تقنيات منوعة

الفرق بين وسائل الاتصال قديماً وحديثاً

الفرق بين وسائل الاتصال قديماً وحديثاً

تُعتبر التكنولوجيا من أبرز المؤثِّرات على قدرة الأفراد في التواصل، وقد أدّى تطوُّر التكنولوجيا لإحداث تغييراتٍ تاريخيةٍ على تطوُّر الإمكانيات البشرية والصناعية، وقد استخدم البشر قديماً التكنولوجيا البسيطة والبدائية بهدف التواصل عبر مسافاتٍ قصيرةٍ نسبياً، أمّا في العصر الحديث فقد نجح الإنسان في تحقيق التواصل الفوري عبر المسافات الشاسعة بفضل التطوُّر والتقدُّم التكنولوجي، وتؤثِّر التكنولوجيا بشكلٍ مباشرٍ على التواصل الاجتماعي، والتواصل اليومي، كما أنها تؤثِّر على التواصل الشخصي؛ خاصّةً وأن التكنولوجيا موجودةٌ بعدّة أشكالٍ في الحياة اليومية؛ فهي موجودةٌ في الراديو، والتلفاز، والإنترنت والهواتف الذكية، والكاميرات، كما أنها أصبحت تمكِّن المستخدمين من التواصل معاً عبر عدّة أجهزةٍ في آنٍ واحد.[١]

وسائل الاتصال قديماً

ما قبل التاريخ حتى القرن الخامس عشر

كانت خيارات التواصل محدودةً جداً في العصور القديمة؛ فقد كان يلجأ الأفراد والجماعات في تلك الأوقات إلى استخدام وسائل وطرق بسيطةٍ لإيصال المعلومات فيما بينهم، ومنها على سبيل المثال استخدام النار والدخان للإبلاغ عن الحاجة إلى المساعدة، أو لتبادل المعلومات حول بعض الأمور المهمَّة؛ إذ إن الدخان كان يُستخدم خلال الوقت الذي سبق ظهور الخرائط كأداة تتبع، وكانت المجموعات تتحرَّك من موقعٍ إلى آخر أو تتبع بعضها البعض باتباع العلامات والتوجيهات المصنوعة من الدخان.[٢]

دخل العالم بعد ذلك مرحلةً جديدةً في التواصل، وتحديداً عندما بدأت عملية الطباعة وتدوين المعلومات تنتشر في العالم؛ ففي وقتٍ مبكرٍ من التاريخ منذ عام 59 قبل الميلاد أصبح هناك طباعةٌ للرسائل، بما فيها الرسائل الإخبارية؛ التي كانت تُطبع وقتها على جلود الحيوانات القابلةِ لإعادة الاستخدام، وقد تم اختراع الورق في عام 100م وبدأت طباعة الصحف الأولى بشكلٍ يدوي وفردي، وكان يتم توزيعها على نطاقٍ صغير.[١]

كان اختراع المطبعة في عام 1400م بمثابة نقطة تحوّلٍ في طريقة توزيع الصحف، من خلال تمكين الإنتاج الضخم للنصِّ المطبوع، ومما لا شكَّ فيه أن الصحف قد أحدثت تغييراً جوهرياً في طريقة تواصل البشر؛ وذلك لأن عملية توزيع الصحف كانت تتم بشكلٍ جماعي، مما يعني أنها أصبحت متاحةً بسهولة لأي فرد، كما أنها غيَّرت طريقة الحديث الشفهي وطرق نقل المعلومات.[١]

القرن الخامس عشر حتى القرن التاسع عشر

شهدت هذه الفترة عدّة محطّاتٍ في تطوِّر نظام الاتصال، ويبين الآتي أبرز هذه المحطّات:

  • إنشاء النظام البريدي: أُنشأ النظام البريدي بشكله البسيط في عام 1505م في زمن الإمبراطورية الرومانية، وتحديداً في عهد الإمبراطور الروماني ماكسيمليان، وقد أصبح بإمكان أي شخصٍ استخدام هذه الخدمة للمرة الأولى، وإرسال البريد عند دفعه للرسوم المطلوبة، وتحوَّلت دور البريد لمكاتب بريديةٍ يمكن من خلالها إرسال البريد أو حتى الشيكات وجمعها، وقد استمرَّت الخدمات البريدية في التطوِّر حتى أصبحت متاحةً لعامّة الناس في جميع أنحاء أوروبا.[٣]
  • تسليم البريد وتوصيل الرسائل: تُعدّ عملية تنظيم تسليم البريد وتوصيل الرسائل إنجازاً كبيراً في مجال الاتصالات؛ حيث مكَّنت هذه الخدمة أي شخصين من إجراء محادثةٍ أو تداول معلوماتٍ خاصةٍ على الرغم من وجودهما في مكانين جغرافيين مختلفين، كما ساهمت هذه الخدمة في تطوير نمط الاتصال ليشمل أشكالاً أخرى أهمها: توصيل المراسلات التجارية، وتسليم البضائع الصلبة، وقد امتازت هذه الخدمة بأنها بسيطةٌ وغير مُكلفةٍ بالنسبة للمستهلك؛ لأن عملية تنظيم تسليم البريد غير معقدة.[١]
كان يتم كتابة الرسائل أو طباعتها عادةً من قِبل فردٍ واحد، ثم يتم تغليفها وعنونتها؛ لتسليمها إلى الطرف المتلقّي، وقد كانت الحكومة في الأغلب هي المسؤولة عن إدارة نظام البريد المحلي الخاصِّ بالرسائل، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن بعض الشركات الخاصة الكبرى كانت تساعد في ذلك؛ حيث كانت تساند الحكومة في تقديم خدمة توصيل الرسائل والبريد، بالإضافة لخدمات الشحن، ولعلَّ أبرز الشركات التي كانت مختصَّةً في ذلك شركة “يو بي اس” وشركة “فيديكس”.[١]
  • التلغراف: اخترع صمويل مورس التلغراف الإلكتروني في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وقد مكَّن هذا الاختراع الأفراد من إرسال الرسائل باستخدام شيفرةٍ كان قد اخترعها مورس أيضاً؛ والتي تنتقل عبر الأسلاك أو الكابلات لمسافاتٍ طويلةٍ دون الحاجة إلى السفر، وقد امتازت هذه الطريقة بأنها أكثر موثوقيةً من الطرق التي اُستخدمت سابقاً كإشارات الدخان.[٣]
  • الهاتف: واصل العديد من المخترعين اختبار وتجربة قدرة المغناطيسات الكهربائية وإمكاناتها في أجهزة الاتصالات بعد اختراع التلغراف، وقد قاموا بمشاركة الأفكار وتطوير الآلات بمفاهيم متداخلة، وعلى الرغم من وجود بعض الخلاف حول المخترع الأصلي للهاتف، إلا أنه نجح رجلٌ واحدٌ في عام 1876 يُدعى ألكسندر غراهام بيل بالحصول على براءة اختراعٍ لنسخته من الهاتف بشكلٍ قانوني؛ وعليه فهو الشخص الذي يتم تذكُّره عندما يتم الحديث عن اختراع الهاتف، ويمكن تلخيص مراحل تطوُّر جهاز الهاتف على النحو الآتي:[٤]
    • المرحلة الأولى: تطلَّبت أجهزة الهاتف من المستمع التحدث والاستماع من خلال نفس القطعة.
    • المرحلة الثانية: تطوَّر الهاتف إلى جهازٍ تمكَّن فيه المستمع من حمل قطعةٍ واحدةٍ ووضعها على أذنه، والتحدث من خلال وحدة الهاتف الرئيسية.
    • المرحلة الثالثة: أصبح الهاتف يشمل كلاً من سماعة الأذن وقطعة الفم على مقبضٍ واحد، وهو شكل الهاتف المتعارف عليه عند المعظم.
    • المرحلة الرابعة: تم استبدال العديد من مشغلي الهاتف بأنظمة الطلب الذاتي.

وسائل الاتصال حديثاً

شهدت هذه الفترة تطوراتٍ في أشكال وسائل الاتصال، ويبين الآتي أهم هذه الأشكال:

  • موجات الراديو: تعود نشأة وظهور موجات الراديو، لتنبؤات وجهود الفيزيائي الاسكتلندي جيمس ماكسويل؛ حيث طوَّر ماكسويل نظريةً موحدةً للكهرومغناطيسية تُفيد بوجود موجات راديو في سبعينيات القرن التاسع عشر، وقد طبَّق عالم الفيزياء الألماني هاينريش هيرتز لاحقاً في عام 1886م نظريات ماكسويل على إنتاج واستقبال موجات الراديو.[٥]
بدأ ظهور موجات الراديو وتداولها بين الناس كشكلٍ من أشكال الاتصال في عشرينيات القرن العشرين؛ وتجدر الإشارة إلى أن هذا الشكل من الاتصال لا يُستخدم للتواصل المباشر بين الأفراد أو المجموعات الصغيرة؛ وذلك لأن الاتصال عبر الراديو يكون في اتجاهٍ واحد، وعليه فهو يُستخدم لتوصيل الأخبار، والرسائل، وبث المعلومات، والترفيه للجمهور المحلي، ولا شكً أن أجهزة الراديو الخاصة بالسيارات والمنازل تُعتبر شكلاً وتطبيقاً شائعاً على ذلك.[١]
  • التلفاز: تم اختراع التلفاز بعد فترةٍ بسيطةٍ من اختراع الراديو؛ إلا أن التلفاز التجاري لم يكن شائعاً حتى أواخر الأربعينيات من القرن العشرين، وقد تطوَّر أمر التلفاز لاحقاً ليصبح صناعةً تجاريةً كبيرة في مجال الترفيه يُستخدم لبث الأحداث المسجَّلة مسبقاً أو الحيّة، بالإضافة إلى الأفلام والعروض المنتظمة، وقد أثَّر وجود التلفاز على حياة الإنسان بعدّة أشكالٍ أهمها:[١]
    • أضاف التلفاز لمساتٍ مهمَّةٍ لمنهجية نقل الأخبار.
    • خلق اختراع التلفاز نوعاً جديداً من التواصل مع الجمهور؛ وهو التواصل البصري.
    • أدى البث التلفزيوني إلى تطوير تقنياتٍ رياضية تقوم على جمع البيانات الديموغرافية، وأخذ عيناتٍ من الجمهور بهدف إيصال رسائل محدَّدة للجمهور المشاهد.
  • اتصالات الأقمار الصناعية: تم إطلاق الأقمار الصناعية الأولى للفضاء في ستينيات القرن العشرين، وتكمن أهمية هذه التكنولوجيا بكونها مكَّنت العالم أفراداً ومجموعات من التواصل مع بعضهم من أي مكان؛ حيث يمكن للأقمار الصناعية إرسال إشارات الراديو، والتلفاز، والهاتف، كما يمكنها أيضًا تحديد المواقع والنقاط الجغرافية بدّقةٍ عالية.[١]
  • الانترنت: ظهرت أجهزة الكمبيوتر الشخصية منذ سبعينيات القرن العشرين، إلا أن عملية توصيلها بشبكة الانترنت بدأت بالظهور في التسعينات، وقد ساهم اختراع الإنترنت في حدوث نقلةٍ نوعيةٍ في طريقة تواصل الأشخاص، ويمكن تلخيص أبرز مراحل تطور الانترنت وتأثيرها على المجتمع البشري بالآتي:[١]
    • المرحلة الأولى: تم توجيه التأثير على الاتصال عبر البريد الإلكتروني؛ وهو الأمر الذي أدّى إلى تغيير الطريقة التي تتواصل بها الشركات مع رسائل البريد الإلكتروني القادرة على إرسال واستلام المستندات، والصور، والوسائط الأخرى؛ التي كانت تتطلَّب جهاز فاكس أو خدماتٍ بريدية أو تسليماً يدوياً.
    • المرحلة الثانية: انتشرت مواقع الويب ومحركات البحث بشكلٍ متزايد، إضافةً لاختراع المدونة التي ساهمت أيضاً بشكلٍ كبير في تغيير أنماط الاتصال، خاصةً أنها مكَّنت الأفراد من البدء بنشر يومياتهم، وآرائهم الخاصة ببعض الأمور والقضايا العامة.
    • المرحلة الثالثة: تطوَّر الإنترنت الخاص باتجاهات القيادة والخرائط، وهو ما غيّر طريقة اتصال الناس بالاتجاهات، كما أدى ذلك إلى تغيير الحاجة إلى خرائط الشوارع الفعلية، خاصةً مع قدرة الناس على سحب خريطة أي شارع، وتخطيط الاتجاهات عبر الإنترنت.
    • المرحلة الرابعة: ظهرت منصّات التواصل الاجتماعي، مثل تويتر، وفيسبوك، وسناب شات، وانستغرام؛ الأمر الذي سمح بمزيدٍ من التواصل بين الأفراد والمجموعات، في أي وقتٍ من جميع أنحاء العالم عبر هذه المنصات، كما أصبح بإمكان الأفراد إرسال رسائل خاصة بالإضافة إلى نشر وإنشاء محتوى خاصٍّ بهم، وصورهم، وأي شيء آخر حسب رغبتهم، وهو ما يختلف عن الوضع في وسائل الاتصال أحادية الاتجاه مثل الراديو والتلفزيون.
  • أجهزة الهواتف المحمولة: بدأ استخدام الهواتف المحمولة في العالم في التسعينات من القرن العشرين، وقد اكتسبت الهواتف المحمولة زخماً كبيراً في مطلع القرن الحادي والعشرين، الأمر الذي غيّر طريقة تواصل الأشخاص مع بعضهم البعض بشكلٍ دائم؛ حيث أصبح كلُّ شخصٍ يملك هاتفاً محمولاً متاحاً في جميع الأوقات، ويمكن تلخيص أبرز آثار استخدام الهواتف المحمولة بالآتي:[١]
    • أدت القدرة على الاتصال والتحدث مباشرةً مع الأفراد الآخرين بغض النظر عن الموقع إلى خلق ديناميكيةٍ اجتماعية جديدة ومستوى مرتفع من الحضور.
    • أثرت الرسائل النصية على كيفية تواصل الأفراد، من خلال توفير القدرة على إرسال الرسائل المكتوبة واستقبالها على الفور.
    • غيّر الهاتف طريقة التواصل الجسدي بين الأشخاص أيضاً، خاصّةً مع التطور السريع للتكنولوجيا؛ حيث أصبح الهاتف يلفت الانتباه إلى نفسه أكثر من أي أمرٍ مادي آخر، حتى ولو كان هذا الأمر المادّي إنساناً.
    • ساعدت الهواتف الذكية المستخدمين في الوصول إلى الأماكن من خلال توفير اتجاهات تفصيلية؛ حيث يمكن للهاتف البحث على الفور عن أي مصدرٍ للمعلومات.

