووسائل الإعلام

تُبذل جهود دولية كبيرة ساعية لتمكين المرأة من النهوض في كافة المجالات وتفعيل دورها في المجتمعات؛ إيماناً بأنّها شريك أول وأساسي في تحقيق أهداف التنمية والنهضة، إلّا أنّه وعلى الرغم من ذلك لا زال هناك جزء لا بأس به من الخطاب الإعلامي عاجزاً عن مواكبة ذلك، عامداً إلى حصر المرأة في صورة نمطيّة سلبية لا تُراعي إمكاناتها الكبيرة ولا تعكس دورها كشريكة في التنمية، في الحين الذي يجب فيه أن تُستغل أدوات الإعلام الفاعلة في تغيير السلوكيات والمعتقدات المجتمعيّة السلبية حول المرأة.[١]

تنخفض نسبة النساء العاملات في وسائل الإعلام مقارنةً مع الرجال في جميع دول العالم، فهنّ يظهرن في ربع نشرات الأخبار التلفزيونية والإذاعية والمطبوعة فقط، ووفقاً لأحد تقارير عام 2015م فقد شاركت النساء بنسبة 19% كخبراء في النشرات الإخبارية، وبنسبة 37٪ فقط كمراسِلات على مستوى العالم.[٢]

أسباب محدودية قضايا المرأة في الإعلام

أدّت بعض الأسباب إلى محدودية التركيز على قضايا المرأة عبر وسائط الإعلام، ومنها ما يأتي:[٣]

  • ضعف الوعي بما يتعلّق بالمرأة من أدوار وحقوق ومشكلات ومكانة مجتمعيّة مهمّة، حيث يظهر ذلك كواقع مجتمعي يُشكّل الإعلاميّون جزءاً منه ويعكسونه بما يقدّمونه من رسائل إعلاميّة، ويكمن حل هذه المشكلة في تزويد الإعلاميين بالمعرفة والوعي الكافيين لنقل الصورة السليمة للمرأة وما يتعلّق بقضاياها.
  • انفصال التدريب الفكري والمهني للإعلاميين عن اتجاهات العمل الإعلامي الحديث بما يتعلّق بقضايا المرأة.
  • ضعف التواصل الفعّال بين المؤسسات الإعلاميّة نفسها، أو بينها وبين باقي المؤسسات المعنيّة من أجل خدمة قضايا المرأة، وهو الأمر الذي يستدعي وجود شراكات فاعلة ومتّسقة بهدف تجاوز هذه المشكلة.

تحسين دور المرأة في وسائل الإعلام

ينبغي وجود تعاون مشترك من أجل تحسين دور وسائل الإعلام في تحقيق إظهار المرأة كما يجب عبر مختلف الثقافات والحدود،[٤] ويكون ذلك من خلال بذل المزيد من الجهود لإظهار النساء في مواقفٍ غير نمطية،[٥] وفيما يأتي بعض الاقتراحات التي تُساعد على تحقيق هذا الهدف:[٦]

  • التأكيد على دور الحكومات في تحسين وضع المرأة من خلال أنظمتها الوطنية، كإنشاء مراكز لمراقبة وسائط الإعلام الوطنية بجميع أنواعها وتمويلها.
  • تعزيز وسائط الإعلام وشبكات الاتصالات النسائية، وذلك من خلال إيجاد برامج مشتركة بين وسائط الإعلام ومؤسسات أخرى تهدف إلى تحقيق تكافؤ الفرص وتهتم بإقامة مشاريع تُعزّز من صورة المرأة في وسائط الإعلام.
  • تمكين النساء من إقامة شبكات عالمية خاصة بها في جميع المجالات المتاحة لها، من خلال إتاحة الفرصة لهنّ للوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فمن الملاحظ وجود فئة قليلة من النساء قادرات على الوصول إلى التقنيات الجديدة والتعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
  • تخصيص الحكومات مبالغ محددة من أجل إعداد ودعم البرامج التي تُمكّن المرأة من الوصول إلى الموارد المتصلة بتكنولوجيا الاتصالات الجديدة، مع الاهتمام بمراعاة التنوّع الثقافي والاحتياجات والأولويات المجتمعية، كما يجب على الحكومات الاهتمام بعقد مناقشات عامة حول أهمية وسائل الإعلام في تعزيز المسؤولية الاجتماعية.
  • تعهّد وسائل الإعلام بإدخال سياسات وقواعد تُساهم في إظهار الصورة الحقيقية والواقعية للمرأة.
  • التوضيح من قِبل وسائل الإعلام أنّ بعض الرسائل التي تنقلها لا تعكس بالضرورة الواقع، بل الهدف منها نقل قيم بشكلٍ صريحٍ أو ضمنيٍّ بصورة تؤثّر على مشاعر الناس ورؤيتهم لأنفسهم وللعالم.
  • وضع مجموعة من المبادئ الأخلاقية وتطبيقها في جميع جوانب الاتصالات، بما في ذلك تصوير المرأة في وسائل الإعلام، والبرمجة الإعلامية.
  • دعم تولّي الإعلاميات مناصب وأدوار المسؤولية في قطاع الإعلام، وتمكينها من تولّي الأمور الإدراية والتحريرية للمؤسسات الإعلامية التي تعمل فيها.[٧]
  • تفعيل دور الإعلاميات في صياغة الاستراتيجيات الإعلامية لما يشتغلن فيه من وسائط.
  • منح المرأة دوراً حقيقياً في الهيئات والمؤسسات المُمثِّلة للصحفيين، مثل: هيئات التنظيم الذاتي والنقابات.[٧]
  • عقد ما يلزم من حلقات نقاشية تتناول أهم القضايا التي تتعلّق بالمرأة، ومواضيع المرأة والإعلام.[٧]
  • استدعاء رؤساء ورئيسات التحرير في مجال المحتوى الإعلامي لحضور فعاليات وأنشطة تتناول مواضيع المرأة والإعلام.[٧]
  • دعم وتشجيع الأبحاث العلمية التي تتناول مجال الخطاب الإعلامي حول المرأة.[٧]

دور وسائل الإعلام في دعم المرأة

تُعدّ وسائل التواصل الاجتماعي وسيلةً فعّالةً تُساعد على جذب انتباه العالم نحو قضايا حقوق المرأة، حيث ساعد الاستخدام الهائل لوسائل التواصل الاجتماعي وخصوصاً من قِبل النساء على دعم قضايا وحقوق المرأة وجعلهم من أهم القضايا التي تنال اهتمام وسائل الإعلام والتي يتمّ الاهتمام بها عند إصدار السياسات،[٨] لذا يُمكن الاعتراف بدور التطوّر التكنولوجي ووسائل الاتصالات الجديدة كأداة رئيسية لدعم المرأة وتمكينها في المجتمع.[٩]

يُركّز دور التطوّر التكنولوجي والاتصالات الجديدة على إتاحة فرص واسعة لقطاع الإعلام لاستخدام وسائل متطورة وأدوات جديدة في تبادل المعلومات والتواصل مع المنظمات النسائية بشكل كبير، وذلك من خلال استخدام المواقع الإلكترونية المختلفة، والبريد الإلكتروني على شبكة الإنترنت، ومن جهةٍ أخرى مكّنت التقنيات الجديدة العديد من النساء والمنظمات النسائية من زيادة قدرتهم على الوصول إلى المعارف والمعلومات وتبادلها مع الآخرين، ونشر أفكارهم على نطاقٍ واسعٍ وبسرعةٍ كبيرةٍ، وبالتالي رفع قدرهم ومكانتهم في المجتمع.[٩]

استطاعت العديد من شبكات المجتمع المدني النسائية والمنظمات النسائية من زيادة مهاراتها في عدّة مجالات، مثل: الاتصالات، وإجراء البحوث، والتعرّف على النهج المُتّبع في مؤسسات نسائية في أماكن مختلفة، ومواكبة التطوّرات من خلال الاستفادة من التقنيات والتكنولوجيا المتقدمة والوصول إلى المعلومات التي تهمّهم، إضافةً إلى الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل دعم حملات المناصرة لكثير من المنظمات والشبكات النسائية وزيادة تأثيرها، كما ساهمت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تعزيز الاستخدام الاجتماعي لوسائل الإعلام التقليدية، حيث سهّلت الوصول إلى تلك الوسائل كالراديو، واستِفادة النساء من البرامج الإذاعية، إذ إنّ التقريب بين التقنيات الحديثة والتقليدية يُساهم في الحصول على استجابة أكبر وذات فائدة من الآخرين.[٩]

صورة المرأة في وسائل الإعلام

تعكس صور الفتيات والنساء المنتشرة في وسائل الإعلام والمليئة بالقوالب النمطية دور المرأة في المجتمع وتُقدّم تعريفاً لها بناءً على تلك الصور، إلّا أنّ تلك الصور النمطية تُمثّل صوراً سلبيةً تنعكس على نظرة النساء إلى أنفسهنّ ونظرة الآخرين لهنّ،[١٠] كما تواصل العديد من وسائل الإعلام بتقديم صور نمطية عن النساء بما يحدّ من إمكانياتهنّ البشرية،[١١] فالعديد من وسائل الإعلام كالتلفاز والأفلام في معظم أنحاء العالم يُقدّمون صورةً غير متوازنة عن حياة النساء، وهواياتهنّ، وخبراتهنّ، وإنجازاتهنّ المتنوعة في المجتمع،[٤] كما تُركّز بعض وسائل الإعلام على دور النساء في الاهتمام بمظهرهن، ورعاية المنازل، والآخرين فقط لا غير.[١١]

