جبال ووديان

أين يقع جبل ثور

مكة المكرمة

تعد مدينة مكة المكرمة من أقدس البقاع الموجودة على الأرض، حيث ولد فيها الرسول عليه الصلاة والسلام، ولِقداستها يتجه المسلمون إليها خمس مرات كل يوم عند أدائهم للصلوات الخمس، كما يرغب المسلمون في الحج إليها لو مرة واحدة في حياتهم، وتقع مكة المكرمة غرب المملكة العربية السعودية وهي مُحاطة بجبال سيرات الداخلية التي تعد جزءاً من ساحل البحر الأحمر، وتشتمل جبال سيرات على العديد من القمم الجبلية، مثل جبل أجياد الذي يقع على ارتفاع 1332 قدماً.[١]

وجبل أبو قبيس والذي يرتفع نحو 1220 قدماً، كما يوجد جبل حراء والذي يرتفع نحو 2080 قدماً، ويحتوي على غار حراء الذي كان يجلس فيه الرسول عليه الصلاة والسلام ليتأمل الكون قبل أن يُبعث نبياً، وهناك قمة جبل ثور والذي يرتفع 2490 قدماً، والذي يحتوي على الكهف الذي احتمى فيه الرسول عليه الصلاة والسلام من الكفار أثناء هجرته إلى المدينة المنورة،[١] وسنتحدث في هذه المقالة عن غار ثور وموقعه بالتحديد، ودوره في هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام.

جبل ثور

هو جبل واقع بمكة المكرمة ويحتوي على الغار الذي احتمى فيه الرسول عليه الصلاة والسلام من كيد الأعداء، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم، كما يُقال له أطحل، وقد ورد عن الزمخشري أن ثور أطحل هو جبل من جبال مكة المكرمة يقع بالمَفجَر خلف مدينة مكة على طريق اليمين، وقد قيل أنه عُرف بجبل أطحل بدايةً، حتى وُلد رجل سُمي ثور بن عبد مناف عنده ومن ثم نُسب الجبل إليه، إلّا أنه لم يرد عن أهل العلم أن هناك رجلاً يُدعى بذلك، وإنما المقصود هو اسم جبل بمكة، وقد ورد اسم غار ثور في الأشعار ومنها شعر أبي طالب عم الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث قال:[٢]

أعوذ برب الناس من كل طاعنٍ

عــلـينـا بــشــرٍ، أو مـــخلـق بــاطـل

ومن كاشحٍ يسعـى لنــا بمعيبــة

ومن مفترٍ في الدين ما لم يحاول

و ثورٍ، ومن أرسى ثبيراً مكانه

وعَــيْـر وراقٍ فــي حــراء ونـــــازل

موقع جبل ثور

جبل ثور هو من الأماكن التي يقصدها الحجاج في موسم الحج، ويقع جنوب مكة المكرمة، أي جنوب المسجد الحرام على بعد 4 كم، بين سهل وادي المفجر شرقاً وبطحاء قريش غرباً، ويشرف الجبل على حي الهجرة، ويصعد إليه الحجاج لرؤية غار الثور الذي اختبأ فيه الرسول عليه الصلاة والسلام مع أبي بكر الصديق أثناء الهجرة إلى المدينة المنورة، وجبل ثور هو جبل له قاعدة مستديرة الشكل وله قمم جبلية مدبّبة ترتفع من قاعدته الدائرية وعددها عشرة.[٣][٤]

يرتفع جبل ثور عن مستوى سطح البحر نحو 754 متراً،[٥] وبحسب البيانات المقدّمة من المخابرات العسكرية الأمريكية عن جبل ثور، فإنه يقع على خط طول 39° 51′ 04″ شرقاً، أي 39 درجة، و51 دقيقة و4 ثوانٍ شرقاً، كما يقع على خط عرض 21° 22′ 36″ شمالاً، أي 21 درجة، و22 دقيقة و36 ثانية شمالاً، أما موقعه بالدرجات العشرية على خط الطول فهو 39.851111 درجة، وعلى خط العرض 21.376667 درجة.[٦]

غار ثور والهجرة النبوية

غار ثور هو عبارة عن صخرة مجوفة في أعلى جبل ثور، يشبه سفينةً صغيرةً ظهرها يتجه إلى الأعلى ولها فتحتان إحداهما تقع في المقدمة، والفتحة الأخرى تقع في المؤخرة، وغار ثور أكبر من غار حراء كما أنه أبعد من غار حراء عن مكة، وقد لجأ إليه الرسول عليه الصلاة والسلام عندما هاجر مع صاحبه أبي بكر الصديق، واحتَمَيا فيه من بطش كفار قريش، حيث إنهم اقتفوا أثر الرسول عليه الصلاة والسلام، وخصّصَوا جائزةً ثمينةً لمن يعثر عليه، وقد ورد ذكر الغار في القرآن الكريم في قوله تعالى: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا).[٧][٨]

وفي ليلة الهجرة لم تكن قريش على علم بأن الله تعالى أذن للرسول عليه الصلاة والسلام بالهجرة، وقد أخذوا يحيكون المؤامرات ضد الرسول عليه الصلاة والسلام والمسلمين، وفي ليلة السابع والعشرين من شهر صفر للسنة الرابعة عشر من بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام، ذهب الرسول إلى منزل أبي بكر الصديق، وأخبره بأمر الرحيل، وعندها طلب أبو بكر من الرسول مرافقته، وبالفعل خرجا من مكة قبل طلوع الفجر، وسلكا طريقاً مضاداً للطّريق الرئيسي، وهو الطريق الذي يقع جنوب مكة، إلى أن وصلا جبل ثور.[٩]

وعندما اكتشف المشركون رحيل الرسول عليه الصلاة والسلام، بدأوا يبحثون عنه وقد فتّشوا جبال مكة بأكملها، وعندما وصلوا غار ثور على قمة جبل ثور، سمع الرسول عليه الصلاة والسلام أصوات أقدامهم، قال أبو بكر الصديق للرسول: (يا رسولَ اللهِ ! لو أنَّ أحدَهم نظر إلى قدمَيه أبصَرَنا تحت قدمَيه، فقال يا أبا بكرٍ ! ما ظنُّك باثنَين اللهُ ثالثُهما)،[١٠] وقد مكثوا في الغار مدة ثلاث ليال، إلى أن انقطع عنهم كفار قريشٍ، وفي ليلة ربيع الأول من السنة الرابعة عشرة من بعثة الرسول خرجا من الغار، وأكملا رحلتهما مع عبدالله بن أريقط وعامر بن فهيرة. وبذلك يكون لغار ثور دورٌ كبيرٌ في نجاح هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة.[٩]

المراجع

  1. ^ أ ب Assʿad Sulaiman Abdo, John Bagot Glubb, “Mecca”، www.britannica.com, Retrieved 2018-5-14. Edited.
  2. شهاب الدين ياقوت الحموي, معجم البلدان, صفحة 86-87. بتصرّف.
  3. عبدالله الذيباني (2013-6-18)، “جبل ثور.. زيارة وعبادة”، عكاظ. بتصرّف.
  4. نوف الغامدي (2015-9-20)، “«غار حراء» و«جبل ثور».. مقصد ضيوف الرحمن قبل أداء فريضة الحج”، الرياض. بتصرّف.
  5. “Jabal Thawr”, www.sa.geoview.info, Retrieved 2018-5-14. Edited.
  6. “Jabal Thawr: Saudi Arabia “, www.geographic.org, Retrieved 2018-5-14. Edited.
  7. سورة التوبة، آية: 40.
  8. هيئة من المؤلفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية ، الرياض- المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة لنشر والتوزيع، صفحة 603 الجزء(م: مدريد- مكتب العتقاء). بتصرّف.
  9. ^ أ ب “الهجرة النبوية الشريفة”، www.alukah.net، 2014-5-11، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-14. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 2381، خلاصة حكم المحدث: صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى