منذ قديم الزمان تفنّن الملوك والأمراء في بناء قصورهم وأماكن سكنهم لتصبح فيما بعد آثاراً تاريخيّة تشهد على حياة الترف والرفاهية التي عاشها هؤلاء الملوك في عهد حكمهم، ومن أشهر القصور التي ما زالت قائمةً إلى يومنا هذا “قصر عابدين”، فأين يقع هذا القصر؟ ومن هو الملك الذي أمر ببنائه؟ هذا ما سنجيب عنه خلال مقالنا.
قصر عابدين
قصر عابدين هو قصر من أشهر قصور مصر الملكيّة، وقد كان شاهداً على الكثير من الأحداث التي شهدتها جمهوريّة مصر منذ العهد الملكيّ فيها، وحتى نشأة مدينة القاهرة الحديثة، ويعدّ هذا القصر معلماً أثريّاً وتحفة نادرة، لا يعكس سوى مظاهر الفخامة، والترف البالغ الذي عاشه ملوك مصر في زمنه. وقد بني هذا القصر في حكم “محمّد علي باشا” وكان مقرّ الحكم أيضاً، وذلك منذ عام ألف وثمانمئة واثنين وسبعين حتى عام ألف وتسعمئة واثنين وخمسين في قيام ثورة يوليو.
أمر الخديوي إسماعيل ببناء هذا القصر منذ توليه الحكم، وذلك في عام ألف وثمانمئة وثلاثة وستين ميلادي، وقد سمّي نسبةً إلى عابدين بيك وهو قياديّ عسكريّ كان يملك مكان القصر في عهد محمد علي، وقد اشتراه الخديوي إسماعيل من أهله بعد وفاته، وضمّ أراضي القصر الصغيرة إلى أراضٍ أخرى، وأنشأ عليها قصره المعروف، والذي يعتبر بداية بناء مدينة القاهرة الجديدة؛ حيث أمر أيضاً بتخطيط هذه المدينة لتكون مدينةً للقصور الفارهة، والشوارع الواسعة، والحدائق الكبيرة، والجسور، بما يليق بمكان قصره، وقد عاش فيه بعده الخديوي توفيق، ثمّ عباس حلمي الثاني، ويليه السلطان حسين كامل، والملك فؤاد أيضاً، ثمّ الملك فاروق، إلى أن عاش فيه رؤساء جمهوريّة مصر، كمحمد نجيب، وغيره إلى يومنا هذا.
هذا القصر يحتوي على قاعات كثيرة وصالونات، جدرانها كلّها مطلية باللون الأبيض، والأحمر، والأخضر، وهي مكان استقبال الوفود الأجنبيّة، كما أنّ هذا القصر توجد فيه مكتبة عملاقة تضم بين رفوفها أكثر من خمسة وخمسين ألف كتاب، كما يوجد في القصر مسرح كبير فيه مئات الكراسي، والأماكن المعزولة الخاصة بالسيدات وكبار الضيو، كما ويوجد في القصر ما يعرف بالجناح البلجيكيّ، والذي يعتبر خاصّاً بضيوف مصر المهمّين، وقد سميّ بهذا الاسم لأنّ الملك البلجيكيّ كان أوّل من أقام فيه.
كما ويوجد في القصر متحف تاريخي رائع، وغنيّ بالكثير من التحف والآثار، ويضم المتحف في قسمه الأوّل متحف الأسلحة، بينما يضمّ في قسمه الثاني متحفاً خاصّاً بممتلكات أسرة “محمّد علي باشا”، بما فيها من أواني فضية وكريستاليّة، وأدوات، وتحف نادرة، وغيرها. وكل المتاحف فيه متصلة بحديقة القصر.