إسلام

الفرق بين الجرح والتعديل والغيبة

الفرق بين الجرح والتعديل والغيبة

مقالات ذات صلة

الفرق بين الجرح والتعديل والغيبة

تعريف الجرح والتعديل

فيما يأتي تعريف الجرح والتعديل:[١]

  • التعديل

هو ذكر الراوي بما يقبل روايته، لذا فالأصل في المسلم العدالة ويقبل منه ما لم يَثْبت عليه ما يوجب ردّ أو التوقف في قبول روايته.

  • الجرح

هو ذكر بعض صفات الراوي بما يردّ روايته، لذا ينتقل الراوي من كونه عدلاً بالأصالة إلى كونه ليس بعدل بالأمر الطارئ عليه الذي تسبّب فيه الراوي؛ كأن يكذب، أو وقعت عليه بما يعرض على الإنسان من نسيان أو كِبَرِ العمر أو غفلة.

ضوابط الجرح والتعديل

وضع العلماء ضوابط عديدة، وهي غالباً منتشرة في كتبهم عند مناقشة الجرح وماهيته وحدوده والتوفيق بينه وبين الغيبة، فخرج الجهابذة بضوابط شرعية نذكر منها:[٢]

  • الجرح لا يُذكر إلا فيما يتعلق برواية الحديث.
  • يُذكر فقط ما تُرد به الرواية؛ بمعنى لا يستغرق الكلام عن حياة الراوي وسلبياته كلها، بل هذا لا يجوز شرعاً.
  • قد لا يكون هذا الجرح مستمراً؛ أي أنه قد يرتفع عنه الوصف الذي رُدّت روايته لأجله، فيقبلوا روايته.
  • قد يكون الجَرحُ جرحاً موجهاً بشيءٍ معين، فيكون الرد لنوع محدد من الروايات دون الباقي، كما لو كان الراوي مبتدعاً يدعو لبدعته، فترد الأحاديث التي يرويها فيما يخصّ بدعته، وهذا إذا كان عدلاً.

تعريف الغيبة

الغيبة: هي ذكرك لأخيك بما يكره، وهكذا عرفها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي في الأصل مُحرمة بالإجماع، وقد تجب أو تباح لغرضٍ صحيح لا يتوصل إليه إلا بها، وقد ثبتت العديد من النصوص الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية تنهى عن الغيبة وتُحرّمها وتبيّن سوء عاقبة من يفعل ذلك إذا لم يتُب.

ضوابط إباحة الغيبة

ذكر العلماء لإباحة أو وجوب الغيبة ستة أسباب محصورة بها، وهي ضوابط إباحة الغيبة، وفيما يأتي ذكرها:[٣]

  • المتظلّم

أي: مَن ظُلم يُباح له الشكوى لمن يظن أنه قادر على أخذ حقه ممن ظلمه أو تخفيف ذلك الظلم عنه.

  • الاستعانة على تغيير المنكر

ويكون ذلك بذكره لمن يظنّ أنّ بقدرته إزالته أو تخفيفه بقصد إزالة المنكر، وإلا فهي غيبة محرمة.

  • الاستفتاء

بأن يقول للمفتي: ظلمني فلان أو زوجي أو زوجتي أو غيره مما يحتاج له المفتي؛ ليتصور المسألة بشكلها الصحيح.

  • التحذير من الشر

ونصيحة الناس وتوضيح طرائق المكر والخداع التي تُستخدم، ومن هذه الأمور جرح رواة الحديث والشهود والمصنفين والمتصدرين للإفتاء أو دعاة الفجور والمعاصي، فيجوز مثل ذلك إجماعاً، وكذلك من يَسأل أو يُسأل للزواج، والشرط في ذلك أن يقصد صاحبها النصيحة لوجه الله تعالى.

  • المجاهر
كالمجاهر بالمعاصي والفسق والبدعة، وشَرَبَةِ الخمر، وتجار المخدرات، وناشري الرذيلة، والفساد، وغيرهم.  
  • التعريف
كالتعريف بلقب لا يُعرف صاحبه إلا به، أو يصعب تعريفه إلا به، بشرط التعريف لا الإساءة، ولكن يجتنبه ما استطاع لذلك.  

العلّة من الجرح وعلاقته بالغيبة

نلحظ الفرق بين التعديل الذي هو ذكر الإيجابيات، وبين الجرح ضمن مجالٍ مقيد لا ينفلت عنه، وخاضع للبعد عن الإثم بشرط قصد بيان الحق؛ لدفع باطل عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبين الغيبة التي في حقيقتها ذكر الصفات السيئة لشخص بدون هدف أو مقصد، وهي محرمة بالإجماع، ولا تباح إلا بقدر محدد وبضوابط محددة، وهذا القدر المحدد مرتبط بنية الإنسان، بحيث تكون نيته لله لا بقصد التشهير.

وعلاقة الجرح بالغيبة هو أن الجرح أحد الأنواع الستة التي استثناها العلماء من الغيبة، فيكون الجرح ظاهره استغابةٌ إلا أنه استغابة مقيدة ضمن أولوية حفظ الحق على إظهار سيئة شخص؛ لأن ديننا يوجب إثبات الحق على أيٍ كان بضوابطه الشرعية المنضبطة.

ولو تنازل الشرع عن هذا الاستثناء لضاعت السنة النبوية الشريفة، ولضاعت في المحاكم حقوق العباد، وانتشر الفساد، وانخدع الناس بأهل الفساد، والحكم العقلي والعادي والشرعي والضروري هو أنه لا بد من أن يكون هذا الجرح جائزاً؛ وإلا انهدم الحق المُضاع الذي لا يوجد أداة لكشفه أو منعه أساساً.

أهمية علم الجرح والتعديل

إنّ حِفظُ الدين أسمى الغايات، وبه استمرار الدين في الجهات، وإقامة الدلائل والبراهين على صحة الآيات، ولا يكون ذلك بالأمنيات، وإنما بحجج واضحات ومناهج منضبطة وقواعد مُنسَبِكة وأولويات مؤطرة بإطار الدين.

وذلك ليبقى حبل الله في الأرض متيناً بين واقعية شرعية لا تُغْفِل الزلات، وتعالج طبائع النفس التي جبلها الله -تعالى- على النسيان، وتُقيِّم الأمور وفق أفضل المناهج الإسلامية للوصول إلى أسمى الغايات؛ وهي حفظ الدين.

ومن ذلك إنشاء علماء الإسلام لعلم الجرح والتعديل، وكذلك تبيينهم الأحكام الشرعية المتعلقة بالغيبة، وما وضعته من ضوابط عميقة لحفظ الحقوق من الضياع؛ سواء أكانت حقوق العباد أو حقوق رب العباد، ومن ذلك حفظ الدين.

والجرح والتعديل من باب علم مصطلح الحديث يُعرف به من تُقبل روايته ومن لا تقبل منه؛ لحفظ الدين، أما الغيبة فهي من باب المعاصي والكبائر، وإباحة بعض أنواعها هو ضرورةٌ شرعية.

المراجع

  1. حاتم العوني، خلاصة التأصيل لعلم الجرح والتعديل، صفحة 9-24-. بتصرّف.
  2. عبد العزيز العبداللطيف، ضوابط الجرح و التعديل (الطبعة 1)، الرياض: مكتبة العبيكان، صفحة 15-19. بتصرّف.
  3. محمد السفاريني، الذخائر لشرح منظومة الكبائر (الطبعة 1)، لبنان-بيروت: دار البشائر الإسلامية، صفحة 227-226. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى