تعريف الغضب
تدلُّ كلمة الغضب في اللغة العربيّة على الشدَّة، والقُوَّة، ويُقال: الغضبة؛ أي الصخرة، ومنها اشتُقَّ الغضب؛ وذلك لأنَّه اشتداد السخط،[١] وتعني كلمة الغضب أيضاً: بُغْض الآخرين، وحُبّ الانتقام منهم، ويُقال: غَضب فلان غضباً، ومغضبة عليه؛ أي أبغضه، وأحبَّ الانتقام منه، ويُمكن تعريف شُعور الغضب اصطلاحاً بأنَّه: رَدُّ فِعل عاطفيّ يُصدِره شخصٌ ما؛ بسبب تعرُّضه لمَوقِف يُثير امْتِعَاضه، وقد تكون ردَّة الفعل على شكل استجابة انفعاليّة تدفع صاحبها للمَيْل نحو الاعتداء، كما أنَّ الغضب هو: انفعال نفسيّ حادّ، وقد يُؤدّي عدم السيطرة عليه إلى حدوث عواقب وخيمة، ويُعرَّف أيضاً بأنَّه: استجابة انفعاليّة تُسبِّبها مواقف كثيرة، مثل: التهديد، والعدوان، والسبّ، والإحباط، والقَمْع، وخيبة الأمل، ومن الجدير بالذكر أنّ الشعور بالغضب تُصاحبه حالة من الاستجابة القويّة، تكون صادرة عن الجهاز العصبيّ المُستقلّ، ممَّا يدفع المرء إلى رَدّ فِعلٍ إمَّا بدنيّ، أو لفظيّ، كما أنَّ الغضب يُمثِّل انفعالاً غريزيّاً طبيعيّاً لأحداث مُثيرة، ويكون التعامُل مع هذا الانفعال إمّا بأسلوب حادّ غير عقلانيّ، ممَّا يُسبِّب السُّلوكيّات المُؤذية للذات، وللآخرين، أو أن يتمّ احتواء الحَدَث بأسلوب عقلانيّ، ممَّا يَحفظ العلاقة مع الآخرين، ويضمن عدم ضياع الحقوق، ومن الجدير بالذكر أنَّ للغضب جُملة من الدرجات، أولى هذه الدرجات هي الغضب البسيط، ثم تتطوَّر لتُصبِح استثارة، وضيقاً، وقد تصل إلى حالة من الغضب الشديد الذي يُؤدّي إلى العُنف، وقد يُصاحب ذلك هيجاناً شديداً، وتدميراً، وصُراخاً أيضاً.[٢]
التخلُّص من الغضب
توصَّلت الأبحاث، والدراسات في ستينيّات، وسبعينيّات القرن الماضي إلى أنَّ أفضل وسيلة للتخلُّص من الغضب هي بإظهاره، والتعبير عنه بأيّ طريقة، سواء بالصُّراخ، أو بضرب الوسادة مثلاً، إلّا أنَّه اتّضَح فيما بعد أنَّ هذا يُساعد على زيادة حِدَّة الغضب، وليس التخلُّص منه، أو التخفيف من حِدَّته،[١] وتجدر الإشارة إلى أنَّ الدراسات الحديثة قد أظهرت وجود استراتيجيّات، وأساليب يُمكن من خلالها التخلُّص من الغضب، والتعامُل معه، ومن أهمّ هذه الأساليب:
- الاسترخاء البدنيّ والذهنيّ: ويتحقَّق ذلك باتّباع الطُّرُق الآتية:[٣]
- إرخاء كافَّة عضلات الجسم، من خلال الاستلقاء على الظهر.
- استنشاق الروائح العطرة المُحبَّبة، مثل: رائحة الزهور، والشموع، والنباتات.
- ممارَسة التنفُّس العميق؛ وذلك بإدخال الهواء إلى الرئتَين، والصَّدر، ثمّ إخراجه من الفم بهدوء (الشهيق، والزفير).
- غَسْل الجسم بالماء الدافئ، واستخدام بعض الأملاح المُعطَّرة، ثمّ الاستلقاء بعد ذلك مُدَّة لا تقلّ عن رُبع ساعة.
- النوم لساعات كافية، ومُناسِبة لحاجة الجسم.
- تجنُّب العمل لساعات طويلة، ومُتواصِلة، وأَخْذ استراحة عند الشعور بالتعب، والضغط العصبيّ.
- قراءة القرآن الكريم، والإنصات إليه.
- التأمُّل، والتفكير في بديع خَلْق الله تعالى.
- استذكار المواقف السعيدة، والمُفرِحة.
