التدخين حرام شرعا

'); }

المباحات في الإسلام

خلق الله تعالى الإنسان، وسخّر له ما في السموات والأرض، وأباح له التّمتع بالطيّبات من الرزق، وفي ذلك يقول الله عز وجل: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )،[١] فأحلَّ الله -سبحانه وتعالى- للإنسان كلّ ما هو طيِّب، وحرَّم كلّ ما هو خبيث وضار، وضبط شؤون حياة الناس بأحكامٍ وتشريعات وقواعد تنظم أمورهم المختلفة من عباداتٍ وتعاملاتٍ، ومن القواعد الشرعيّة التي تؤسّس لكثير من الأحكام الفقهية في التشريع الإسلامي أنَّ: الأصل في الأشياء الإباحة ما لَم يأتِ دليلٌ بتحريمها، والإسلام وجّه أتباعه إلى ما فيه مصلحةٌ لهم في الدنيا والآخرة، والإسلام دينٌ تواكب أحكامه مستجدّات الحياة، وتقلّبات أحوال أهلها في معيشتهم، ولمّا كان التدخين قد عمّ كثيراً من مجتمعات المسلمين؛ صار لزاماً على أهل الاختصاص والعلم أن يحذّروا الناس من خطره، كما أنّ على علماء المسلمين وأصحاب الفتوى أن يبيّنوا للناس حقيقته وحكمه، فهل التدخين حرامٌ شرعاً، وما أدلة ذلك؟

التدخين تعريفه وحكمه

تعريف التدخين

التدخين هو عملية حرقٍ لمادةٍ غالباً تكون التبغ، وينتج عن هذا الاحتراق مادة النيكوتين التي تمتلك تأثيراً مخدّراً على المخّ، ومن ثمّ يعتاد عليها الجسد ويشعر بصعوبةٍ بالغةٍ إذا انسحب منها وحاول تركها، والسجائر من أكثر الوسائل انتشاراً لممارسة التدخين، على اختلاف طريقة إنتاجها، صناعياً أو يدويًا عن طريق لفّ التبغ بورق السجائر، ويعدّ الغليون، والسيجار، والشيشة، من صور التدخين المعروفة عند متعاطيها.[٢]

'); }

حُكم التدخين

التدخين من العادات التي انتشرت في صفوف المسلمين، وابتُلي بتعاطيها كثيرٌ من الناس، ولا يخفى على كلّ ذي بصيرةٍ أنّ مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس والمال تحرّم التدخين، وذلك من وجوهٍ عدّة:[٣]

  • التدخين من الخبائث، ولا ينكر ذلك إلا زائغٌ في عقله، وقد قال الله تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)،[٤] والدراسات الطبيّة تؤكد أنّ ثمانين بالمئة من متعاطي المخدرات كانت بداية إدمانهم بالتدخين.
  • إنّ في تعاطي التدخين إلقاءٌ بالنفس إلى التهلكة، وقد حرّم الإسلام إيذاء النفس بأي شكلٍ من الأشكال، قال الله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)،[٥]، وفي الحديث الصحيح: (ومَنْ شرِبَ سُمًّا فقتَلَ نَفْسَهُ فهو يتحسَّاهُ في نارِ جهنَّمَ خالدًا مُخَلَّدًا فيها أبدًا)،[٦] والمتعاطي للسجائر يقتل نفسه بموادّ سامةٍ مهلكةٍ؛ فإنْ مات بسببها كان قاتلاً لنفسه، وإن كان القتل بطيئاً.
  • المدخّن يُعرِّض نفسه لأضرارٍ صحيّةٍ خطيرةٍ على بدنه، إذ إنّه يُصنّع من مواد عالية السمّية، ومن أهمها: مادة النيكوتين، إذ لها قدرةٌ عاليةٌ على الفتك بالحيوانات ببضع قطراتٍ منها، وإنّ الكمية الموجودة في كلّ سيجارة تكفي لقتل الإنسان لو دخلت جسمه مباشرة عن طريق الدم، وإنّ نسبةً كبيرةً من مرضى السرطان والقلب والجهاز التنفسي الذين ابتلوا بهذه الأمراض كان بسبب تعاطيهم السجائر، وقد روي عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قوله: (لا ضَررَ ولا ضِرارَ).[٧]
  • التدخين إضاعةٌ مؤكدةٌ للمال وتبذير له، والمدخّن كالذي يُشعل النار بماله، وقد قال الله تعالى: (إنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا).[٨]
  • ضرر التدخين لا يقف عند حدّ المدخّن وحده، بل يتعدّاه إلى من حوله من أهل بيته وزوجته وأولاده، ولا يخفى تأثير المدخن على البيئة المحيطة به وتلويث الهواء النقي بما ينبعث من السيجارة من غازاتٍ ضارّةٍ.
  • للتدخين رائحةٌ نتنةٌ وخبيثةٌ تخرج من أفواه المدخنين، وتعلق بأبدانهم وثيابهم، ويتأذّى بها من حولهم، ويزداد أذاها إذا دخل المدخّن المسجد وخالط الناس، وقد نهى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن التّسبب بالأذى للآخرين عن طريق الروائح السيئة، فقال عليه السلام: (مَن أكَل مِن هذه البَقْلةِ: الثُّومِ والبصَلِ والكُرَّاثِ فلا يَغْشَنا في مساجِدِنا؛ فإنَّ الملائكةَ تتأذَّى ممَّا يتأذَّى منه الإنسُ).[٩]

نصائح تعين على ترك التدخين

من الأمور التي تساعد مدمن شرب السجائر على تركها:[١٠]

  • طلب العون من الله تعالى بالدّعاء والتّبتل بين يديه، أن يعينه على ترك هذه الآفة الخطيرة.
  • العزيمة القويّة والإرادة الصلبة خير معين بعد توفيق الله، وتذهب كلّ النصائح بلا فائدةٍ ما لم تتوفّر لدى المدخّن القناعة الراسخة بضرورة الإقلاع عن التدخين.
  • إدراك المدخّن أن التدخين عادةٌ، حيث بإمكانه أن يستبدلها بغيرها من العادات الحسنة، وممّا يساعده على ذلك ترك الأماكن التي تجمع المدخنين وصحبتهم.
  • قناعة المدخن أن إقلاعه عن ممارسة التدخين طاعةٌ لله -عزّ وجل- وامتثالٌ لأمره باجتناب الخبائث.
  • توصية المختصين بتناول كأسٍ من الليمون المُرّ صباحاً قبل الإفطار وقبل تدخين أيّ سيجارةٍ؛ فهو يساعد على إفقاد الرّغبة بالتدخين طوال فترة الصباح.
  • ترك التّدخين مبكراً وبإرادةٍ شخصيّةٍ أسهل بكثيرٍ من تركه إجباراً وقهراً عندما تستفحل الأوجاع والأسقام في الجسم، ومن هذه الأمراض التي أثبتت الدراسات الطبية أنّ التدخين يتسبّب بها: الذبحات الصدرية، والقرحات المعوية، وسرطان الحنجرة والكلى والمثانة، وسرطان الفم واللسان والبلعوم والمريء والبنكرياس، وضيق التنفّس وضعف الأعصاب، كما يتسبّب في ضعف الذاكرة والنشاط الذهني، ويقلل فعالية حاسة التذوق وفقدان الشهية، ويؤدي إلى تصلّب شرايين القلب والإصابة بالجلطات وضغط الدم.

المراجع

  1. سورة الأعراف، آية: 32.
  2. “تعريف التدخين”، www.addiction-wiki.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
  3. أمين الشقاوي (28-11-2012)، “تحريم الدخان”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
  4. سورة الأعراف، آية: 157.
  5. سورة النساء، آية: 29.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 109 ، صحيح.
  7. رواه النووي، في “الأربعون النووية”، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 32، حسن.
  8. سورة الإسراء، آية: 27.
  9. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 1644 ، أخرجه في صحيحه.
  10. محمد عمارة (29-10-2008)، “حرمة التدخين”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
Exit mobile version