محتويات
الشعر
كان الشعر لداعي الفخر، ثم تحول للحب وبعدها ليصف لوعة الشوق وألم الفراق، وهنا نركز على الشوق في الشعر العربي الفصيح مجموعة من الأبيات تخرج من قصائد طويلة ، تصف حال الشاعر وتنقلنا لنتحسس مشاعره.
أبيات عن الشوق
- يهواك ماعشت الفؤاد فإن أمت
يتبع صداي صداك بين الأقبر
- إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى
فكن حجراً من يابس الصخر جهدا
- ولو إن لي تسعين قلباً تشاغلت
جميعاً فلم يفرغ إلى غيرها قلب
- وقالوا لو تشاء سلوت عنها
فقلت لهم فإني لا أشاء
- يا عاذلي إن لم تكن عن حسن صورته
أعمى فإني عما قلت أطرش
- عندي رسائل شوق لست أذكرها
لولا الرقيب لقد بلغتها فاك
- قضاها لغيري وابتلاني بحبها
فهلا بشيء غير ليلى ابتلاني
- لو أن أعضائي تشكي ما بها
لشكا إليكم كل عضو ما لقى
- العينُ بعد فراقِهـا الوطنـا
لا ساكنًا أَلِفَـتْ ولا سَكَنـا
ريّانـةً بالدمـعِ أرّقَـهـا
ألاّ تُحِسَّ كـرًى ولا وَسَنـا
ليت الذين أُحبُّهـم عَلِمـوا
وهم هنالك .. ما لقيتُ هُنا
ما كنتُ أَحْسَبُني مُفَارِقَهـم
حتى تُفارقَ روحيَ البَدَنـا
إن الغريـبَ مُعـذّبٌ أَبَـدا
إنْ حلّ لم ينعمْ .. وإن ظَعَنا
- حبيبي – غدًا – لا شكَّ فيـه مُـوَدّعُ
فواللهِ مـا أدري بـه كيـف أصنـعُ ؟
فيا يومُ – لا أدبرتَ – هل لك محبسٌ ؟
ويا غدُ – لا أقبلتَ – هل لك مدفـعُ ؟
إذا لـم أُشيّعْـهُ تقطّـعْـتُ حـسـرةً
وواكبدي … إنْ كنتُ ممّـنْ يُشيّـعُ !
- الله جَارُكَ في انْطِلاقِـكْ
تِلْقَاءَ شَامِكَ أوْ عِرَاقِـكْ
لا تَعْذُلَنّـي فـي مَسِـيرِي
يَوْمَ سِرْتُ وَلَمْ أُلاقِكْ
إنّـي خَشِيـتُ مَوَاقِفـا
للبَينِ تَسْفَحُ غَرْبَ مَاقِـكْ
وَعَلِـمْـتُ أنّ بُكَـاءَنَـا
حَسَبَ اشْتِياقي وَاشتِيَاقِكْ
وَذَكَرْتُ مَا يَجِـدُ المُـوَدِّعُ
عِنْدَ ضَمّكَ وَاعْتِنَاقِـكْ
فَتَـرَكْـتُ ذاكَ تَعَـمّـداً
وَخَرَجْتُ أهْرُبُ مِنْ فِرَاقِكْ
- حننت إلى صوت النواعير سحرة
وأضحى فؤادي لا يقر ولا يهدى
وفاضت دموعي مثل فيض دموعها
أطارحها تلك الصبابة والوجدا
وزاد غرمي حين أكثر عاذلي
فقلت له أقصر ولا تقدح الزندا
أهيم بهم في كل واد صبابة
وأزداد مع طول المعاد لهم ودا
- ودّع الصبرَ محبّ ودّعك
ذائع مِن سرّه ما اِستودَعك
يقرع السنّ على أَن لم يكن
زادَ في تلك الخطى إذ شيّعك
يا أَخا البدرِ سناء وسنى
حفظ اللَه زماناً أطلَعك
إن يطُل بعدك ليلي فلكم
بتّ أشكو قصرَ الليل مَعك
- خي صَبراً على ألَـمِ الفُـراقِ
كِلانا للنوى والشـوقِ باقي
إذا انفصلَتْ هَياكِلُنا وبانَت
فرُوحي نحْوَ رُوحِكَ في عِـناقِ
تودِّعُني أخي والدَّمْـعُ جارِ
مَعي في المَحاجِرِ والمآقي
بكى قلبي وما سالت عُيـوني
وفاءاً بالِغـاً أقصى المَراقي
تخافُ على الأحِبّةِ في فؤادي
إذا ولّى مَعَ الدَّمـعِ المَراقـي
فيا لك حَسرَة هـزّت كيانـي
أمَا لي مِنْ لظى الحَسَراتِ واقِ
دُموعُكَ هيّجَت نيرانَ قلبـي
وتِلكَ النارُ تؤذن باحتـراقِ
أراكُم أخوتك عند التوانـي
ويبقى طيفكم رغمَ الفـراقِ
سنذكُرُ عهدَنا بجميلِ ذِكـرٍ
وما عِشناهُ في أسمـى وِفـاقِ
ونحيـى بالمحبـة والتـآخـي
ونهتـفُ للأحِبّـةِ باشتيـاقِ
وأذكركم ويأتينـي خيـال
يُعاوِدُني إلـى يـومِ التـلاقِ
أتنساهم ؟ ويقطعُها جوابـي
رُويْدُكَ هل ترى أنت رِفاقي
أراكُم أخوَتي وسطَ الليالـي
نجوماً لا تمَـلُّ مِـنُ إئتـلاقِ
لقد سالَ النشيدُ على لِساني
كما دَبَّ السُّرورُ إلى البواقي
يقولُ الناسُ مَن هذا غريـبٌ
لأني في ذرى العَليـاءِ راقـي
جَعلتُ الناسَ والدُنيا ورائـي
وآثرْتُ الهِدايـةَ بالتصاقـي
فجالَ بسائرِ الأعماقِ صوْتٌ
ترَدَّدَ في حَناياهـا الرِّقـاقِ
ألا تنوي بركبهِـم التحـاق
فقلتُ وهل لغيرهم التحاقي
قصائد عن الشوق
من جميل القصائد التي عبّرت عن مشاعر الشوق، اخترنا لكم ما يأتي:
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب
المتنبي
أُغالِبُ فيكَ الشّوْقَ وَالشوْقُ أغلَبُ
وَأعجبُ من ذا الهجرِ وَالوَصْلُ أعجبُ
أمَا تَغْلَطُ الأيّامُ فيّ بأنْ أرَى
بَغيضاً تُنَائي أوْ حَبيباً تُقَرّبُ
وَلله سَيْرِي مَا أقَلّ تَئِيّةً
عَشِيّةَ شَرْقيّ الحَدَالى وَغُرَّبُ
عَشِيّةَ أحفَى النّاسِ بي مَن جفوْتُهُ
وَأهْدَى الطّرِيقَينِ التي أتَجَنّبُ
وَكَمْ لظَلامِ اللّيْلِ عِندَكَ من يَدٍ
تُخَبِّرُ أنّ المَانَوِيّةَ تَكْذِبُ
وَقَاكَ رَدَى الأعداءِ تَسْري إلَيْهِمُ
وَزَارَكَ فيهِ ذو الدّلالِ المُحَجَّبُ
وَيَوْمٍ كَلَيْلِ العَاشِقِينَ كمَنْتُهُ
أُرَاقِبُ فيهِ الشّمسَ أيّانَ تَغرُبُ
وَعَيْني إلى أُذْنَيْ أغَرَّ كَأنّهُ
منَ اللّيْلِ باقٍ بَينَ عَيْنَيْهِ كوْكبُ
لَهُ فَضْلَةٌ عَنْ جِسْمِهِ في إهَابِهِ
تَجيءُ على صَدْرٍ رَحيبٍ وَتذهَبُ
شَقَقْتُ بهِ الظّلْماءَ أُدْني عِنَانَهُ
فيَطْغَى وَأُرْخيهِ مراراً فيَلْعَبُ
وَأصرَعُ أيّ الوَحشِ قفّيْتُهُ بِهِ
وَأنْزِلُ عنْهُ مِثْلَهُ حينَ أرْكَبُ
وَما الخَيلُ إلاّ كالصّديقِ قَليلَةٌ
وَإنْ كَثُرَتْ في عَينِ مَن لا يجرّبُ
إذا لم تُشاهِدْ غَيرَ حُسنِ شِياتِهَا
وَأعْضَائِهَا فالحُسْنُ عَنكَ مُغَيَّبُ
لحَى الله ذي الدّنْيا مُناخاً لراكبٍ
فكُلُّ بَعيدِ الهَمّ فيهَا مُعَذَّبُ
ألا لَيْتَ شعري هَلْ أقولُ قَصِيدَةً
فَلا أشْتَكي فيها وَلا أتَعَتّبُ
وَبي ما يَذودُ الشّعرَ عني أقَلُّهُ
وَلَكِنّ قَلبي يا ابنَةَ القَوْمِ قُلَّبُ
وَأخْلاقُ كافُورٍ إذا شِئْتُ مَدْحَهُ
وَإنْ لم أشأْ تُملي عَليّ وَأكْتُبُ
إذا تَرَكَ الإنْسَانُ أهْلاً وَرَاءَهُ
وَيَمّمَ كافُوراً فَمَا يَتَغَرّبُ
فَتًى يَمْلأ الأفْعالَ رَأياً وحِكْمَةً
وَنَادِرَةً أحْيَانَ يَرْضَى وَيَغْضَبُ
إذا ضرَبتْ في الحرْبِ بالسّيفِ كَفُّهُ
تَبَيَّنْتَ أنّ السّيفَ بالكَفّ يَضرِبُ
تَزيدُ عَطَاياهُ على اللّبْثِ كَثرَةً
وَتَلْبَثُ أمْوَاهُ السّحابِ فَتَنضُبُ
أبا المِسْكِ هل في الكأسِ فَضْلٌ أنالُه
فإنّي أُغَنّي منذُ حينٍ وَتَشرَبُ
وَهَبْتَ على مِقدارِ كَفّيْ زَمَانِنَا
وَنَفسِي على مِقدارِ كَفّيكَ تطلُبُ
إذا لم تَنُطْ بي ضَيْعَةً أوْ وِلايَةً
فَجُودُكَ يَكسُوني وَشُغلُكَ يسلبُ
يُضاحِكُ في ذا العِيدِ كُلٌّ حَبيبَهُ
حِذائي وَأبكي مَنْ أُحِبّ وَأنْدُبُ
أحِنُّ إلى أهْلي وَأهْوَى لِقَاءَهُمْ
وَأينَ مِنَ المُشْتَاقِ عَنقاءُ مُغرِبُ
فإنْ لم يكُنْ إلاّ أبُو المِسكِ أوْ هُمُ
فإنّكَ أحلى في فُؤادي وَأعْذَبُ
وكلُّ امرىءٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ
وَكُلُّ مَكانٍ يُنْبِتُ العِزَّ طَيّبُ
يُريدُ بكَ الحُسّادُ ما الله دافِعٌ
وَسُمْرُ العَوَالي وَالحَديدُ المُذرَّبُ
وَدونَ الذي يَبْغُونَ ما لوْ تخَلّصُوا
إلى المَوْتِ منه عشتَ وَالطّفلُ أشيبُ
إذا طَلَبوا جَدواكَ أُعطوا وَحُكِّموا
وَإن طلَبوا الفضْلَ الذي فيك خُيِّبوا
وَلَوْ جازَ أن يحوُوا عُلاكَ وَهَبْتَهَا
وَلكِنْ منَ الأشياءِ ما ليسَ يوهَبُ
وَأظلَمُ أهلِ الظّلمِ مَن باتَ حاسِداً
لمَنْ بَاتَ في نَعْمائِهِ يَتَقَلّبُ
وَأنتَ الذي رَبّيْتَ ذا المُلْكِ مُرْضَعاً
وَلَيسَ لَهُ أُمٌّ سِواكَ وَلا أبُ
وَكنتَ لَهُ لَيْثَ العَرِينِ لشِبْلِهِ
وَمَا لكَ إلاّ الهِنْدُوَانيّ مِخْلَبُ
لَقِيتَ القَنَا عَنْهُ بنَفْسٍ كريمَةٍ
إلى الموْتِ في الهَيجا من العارِ تهرُبُ
وَقد يترُكُ النّفسَ التي لا تَهابُهُ
وَيَخْتَرِمُ النّفسَ التي تَتَهَيّبُ
وَمَا عَدِمَ اللاقُوكَ بَأساً وَشِدّةً
وَلَكِنّ مَنْ لاقَوْا أشَدُّ وَأنجَبُ
ثنَاهم وَبَرْقُ البِيضِ في البَيض صَادقٌ
عليهم وَبَرْقُ البَيض في البِيض خُلَّبُ
سَلَلْتَ سُيوفاً عَلّمتْ كلَّ خاطِبٍ
على كلّ عُودٍ كيفَ يدعو وَيخطُبُ
وَيُغنيكَ عَمّا يَنسُبُ النّاسُ أنّهُ
إلَيكَ تَنَاهَى المَكرُماتُ وَتُنسَبُ
وَأيُّ قَبيلٍ يَسْتَحِقّكَ قَدْرُهُ
مَعَدُّ بنُ عَدنانٍ فِداكَ وَيَعرُبُ
وَمَا طَرَبي لمّا رَأيْتُكَ بِدْعَةً
لقد كنتُ أرْجُو أنْ أرَاكَ فأطرَبُ
وَتَعْذُلُني فيكَ القَوَافي وَهِمّتي
كأنّي بمَدْحٍ قَبلَ مَدْحِكَ مُذنِبُ
وَلَكِنّهُ طالَ الطّريقُ وَلم أزَلْ
أُفَتّش عَن هَذا الكَلامِ وَيُنْهَبُ
فشَرّقَ حتى ليسَ للشّرْقِ مَشرِقٌ
وَغَرّبَ حتى ليسَ للغرْبِ مَغْرِبُ
إذا قُلْتُهُ لم يَمْتَنِعْ مِن وُصُولِهِ
جِدارٌ مُعَلًّى أوْ خِبَاءٌ مُطَنَّبُ
بَانَ الخَليطُ، وَلَوْ طُوِّعْتُ ما بَنَا
جرير
بَانَ الخَليطُ، وَلَوْ طُوِّعْتُ ما بَانَا،
وقطعوا منْ حبالِ الوصلِ أقرانا
حَيِّ المَنَازِلَ إذْ لا نَبْتَغي بَدَلاً
بِالدارِ داراً، وَلا الجِيرَانِ جِيرَانَا
قَدْ كنْتُ في أثَرِ الأظْعانِ ذا طَرَبٍ
مروعاً منْ حذارِ البينِ محزانا
يا ربَّ مكتئبٍ لوْ قدْ نعيتُ لهُ
بَاكٍ، وآخَرَ مَسْرُورٍ بِمَنْعَانَا
لوْ تعلمينَ الذي نلقى أويتِ لنا
أوْ تَسْمَعِينَ إلى ذي العرْشِ شكوَانَا
كصاحبِ الموجِ إذْ مالتْ سفينتهُ
يدعو إلى اللهِ أسراراً وإعلانا
يا أيّهَا الرّاكِبُ المُزْجي مَطيّتَهُ،
بَلِّغْ تَحِيّتَنَا، لُقّيتَ حُمْلانَا
بلغْ رسائلَ عنا خفَّ محملها
عَلى قَلائِصَ لمْ يَحْمِلْنَ حِيرَانَا
كيما نقولَ إذا بلغتَ حاجتا
أنْتَ الأمِينُ، إذا مُستَأمَنٌ خَانَا
تُهدي السّلامَ لأهلِ الغَوْرِ من مَلَحٍ،
هَيْهَاتَ مِنْ مَلَحٍ بالغَوْرِ مُهْدانَا
أحببْ إلى َّ بذاكَ الجزعِ منزلة ً
بالطلحِ طلحاً وبالأعطانِ أعطانا
يا ليتَ ذا القلبَ لاقى منْ يعللهُ
أو ساقياً فسقاهُ اليومَ سلوانا
أوْ لَيْتَهَا لمْ تُعَلِّقْنَا عُلاقَتَهَا؛
غدْرَ الخَلِيلِ إذا ماكانَ ألْوَانَا
هَلا تَحَرّجْتِ مِمّا تَفْعَلينَ بِنَا؛
يا أطيَبَ النّاسِ يَوْمَ الدَّجنِ أرَدَانَا
قالَتْ: ألِمّ بِنا إنْ كنتَ مُنْطَلِقاً،
وَلا إخالُكَ، بَعدَ اليَوْمِ، تَلقانَا
يا طَيْبَ! هَل من مَتاعٍ تمتِعينَ به
ضيفاً لكمْ باكراً يا طيبَ عجلانا
ما كنتُ أولَ مشتاقٍ أخي طربٍ
هَاجَتْ لَهُ غَدَوَاتُ البَينِ أحْزَانَا
يا أمَّ عمرو جزاكَ اللهُ مغفرة ً
رُدّي عَلَيّ فُؤادي كالّذي كانَا
ألستِ أحسنَ منْ يمشي على قدمٍ
يا أملحَ الناسِ كلَّ الناسِ إنساناً
يلقى غريمكمُ منْ غيرِ عسرتكمْ
بالبَذْلِ بُخْلاً وَبالإحْسَانِ حِرْمانَا
لا تأمننَّ فانيَّ غيرُ آمنهِ
غدوَ الخليلِ إذا ما كانَ ألوانا
قد خنتِ منْ لمْ يكنْ يخشى خيانتكْ
ما كنتِ أولَ موثوقٍ به خانا
لقدْ كتمتُ الهوى حتى تهيمنى
لا أستطيعُ لهذا الحبَّ كتمانا
كادَ الهوى يومَ سلمانينَ يقتلني
وَكَادَ يَقْتُلُني يَوْماً بِبَيْدَانَا
وَكَادَ يَوْمَ لِوَى حَوّاء يَقْتُلُني
لوْ كُنتُ من زَفَرَاتِ البَينِ قُرْحانَا
لا بَارَكَ الله فيمَنْ كانَ يَحْسِبُكُمْ
إلاّ عَلى العَهْدِ حتى كانَ مَا كانَا
من حُبّكُمْ؛ فاعلَمي للحبّ منزِلة ً،
نَهْوَى أمِيرَكُمُ، لَوْ كَانَ يَهوَانَا
لا بَارَكَ الله في الدّنْيَا إذا انقَطَعَتْ
أسبابُ دنياكِ منْ أسبابِ دنيانا
يا أمَّ عثمانَ إنَّ الحبَّ عنْ عرضٍ
يُصبي الحَليمَ ويُبكي العَينَ أحيانا
ضَنّتْ بِمَوْرِدَة ٍ كانَتْ لَنَا شَرَعاً،
تَشفي صَدَى مُستَهامِ القلبِ صَديانَا
كيفَ التّلاقي وَلا بالقَيظِ مَحضَرُكُم
مِنّا قَرِيبٌ، وَلا مَبْداكِ مَبْدَانَا؟
نَهوَى ثرَى العِرْقِ إذ لم نَلقَ بَعدَكُمُ
كالعِرْقِ عِرْقاً وَلا السُّلاّنِ سُلاّنَا
ما أحْدَثَ الدّهْرُ ممّا تَعلَمينَ لكُمْ
للحَبْلِ صُرْماً وَلا للعَهْدِ نِسْيَانَا
أبُدّلَ اللّيلُ، لا تسرِي كَوَاكبُهُ،
أمْ طالَ حتى َّ حسبتُ النجمَ حيرانا
يا رُبّ عائِذَة ٍ بالغَوْرِ لَوْ شَهدَتْ
عزّتْ عليها بِدَيْرِ اللُّجّ شَكْوَانَا
إنّ العُيُونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ،
قتلننا ثمَّ لمْ يحيينَ قتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُّبّ حتى لا حَرَاكَ بهِ،
وهنَّ أضعفُ خلقْ اللهِ أركانا
يا رُبّ غابِطِنَا، لَوْ كانَ يطلُبُكُم،
لا قَى مُباعَدَة ً مِنْكمْ وَحِرْمَانَا
أرَيْنَهُ المَوْتَ، حتى لا حَيَاة َ بِهِ؛
قَدْ كُنّ دِنّكَ قَبلَ اليَوْمِ أدْيَانَا
طارَ الفؤادُ معَ الخودِ التي طرقتْ
في النومِ طيبة َ الأعطافِ مبدانا
مثلوجة َ الريقِ بعدَ النومِ واضعة ً
عنْ ذي مثانٍ تمجُ المسكَ والبانا
قالتْ تعزفانَّ القومَ قدْ جعلوا
دونَ الزيارة ِ أبواباً وخزانا
لَمّا تَبَيّنْتُ أنْ قَد حِيلَ دُونَهُمُ
ظلتْ عساكرُ مثلُ الموتِ تغشانا
ماذا لقيتُ منَ الأظعانِ يومَ قنى ً
يتبعنَ مغترباً بالبينِ ظعانا
أتبعتهمْ مقلة ٌ إنسانها غرقٌ
هلْ ما ترى تاركٌ للعينْ إنسانا
كأنَّ أحداجهمْ تحدى مقفية ً
نخْلٌ بمَلْهَمَ، أوْ نَخلٌ بقُرّانَا
يا أمَّ عثمانَ ما تلقى رواحلنا
لو قستِ مصبحنا منْ حيثُ ممسانا
تخدي بنا نجبٌ مناسمها
نَقْلُ الخرَابيُّ حِزّاناً، فَحِزّانَا
ترمي بأعينها نجداً وقدْ قطعتَ
بينْ السلوطحِ والروحانِ صوانا
يا حبذا جبلُ الريانِ منْ جبلٍ
وَحَبّذا ساكِنُ الرّيّانِ مَنْ كَانَا
وَحَبّذا نَفَحَاتٌ مِنْ يَمَانِية ٍ
تأتيكَ من قبلَ الريانِ أحيانا
هبتْ شمالاً فذكرى ما ذكرتكمْ
عندَ الصفاة ِ التي شرقيَّ حورانا
هلَ يرجعنَّ وليسَ الدهرُ مرتجعاً
عيشٌ بها طالما احلولي وما لانا
أزْمانَ يَدعُونَني الشّيطانَ من غزَلي،
وكنَّ يهوينني إذْ كنتُ شيطانا
منْ ذا الذي ظلَّ يغلي أنْ أزوركمْ
أمْسَى عَلَيْهِ مَلِيكُ النّاسِ غَضْبانَا
ما يدري شعراءُ الناسِ ويلهمْ
مِنْ صَوْلَة ِ المُخدِرِ العادي بخَفّانَا
جهلاً تمنى َّ حدائي منْ ضلالتهمْ
فَقَدْ حَدَوْتُهُمُ مَثْنَى وَوُحْدَانَا
غادرتهمْ منْ حسيرٍ ماتَ في قرنٍ
وَآخَرِينَ نَسُوا التَّهْدارَ خِصْيَانَا
ما زالَ حبلى في أعناقهمْ مرساً
حتى اشتَفَيْتُ وَحتى دانَ مَنْ دانَا
منْ يدعني منهمْ يبغي محاربتي
فَاسْتَيِقنَنّ أُجِبْهُ غَيرَ وَسْنَانَا
ما عضَّ نابي قوماً أوْ أقولَ لهمْ
إياكمْ ثمَّ إياكمُ وإيانا
إنيَّ امرؤٌ لمْ أردْ فيمنْ أناوئهُ
للناسِ ظلماً ولا للحربِ إدهانا
قالَ الخليفة ُ والخنزيرُ منهزمٌ
ما كنتَ أولَ عبدٍ محلبٍ خانا
لاقَى الأخَيْطِلُ بالجَوْلانِ فاقِرَة ً،
مثلَ اجتِداعِ القَوَافي وَبْرَ هِزّانَا
يا خزرَ تغلبَ ماذا بالُ نسوتكمْ
لا يستفقنَ إلى َ الديرينِ تحناتا
لنْ تدركوا المجدَ أو تشروا باءكمُ
بالخزَّ أوْ تجعلوا التنومَ ضمرانا
يا خزرَ تغلبَ ماذا بالُ نسوتكمْ
لا يستفقنَ إلى َ الديرينِ تحناتا
لنْ تدركوا المجدَ أو تشروا باءكمُ
بالخزَّ أوْ تجعلوا التنومَ ضمرانا
فِيْمَ التَّجَاْفِيْ
مصطفى قاسم عباس
سَلُوا وَجْدًا بِخَفَّــاقِي تَنَامَـى
أَيَبْقَى الدَّهْرَ يَسْقِينِـي الْحِمَامَا؟
وَيَرْمِينِــي فَيُرْدِيَنِــي قَتِيلاً
وَمِنْهُ الطَّرْفُ لَمْ يَرْمِ السِّــهَامَا
عَلاَمَ يُذِيبُــنِي شَوْقًا وَيُدْمِـي
حَنِينًا قَلْبِيَ الْمُضْنَى عَلامَــا؟
فَدَمْعُ الشَّوْقِ يُغْرِقُنِي؟ وَنَوْحِـي
يَفُوقُ مِنَ الْجَوَى نَوْحَ الأَيَامَـى
مَزَجْتُ مَعَ الأَسَى عَبَرَاتِ جَفْنِي
وَصُغْتُ الشَّوْقَ شِعْرًا وَالْهُيَامَـا
وَلَكِنَّ القَــوَافِي أَتْعَــبَتْنِي
وَلَمْ أَبْلُغْ بِوَصْفِكُمُ الْمَـــرَامَا
أُنَاجِي البَدْرَ فِي ظُلَمِ اللَّيَــالِي
وَآهَاتِي تَـزِيدُ بِــيَ الضِّرَامَا
فَبَعْدَ فِرَاقِـــهِمْ لَمْ تَغْفُ عَيْنِي
فَهَلْ صَارَ الكَرَى عِنْدِي حَرَامَا؟!
أَحِبَّتَنَا: بَعَثْـــتُ لَكُمْ سَلاَمِي
فَرُدُّوا – يَا أَحِبَّتــَنَا – السَّلاَمَا
وَحَمَّلْتُ الصَّبــا شَوْقًا وَحُبًّـا
لَكُمْ مِنْ مُــدْنَفٍ هَجَرَ الْمَنَامَا
تَسِــحُّ دِمَـــاءُ مُقْلتِهِ غِيَاثًا
لَعَــلَّ جُفُـونَهُ صَارَتْ غَمَامَا!
فَأَنْتُمْ – رَغْــمَ بُعْدِ الدَّارِ عَنْهُ –
تَظَلُّـــونَ الأَحِبَّــةَ وَالكِرَامَا
يُصَلِّي إِنْ رَأَى مِنْـــكُمُ خَيَالاً
وَكَمْ لِلَّهِ يَوْمَ الوَصْـــلِ صَامَا!
صِلُونِي – سَادَتِي – لاَ تَهْجُرُونِي
فَوَجْدِي كَادَ يُصْلِينــِي الغَرَامَا
عَلَى أَعْتــَابِكُمْ أُمْضِي حَيَـاتِي
وَإِنْ شِئْتُـــمْ قُعُودًا أَوْ قِيَـامَا
إِذَا مَا اللَّيْـلُ غَشَّـانِـي تَرَوْا لِي
عَلَى أَطْـــلاَلِكُـمْ قَلْبًا تَرَامَى
أَلِفْتُ السُّــهْـدَ وَالأَسْقَامَ حَتَّى
غَدَا عَيْشِـــي عَذَابًا أَوْ سَقَامَا
أَتَانِي طَيْفُـــكُمْ فَأَنَـارَ لَيْلِي
وَرُوحِي بَعْــدَ أَنْ كَانَتْ ظَلاَمَا
وَفَاحَتْ مِنْكـــمُ البَيْدَاءُ مِسْكًا
وَأَزْهَرَتِ الأَقَـــاحِي وَالْخُزَامَى
وَكَمْ عَجَزَ البَيــانُ عَنِ الْمَعَانِي
وَثَغْرِي وَاجِمٌ… نَسِـيَ الكَلاَمَا؟!
طَلَبْتُمْ أَنْ أُكََتِّمَ فِــي ضَمِيـرِي
هَوَاكُمْ إِنَّنِــي أَرْعَى الذِّمَـامَا
فَمِنْ زَمَنِ الصِّبَا أُخْفِي هَوَاكُـمْ
وَشَبَّ بِخَافِقِــي عَامًا، فَعَامَا
وَلَكِنْ فَاضَ بِـالأَحْزَانِ قَلْبِـي
فَسَالَ الدَّمْعُ مِنْ عَيْنِي سِجَـامَا
فَضَحْتُ السِّرَّ حِينَ هَمَتْ دُمُوعِي
فَرِقُّوا وَاغْفِـــرُوا ذَاكَ الأَثَامَا
مَطَايَا الشَّوْقِ: لُطْــفًا أَسْعِفِينِي
إِلاَمَ الْحُبُّ يُضْنِينــي إِلاَمَا؟!
وَقَلْبِي لَمْ يُطِقْ حَمْــلَ الْمَآسِي
فَكَيْفَ سَيَحْمِلُ اليَوْمَ الغَرَامَـا؟!
وَيَا أَحْبَابَنَا: فِيـــمَ التَّجَافِي؟
فَنَحْنُ بِدُونِكُمْ نَحْــيَا يَتَامَى
إِذَا مَـــا بَدْرُكُمْ عَنِّي تَوَارَى
مَضَى عُمْـرِي سَرَابًا أَوْ ظَلاَمَا
يا جامعَ الشملِ بعدما افترقا
ابن سهل الأندلسي
يا جامعَ الشملِ بعدما افترقا
قَدّرْ لعيني بمَنْ أُحِبُّ لِقا
ويا مجيرَ المحبّ من فَرَقِ الـ ـ
ـفراقِ عجلْ وأذهبِ الفرقا
عافِ من السقمِ مبتلى بهوى
ما نفعتْ فيه عُوذَة ٌ ورُقى
أجرْ بوصلِ الحبيب قلبي منْ
طوارقِ الهجرِ وافتح الطرقا
و لا تسلطْ أذى الفراقِ على
ضعفي فما لي على الفراقِ بقا
ولا تؤاخذْ فلستُ أولَ منْ
بخيسِ عهدِ الحسان قد وثقا
أنا الذي رَامَ مِنْ أحبَّتِهِ
حظاً بلقياهمُ فما رزقا
وهَلْ مطيقٌ عَلى النوى جلداً
صبٌّ لغيرِ الغرامِ ما خلقا
أحبّتي ما الذي أضرَّ بكُمْ
قُرْبيَ بَعدَ النوى لَوِ اتَّفقا
جودوا وعودوا فديتكمْ دنفاً
نضوَ سقامٍ على الفراشِ لقى
حسبتُ يومَ الوَداع أنَّ مَعي
قَلْبي ولَمْ أدرِ أنّهُ سُرِقا
إنّ فؤادي فَراشُ شوقِكُمُ
صادفَ نارَ الغرامِ فاحترقا
وإنّ وجدي الذي أراقَ دمَ الـ
ـعَيْنِ لَدمعٌ أهدى لها الأرقا
و اعجبا لا يزالُ ذا ظماءٍ
إنسانُ عينٍ بدَمعِها غَرِقا
قد أظلمتْ عيشتي ولستُ أرى
إلاّ بكمْ مشرقاً لها أفقا
فأسألُ اللَّهَ أن يُعيدَكُمُ
ويَجْمَعَ الشملَ بَعْدَما افترقا