- البناء الإدراكيّ والمعرفيّ: أي مقدرة الشخص على تغيير فِكره؛ حيث إنَّ استخدام هذا الأسلوب يجعل الشخص الغاضب مُدرِكاً لطلباته، وقادراً على ترجمة توقُّعاته إلى رغبات.[١]
- حلّ المُشكلة: قد تُؤدّي المشاكل التي يقع فيها الإنسان إلى شُعوره بالإحباط، والغضب، وقد يزيد الإحباط بإدراك أنَّ الواقع لا يُحقِّق حلّ المُشكلة؛ لذلك فإنَّ التخلُّص من الغضب يَكمُن في حلّ المُشكلة، أو البحث عن حلٍّ مُناسب لها، والتركيز عليه، أو في مُواجَهة المُشكلة، ممَّا يُعزِّز المقدرة على مُواجَهة الأزمات، والتحدِّيات.[١]
- مهارات الاتّصال والتواصُل: عند التعرُّض للانتقاد، أو شِدَّة المُناقشة مع شخصٍ آخر، تَجِب على الشخص مُراقبة الجوّ العامّ، ومعرفة كيفيّة إبداء ردود أفعاله، وتَجنُّب الهجوم على الطرف الآخر، ومُحاوَلة فَهْمه، ومعرفة ما يريد، والتعامُل معه على أساس الحوار بأسلوب لَبِق، كما يَجِب وَضْع حُدود لا يتعدّاها الشخص الذي يتمّ التعامُل معه، وتجدُر الإشارة إلى أنَّه يُمكن أَخْذ بعض الرَّاحة أثناء النقاش، ثمّ إعادة التفكير بالأحداث، دون الدخول في حالة الغضب، وفُقدان الأعصاب، وبالتالي المقدرة على السيطرة في المُناقشة.[٣]
- مُمارَسة الرياضة: تُساهِم النشاطات، والتمارين الرياضيّة، كالجري، والسباحة، بشكلٍ كبير في امتصاص الغضب، والحدّ من تأثيره.[٣]
- التمتُّع بروح الفُكاهة: فقد تجعل بعضُ المَواقِف، والاعتقادات، والأفكار الشخص الغاضب يَدخُل في حالة من الضحك، والفُكاهة؛ لذا يجب الانسجام، والتفاعُل مع هذه الحالة، ممَّا يُساعد على الحدّ من تأثير الغضب.[١]
- تغيير البيئة: قد تكون البيئة المُحيطة في بعض الأحيان سبباً أساسيّاً في إثارة الغضب، فمثلاً يُوصَى بتجنُّب مُناقشة شخص في مُشكلة ما فَوْر عودته مُتعَباً من العمل، ومن الجدير بالذكر أنَّه يُمكن الحدّ من الغضب من خلال إيجاد البدائل، فعلى سبيل المثال: إذا شعر الشخص بالغضب من أزمة المرور، فيُمكن رُكوب مترو الأنفاق، وإذا شعر أنَّ شخصاً ما في مكان مُعيَّن يُثير غضبه، فيُمكن مُحاولة تجنُّب مُقابلته، والابتعاد عن ذلك المكان، كما يُمكن أَخْذ قِسطٍ من الرَّاحة مع العائلة، والذهاب إلى المكان المُفضَّل للشخص.[٣]
- الاستشارة الطبيّة النفسيّة: يتمّ اللجوء إلى الاستشارة الطبيّة في حالة أنَّ الشخص لا يستطيع التخلُّص من الغضب، أو السيطرة عليه، وكان ذلك يُؤثر في علاقته مع الآخرين، وقد تُساعد الاستشارة الطبيّة على إرشاد الفرد لطُرُق بديلة عن الغضب في التعامُل مع مُعطَيات الحياة، وتُساعِده على تغيير سلوكه، وطريقة تفكيره.[١]
أسباب الغضب
تتعدَّد الأسباب التي تُؤدّي إلى الشعور بالغضب؛ فمنها أسباب داخليّة (من الشخص نفسه)، وأُخرى خارجيّة (من الآخرين)، ومن هذه الأسباب:[٣]
- الإرهاق، أو الجوع، أو الألم، أو المرض.
- إساءة استخدام الأدوية، بحيث يتم أخذها بشكلٍ مُبالَغ فيه.
- التقدُّم في السنّ، وتغيُّر الظروف الجسميّة.
- الانسحاب من تأثير المُخدِّر.
- التعرُّض لاضطرابات نفسيّة، كالشعور باكتئاب ثنائي القُطب.
- العوامل الوراثيّة، والجينيّة.
- المُزاح غير اللائق مع الآخرين.
- المُناقشات الحادَّة، واختلاف التوجُّهات، ووجهات النظر، وعدم الأَخْذ برأي الآخرين.
- التعرُّض لصدمات عاطفيّة، وضغوط عصبيّة ونفسيّة، والتي قد تَنتُج بسبب مشاكل الحياة، وتحدِّياتها.
- التعرُّض لضغوط العمل، والأعباء المادِّية، بالإضافة إلى المَسؤوليّات التي تَقَع على عَاتِق الإنسان.
فيديو سر كرة التنبؤ
ما رأيك لو طُلب منك أن تبكي فجأة دون سبب؟ هل يمكنك ذلك؟! وهل يمكن تزييف المشاعر الأخرى؟ شاهد الفيديو لتعرف أكثر: