إن في خلق السموات والارض
" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ "
روى أبو الشيخ ابن حبان في ” أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ” ( 200 – 201 ) و ابن حبان في صحيحه ” 523 – الموارد ” عن يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن سويد النخعي أنبأنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قال : دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقال عبد الله بن عمير : حدثينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبكت وقالت : قام ليلة من الليالي فقال : يا عائشة ! ذريني أتعبد لربي ، قالت : قلت : والله إني لأحب قربك وأحب ما يسرك ، قالت : فقام فتطهر ثم قام يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حجره ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض ، وجاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ ! قال : أفلا أكون عبدا شكورا ؟ لقد نزلت علي الليلة آيات ، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها “إن في خلق السماوات والأرض” صححه الألباني – السلسلة الصحيحة : 1 / 106
“أن في خلق السموات والارض ” : بين الله سبحانه وتعالى عظيم خلقه بارتفاع السماء واتساعها والارض في انخفاضها واتضاعها وكثافتها وكل مافيهما من أيات الله العظيمه من ثوابت وبحار ، وجبال وقفار ، وكوكب سيارات ، وأشجار ونبات ظن وثمار وزرع ، وحيوان ومنافع ومعادن ، وكلها مختلفة الطعوم والالوان والخواص والروائح .
” وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ” : أي تعاقبهما وتقارضهما القصر والطول ، فتارة يقصر هذا ويطول هذا ومن ثم يعتدلان ، وتارة أخرى يطول هذا ويقصر هذا وكل ذلك بتقدير من العزيز الحكيم القادر على كل شيء .
” لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ” :أي العقول النيره الذكيه والتي تدرك حقيقة الاشياء ، ذو العقول والافكار السليمه وليسوا كالصم البكم كما قال عنهم الله تعالى ” وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ . وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ” .
” الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ” : اي الذين لا يقطعون ذكر الله تعالى في جميع الاحوال بألسنتهم و بسرائرهم وضمائرهم ولا يكتفون بذلك.
” وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ” اي يفهمون مافي السموات والارض من دلالة على عظمة الخالق وقدرته وعلى حكمته وعلمه ظن ويتفكرون ويتدبرون في هذا الكون الواسع ومافيه من جمال صنع الله تعالى وابداعه في مخلوقاته ليصلوا الى الايمان الكبير العميق ويعترفوا بوحدانية الله وعظيم قدرته .
قال سليمان الداراني : ” إني أخرج من بيتي فما يقع بصرى على شيء إلا رأيت لله على فيه نعمة ، ولى فيه عبرة “.
وقال الحسن البصري : ” تفكر ساعة خير من قيام ليلة” .
وقال الفخر الرازي : “دلائل التوحيد محصورة في قسمين : دلائل الآفاق ، ودلائل الأنفس . ولا شك أن دلائل الآفاق أجل وأعظم ” .
” رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ” : أي ما خلقت هذا عبثا بل بالحق لنجزي المحسن بالحسنى ونجزي الذين أساؤوا بمثل ما عملوا ” سبحانك ” اي ان تخلق شيئا باطلا . ” فقنا عذاب النار ” : أي قنا يارب من عذا النار بقوتك وحولك ودلنا على الخير لنعمله ووفقنا لندخل جنة نعيمك وابعدنا عن نار الاخره يارب.