نظرة عامة عن وسائل الاتصال

يمكن تعريف الاتصال (بالإنجليزية: Communication) على أنه عمليةٍ تبادليةٍ للمعاني، والأفكار، والمعلومات بين الأفراد في أي مجتمعٍ من خلال نظامٍ مشتركٍ للرموز فيما بينهم؛[٦] وعليه فإن الاتصال يمكن أن يشتمل على؛ مشاهدة التلفاز، أو التحدث مع الأصدقاء، أو التحدث عبر الهاتف، أو غيرها من الطرق التي تتيح تبادل المعلومات بين المتلقي والمرسل، وتشير الدراسات والتقديرات إلى أن الوقت الذي يقضيه الناس في التواصل أكثر من الوقت الذي يقضونه في أي نشاطٍ آخرٍ في الحياة، ويجدر بالذكر أنه يوجد مستويين للتواصل البشري، وهما:[٧]

  • المستوى الأول: يشمل العلاقات الشخصية والتبادلات البسيطة بين الأشخاص والمجموعات الصغيرة من الأصدقاء والأفراد.
  • المستوى الثاني: يتمثَّل بالاتصال الجماهيري؛ الذي يشمل ما يُنشر في الخطابات العامة، أو المجلات، أو النشرات الإخبارية.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر Zach Lazzari (27-08-2018), “Technology & How We Communicate”، www.smallbusiness.chron.com, Retrieved 18-07-2020. Edited.
  2. Ann Holtzapple (19-02-2015), “Evolution Of Communication: Prehistory To The 15th Century”، www.onecallnow.com, Retrieved 19-07-2020. Edited.
  3. ^ أ ب “Changes in modern forms of communication”, www.sahistory.org.za, Retrieved 20-07-2020. Edited.
  4. “The History of Communication Technology”, www.conferencecallsunlimited.com, Retrieved 20-07-2020. Edited.
  5. Jim Lucas (27-02-2019), “What Are Radio Waves?”، www.livescience.com, Retrieved 20-07-2020. Edited.
  6. George N. Gordon, “Communication”، www.britannica.com, Retrieved 17-07-2020. Edited.
  7. “communication”, www.kids.britannica.com, Retrieved 17-07-2020. Edited.

.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الفرق بين وسائل الاتصال قديماً وحديثاً

تُعتبر التكنولوجيا من أبرز المؤثِّرات على قدرة الأفراد في التواصل، وقد أدّى تطوُّر التكنولوجيا لإحداث تغييراتٍ تاريخيةٍ على تطوُّر الإمكانيات البشرية والصناعية، وقد استخدم البشر قديماً التكنولوجيا البسيطة والبدائية بهدف التواصل عبر مسافاتٍ قصيرةٍ نسبياً، أمّا في العصر الحديث فقد نجح الإنسان في تحقيق التواصل الفوري عبر المسافات الشاسعة بفضل التطوُّر والتقدُّم التكنولوجي، وتؤثِّر التكنولوجيا بشكلٍ مباشرٍ على التواصل الاجتماعي، والتواصل اليومي، كما أنها تؤثِّر على التواصل الشخصي؛ خاصّةً وأن التكنولوجيا موجودةٌ بعدّة أشكالٍ في الحياة اليومية؛ فهي موجودةٌ في الراديو، والتلفاز، والإنترنت والهواتف الذكية، والكاميرات، كما أنها أصبحت تمكِّن المستخدمين من التواصل معاً عبر عدّة أجهزةٍ في آنٍ واحد.[١]

وسائل الاتصال قديماً

ما قبل التاريخ حتى القرن الخامس عشر

كانت خيارات التواصل محدودةً جداً في العصور القديمة؛ فقد كان يلجأ الأفراد والجماعات في تلك الأوقات إلى استخدام وسائل وطرق بسيطةٍ لإيصال المعلومات فيما بينهم، ومنها على سبيل المثال استخدام النار والدخان للإبلاغ عن الحاجة إلى المساعدة، أو لتبادل المعلومات حول بعض الأمور المهمَّة؛ إذ إن الدخان كان يُستخدم خلال الوقت الذي سبق ظهور الخرائط كأداة تتبع، وكانت المجموعات تتحرَّك من موقعٍ إلى آخر أو تتبع بعضها البعض باتباع العلامات والتوجيهات المصنوعة من الدخان.[٢]

دخل العالم بعد ذلك مرحلةً جديدةً في التواصل، وتحديداً عندما بدأت عملية الطباعة وتدوين المعلومات تنتشر في العالم؛ ففي وقتٍ مبكرٍ من التاريخ منذ عام 59 قبل الميلاد أصبح هناك طباعةٌ للرسائل، بما فيها الرسائل الإخبارية؛ التي كانت تُطبع وقتها على جلود الحيوانات القابلةِ لإعادة الاستخدام، وقد تم اختراع الورق في عام 100م وبدأت طباعة الصحف الأولى بشكلٍ يدوي وفردي، وكان يتم توزيعها على نطاقٍ صغير.[١]

كان اختراع المطبعة في عام 1400م بمثابة نقطة تحوّلٍ في طريقة توزيع الصحف، من خلال تمكين الإنتاج الضخم للنصِّ المطبوع، ومما لا شكَّ فيه أن الصحف قد أحدثت تغييراً جوهرياً في طريقة تواصل البشر؛ وذلك لأن عملية توزيع الصحف كانت تتم بشكلٍ جماعي، مما يعني أنها أصبحت متاحةً بسهولة لأي فرد، كما أنها غيَّرت طريقة الحديث الشفهي وطرق نقل المعلومات.[١]

القرن الخامس عشر حتى القرن التاسع عشر

شهدت هذه الفترة عدّة محطّاتٍ في تطوِّر نظام الاتصال، ويبين الآتي أبرز هذه المحطّات:

  • إنشاء النظام البريدي: أُنشأ النظام البريدي بشكله البسيط في عام 1505م في زمن الإمبراطورية الرومانية، وتحديداً في عهد الإمبراطور الروماني ماكسيمليان، وقد أصبح بإمكان أي شخصٍ استخدام هذه الخدمة للمرة الأولى، وإرسال البريد عند دفعه للرسوم المطلوبة، وتحوَّلت دور البريد لمكاتب بريديةٍ يمكن من خلالها إرسال البريد أو حتى الشيكات وجمعها، وقد استمرَّت الخدمات البريدية في التطوِّر حتى أصبحت متاحةً لعامّة الناس في جميع أنحاء أوروبا.[٣]
  • تسليم البريد وتوصيل الرسائل: تُعدّ عملية تنظيم تسليم البريد وتوصيل الرسائل إنجازاً كبيراً في مجال الاتصالات؛ حيث مكَّنت هذه الخدمة أي شخصين من إجراء محادثةٍ أو تداول معلوماتٍ خاصةٍ على الرغم من وجودهما في مكانين جغرافيين مختلفين، كما ساهمت هذه الخدمة في تطوير نمط الاتصال ليشمل أشكالاً أخرى أهمها: توصيل المراسلات التجارية، وتسليم البضائع الصلبة، وقد امتازت هذه الخدمة بأنها بسيطةٌ وغير مُكلفةٍ بالنسبة للمستهلك؛ لأن عملية تنظيم تسليم البريد غير معقدة.[١]
كان يتم كتابة الرسائل أو طباعتها عادةً من قِبل فردٍ واحد، ثم يتم تغليفها وعنونتها؛ لتسليمها إلى الطرف المتلقّي، وقد كانت الحكومة في الأغلب هي المسؤولة عن إدارة نظام البريد المحلي الخاصِّ بالرسائل، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن بعض الشركات الخاصة الكبرى كانت تساعد في ذلك؛ حيث كانت تساند الحكومة في تقديم خدمة توصيل الرسائل والبريد، بالإضافة لخدمات الشحن، ولعلَّ أبرز الشركات التي كانت مختصَّةً في ذلك شركة “يو بي اس” وشركة “فيديكس”.[١]
  • التلغراف: اخترع صمويل مورس التلغراف الإلكتروني في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وقد مكَّن هذا الاختراع الأفراد من إرسال الرسائل باستخدام شيفرةٍ كان قد اخترعها مورس أيضاً؛ والتي تنتقل عبر الأسلاك أو الكابلات لمسافاتٍ طويلةٍ دون الحاجة إلى السفر، وقد امتازت هذه الطريقة بأنها أكثر موثوقيةً من الطرق التي اُستخدمت سابقاً كإشارات الدخان.[٣]
  • الهاتف: واصل العديد من المخترعين اختبار وتجربة قدرة المغناطيسات الكهربائية وإمكاناتها في أجهزة الاتصالات بعد اختراع التلغراف، وقد قاموا بمشاركة الأفكار وتطوير الآلات بمفاهيم متداخلة، وعلى الرغم من وجود بعض الخلاف حول المخترع الأصلي للهاتف، إلا أنه نجح رجلٌ واحدٌ في عام 1876 يُدعى ألكسندر غراهام بيل بالحصول على براءة اختراعٍ لنسخته من الهاتف بشكلٍ قانوني؛ وعليه فهو الشخص الذي يتم تذكُّره عندما يتم الحديث عن اختراع الهاتف، ويمكن تلخيص مراحل تطوُّر جهاز الهاتف على النحو الآتي:[٤]
    • المرحلة الأولى: تطلَّبت أجهزة الهاتف من المستمع التحدث والاستماع من خلال نفس القطعة.
    • المرحلة الثانية: تطوَّر الهاتف إلى جهازٍ تمكَّن فيه المستمع من حمل قطعةٍ واحدةٍ ووضعها على أذنه، والتحدث من خلال وحدة الهاتف الرئيسية.
    • المرحلة الثالثة: أصبح الهاتف يشمل كلاً من سماعة الأذن وقطعة الفم على مقبضٍ واحد، وهو شكل الهاتف المتعارف عليه عند المعظم.
    • المرحلة الرابعة: تم استبدال العديد من مشغلي الهاتف بأنظمة الطلب الذاتي.

وسائل الاتصال حديثاً

شهدت هذه الفترة تطوراتٍ في أشكال وسائل الاتصال، ويبين الآتي أهم هذه الأشكال:

  • موجات الراديو: تعود نشأة وظهور موجات الراديو، لتنبؤات وجهود الفيزيائي الاسكتلندي جيمس ماكسويل؛ حيث طوَّر ماكسويل نظريةً موحدةً للكهرومغناطيسية تُفيد بوجود موجات راديو في سبعينيات القرن التاسع عشر، وقد طبَّق عالم الفيزياء الألماني هاينريش هيرتز لاحقاً في عام 1886م نظريات ماكسويل على إنتاج واستقبال موجات الراديو.[٥]
بدأ ظهور موجات الراديو وتداولها بين الناس كشكلٍ من أشكال الاتصال في عشرينيات القرن العشرين؛ وتجدر الإشارة إلى أن هذا الشكل من الاتصال لا يُستخدم للتواصل المباشر بين الأفراد أو المجموعات الصغيرة؛ وذلك لأن الاتصال عبر الراديو يكون في اتجاهٍ واحد، وعليه فهو يُستخدم لتوصيل الأخبار، والرسائل، وبث المعلومات، والترفيه للجمهور المحلي، ولا شكً أن أجهزة الراديو الخاصة بالسيارات والمنازل تُعتبر شكلاً وتطبيقاً شائعاً على ذلك.[١]
  • التلفاز: تم اختراع التلفاز بعد فترةٍ بسيطةٍ من اختراع الراديو؛ إلا أن التلفاز التجاري لم يكن شائعاً حتى أواخر الأربعينيات من القرن العشرين، وقد تطوَّر أمر التلفاز لاحقاً ليصبح صناعةً تجاريةً كبيرة في مجال الترفيه يُستخدم لبث الأحداث المسجَّلة مسبقاً أو الحيّة، بالإضافة إلى الأفلام والعروض المنتظمة، وقد أثَّر وجود التلفاز على حياة الإنسان بعدّة أشكالٍ أهمها:[١]
    • أضاف التلفاز لمساتٍ مهمَّةٍ لمنهجية نقل الأخبار.
    • خلق اختراع التلفاز نوعاً جديداً من التواصل مع الجمهور؛ وهو التواصل البصري.
    • أدى البث التلفزيوني إلى تطوير تقنياتٍ رياضية تقوم على جمع البيانات الديموغرافية، وأخذ عيناتٍ من الجمهور بهدف إيصال رسائل محدَّدة للجمهور المشاهد.
  • اتصالات الأقمار الصناعية: تم إطلاق الأقمار الصناعية الأولى للفضاء في ستينيات القرن العشرين، وتكمن أهمية هذه التكنولوجيا بكونها مكَّنت العالم أفراداً ومجموعات من التواصل مع بعضهم من أي مكان؛ حيث يمكن للأقمار الصناعية إرسال إشارات الراديو، والتلفاز، والهاتف، كما يمكنها أيضًا تحديد المواقع والنقاط الجغرافية بدّقةٍ عالية.[١]
  • الانترنت: ظهرت أجهزة الكمبيوتر الشخصية منذ سبعينيات القرن العشرين، إلا أن عملية توصيلها بشبكة الانترنت بدأت بالظهور في التسعينات، وقد ساهم اختراع الإنترنت في حدوث نقلةٍ نوعيةٍ في طريقة تواصل الأشخاص، ويمكن تلخيص أبرز مراحل تطور الانترنت وتأثيرها على المجتمع البشري بالآتي:[١]
    • المرحلة الأولى: تم توجيه التأثير على الاتصال عبر البريد الإلكتروني؛ وهو الأمر الذي أدّى إلى تغيير الطريقة التي تتواصل بها الشركات مع رسائل البريد الإلكتروني القادرة على إرسال واستلام المستندات، والصور، والوسائط الأخرى؛ التي كانت تتطلَّب جهاز فاكس أو خدماتٍ بريدية أو تسليماً يدوياً.
    • المرحلة الثانية: انتشرت مواقع الويب ومحركات البحث بشكلٍ متزايد، إضافةً لاختراع المدونة التي ساهمت أيضاً بشكلٍ كبير في تغيير أنماط الاتصال، خاصةً أنها مكَّنت الأفراد من البدء بنشر يومياتهم، وآرائهم الخاصة ببعض الأمور والقضايا العامة.
    • المرحلة الثالثة: تطوَّر الإنترنت الخاص باتجاهات القيادة والخرائط، وهو ما غيّر طريقة اتصال الناس بالاتجاهات، كما أدى ذلك إلى تغيير الحاجة إلى خرائط الشوارع الفعلية، خاصةً مع قدرة الناس على سحب خريطة أي شارع، وتخطيط الاتجاهات عبر الإنترنت.
    • المرحلة الرابعة: ظهرت منصّات التواصل الاجتماعي، مثل تويتر، وفيسبوك، وسناب شات، وانستغرام؛ الأمر الذي سمح بمزيدٍ من التواصل بين الأفراد والمجموعات، في أي وقتٍ من جميع أنحاء العالم عبر هذه المنصات، كما أصبح بإمكان الأفراد إرسال رسائل خاصة بالإضافة إلى نشر وإنشاء محتوى خاصٍّ بهم، وصورهم، وأي شيء آخر حسب رغبتهم، وهو ما يختلف عن الوضع في وسائل الاتصال أحادية الاتجاه مثل الراديو والتلفزيون.
  • أجهزة الهواتف المحمولة: بدأ استخدام الهواتف المحمولة في العالم في التسعينات من القرن العشرين، وقد اكتسبت الهواتف المحمولة زخماً كبيراً في مطلع القرن الحادي والعشرين، الأمر الذي غيّر طريقة تواصل الأشخاص مع بعضهم البعض بشكلٍ دائم؛ حيث أصبح كلُّ شخصٍ يملك هاتفاً محمولاً متاحاً في جميع الأوقات، ويمكن تلخيص أبرز آثار استخدام الهواتف المحمولة بالآتي:[١]
    • أدت القدرة على الاتصال والتحدث مباشرةً مع الأفراد الآخرين بغض النظر عن الموقع إلى خلق ديناميكيةٍ اجتماعية جديدة ومستوى مرتفع من الحضور.
    • أثرت الرسائل النصية على كيفية تواصل الأفراد، من خلال توفير القدرة على إرسال الرسائل المكتوبة واستقبالها على الفور.
    • غيّر الهاتف طريقة التواصل الجسدي بين الأشخاص أيضاً، خاصّةً مع التطور السريع للتكنولوجيا؛ حيث أصبح الهاتف يلفت الانتباه إلى نفسه أكثر من أي أمرٍ مادي آخر، حتى ولو كان هذا الأمر المادّي إنساناً.
    • ساعدت الهواتف الذكية المستخدمين في الوصول إلى الأماكن من خلال توفير اتجاهات تفصيلية؛ حيث يمكن للهاتف البحث على الفور عن أي مصدرٍ للمعلومات.

نظرة عامة عن وسائل الاتصال

يمكن تعريف الاتصال (بالإنجليزية: Communication) على أنه عمليةٍ تبادليةٍ للمعاني، والأفكار، والمعلومات بين الأفراد في أي مجتمعٍ من خلال نظامٍ مشتركٍ للرموز فيما بينهم؛[٦] وعليه فإن الاتصال يمكن أن يشتمل على؛ مشاهدة التلفاز، أو التحدث مع الأصدقاء، أو التحدث عبر الهاتف، أو غيرها من الطرق التي تتيح تبادل المعلومات بين المتلقي والمرسل، وتشير الدراسات والتقديرات إلى أن الوقت الذي يقضيه الناس في التواصل أكثر من الوقت الذي يقضونه في أي نشاطٍ آخرٍ في الحياة، ويجدر بالذكر أنه يوجد مستويين للتواصل البشري، وهما:[٧]

  • المستوى الأول: يشمل العلاقات الشخصية والتبادلات البسيطة بين الأشخاص والمجموعات الصغيرة من الأصدقاء والأفراد.
  • المستوى الثاني: يتمثَّل بالاتصال الجماهيري؛ الذي يشمل ما يُنشر في الخطابات العامة، أو المجلات، أو النشرات الإخبارية.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر Zach Lazzari (27-08-2018), “Technology & How We Communicate”، www.smallbusiness.chron.com, Retrieved 18-07-2020. Edited.
  2. Ann Holtzapple (19-02-2015), “Evolution Of Communication: Prehistory To The 15th Century”، www.onecallnow.com, Retrieved 19-07-2020. Edited.
  3. ^ أ ب “Changes in modern forms of communication”, www.sahistory.org.za, Retrieved 20-07-2020. Edited.
  4. “The History of Communication Technology”, www.conferencecallsunlimited.com, Retrieved 20-07-2020. Edited.
  5. Jim Lucas (27-02-2019), “What Are Radio Waves?”، www.livescience.com, Retrieved 20-07-2020. Edited.
  6. George N. Gordon, “Communication”، www.britannica.com, Retrieved 17-07-2020. Edited.
  7. “communication”, www.kids.britannica.com, Retrieved 17-07-2020. Edited.

.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

الفرق بين وسائل الاتصال قديماً وحديثاً

تُعتبر التكنولوجيا من أبرز المؤثِّرات على قدرة الأفراد في التواصل، وقد أدّى تطوُّر التكنولوجيا لإحداث تغييراتٍ تاريخيةٍ على تطوُّر الإمكانيات البشرية والصناعية، وقد استخدم البشر قديماً التكنولوجيا البسيطة والبدائية بهدف التواصل عبر مسافاتٍ قصيرةٍ نسبياً، أمّا في العصر الحديث فقد نجح الإنسان في تحقيق التواصل الفوري عبر المسافات الشاسعة بفضل التطوُّر والتقدُّم التكنولوجي، وتؤثِّر التكنولوجيا بشكلٍ مباشرٍ على التواصل الاجتماعي، والتواصل اليومي، كما أنها تؤثِّر على التواصل الشخصي؛ خاصّةً وأن التكنولوجيا موجودةٌ بعدّة أشكالٍ في الحياة اليومية؛ فهي موجودةٌ في الراديو، والتلفاز، والإنترنت والهواتف الذكية، والكاميرات، كما أنها أصبحت تمكِّن المستخدمين من التواصل معاً عبر عدّة أجهزةٍ في آنٍ واحد.[١]

وسائل الاتصال قديماً

ما قبل التاريخ حتى القرن الخامس عشر

كانت خيارات التواصل محدودةً جداً في العصور القديمة؛ فقد كان يلجأ الأفراد والجماعات في تلك الأوقات إلى استخدام وسائل وطرق بسيطةٍ لإيصال المعلومات فيما بينهم، ومنها على سبيل المثال استخدام النار والدخان للإبلاغ عن الحاجة إلى المساعدة، أو لتبادل المعلومات حول بعض الأمور المهمَّة؛ إذ إن الدخان كان يُستخدم خلال الوقت الذي سبق ظهور الخرائط كأداة تتبع، وكانت المجموعات تتحرَّك من موقعٍ إلى آخر أو تتبع بعضها البعض باتباع العلامات والتوجيهات المصنوعة من الدخان.[٢]

دخل العالم بعد ذلك مرحلةً جديدةً في التواصل، وتحديداً عندما بدأت عملية الطباعة وتدوين المعلومات تنتشر في العالم؛ ففي وقتٍ مبكرٍ من التاريخ منذ عام 59 قبل الميلاد أصبح هناك طباعةٌ للرسائل، بما فيها الرسائل الإخبارية؛ التي كانت تُطبع وقتها على جلود الحيوانات القابلةِ لإعادة الاستخدام، وقد تم اختراع الورق في عام 100م وبدأت طباعة الصحف الأولى بشكلٍ يدوي وفردي، وكان يتم توزيعها على نطاقٍ صغير.[١]

كان اختراع المطبعة في عام 1400م بمثابة نقطة تحوّلٍ في طريقة توزيع الصحف، من خلال تمكين الإنتاج الضخم للنصِّ المطبوع، ومما لا شكَّ فيه أن الصحف قد أحدثت تغييراً جوهرياً في طريقة تواصل البشر؛ وذلك لأن عملية توزيع الصحف كانت تتم بشكلٍ جماعي، مما يعني أنها أصبحت متاحةً بسهولة لأي فرد، كما أنها غيَّرت طريقة الحديث الشفهي وطرق نقل المعلومات.[١]

القرن الخامس عشر حتى القرن التاسع عشر

شهدت هذه الفترة عدّة محطّاتٍ في تطوِّر نظام الاتصال، ويبين الآتي أبرز هذه المحطّات:

  • إنشاء النظام البريدي: أُنشأ النظام البريدي بشكله البسيط في عام 1505م في زمن الإمبراطورية الرومانية، وتحديداً في عهد الإمبراطور الروماني ماكسيمليان، وقد أصبح بإمكان أي شخصٍ استخدام هذه الخدمة للمرة الأولى، وإرسال البريد عند دفعه للرسوم المطلوبة، وتحوَّلت دور البريد لمكاتب بريديةٍ يمكن من خلالها إرسال البريد أو حتى الشيكات وجمعها، وقد استمرَّت الخدمات البريدية في التطوِّر حتى أصبحت متاحةً لعامّة الناس في جميع أنحاء أوروبا.[٣]
  • تسليم البريد وتوصيل الرسائل: تُعدّ عملية تنظيم تسليم البريد وتوصيل الرسائل إنجازاً كبيراً في مجال الاتصالات؛ حيث مكَّنت هذه الخدمة أي شخصين من إجراء محادثةٍ أو تداول معلوماتٍ خاصةٍ على الرغم من وجودهما في مكانين جغرافيين مختلفين، كما ساهمت هذه الخدمة في تطوير نمط الاتصال ليشمل أشكالاً أخرى أهمها: توصيل المراسلات التجارية، وتسليم البضائع الصلبة، وقد امتازت هذه الخدمة بأنها بسيطةٌ وغير مُكلفةٍ بالنسبة للمستهلك؛ لأن عملية تنظيم تسليم البريد غير معقدة.[١]
كان يتم كتابة الرسائل أو طباعتها عادةً من قِبل فردٍ واحد، ثم يتم تغليفها وعنونتها؛ لتسليمها إلى الطرف المتلقّي، وقد كانت الحكومة في الأغلب هي المسؤولة عن إدارة نظام البريد المحلي الخاصِّ بالرسائل، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن بعض الشركات الخاصة الكبرى كانت تساعد في ذلك؛ حيث كانت تساند الحكومة في تقديم خدمة توصيل الرسائل والبريد، بالإضافة لخدمات الشحن، ولعلَّ أبرز الشركات التي كانت مختصَّةً في ذلك شركة “يو بي اس” وشركة “فيديكس”.[١]
  • التلغراف: اخترع صمويل مورس التلغراف الإلكتروني في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وقد مكَّن هذا الاختراع الأفراد من إرسال الرسائل باستخدام شيفرةٍ كان قد اخترعها مورس أيضاً؛ والتي تنتقل عبر الأسلاك أو الكابلات لمسافاتٍ طويلةٍ دون الحاجة إلى السفر، وقد امتازت هذه الطريقة بأنها أكثر موثوقيةً من الطرق التي اُستخدمت سابقاً كإشارات الدخان.[٣]
  • الهاتف: واصل العديد من المخترعين اختبار وتجربة قدرة المغناطيسات الكهربائية وإمكاناتها في أجهزة الاتصالات بعد اختراع التلغراف، وقد قاموا بمشاركة الأفكار وتطوير الآلات بمفاهيم متداخلة، وعلى الرغم من وجود بعض الخلاف حول المخترع الأصلي للهاتف، إلا أنه نجح رجلٌ واحدٌ في عام 1876 يُدعى ألكسندر غراهام بيل بالحصول على براءة اختراعٍ لنسخته من الهاتف بشكلٍ قانوني؛ وعليه فهو الشخص الذي يتم تذكُّره عندما يتم الحديث عن اختراع الهاتف، ويمكن تلخيص مراحل تطوُّر جهاز الهاتف على النحو الآتي:[٤]
    • المرحلة الأولى: تطلَّبت أجهزة الهاتف من المستمع التحدث والاستماع من خلال نفس القطعة.
    • المرحلة الثانية: تطوَّر الهاتف إلى جهازٍ تمكَّن فيه المستمع من حمل قطعةٍ واحدةٍ ووضعها على أذنه، والتحدث من خلال وحدة الهاتف الرئيسية.
    • المرحلة الثالثة: أصبح الهاتف يشمل كلاً من سماعة الأذن وقطعة الفم على مقبضٍ واحد، وهو شكل الهاتف المتعارف عليه عند المعظم.
    • المرحلة الرابعة: تم استبدال العديد من مشغلي الهاتف بأنظمة الطلب الذاتي.

وسائل الاتصال حديثاً

شهدت هذه الفترة تطوراتٍ في أشكال وسائل الاتصال، ويبين الآتي أهم هذه الأشكال:

  • موجات الراديو: تعود نشأة وظهور موجات الراديو، لتنبؤات وجهود الفيزيائي الاسكتلندي جيمس ماكسويل؛ حيث طوَّر ماكسويل نظريةً موحدةً للكهرومغناطيسية تُفيد بوجود موجات راديو في سبعينيات القرن التاسع عشر، وقد طبَّق عالم الفيزياء الألماني هاينريش هيرتز لاحقاً في عام 1886م نظريات ماكسويل على إنتاج واستقبال موجات الراديو.[٥]
بدأ ظهور موجات الراديو وتداولها بين الناس كشكلٍ من أشكال الاتصال في عشرينيات القرن العشرين؛ وتجدر الإشارة إلى أن هذا الشكل من الاتصال لا يُستخدم للتواصل المباشر بين الأفراد أو المجموعات الصغيرة؛ وذلك لأن الاتصال عبر الراديو يكون في اتجاهٍ واحد، وعليه فهو يُستخدم لتوصيل الأخبار، والرسائل، وبث المعلومات، والترفيه للجمهور المحلي، ولا شكً أن أجهزة الراديو الخاصة بالسيارات والمنازل تُعتبر شكلاً وتطبيقاً شائعاً على ذلك.[١]
  • التلفاز: تم اختراع التلفاز بعد فترةٍ بسيطةٍ من اختراع الراديو؛ إلا أن التلفاز التجاري لم يكن شائعاً حتى أواخر الأربعينيات من القرن العشرين، وقد تطوَّر أمر التلفاز لاحقاً ليصبح صناعةً تجاريةً كبيرة في مجال الترفيه يُستخدم لبث الأحداث المسجَّلة مسبقاً أو الحيّة، بالإضافة إلى الأفلام والعروض المنتظمة، وقد أثَّر وجود التلفاز على حياة الإنسان بعدّة أشكالٍ أهمها:[١]
    • أضاف التلفاز لمساتٍ مهمَّةٍ لمنهجية نقل الأخبار.
    • خلق اختراع التلفاز نوعاً جديداً من التواصل مع الجمهور؛ وهو التواصل البصري.
    • أدى البث التلفزيوني إلى تطوير تقنياتٍ رياضية تقوم على جمع البيانات الديموغرافية، وأخذ عيناتٍ من الجمهور بهدف إيصال رسائل محدَّدة للجمهور المشاهد.
  • اتصالات الأقمار الصناعية: تم إطلاق الأقمار الصناعية الأولى للفضاء في ستينيات القرن العشرين، وتكمن أهمية هذه التكنولوجيا بكونها مكَّنت العالم أفراداً ومجموعات من التواصل مع بعضهم من أي مكان؛ حيث يمكن للأقمار الصناعية إرسال إشارات الراديو، والتلفاز، والهاتف، كما يمكنها أيضًا تحديد المواقع والنقاط الجغرافية بدّقةٍ عالية.[١]
  • الانترنت: ظهرت أجهزة الكمبيوتر الشخصية منذ سبعينيات القرن العشرين، إلا أن عملية توصيلها بشبكة الانترنت بدأت بالظهور في التسعينات، وقد ساهم اختراع الإنترنت في حدوث نقلةٍ نوعيةٍ في طريقة تواصل الأشخاص، ويمكن تلخيص أبرز مراحل تطور الانترنت وتأثيرها على المجتمع البشري بالآتي:[١]
    • المرحلة الأولى: تم توجيه التأثير على الاتصال عبر البريد الإلكتروني؛ وهو الأمر الذي أدّى إلى تغيير الطريقة التي تتواصل بها الشركات مع رسائل البريد الإلكتروني القادرة على إرسال واستلام المستندات، والصور، والوسائط الأخرى؛ التي كانت تتطلَّب جهاز فاكس أو خدماتٍ بريدية أو تسليماً يدوياً.
    • المرحلة الثانية: انتشرت مواقع الويب ومحركات البحث بشكلٍ متزايد، إضافةً لاختراع المدونة التي ساهمت أيضاً بشكلٍ كبير في تغيير أنماط الاتصال، خاصةً أنها مكَّنت الأفراد من البدء بنشر يومياتهم، وآرائهم الخاصة ببعض الأمور والقضايا العامة.
    • المرحلة الثالثة: تطوَّر الإنترنت الخاص باتجاهات القيادة والخرائط، وهو ما غيّر طريقة اتصال الناس بالاتجاهات، كما أدى ذلك إلى تغيير الحاجة إلى خرائط الشوارع الفعلية، خاصةً مع قدرة الناس على سحب خريطة أي شارع، وتخطيط الاتجاهات عبر الإنترنت.
    • المرحلة الرابعة: ظهرت منصّات التواصل الاجتماعي، مثل تويتر، وفيسبوك، وسناب شات، وانستغرام؛ الأمر الذي سمح بمزيدٍ من التواصل بين الأفراد والمجموعات، في أي وقتٍ من جميع أنحاء العالم عبر هذه المنصات، كما أصبح بإمكان الأفراد إرسال رسائل خاصة بالإضافة إلى نشر وإنشاء محتوى خاصٍّ بهم، وصورهم، وأي شيء آخر حسب رغبتهم، وهو ما يختلف عن الوضع في وسائل الاتصال أحادية الاتجاه مثل الراديو والتلفزيون.
  • أجهزة الهواتف المحمولة: بدأ استخدام الهواتف المحمولة في العالم في التسعينات من القرن العشرين، وقد اكتسبت الهواتف المحمولة زخماً كبيراً في مطلع القرن الحادي والعشرين، الأمر الذي غيّر طريقة تواصل الأشخاص مع بعضهم البعض بشكلٍ دائم؛ حيث أصبح كلُّ شخصٍ يملك هاتفاً محمولاً متاحاً في جميع الأوقات، ويمكن تلخيص أبرز آثار استخدام الهواتف المحمولة بالآتي:[١]
    • أدت القدرة على الاتصال والتحدث مباشرةً مع الأفراد الآخرين بغض النظر عن الموقع إلى خلق ديناميكيةٍ اجتماعية جديدة ومستوى مرتفع من الحضور.
    • أثرت الرسائل النصية على كيفية تواصل الأفراد، من خلال توفير القدرة على إرسال الرسائل المكتوبة واستقبالها على الفور.
    • غيّر الهاتف طريقة التواصل الجسدي بين الأشخاص أيضاً، خاصّةً مع التطور السريع للتكنولوجيا؛ حيث أصبح الهاتف يلفت الانتباه إلى نفسه أكثر من أي أمرٍ مادي آخر، حتى ولو كان هذا الأمر المادّي إنساناً.
    • ساعدت الهواتف الذكية المستخدمين في الوصول إلى الأماكن من خلال توفير اتجاهات تفصيلية؛ حيث يمكن للهاتف البحث على الفور عن أي مصدرٍ للمعلومات.

نظرة عامة عن وسائل الاتصال

يمكن تعريف الاتصال (بالإنجليزية: Communication) على أنه عمليةٍ تبادليةٍ للمعاني، والأفكار، والمعلومات بين الأفراد في أي مجتمعٍ من خلال نظامٍ مشتركٍ للرموز فيما بينهم؛[٦] وعليه فإن الاتصال يمكن أن يشتمل على؛ مشاهدة التلفاز، أو التحدث مع الأصدقاء، أو التحدث عبر الهاتف، أو غيرها من الطرق التي تتيح تبادل المعلومات بين المتلقي والمرسل، وتشير الدراسات والتقديرات إلى أن الوقت الذي يقضيه الناس في التواصل أكثر من الوقت الذي يقضونه في أي نشاطٍ آخرٍ في الحياة، ويجدر بالذكر أنه يوجد مستويين للتواصل البشري، وهما:[٧]

  • المستوى الأول: يشمل العلاقات الشخصية والتبادلات البسيطة بين الأشخاص والمجموعات الصغيرة من الأصدقاء والأفراد.
  • المستوى الثاني: يتمثَّل بالاتصال الجماهيري؛ الذي يشمل ما يُنشر في الخطابات العامة، أو المجلات، أو النشرات الإخبارية.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر Zach Lazzari (27-08-2018), “Technology & How We Communicate”، www.smallbusiness.chron.com, Retrieved 18-07-2020. Edited.
  2. Ann Holtzapple (19-02-2015), “Evolution Of Communication: Prehistory To The 15th Century”، www.onecallnow.com, Retrieved 19-07-2020. Edited.
  3. ^ أ ب “Changes in modern forms of communication”, www.sahistory.org.za, Retrieved 20-07-2020. Edited.
  4. “The History of Communication Technology”, www.conferencecallsunlimited.com, Retrieved 20-07-2020. Edited.
  5. Jim Lucas (27-02-2019), “What Are Radio Waves?”، www.livescience.com, Retrieved 20-07-2020. Edited.
  6. George N. Gordon, “Communication”، www.britannica.com, Retrieved 17-07-2020. Edited.
  7. “communication”, www.kids.britannica.com, Retrieved 17-07-2020. Edited.

.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى