'); }
الإيمان بالغيب
يُراد بالإيمان بالغيب؛ التصديق به، والقناعة التامّة بأنّ العالم المشاهد أمام الإنسان، ليس إلّا جزءاً يسيراً من الوجود، وأنّ ذلك الوجود بشقيه؛ الغيبي والمشاهد، له خالقٌ عظيمٌ مدبّرٌ لأموره كلّها، وأركان الإيمان الستة في الدين الإسلامي، كلّها من الغيب، لذلك فإنّ من آمن بها، استحقّ أن يُوصف بالمؤمن، والمسلم يعتقد أنّ علم الغيب خاصٌ بالله -تعالى- وحده، وليس لأحدٍ أن يدّعي علمه بشيءٍ فيه، وإنّما يُطلع الله -تعالى- من شاء من رسله عليه، حيث قال الله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا* إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا)،[١] ويظهر من ذلك أنّ كلّ طريقةٍ يُراد من خلالها التوصّل إلى شيءٍ من عالم الغيب، غير طريقة الوحي، الذي ينزله الله -تعالى- على رسله؛ هي طريقةٌ ضالّةٌ كاذبةٌ، ولا يُمكن أن تُوصل إلى علمٍ حقيقيٍ، بل تأتي بالظنون والأوهام، التي لا تُغني من الحقّ شيئاً، ولذلك فقد حرّم الله -تعالى- السحر، والكهانة، والعرافة، وكلّ ما كان شبيهاً لها في ادّعاء علم الغيب، بطرقٍ كفريةٍ وشيطانيةٍ؛ وذلك لما تشتمل عليه من منازعة ربّ العزّة، في شيءٍ ممّا اختصّ به نفسه.[٢][٣]
ويطّلع كلٌّ من الإنسان والحيوان على عالم الشهادة، دون عالم الغيب، وهو بالنسبة إلى عالم الغيب؛ كالذرّة بالنسبة إلى الجبل، ويؤمن به الإنسان المسلم مع أنّه لم يطّلع عليه، ولم يرَ شيئاً منه؛ إلّا أنّه يدرك وجوده، من خلال الدلائل والبراهين والشواهد الموجودة والمعلومة بالنسبة إليه؛ بالعقل، والحسّ، والخبر، الذي جاء به الرسل عليهم السلام، وقد أطلع الله -تعالى- عباده على شيءٍ من عالم الغيب، وأخفى عنهم أشياءً أخرى، فأطلعهم على كلّ ما يحتاجونه منه، وكلّ ما يصلح حالهم به، فأظهر لهم مخلوقاته، وأخفى عنهم ذاته العليا، وأطلعهم على الحياة الدنيا، وأخفى عنهم الحياة الآخرة، وأطلعهم على الأعمال المشاهدة، وأخفى عنهم النيّات الباطنة، وأطلعهم على سنته في الكون، وأخفى عنهم قدرته، وأظهر لهم الأبدان والأجسام، وأخفى عنهم الأرواح، فمن آمن بما أطلعه الله عليه من عالم الغيب، وصدّق به؛ كان مؤمناً، ومن كفر به، وحاد عنه؛ كان كافراً.[٢][٤]
'); }
الفرق بين الجن والشيطان
يعدّ عالم الجنّ عالماً خفياً غيبياً، أخبر الله -تعالى- عنه في القرآن الكريم، وممّا أخبر به أنّه خلقهم لعبادته وحده لا شريك له، حيث قال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،[٥] والجن يتّصفون بالعقل والإدراك كما الإنسان، كما أنّهم يملكون حرية الاختيار بين الصواب والخطأ، والحقّ والباطل، وسمّوا بذلك الاسم؛ لاجتنانهم واستتارهم عن الأعين، وعالم الجن من الأمور المعلومة بالضرورة في الإسلام، فمن أنكر وجودهم كان كافراً؛ لأنّه يكذّب بذلك صريح القرآن الكريم وآياته، وقد بُعث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- للإنس والجنّ على حدٍ سواء، ممّا يدلّ على أنّ الجنّ مكلّفون بالتكاليف الشرعية، ومأمورون بالإيمان بوحدانية الله تعالى، وإفراده بالعبادة، والتصديق بنبوّة محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، وكما هو حال الإنس؛ فقد آمن بعض الجنّ، وأطاع أوامر الله تعالى، وكفر بعضهم، وعصى أوامر ربّه عزّ وجلّ، وقد دلّ على ذلك قول الله تعالى على لسان الجنّ في القرآن الكريم: (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا*وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا).[٦][٧][٨]
والشيطان في حقيقته من عالم الجنّ أيضاً، إلّا أنّه الجنّ الكافر منهم، فكلّ من كفر من الجنّ يطلق عليه اسم الشيطان، ولا يسمّى من آمن منهم بذلك، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في كتابه تفسير القرآن العظيم، إنّ اسم الشيطان مأخوذٌ من البُعد، ولذلك فإنّ كلّ من تمرّد عن الطاعة؛ من جنٍ، أو إنسٍ، أو حيوانٍ، سمّي شيطاناً، فيظهر أنّ من الإنس شياطيناً كذلك؛ وهم المتمرّدون والأشرار منهم، وقد ورد في بعض أحاديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ما يثبت وجود الجنّ والشياطين، وأنّهما عائدان لمسمّى واحدٍ، وإنّما أصبحا صنفين، باعتبار الكافر، والمؤمن منهم.[٨][٩]
الفرق بين الجن والملائكة
الفروق بين الملائكة والجن كثيرةٌ جداً، وفيما يأتي بيان بعضها:[٩][١٠]
- يختلف أصل خلق الملائكة عن أصل خلق الجنّ، فقد خلق الله -تعالى- الجنّ من النار، وجعل تناسلهم من ماءٍ، أمّا الملائكة فقد خلقهم الله -تعالى- من النور.
- جعل الله -تعالى- الملائكة مؤمنين، ومعصومين من الوقوع في الذنوب، كما أنّهم لا يأمرون غيرهم إلّا بالخير، أمّا الجن فمنهم المؤمن، ومنهم الكافر، فيقترف الذنوب، ويقوم بالمعاصي، ومنهم من يأمر بالخير، ويسعى به، ومنهم يأمر بالشرّ، ويسعى من أجله.
- نزع الله -تعالى- الشهوة من الملائكة، أمّا الجنّ فهم كالإنس في الشهوة.
وقد أخبر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ كلّ إنسانٍ من البشر معه قرينٌ من الجن، وقرينٌ من الملائكة، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (ما منكم من أحدٍ، إلّا وقد وكل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة)،[١١] فالشيطان من الجنّ له لمّةٌ في قلب الإنسان، فيدعوه إلى الشر، ويمليه عليه، وله اطّلاعٌ بتقديرٍ من الله تعالى، على قلب الإنسان، وما ينويه فيه من أعمال الخير أو الشرّ، وأمّا قرين الإنسان من الملائكة، فإنّ له لمّةٌ في قلبه أيضاَ، فيدعو الإنسان إلى الخير، ويحثّه عليه.
المراجع
- ↑ سورة الجن، آية: 26-27.
- ^ أ ب الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل (2007-9-9)، “الإيمان بالغيب”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-30. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم شعبان يوسف (2016-4-18)، “علم الغيب”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-30. بتصرّف.
- ↑ “فقه الإيمان بالغيب”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-30. بتصرّف.
- ↑ سورة الذاريات، آية: 56.
- ↑ سورة الجن، آية: 14-15.
- ↑ “الفرق بين الجن والشياطين والعفاريت”، www.fatwa.islamweb.net، 2011-8-24، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-30. بتصرّف.
- ^ أ ب “ما الفرق بين الجن والشيطان؟”، www.islamqa.info، 2008-6-19، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-30. بتصرّف.
- ^ أ ب “الشيطان و الجن والفرق بينهما “، www.ar.islamway.net، 2015-2-19، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-30. بتصرّف.
- ↑ ” الفرق بين الملائكة والجن، والشياطين والجن”، www.fatwa.islamweb.net، 2002-5-5، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-30. بتصرّف.
- ↑ رواه الزرقاني، في مختصر المقاصد، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 905، صحيح.