محتويات
'); }
أبرز الفروقات بين الملحمة والمسرحية
تختلف الملاحم عن المسرحيات في نقاط عديدة إلاّ أنّهما جنسان أدبيان من الممكن تضمين أحدهما بالآخر ككتابة مسرح ملحمي يجمع خصائص الملحمة داخل هيكلة المسرحية، إلّا أنّ ما يميز النوعان عن بعضهما في الدرجة الأولى هو الحوار إذ إن المسرح يقوم على إيصال أفكاره عن طريق الحوار الذي تخوضه الشخصيات مع بعضها على الخشبة حيث يقلّ هذا العنصر في الملحمة التي تعتمد على السّرد والوصف أولًا.[١]
الملحمة والمسرحية من حيث التعريف
الملحمة: “هي جِنس أدبيّ قريبٌ من الأسطورة، يتغنّى فيه الشّاعر البطوليّ الإنشاديّ بما يختزنه تاريخ مجموعته البشرية من التمثلات الاجتماعية والسّياسية والدينية، وتُكشف الأسطورة بقصّ الاختبارات التي يمرّ بها البطل عن رؤية العالم لدى المجموعة البشرية التي ينتمي إليها”[٢].
'); }
المسرحية: “هي نوعٌ من النصوص الأدبية التي تؤدى تمثيلًا على خشبة المسرح، وهي عمل درامي أو حركة درامية، يجتمع في هذا النوع من التمثيل خليط من الضحك والجد والواقع والخوف والحزن”[٣].
الملحمة والمسرحية من حيث طول النّص
يتراوح النص الملحمي في عدد أبيات الملحمة بين المئات والآلاف كقصة طويلة يضمها كتابٌ كامل[٢].
أمّا النص المسرحيّ فتختلف نصوصه من طول النصّ وعدد فصوله، وذلك يرجع إلى قصة المسرحية وحبكتها الداخلية وطبيعة الحوارات فيها، وعدد مشاهدها.
الملحمة والمسرحية من حيث طبيعة النص
الملحمة: تعد الملحمة قصة طويلة غالبًا ما تكون بطول كتاب كامل، وتكون نصوصها شعرية، وتحتوي على أناشيد مغنّاه تسرد بها الرحلة البطولية للبطل أو مجموعة الأبطال في رحلاتهم الخارقة ومغامراتها بلغة عالية الأسلوب والتقنيات، مع مزج التقاليد الغنائية والدرامية[٤].
المسرحية: هي نص أدبي يتألف من عناصر متكاملة مرتبًا وفقًا لقواعد معينة ومزاجٍ خاص تهدف إلى إحداث التأثير في الجمهور، بتكامل ثلاثة عناصر هم؛ الحدث الدرامي، والصراع والحوار، ويُبنى نصّها على الحوار بين الشخصيات[٥].
الملحمة والمسرحية من حيث الواقعية
في الوقت الذي تعبّر فيه الملحمة عن وقائع الأمة وخطوبها وحروب نضالها، إلّا أنّ تحوي في طبيعتها على أساطير غير واقعية، ويحمّل بطلها من الصفات والقدرات العظيمة والعجيبة ما يفوق قدرة البشر وطاقتهم، لذا فإن كانت حوادث الملحمة مستمدة من التاريخ والواقع إلّا انها تبتعد في أحداثها عن الواقع[٦].
عندما نشأ المسرح في اليونان القديمة كان يعد محاكاة لواقع النّاس ومشاعرهم اتجاه معيشتهم، وصعوبة ظروفهم فكان المسرح يمثلهم، حتى اعتقد ارسطو أنّ وظيفة المسرح لا تقتصر على محاكاة الواقع الحقيقي بل التنبؤ بالمستقبل، وأنّ الحقيقة هي أساس التطور الدرامي، وإنّ دخل الخيال إلى العمل المسرحي فهو لا يفقده حقيقته لأنّه يمكن استغلاله في معالجة فكرة الحقيقة[٧].
الملحمة والمسرحية من حيث السمات
تمتاز كلّ الأنواع الأدبية بسمات تميزها عن بعضها البعض وأحد سمات الملاحم والمسرحيات التالي:
سمات الملحمة
تمتاز الملحمة بعدة سمات منها[٨]:
- يعلو صوت الإنسان في الملحمة، إذ يحاول دائمًا بناء عالم جديد، إلّا أنّه في النهاية يخضع لما حكمته الآلهة وينصاع لمصيره المحدَّد.
- إنّ للملحمة موضوع رئيسيّ وهو الصراع الإنساني مع القدر والمصير، وذكر أعماله وبطولاته كلّ هذا بطابعٍ تاريخيّ ذو أصلٍ واقعيّ، مع ما يذكره الكاتب من صفات شخصية عظيمة لدى البطل مثل قدرته على تفسير الأحلام مثلًا وشجاعته، ودور الآلهة في حياته.
- إبراز وتوضيح دور الفرد وتأُثيره في صنع الأحداث، مع كلّ ما تتضمنه هذه الأحداث من تنوّعٍ واتساع، لتصل بالنهاية إلى حلقةٍ مفرغة من الموت والحياة.
- إنّ الأنثى في الملحمة تكاد لا تُذكر حيث أنّ أغلب أبطال الملاحم من الرّجال.
سمات المسرحية
تمتاز المسرحية بعدة سمات منها[٩]:
- تقوم المسرحية على الحوار فهو أداة التصوير الرئيسية على الخشبة، ويتم إيصال الغاية المرتجاة من المسرحية بحوار الشخصيات مع بعضها أو البطل مع نفسه.
- تقوم المسرحية على الملهاة والمأساة، إذ إنّها ممتعة للجمهور من جهة ومؤسفة من جهة أخرى إذ تشرح له ألم الحياة وصعوبة العيش وتعبر عن مشاكل الإنسان في الوجود.
- إنّ فن المسرح بكلّ مذاهبه الواقعية والكلاسيكية والرومانتيكية يهدف إلى إثارة قضية ما من الواقع الإنساني مثل تساؤلات وجودية، أو انتقاد اجتماعي أو سياسي، وسخرية من واقع الدولة، فهي تفتح أعين النّاس على حقيقة عيشهم.
أمثلة عالميّة على المسرحيات والملاحم
من الأمثلة عالميّة على المسرحيات والملاحم:
- ملحمة فيداس: الهندية للشاعر فياسا والتي تعد كتابًا مقدسًا لدى الهندوس، وقد كتبت هذه الملحمة باللغة السنسكريتية وتضم مجموعة من الأناشيد الدينية والابتهالات الروحانية تتكلم عن الإله براهما الأعلى الذي كان يعبده الهندوس ويعتقدون أنّه خالق الآلهة والكائنات[١٠].
- ملحمة الرامايانا: وهي قصيدة طويلة كُتبت باللغة السنسكريتية تصوّر مغامرات (راما) الذي أحبّ الجميلة (سيتا) وكانت له نعمَ الزوجة حتى اختطفها الملك (لرافانا) فخاض الحروب والمغامرات الأسطورية لأجل إرجاعها[١١].
- مسرحية تاجر البندقية: لشكسبير عن رجل اسمه أنطونيو كان قد اقترض المال من شايلوك، وتعهد له أن يعيد المال في ثلاثة شهور فإن لم يفعل فيحق لشايلوك أن يقطع من لحمه رطلًا مقابل المال[١٢].
- مسرحية أهل الكهف: لتوفيق الحكيم وهي مسرحية دينية تتحدث عن صراع الإنسان مع الزمن إذ يعبر عن ذلك بثلاثة رجال ينامون لمدة ثلاثة قرون ويستيقظون في زمنٍ آخر فيتأزمون بالوحدة والعزلة فيرجعون إلى كهفهم سريعًا ويؤثرون الموت على هذه الحياة[١٣].
- مسرحية هاملت: لشكسبير والتي تتحدث عن هاملت الذي قُتل والده الملك عن طريق مؤامرة ما، فيعرف بشأن هذه المؤامرة من شبخ أبوه الميت، فيقرر الانتقام ويدّعي الجنون لفعل ذلك[١٤].
الخلاصة
تختلف الملحمة عن المسرحية بتعرفيهما فالملحمة هي قصائد طويلة تذكر قصة أبطال وأمة معينة بتضمين الأسطورة والصفات الخارقة للبطل، بينما المسرحية هي نص أدبي يقوم على الحوار بين الممثلين يعبّر عن مشاكل الإنسان وظروفه ويسلّي الجمهور.
كما تعد المسرحية أكثر واقعيةً من الملحمة لعدم اعتمادها على الأساطير، ولأنّ شخصياتها تتمتع بقدرات بشرية طبيعية في الأغلب. ويعد النصّ المسرحيّ أقل طولًا من الملحميّ؛ إذ إنّ الملحمي قد يطول ما بين مائة بيت وألف، بينما المسرحية تكون في حدود القصة الطبيعية. وتمتاز الملحمة عن المسرحية بأنّها مبنية على السّرد والوصف أكثر من الحوار.
المراجع
- ↑ علي صابر، المسرحية نشأتها وتطورها، صفحة 2. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد القاضي ، معجم السرديات، صفحة 419. بتصرّف.
- ↑ سيد غيث، فنيات الكتابة الادبية، صفحة 98. بتصرّف.
- ↑ “epic”, poets, Retrieved 4/9/2021. Edited.
- ↑ سيد غيث، فنيات الكتابة الادبية، صفحة 100. بتصرّف.
- ↑ محمد محاسني، الملحمة العربية، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ “Theater, is it Real? Thoughts on the notion of the Real in contemporary stages”, scielo, Retrieved 4/9/2021. Edited.
- ↑ عبدالرحمن العابو، البطولي في اساطير الشرق، صفحة 82-83. بتصرّف.
- ↑ علي صابري، المسرحية نشأتها وتطورها، صفحة 3-9.
- ↑ محمد محاسني، الملحمة العربية، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ محمد محاسني، الملحمة العربية، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ سيد غيث، فنيات الكتابة الادبية، صفحة 106-107.
- ↑ سيد غيث، فنيات الكتابة الادبية، صفحة 110.
- ↑ سيد غيث، فنيات الكتابة الادبية، صفحة 107.