سد مأرب
يُعتبر سد مأرب من المعجزات الهندسيّة في تاريخ الجزيرة العربيّة، وهو ليس السد الوحيد الّذي بناه السبئيّون، وليس الأقدم إلّا أنّهُ بلا شك الأكبر؛ فطول هذا السد يبلغ حوالي 577 متراً، وعرضه ما يُقارب 915 متراً، وقد تَمّ بناء هذا السد من الناحية التي تتسرب منها مياه السيول، لكي يتمكّن من الاحتفاظ بالمياه وحصرها. ولم يغب عن الّذين بنوا هذا السد أن يقوموا بإيجاد طريقة للتحكّم باتّجاه المياه بعد أن تستقر في السد، فقد قاموا بعمل ثقوب وأبواب قابلة للفتح والإغلاق ليتمكّنوا من التحكّم بها أكثر.
موقع سد مأرب
يقع سد مأرب في اليمن، وتحديداً في محافظة مأرب كما يشير اسمها، ويتوسّط هذا السد بين جبلين وهما: جبل البلق الشماليّ، وجبل البلق الأوسط، أو كما يعرف أحياناً بالجنوبيّ.
بناء سد مأرب
الحجارة المُستخدمة في بناء السد فقد أخذت من صخور الجبال المحيطة به، وتَمّ نحتها بشكل دقيق، واستخدم في تثبيتها معاً الجبس وكذلك القضبان المصنوعة من النّحاس والرصاص، ووضعت بطريقةٍ مناسبة لكي يبقى السدّ ثابتاً أمام الزلازل والسيول القويّة. وكميّة الماء في السد كانت تسدّ حاجة سكان اليمن للشرب، والزراعة، والمواشي وغيرها. عن تاريخ هذا السد فيعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد، ويعتبر أكبر سدٍّ في الجزيرة العربيّة كلّها، وبناءً على الآثار التي تعود للحضارة الحميريّة فإنّ السد قد بُني على يد علي ينوف وابنه، وكان يعرف باسم عرما يمارب.
ترميم سد مأرب
وقد تعرّض هذا السد لأربعة انهيارت على الأقل، وكان أوّل ترميم للسد في المئة الأولى قبل الميلاد، وذلك في فترة حكم الملك ياسر يعنهم، وتتابع الملوك في ترميم هذا السد؛ حيث تَمّ الترميم الثاني له في عام 300 قبل الميلاد على يد الملك شاران يهنعم، وفي عهد الملك شرحبيل بن يعفور، وتَمّ ترميمه مرّةً أخرى في عهد الملك الماكفي، وعندما غزا أبرهة الحبشيّ اليمن قام أيضاً بترميمه، وكان لا بُدّ من القيام بهذه الترميمات أكثر من مرّة كنتيجة لحدوث الفيضانات، وقد كان آخر بناء له في عام 1986 ميلاديّة، وذلك بمساعدة الإمارات العربيّة المتحدة.
هندسة سد مأمرب
وكما هو واضح فإنّ عمليّة تصميم هذا السد امتازت بالدقّة، فقد قام المهندسون الّذين أشرفوا على بناء السد بدراسة ومعاينة الأرض التي سيقيمونه عليها، ودرسوا إمكانيّة البناء فوقه، وكما رسموا مخططاً هندسيّاً له تمثّل بحائط حجريّ ضخم، وأقيم في مربط الدّم عند مكان خروج مياه السيل في الوادي، وكانت زاوية البناء زاوية مُنفرجة امتدّت من الجهة الجنوبيّة وحتى الجهة الشماليّة على مدى مسافة تُقدّر بحوالي 650 متراً. ولم يكتفوا بعمل الثقوب والأبواب للتحكّم بحجم الماء؛ بل قاموا بعمل ما بعرف بالمسايل، وهذه كانت تستخدم لريّ المزروعات في الحقول والمزارع وغيرها.