الإسلام والعمل
حثّ الإسلام على العمل، وأن يكونَ للإنسانِ المسلم عملٌ يرتزقُ منه ويحصلُ منه على مالٍ ويأكلُ ويشربُ منه، ويعيشُ حياةً كريمة ويسعى في الأرض ويعملُ فيها، ويتمثّلُ ذلك في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِه) [الملك، آية: 15]، كما حثّنا ديننا العظيم ألّا يكون الإنسان عالةً على غيره من الناس، أوأن يمدّ يده ويسألهم، ولم يحثَّ الإسلام المسلم على مجرّد العمل فقط بل دعاه إلى إتقانِ العمل وإكماله بأحسن صورة ممكنة، حيث جعلَ الإسلام العمل الطريقة الوحيدة لمقاومةِ الفقر والتخلّص منه، وجعل العمل طريقاً لجلْب المال والرزق.
الأنبياء والعمل
الأنبياء هم خير خلق الله وصفوته من البشر، وقد جعلَ الله لهم مكانةً خاصّةً، لا يصلُها أحدٌ من البشر، ولا شكّ بأنّ الأنبياء قدوة لكلّ من يتبعهم ويلحق بهم من بني البشر، ومن المعروف عن الأنبياء صلوات ربّي وسلامه عليهم، أنّهم عملوا كافّة الأعمال الممكنة فلم يتفرّغوا للعبادة والدعوة فحسْب، ولم يجعلوا من رسالتِهم في الدعوة حجّةً لهم بالجلوس، بل عملوا واجتهدوا ومارسوا الكثير من الحرف والصناعات، ومن ذلك عمل سيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بالتجارةِ ورعي الأغنام، وعمل سيّدنا داود -عليه السلّام- بالحدادة، وكذلك عمل سيدنا آدم -عليه السلام- بالزراعة، وقد عمل سيّدنا عيسى -عليه السلام- بالصباغة.
حقوق العمال في الإسلام
لم يترك الإسلام أحداً إلّا وأعطاه حقوقاً وأمرَ بالحفاظِ على هذه الحقوق لكلّ الأفراد، فأعطى الإسلام الحقوقَ للكبير والصغير، والرجل والمرأة، وكافّة أصناف المجتمع المختلفة، ولم ينسَ الإسلام إعطاء حقوقه للعامل، فقد جعل الله للإنسان العامل حقوقاً خاصّةً به، وأمر الجميع بالالتزام بها، ومنها:
- إعطاء العامل الأجرَ المناسب له، وعدم بخسه أجرَه أو التقليل منه ومن جهده وتعبه، ويتمثّلُ ذلك في قولِه تعالى: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ*الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ*وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) [المطففين، آية 1-3]، وقد فسّرَ بعض العلماء المطففين بمعنى أنّهم الأشخاص الذين يقلّلون من حقوقِ الآخرين.
- سرعة إعطاء الأجر للعامل، وفي ذلك قمّة الرقي، والرحمة، والتعامل الحسَن، والأخلاق الفاضلة التي علّمنا إيّاها الإسلام، استناداً لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-: (أعطوا الأجيرَ أجرَه قبلَ أن يجفَّ عرقه).
- عدم تكليف العامل أكثر من جهده وإعطاؤه أكثر من طاقته؛ فلكلّ نفس وسعها وطاقتها الخاصّة بها، كما حثّ على معاملةِ العامل بأحسن الأخلاقِ وأفضلِها.