ابن الرومي
هو علي بن عباس بن جريح، المعروف بالرومي أو أبو الحسن، وهو مزيج من الدم الفارسي والدم الرومي بحيث نزح أجداده إلى عاصمة الدولة العباسية بغداد وسكنوا فيها مع بني عباس، كانت بداية حياته قاسية جداً ومضطربة؛ لأن المجتمع الذي كان يعيش فيه كان غريب الأطوار يسوده الخوف والأوهام التي تغرق في توقع حدوث الأسوء دائماً، فكان نتيجةً لأفكاره الغريبة عنهم يتعرض للكثير من السخرية والاستهجان، فابتعد الكثير من الناس عنه، ونقم هو بالتالي على المجتمع والحياة، فكان يهجو أي شخص يؤذيه أو يسيء إليه.
ولادته وحياته
أمّا عن تاريخ ولادته فكان تحديداً في مدينة بغداد في العام 221هـ/836م، ونشأ فيها مسلماً وتعلّم على يد العديد من الشيوخ والنابغة وأبرزهم محمد بن حبيب، ومن ثمّ بدأ بتعلم ونظم الشعر؛ ونتيجةً لما شاهده من كوارث طبيعية في حياته كالحروب والكوارث لم يجد منفذاً يتفاءل من خلاله، إضافةً إلى إضاعته لجزء كبير من أملاك ولاده في اللهو، والذي زاد من حالته سوءاً هو وفاة والدته وخالته وأخيه، وبعد زواجه توفيت زوجته وأولاده الثلاثة، مما زاد من خوفه وتشاؤمه واضطراب حياته على جميع المستويات.
شعره وشعراء عصره
عاصر ابن الرومي الكثير من الشعراء وأهمهم البحتري، وابن المعتز والحسين بن الضحاك، إضافةً إلى علي بن الجهم وأبو عثمان، أمّا عن الأغراض الشعرية التي كان ينظم القصائد بهدف إيصالها فكانت تتضمّن المدح والوصف كوصف الطبيعة، والرثاء والهجاء إضافةً إلى الغزل، والعتاب، والاعتذار، وأهم آثاره الشعرية هي ديوان شعري ضخم تركه ابن الرومي غير مرتب، حيث قام بترتيبه وجمعة أبو الطيب ورواه عنه عدّة أشخاص كالمسيبي والصولي.
مما قيل عنه
وصفه الكثير من الأدباء والشعراء لتميزه وبلاغة أسلوبه ولا سيما أنّه كان يميل إلى الله عز وجل في شعره، فقال عنه طه حسين “نحن نعلم أنّه كان سيء الحظ في حياته، ولم يكن محبباً إلى الناس، وإنما كان مبغضاً إليهم، وكان مُحسداً أيضاً، ولم يكن أمره مقصوراً على سوء حظه، بل ربما كان سوء طبيعته، فقد كان حاد المزاج، مضطربه، معتل الطبع، ضعيف الأعصاب، حادّ الحس جداً، يكاد يبلغ من ذلك الإسراف”. وقال ابن خلكان في وصفه: “الشاعر المشهور صاحب النظم العجيب والتوليد الغريب، يغوص على المعاني النادرة فيستخرجها من مكانها ويبرزها في أحسن صورة ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى آخره ولا يبقي فيه بقية”.
وفاته
عاش ابن الرومي إلى أن انتهت خلافة المعتضد، وإحدى الرويات تقول بأنّه مات مسموماً من قبل وزير المعتضد القاسم بن عبيد الله الوهبي؛ لأنّه كان يخاف من لسانه كشاعر لأنّه ظالم ومضطهِد، فعمل على وضع السم له في قطعة حلوى، وتقول الكتب التاريخية بأن الوزير قال له: “إلي أين تذهب؟ فقال ابن الرومي: إلي الموضع الذي بعثتني إليه، فقال له: سلم على والدي، فقال له: ما طريقي إلي النار”.