محتويات
تاريخ الأدب العربي
الأدب العربي من أكثر الأداب تَميُّزاً ويمتدّ لفترة زمنيّةٍ طويلةٍ جدّاً؛ فهو يبدأ من قبل ظهور الإسلام. يمتاز الأدب العربيّ بكثير من الخصائص الفنيّة، ووفرة المُؤلّفات في شتّى المجالات، وقد اتّفق المُؤرّخون على تقسيمه إلى خمسة أقسام حسب الفترة الزمنيّة، وهي كالآتي:[١]
- العصر الجاهليّ.
- العصر الإسلاميّ منذ بعثة النبيّ مُحمد عليه الصّلاة والسّلام إلى نهاية عصر الدّولة الأمويّة.
- العصر العباسيّ الذي يمتدّ حوالي مئة عام.
- العصر ما بعد العباسيّ، الذي يبدأ منذ سقوط بغداد بيد التّتار عام 1258م إلى عام بدء الحملة الفرنسيّة على مصر عام 1798م.
- العصر الحديث الذي يمتدّ إلى الأيام الحاليّة.
تعريف الأدب الجاهليّ
الأدب الجاهليّ هو الأدب الذي يُنسب للعرب الذين عاشوا في شبه الجزيرة العربيّة قبل ظهور الإسلام، والأدب هو تعبير الشّخص عن شعور عاطفيّ بشكل بليغ لإثارة القارىء والمُستَمع، وكان عدد الأدباء الجاهليّين كثيراً؛ نتيجة لوجود عدد كبير من القبائل في الجزيرة العربيّة وتفاخرها بأُدبائها بشكل كبير، لذا يوجد الكثير من المُؤلَّفات والنّتاجات الأدبيّة لهم.[٢]
تاريخ الشّعر الجاهليّ
يُعرَف الشّعر بأنّه كلام موزون مُقفَّى، أي له قافيةٌ تنتهي بها أبيات القصائد الشعريّة، وتاريخ الشّعر الجاهليّ له تاريخ مُوغِل في القِدَم، ولا يمكن مَعرفة من هو الشّخص الذي نظم أوّل أبيات شعريّةٍ في التّاريخ لعدم وجود مصادرَ تُوثّق هذه الحادثة، إلا أنّ هنالك مُؤشّرات تقول بأنّ من مَهّد الطّريق وبدأ نظم الشّعر في العصر الجاهليّ هو امرؤ القيس[٣] عندما نظم بيتاً قال فيه:
عوُجا على الطَّلل المحيلِ لأنّنا
- نبكي الديارَ كما بكى ابن خذامِ.
يمتاز الشّعر الجاهليذ بأنّه شعرٌ غنائيٌّ يُصوّر اهتمام الشّخص بتصوير شخصيّته، ونفسيّته، ومشاعره من حب وغصب وحسد وقوّة، ولا يحتوي الشّعر الجاهليّ على سرد قصصيّ أو تمثيليّ في طيّاته؛ بسبب بعض العوامل المُحيطة بالشُّعراء في ذلك الزّمن، ومنها: الطّبيعة البحتة المُحيطة بهم، والتعصُّب للقبيلة، وكثرة الحروب، والتّفاخر الكبير ببلاغة الشّعر الذي يُقال في حقّهم أو في حقّ قبائلهم.[٤]
الخصائص الفنية للشّعر الجاهليّ
يتميّز الشّعر الجاهليّ بخصائصة وأغراضه الفنيّة؛ فهو يحتوي على الكثير من الصّفات والخصائص بسبب بلاغته ودقّة الوصف، وجمال المعاني والكلمات وعمقها، ومن خصائصه:
خصائص الشعّر الجاهليّ اللفظيّة
تخلو الأشعار الجاهليّة من الكلمات والعبارات العجميّة الغريبة عن اللّغة العربيّة المتداولة، والشّعر الجاهليّ صياغته واضحةً، وعباراته غير ناقصة أو يوجد بها عجز، فممن المُمكن أن يقضي الشّاعر أعواماً لنظم قصيدةٍ واحدةٍ حتّى تظهر بشكلٍ راقٍ كأغلب الأشعار الجاهليّة التي تتّصف بأعلى درجات الرّقي والإتقان اللفظيّ والصّيغة الرّائعة.[٥]
كان الشّعراء الجاهليون بارعون في تجزئةٍ الأوزان ليصنعوا شعراً يحمل الكثير من العذوبة واللّحن الموسيقيّ، واستعانو بالكثير من المُحسّنات اللفظيّة والمَعنويّة في أشعارهم، فكانوا في شِعرهم لا يصفون شيئاً إلا وقاموا بربطه بما يُماثله ويُشابهه، وأيضاً استخدموا الاستعارات المَكنيّة والتصريحيّة، وأضافوا الكثير من الجناس والطّباق إلى قصائدهم، وكان الشّاعر يَعرض شعره على أفرادٍ من قبيلته حتّى يتمكّن من معرفةِ ما ينقصه ويقوم بتعديله، فتكون القصائد مُطولةً استغرقت أعواماً حتّى انتظمت، مثل حوليّات زهير بن أبي سُلمى.[٦]
خصائص الشّعر الجاهليّ المعنويّ
الشعر الجاهليّ غالباً ما يكون خالياً من المُبالغة والتّعقيد، ويمتاز بوضوح المَعاني وبساطتها وعدم التكلّف، ويعتمد على وحدة بيت الشّعر وليس وحدة قصيدة الشّعر كاملةً، كما انتزعت من الطّبيعة والبيئة البدويّة التي كان يعيشها الشّعراء الجاهليّين في تلك الحقبة الزمنيّة. اشتهر الشّعراء في العصر الجاهليّ بوصفهم حياتهم، وشخصيّاتهم، وطباعهم بشكل واضح ودقيق وصادق؛ فمن يُريد أن يتعرّف على حياة شاعرٍ من الجاهليّة فعليه أولاً أن يقوم بقراءة أشعاره ليعرف تفاصيل حياته بشكل كبير، فلا عجب أن تحتوي القصائد الجاهليّة على وصف شجاعة الأعداء ومناقبهم في الحرب، والاعتراف بهزيمة قوم صاحب القصيدة، وهذه القصائد تعرف بالمُنصِفات.
يتّصف الشّعر الجاهليّ بالحسيّة العالية المُستمدَّة من الواقع الحسيّ المُحيط بالشّعراء في ذلك العصر، لذا كانوا يصفون الأشياء والحوادث بشكل صادق وصريح جدّاً، وكانت أشعارهم تغلُب عليها الحركة والكثير من الحيويّة، وأغلب القصائد تكون مُحتويةً على الكثير من الأفكار والمعاني والمواضيع، فكل بيت في القصيدة يكون مُلمّاً بنفسه فقط.[٧]
فنون الشّعر الجاهليّ
يمتاز الشّعر الجاهليّ بكثرة فنونه وأغراضه، وعادةً ما تضمّ القصيدة نوعاً أو أكثر من الفنون ضمن أبياتها، ومن أشهر هذه الفنون عند الشّعراء الجاهليّين:[٨]
- الفخر والحماسة: وهو شعرٌ قريب جدّاً من شعر المدح، لكنّه يختلف عنه بأنّه يختصّ بأمورٍ مُعيّنةٍ، كالنَّسَب، والقبيلة، والانتصارات، والمواقف البطوليّة في الحروب.
- الهجاء: برز الهجاء في الشّعر الجاهليّ في فترات الحروب والنّزاعات، إلا أنّه كان هجاءً شريفاً دون اللّجوء إلى السبّ أو الشّتم، والهجاء في الجاهليّة هو إذلال المهجوّ وانقاص مَنزلته، وتجريده من كلّ الصّفات الحميدة، ويكون عن طريق السُّخرية والتلميح غير المُباشر غالباً.
- الغزل: وهو من أكثر الخصائص انتشاراً في الشّعر الجاهليّ، ويشتهر الغزل الجاهليّ بتعلّق الشّاعر بالمرأة لما لها من تأثير كبير في حياته، ومن الصّفات المُميّزة في الغزل الموجود في الشّعر الجاهليّ هو وصفه لجمال وأنوثة ومفاتن جسد المرأة، أو في وصف العذاب الذي حلّ بالشّاعر عندما هجرته حبيبته، وتأثيرات هذا الحدث على حياته ونفسيّته وشخصيّته. يُقسَم الغزل إلى قسمين: الغزل العُذريّ الذي يتغنّى بحب المرأة وجمالها دون ذكر المفاتن الأنثويّة لجسدها، والغزل الفاحش الذي يصف جسد المرأة بشكلٍ مُفصّلٍ ودقيق، ويحتوي غالباً على ألفاظٍ مُبالغ فيها عند وصف المرأة.
- الوصف: كان الشّعراء الجاهليّون اللّذين عايشوا الصّحراء في سفرهم وتنقّلهم، وزاروا الأماكن المُوحشة وما تحتويه من جبال ومياه وحيوانات أليفةٍ وغير أليفة، فوصفوا ذلك كلّه لأنّه وثيق الصّلة بحياتهم، والوصف من أوسع الأبواب في الشّعر وأكثرها انتشاراً.
- المدح: في العصر الجاهليّ كانت القِيَم الأخلاقيّة والصّفات الحميدة كالعدل، والمُروءة، والشّجاعة، والكرم، ورجاحة العقل مُنتشرةً بشكل كبير، وكان الشّعر من أكثر الطّرق انتشاراً للتغنّي بهذه الصّفات ومدحها، وجعلها أكثر انتشاراً ومَعرفةً، وكان له نوعان: أحدهما هو كسب المال عن طريق تأليف الشّعر في مدح الملوك والأمراء والأغنياء، وثانيهما هو الشّعر الصّادق النّابع من الحبّ والقلب في مدح الأشخاص أو الصّفات التي تستحقّ المدح في نظر الشّاعر.
- الرّثاء: يُشبه شعر المدح في ذكر الصّفات الحميدة، لكن المدح يذكر صفات الشّخص الحيّ. والرّثاء يذكر مَناقب وصفات الشّخص الميّت، ويكون عادةً ثابت الهدف والمعنى، ويكون نابعاً من القلب لأن الفقد ليس بالمُصيبة الهيّنة على النّفس.
- الحكمة: انتشرت الحكمة بين الشّعراء الجاهليّين بسبب الطّبيعة المُحيطة بهم، والظّروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة التي عاشوها، وغالباً ما يكون شعر الحكمة هو نتاج التّجارب الكثيرة التي مرّ بها الشّاعر في حياته، والعِبَر المُستفادة من المواقف والمشاكل التي مرّ بها، وطريقة تعامله مع المُجتمع والأفراد.
بناء القصيدة الجاهلية
كانت القصيدة الجاهليّة عادةً ما يبدأ مَطلعها بشكل يُمهّد لما يأتي ذكره بعد ذلك في باقي أبيات القصيدة، وكانت أكثر افتتاحيّات القصائد الجاهليّة عادةً تدور حول غياب الحبيبة وأثره على نفس الشّاعر، والبكاء على الأطلال، وذكر الخمر، والشّباب والشّيب، وصفات الحبيبة وجمالها. تتميّز القصائد الجاهليّة بعرض الأفكار بشكل تسلسليّ ومنطقيّ؛ فكل بيت ترتبط فكرته ومضمونه بالبيت الذي سبقه، سواءً بشكل ظاهر أو مَخفٍ بالنّسبة للقارئ.[٩]
أشهر شعراء الجاهليّة
يُعتبر شعراء الجاهليّة هم القدوة والأصل في نظم الشّعر لما تميّزوا به من بلاغةٍ وفصاحةٍ وروعة في نظم أبيات الشّعر في قصائدَ لن تنسى أبداً، ومن أشهرهم:[١٠]
- امرؤ القيس: ومن أشهر قصائده هي مُعلّقة بعنوان: قِفَا نبكٍ من ذِكرى حبيبٍ ومنزل.[١١]
- النّابغة الذيبانيّ: وله الكثير من القصائد في ديوان شعريّ كامل، وهو من أصحاب المُعلّقات.
- زهير بن أبي سُلمى: وقد اشتهر بشاعر الحكمة والسّلام، لما احتوته أشعاره من الحكمة، وهو من أصحاب المُعلّقات أيضاً.
- الأعشى: له مُعلقة بعنوان: ودّعْ هريرةَ إنّ الرّكبَ مُرتَحلُ.[١٢]
المراجع
- ↑ د.شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي (الطبعة الحادية عشرة)، صفحة 14. بتصرّف.
- ↑ علي الجندي (1991)، في تاريخ الأدب الجاهلي، صفحة 109.
- ↑ د.يحيى الحبور (1986)، الشعر الجاهلي – خصائصه وفنونه (الطبعة الخامسة)، صفحة 129. بتصرّف.
- ↑ علي الجندي (1991)، في تاريخ الأدب الجاهلي، صفحة 276. بتصرّف.
- ↑ احمد شوقي عبدالسلام، تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي، صفحة 226. بتصرّف.
- ↑ أحمد شوقي عبد السلام، تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي، صفحة 226-231. بتصرّف.
- ↑ أحمد شوقي عبدالسلام، تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي، صفحة 219-225. بتصرّف.
- ↑ محمود فاخوري، “الأدب العربي في العصر الجاهلي”، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 01-12-2016. بتصرّف.
- ↑ علي الجندي (1991)، في تاريخ الأدب الجاهلي، صفحة 286. بتصرّف.
- ↑ د.شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، صفحة 232-365. بتصرّف.
- ↑ أدب، “قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل ( معلقة )”، أدب، اطّلع عليه بتاريخ 01-12-2016.
- ↑ أدب، “ودّعْ هريرة َ إنْ الركبَ مرتحلُ، ( معلقة )”، أدب، اطّلع عليه بتاريخ 01-12-2016. بتصرّف.