معتقدات إسلامية

جديد التخلص من وساوس الشيطان

حقيقة إبليس والشيطان

ورد لفظ إبليس ولفظ الشيطان في القرآن الكريم مراتٍ عديدةٍ، فلفظ إبليس ورد مفرداً فقط، وذلك في أحد عشر موضعاً، أمّا لفظ الشيطان فقد ورد مفرداً في سبعين موضعاً، وورد مجموعاً في ثمانية عشر موضعاً، وحقيقة إبليس أنّه ذلك المخلوق من النار، والذي كان يجلس مع الملائكة ويتعبّد لله تعالى معهم، إلّا أنّه لمّا أمرهم الله -عزّ وجلّ- بالسجود لآدم -عليه السلام- رفض ذلك، وخالف أمر الله -تبارك وتعالى- متكبّراً على آدم بزعم أنّ النار التي خُلق منها خير وأفضل من الطين الذي خُلق منه آدم عليه السلام، فكان جزاؤه عن مخالفته تلك أن طرده الله -تعالى- من رحمته، وسمّاه إبليس للدلالة على أنّه قد أبلس من رحمته سبحانه، ثمّ أنزله إلى الأرض مذموماً مدحوراً، فما كان من إبليس إلّا أن سأل الله -عزّ وجلّ- أن يمهله إلى يوم البعث، فأمهله الله الحليم سبحانه، فهو لا يعجّل على من عصاه، إلّا أنّ إبليس لمّا أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرّد وطغى، وقد أخبر الله -عزّ وجلّ- عن ذلك بقوله على لسان إبليس: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ).[١][٢]

والحقيقة أنّ إبليس هو واحدٌ من الجنّ، وهو أبو الشياطين جميعاً، والمحرّك الدافع لهم لفتنة الناس وإغوائهم، وقد ذكره الله -تعالى- بلفظ إبليس في قصة رفضه السجود لآدم عليه السلام، كما ذكره باسم الشيطان في مواضعٍ أخرى، منها قول الله تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا)،[٣] وفيما يتعلّق بلفظ الشيطان فيُراد به حين يُطلق إمّا إبليس ذاته، وإمّا كلّ شريرٍ مفسدٍ يدعو للفتنة والإغواء من الجنّ والإنس، قال الله تعالى: (شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا)،[٤] كما يطلق لفظ الشيطان أيضاً على من يُعرف بالخبث والأذى من أنواع الحيوانات، ويظهر من هذا أن للفظ الشيطان معنيان؛ أحدهما خاصٌّ، ويشمل إبليس وذريته المخلوقون من نارٍ، والذين يملكون القدرة على التشكّل ويمتازون بقدرتهم على التناسل والأكل والشرب، والمحاسبون يوم القيامة على أعمالهم، وهم المطبوعون بفطرتهم على الوسوسة والإغواء، والثاني هو المعنى العام، ويشمل كلّ مخلوقٍ عاد متمردٍ من الجنّ والإنس والحيوان.[٢]

كيفية التخلّص من وساوس الشيطان

حتى يتمكّن الإنسان من التخلّص من وساوس الشيطان فلا بدّ له من بعض المُعينات على ذلك، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها:[٥][٦]

  • الالتزام بأوامر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الواردة في قوله: (يأتي الشَّيطانُ أحدَكُم فيقولَ: مَن خلقَ كذا وَكَذا؟ حتَّى يَقولَ لَهُ: مَن خلقَ ربَّكَ؟ فإذا بلغَ ذلِكَ، فليَستَعِذْ باللَّهِ ولينتَهِ)،[٧] ففي هذا الحديث أمر الرسول الإنسان أن يُعرض عن تلك الوساوس، وينتهي عن الاسترسال فيها، ثمّ يستعيذ بالله -عزّ وجلّ- من الشيطان الرجيم، وقد ورد للحديث روايةً أخرى، جاء فيها: (فلْيِقُلْ: آمنتُ باللهِ)،[٨] ومُفاد هذه الزيادة أن ينشغل الإنسان بذكر الله تعالى، وتعظيمه، ودعائه، والصلاة على رسوله عليه الصلاة والسلام؛ حتى يطرد وساوس الشيطان.
  • تجنّب المعاصي والآثام أيّما تجنبٍ، والحرص على دوام البعد عنها، فهي سببٌ من أسباب تسلّط الشيطان على الإنسان بالوسوسة التي يهدف من خلالها إلى زرع الحزن والكآبة والضيق والهم والغم في نفوس بني آدم.
  • دوام التوكّل على الله -تعالى- في كلّ الأمور، ففي التوكّل قطعاً لكلّ سُبُل الوسوسة.
  • الإلحاح على الله -عزّ وجلّ- بالدعاء أن يطرد الوساوس عن الإنسان، فيدعو بخشوعٍ وتضرعٍ مظهراً كلّ أشكال الذل والخشية والعجز والفقر أمامه سبحانه، مع اليقين بأنّه سيجيب دعاءه.
  • أن يتذكّر الإنسان لطف الله -تعالى- بعباده، وأنه رحيمٌ بهم، وأنّ رحمته قد سبقت عذابه، ويتذكّر كذلك أنّ المؤمن موعودٌ بالجنة إذا مات.
  • الانطلاق دائماً نحو الأمام والتقدّم، والعيش في الحياة الدنيا بأمانٍ ويقينٍ وطمأنينةٍ وراحةٍ وسكينةٍ، ففي هذه الدنيا مبشراتٍ كثيرةٍ تبعث في النفس الأنس حتى تعتاد النظرة المشرقة المتفائلة.
  • إيقاظ جذوة الإيمان في نفس الإنسان وتحريكها، ليعلم أن ما يشاؤه الله يكون، وما لا يشاؤه لا يكون.

من أساليب الشيطان في إضلال الإنسان

يستعمل الشيطان في سبيل إضلال العبيد وهزيمة المؤمنين الكثير من الأساليب والطرق، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها:[٩]

  • صدّ الناس عن ذكر الله عزّ وجلّ، وإبعادهم عن ذلك، فضرب الغفلة على قلوب العباد من أعظم مقاصد الشيطان وأهدافه، فمن خلاله يمكنه السيطرة على قلوبهم، والحقيقة أنّ ذكر الله -عزّ وجلّ- أعظم طاردٍ للشيطان، فهو يخنس إذا ذُكر الله تعالى.
  • الحرص على إضلال العلماء؛ لأنّ إضلال العالم يعدّ إضلالاً لأتباعه جميعاً، لذلك يجدر بالعلماء أن يكونوا حذرين من مكائد الشيطان.
  • التسويل للإنسان والإملاء له؛ أي أنّ يحسّن الأمر للإنسان، ويزيّنه له حتى يُقبل عليه بنفسٍ راغبةٍ غير مترددةٍ ولا كارهةٍ، وإذا تذكّر الإنسان الموت وخشي منه قام الشيطان بالإملاء له، بأن يغريه بطول الأمل والعمر.
  • إدخال الشك على المؤمن في عقيدته، وهذه من أولويات الشيطان؛ لأنّ الشك إذا دخل إلى قلب الإنسان لم يعد هناك مجالٌ فيه للإيمان واليقين.
  • حمل الإنسان على الإسراف والتبذير؛ وذلك لأنّهما إمّا أن يكونا سبباً في تقوية الفساد والمنكرات، أو أن يكونا سبباً في استنزاف المال فيما لا ينفع من ملذاتٍ وسفاسف.

المراجع

  1. سورة ص، آية: 82-83.
  2. ^ أ ب “المطلب الأول: تعريف إبليس والشيطان لغةً واصطلاحاً”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-16. بتصرّف.
  3. سورة الأعراف، آية: 20.
  4. سورة الأنعام، آية: 112.
  5. “وساوس شيطانية، أسبابها، وطرق علاجها”، www.islamqa.info، 2010-6-24، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-16. بتصرّف.
  6. يحيى بن موسى الزهراني، “الوسوسة وعلاجها”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-16. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 134، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 134، صحيح.
  9. “طرق الشيطان الرجيم في إضلال العبيد”، www.articles.islamweb.net، 2006-6-22، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-16. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى