الفرق بين الخطأ والخطيئة
خلق الإنسان بطبعه خطاّءً، ولا يوجد أحدٌ معصومٌ عن الخطأ باستثناء الأنبياء والمرسلين، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه لم يجعل كل الأخطاء في ميزانٍ واحدٍ، وإنما ميّز بين الخطأ المقصود المتعمد وبين الخطأ غير المقصود، وقد يخلط البعض بين الخطأ والخطيئة ويعتبرهما سيّان، ولكن الفرق بينهما كبيرٌ وواضحٌ يمكن أن نوضحه كما يأتي:
الخطأ
بيّن الشرع أن الخطأ هو ما صدر عن المرء بغير قصدٍ ولا عمد، وبالتالي فإنّ الخطأ يمكن أن يُصحح، وليس على المخطئ إثمٌ ولا عقابٌ شريطة أن لا يعود إلى خطئه مرةً أخرى، والخطأ من صفات ابن آدم فلا يوجد أحدٌ معصومٌ عن الخطأ غير الأنبياء والمرسلين، ويتوجب على المخطئ التوبة والاستغفار وطلب العفو من الله تعالى، لقول صلى الله عليه وسلم: “كل ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التوابون”، والمسلم لا يعود إلى خطئه ويتعلّم منه فلا يصدر منه مرة أخرى.
قد يقع على المخطئ غرامةٌ أو عقابٌ في حالة إلحاق الضرر بالغير، وذلك من باب تربية النفس وتهذيبها، وتعويدها على اجتناب الأخطاء وأخذ الحذر، ويكون ذلك في حالات الضرر الكبير كالقتل الخطأ الذي يكون بغير قصد أو شبه قصد، ومع ذلك فإن الله سبحانه وتعالى أوجب الديّة على القاتل بدفع غرامةٍ ماليّةٍ لأهل القتيل، وأوجب عليه صيام شهرين متتتالين كفارةً عن خطئه، حتى لا تستهين نفسه بارتكاب الأخطاء وحتّى يشعر بعظم ما ارتكب، وفي ذلك أيضاً تعويضٌ لأهل القتيل. يقول الله تعالى في كتابه العزير:” وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ”.
الخطيئة
هي أن يرتكب المرء خطأً عن قصدٍ وعمد، وأن يكرر هذا الخطأ متعمّداً وقاصداً من دون أن يشعر بالذنب أو الرغبة في التوقف عنه، فالخطيئة لا يكون القصد منها إلّا إلحاق الضرر والأذى، أمّا الخطأ فقد يكون القصد منه الفائدة والإصلاح ولكن لم يكن التوفيق في ذلك، لذلك فإن مرتكب الخطيئة يقع عليه الإثم والعقاب من الله سبحانه وتعالى، فالسرقة والقتل العمد، والكذب، وترك الصلاة كلها خطايا يؤثم المرء عليها، ويعاقب يوم القيامة إن لم يتب عنها، وقد شرع الله تعالى الحدود والقصاص في الحياة الدنيا ليعاقب بها كل مخطئ متعمدٍ حتى تكون رادعة لمن لا تردعه نفسه عن المعاصي والذنوب.
فتح الله سبحانه وتعالى أبواب التوبة لعباده المخطئين والخطائين، وأمرنا بالاستغفار وترك الذنوب والندم عليها، كما حثّنا على التجاوز والعفو عن أي مخطئٍ أو مذنبٍ وعدم الوقوف والترصد لكل خطأ يصدر، فالله عفوٌ كريم يحب العفو ويحب العافين من عباده والمتجاوزين عن أخطاء الغير.