ازداد استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العقدين الماضيين، واستغلّت بعض وسائل الإعلام ذلك التوسّع في استغلال النساء ومضاعفة أساليب التعرّض للصور النمطية لهنّ،[٤] واستغلالهنّ إعلاميّاً بصورة سيئة وغير كفؤة،[١١] متجاهلةً الحدود الثقافية والأخلاقية التي كانت منتشرةً قبل حلول العقد الأول من القرن الحادي والعشرين،[٤] وبما أنّ وسائل الإعلام تُسيطر على حياة الناس فإنّ لها دوراً واضحاُ في تشويه نظرة الأشخاص لأنفسهم وتشويه المبادئ التي يتّبعونها فيما يتعلّق بقضايا المرأة.[١١]

تغيير صورة المرأة في وسائل الإعلام

حاولت المنظمات والحركات النسائية التفاوض مع وسائل الإعلام الرئيسية لإيجاد بدائل عن الصورة النمطية للمرأة في وسائل الإعلام، وفيما يأتي وصف مختصر لتلك المحاولات:[١٢]

  • إيجاد بدائل: تمّ بذل جهود كبيرة من أجل إنشاء وسائل إعلاميةٍ بديلةٍ بهدف رفع الوعي لدى الآخرين بقضايا المرأة، وكان للمرأة دور واضح في تقديم نقد حول دور وسائل الإعلام الرئيسية في كيفية إبرازها لشخصية المرأة، كما ساهمت النساء في إنشاء الابتكارات والوسائل البديلة للتعبير عن الذات وتعديل النظرة إليهن، وتطوير تلك الوسائل والسماح للجماهير بالوصول إليها والتفاعل معها، كما حاولت النساء الاستفادة من الاتصالات البديلة بالاستعانة بالشركات الإعلامية الحديثة والتقليدية من خلال استخدام المواد المطبوعة، والأفلام، والفيديوهات، والأغاني، والدمى لإبراز قضاياهن، إضافةً إلى تلك المساهمات ظهرت العديد من الخدمات النسائية، والجمعيات، والمنظمات النسائية في آخر عقدين والتي ركّزت على أعمال النساء في وسائل الإعلام البديلة، كما ظهرت دور النشر النسوية أيضاً لإبراز دور النساء وإنجازاتهن.
  • التدخلات في وسائل الإعلام السائدة: كان لا بدّ من التدخّل في وسائل الإعلام الرئيسية، فإعطاء حرية كاملة لوسائل الإعلام دون التدخّل بها سيؤدي إلى مواصلة تعزيز القوالب النمطية للمرأة، لذا حاولت النساء التدخّل في تلك الوسائل فردياً وجماعياً من خلال اتباع استراتيجيات مختلفة تُساعدهن على الحدّ من استغلال المرأة، ومن أجل التفاوض على مساحة خاصة بهنّ داخل نظام الإعلام الحالي.

للتعرف أكثر على دور المرأة في المجتمع يمكنك قراءة المقال مقال عن دور المرأة في المجتمع

المراجع

  1. “المرأة والإعلاء في ضوء المتغيرات الراهنة”، www.social.gov.ma، صفحة 5، اطّلع عليه بتاريخ 2020-5-4. بتصرّف.
  2. Aneeta Rattan, Siri Chilazi, Oriane Georgeac and others (6-6-2019), “Tackling the Underrepresentation of Women in Media”، hbr.org, Retrieved 16-4-2020. Edited.
  3. “الاستراتيجية الإعلامية للمرأة العربية”، www.arabwomenorg.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-5-4. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث “Voice, Representation and Sexualized Portrayal of Women in Media: Panel Discussion”, www.uchicago.in, Retrieved 16-4-2020. Edited.
  5. “Gender and media”, gsdrc.org, Retrieved 16-4-2020. Edited.
  6. Maria González (25-3-2002), “Image of women in the media”، assembly.coe.int, Retrieved 16-4-2020. Edited
  7. ^ أ ب ت ث ج “مقاربة إيجابية للمرأة في الإعلام”، www.sfcg.org، صفحة 60، 61، اطّلع عليه بتاريخ 2020-5-4. بتصرّف.
  8. Estelle Loiseau, Keiko Nowacka (3-2015), “Can social media effectively include women’s voices in decision-making processes?”، www.oecd.org, Retrieved 16-4-2020. Edited.
  9. ^ أ ب ت “Women and the Media “, www.un.org, Retrieved 2020-5-6. Edited.
  10. “STEREOTYPES OF GIRLS AND WOMEN IN THE MEDIA”, THE CURRENT EVENTS CLASSROOM, 2014, Page 1. Edited.
  11. ^ أ ب ت ث Julie Wood (1994), From Gendered Lives: Communication, Gender, and Culture by Julie, Page 32. Edited.
  12. “REPRESENTATION OF WOMEN IN MASS MEDIA”, www.irma.ac.in, Retrieved 7-5-2020. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى