الفرق بين البلاء والابتلاء

'); }

الفرق بين البلاء والابتلاء

ما بين البلاء والابتلاء خلاف وفرق لفظي، وبالرغم من ذلك فإن بعض أهل العلم قد فرّق بين البلاء والابتلاء، فالابتلاء ينزل على المؤمن اختبارًا له من الله -عز وجل-، ومثاله ما حصل مع سيدنا إبراهيم عندما أمره الله بذبح ولده.

فلم يرد الله تعالى من ذلك تنفيذ الأمر وتحقيقه، بل كان للابتلاء والاختبار، ولو أن هذا الأمر أراد الله تعالى إنفاذه كان لا بد أن ينفذ، ولم يدرك الله إسماعيل بهذا الكبش الفداء.

وكذلك في قصة موسى -عليه السلام- حينما فقأ عين ملك الموت، عندما قال ربنا لملك الموت: انزل فاقبض روح عبدي فلان، كان هذا أمر للابتلاء والاختبار، ولذلك لم يتمكن ملك الموت من قبض نفس موسى -عليه السلام- في أول مرة، ولو أن الله تعالى أراد بهذا الأمر أولاً الإنفاذ دون الابتلاء؛ فإنه كان لا بد أن ينفذ.

'); }

فالابتلاء يراد به الاختبار، فالمصائب التي تنزل بالعبد المقصد منها النظر في صبره أم عدمه والتحقق من شكره أم سخطه، وأما البلاء فإن البلاء ينزل على المؤمن والكافر فكلاهما سواء فيه.[١]

أنواع البلاء

أمرنا الرسول الكريم -عليه السلام- بالاستعاذة من البلاء ومن كل شر وسوء، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن جَهْدِ البَلاءِ، ودَرَكِ الشَّقاءِ، وسُوءِ القَضاءِ، وشَماتَةِ الأعْداءِ).[٢]

وينقسم البلاء إلى قسمين؛ بلاء في الجسد، وبلاء فكري نفسي، أما البلاء الجسدي فيكون بوقوع مرض أو تعب في الأعضاء توهن الإنسان وتقضي مضجعه، مثل البرص والجنون والجذام وسيء الأسقام الأخرى. حيث ورد في حديث عن الرسول -عليه السلام- بإسناده الضعيف عن أنس ابن مالك أنه قال: (الصدقَةُ تمنعُ سبعينَ نوعًا مِنْ أنواعِ البلاءِ ، أهونُها الجذامُ والبرَصُ).[٣]

أما البلاء الفكري والنفسي؛ فيكون بالقلق والهم وكثرة التفكير، المتحصل من الفقر والحاجة وأمور الحياة المختلفة، فيضيع سكون النفس وراحتها، وقد يكون بتسلط الآخرين وأذيتهم اللفظية والتعدي منهم بالسوء والكلام.[٤]

أسباب دفع البلاء

أمرنا الله باتخاذ كافة الأسباب الجالبة للخير والنفع والسرور، والمانعة والدافعة للشر مع لزوم التوكل عليه فيما يكون من النتائج، والعمل على التسليم والرضا بقضائه تعالى وقدره –سبحانه–، حيث لا يقع للعبد من بلاء إلا بقضاء من ربه وقدره وعلى العبد السعي إلى دفعه، والعمل على رفعه إن وقع، وفيما يلي أسباب دفع البلاء:[٥]
  • شكر الله تعالى وتقواه.
  • فعل الطاعات وترك المحرمات.
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سيرًا على خطى الأنبياء.
  • البعد عن الظلم وصلة الأرحام.
  • الاستعاذة بالله من السوء، والتزام استوداع الأمور لرب العالمين.
  • الدعاء وتوكيل رب العالمين بالحفظ والستر.
  • عدم الإساءة لأي من أولياء الله الصالحين.
  • الصبر.

وقال عليه الصلاة والسلام: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له)،[٦]

فكل ما يقع به الإنسان من خير أو شر الله مطلع عليه وعالم به، ولنظرة الإنسان المحدودة قد يرى في البلاء منعًا وشر إلا أنه قمة الخير وقمة العطاء، وكل شيء من الله يكون وفق معرفة واطلاع بما هو أنسب وأصلح منه سبحانه كما قال: (وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ).[٧]

المراجع

  1. حسن الزهيري، كتاب شرح صحيح مسلم، صفحة 8. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح بخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6616.
  3. رواه الألباني، في ضعيف الجامع، عن أنس ابن مالك، الصفحة أو الرقم:3545.
  4. ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين، صفحة 23. بتصرّف.
  5. مجموعة مؤلفين، كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 163-175. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صهيب بن سنان الرومي، الصفحة أو الرقم: 2999.
  7. سورة الرعد، آية: 8.
Exit mobile version