رسالة التوحيد
بعث الله تعالى رسله الكرام برسالةٍ واحدةٍ لكافة الخلق منذ أن خلق آدم عليه السلام إلى أن ختم الرسالات بخاتم الرسل الكرام محمد صلى الله عليه وسلم، ألا وهي رسالة التوحيد ودين الإسلام؛ فديننا العظيم دين كامل من دخل فيه ارتقى فيه تدريجياً، فيبدأ بالإسلام، ثم ينتقل لدرجة أعلى وهي الإيمان، ثم يرتقي فيصل لدرجة الإحسان، وقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم خصّا المسلمين، وآيات أخرى كانت موجّهة للمؤمنين، فما هوالإسلام، وما هو الإيمان؟ وهل يُسمّى الرجل مسلماً ومؤمناً في آنٍ واحدٍ؟
أركان الإسلام والإيمان
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزاً يوماً للناس فأتاه رجل فقال: ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته وبلقائه وبرسله، وتؤمن بالبعث، قال ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة، وتؤدّي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان…). من هذا الحديث تتبيّن لنا أركان الإسلام وأركان الإيمان، فنبدأ أولاً بذكر أركان الإسلام الخمسة والتي بُني عليها ألا وهي: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً، وأمّا أركان الإيمان الستة فهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره.
الفرق بين المسلم والمؤمن
يظن بعض الناس أنه لا فرق بين المسلم والمؤمن؛ فهذه الآية الكريمة تبيّن لنا أن هناك فرق بينهما، حيث يقول جلّ وعلا في كتابه العزيز: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم)، فلنضرب مثالاً على ذلك، ليكن أحدهم في زمننا هذا على دين غير دين الإسلام، ثم منّ الله عليه أن هداه لهذا الدين القويم، فدخل في الإسلام واعتنقه، فهو الآن في بداية الطريق ولا يعرف عن هذا الدين إلا القليل، فهذا الشخص نقول عنه مسلم، ولكن عندما يتعمّق بالبحث في هذا الدين ويعرف أوامره ونواهيه، فيأتمر بما أمره الله، وينتهي عما نهاه عنه، ويطبق كل ما عرفه وما سيعرفه تطبيقاً صحيحاً بالقول والفعل والعمل، ممتثلاً بالقلب والعقل والجوارح، مخلصاً بذلك لله سبحانه وتعالى، فيتغلّل الإيمان في داخله وأعماقه، فهنا سيلحق بصفوف المؤمنين، والإيمان يزيد وينقص، فبزيادة العمل يزداد الإيمان، والعكس صحيح.
الإيمان أخصّ من الإسلام، فكل مؤمن مسلم، ولكن ليس كل مسلم بمؤمن، فهناك فرق بين المؤمن والمسلم، وأكبر دليل على ذلك المنافقون، فهم في الظاهر مسلمِون، يصومون ويصلون وحديثهم لا يدل إلا على إسلامهم، فما ظهر من أفعالهم وأقوالهم حسن، ولكن القبيح بواطنهم وسرائرهم فلا يعلم بها إلا الله، فهم يخفون مالا يبدون، فداخلهم الحقد والكره، والرغبة في البطش والفتك بالمؤمنين.