محتويات
'); }
أين نشأ الرسول صلى الله عليه وسلم
نشأة الرسول في مكة وصحراء بني سعد
وُلد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة، وقد أرضعته حليمة السّعدية في صحراء بني سعد اللتي تقع جنوب شرق مدينة الطائف، ومكث عندها أوّل أربع سنواتٍ من حياته حتى حصل معه -عليه الصلاة والسلام- حدثاً أجبر مرضعته على إرجاعه لأمّه في مكة، ففي يومٍ من الأيام كان -عليه الصلاة والسلام- يلعب مع الأطفال، فأقبل عليه سيدنا جبريل واستخرج قلبه، وأخرج منه قطعةً سوداء قال عنها حظّ الشيطان، فطهّره سيّدنا جبريل من وساوس الشيطان وشرّه، ثم غسل قلبه بماء زمزم داخل وعاءٍ ذهبيّ وأرجعه مكانه، وفي تلك الأثناء كان الأطفال قد شهدوا ما حدث، فركضوا مُسرعين لمرضعته وقالوا لها إن محمداً قد قُتل، فخافت عليه خوفاً شديداً، وأرجعته لأمّه في مكّة، وقالت لها: “أدّيت أمانتي وذمّتي”.[١]
فقد أخرج الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه هذه الحادثة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أتاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وهو يَلْعَبُ مع الغِلْمانِ، فأخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عن قَلْبِهِ، فاسْتَخْرَجَ القَلْبَ، فاسْتَخْرَجَ منه عَلَقَةً، فقالَ: هذا حَظُّ الشَّيْطانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ في طَسْتٍ مِن ذَهَبٍ بماءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لأَمَهُ، ثُمَّ أعادَهُ في مَكانِهِ، وجاءَ الغِلْمانُ يَسْعَوْنَ إلى أُمِّهِ، يَعْنِي ظِئْرَهُ، فقالوا: إنَّ مُحَمَّدًا قدْ قُتِلَ، فاسْتَقْبَلُوهُ وهو مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ، قالَ أنَسٌ: وقدْ كُنْتُ أرَى أثَرَ ذلكَ المِخْيَطِ في صَدْرِهِ)،[٢] ثم عاش -عليه الصلاة والسلام- في رعاية والدته بمكة المكرمة حتى عمر السادسة، وفارقت والدته الحياة أثناء ذلك عند عودتها مع النبيّ من زيارةٍ لهم في المدينة، وتوفّيت في منطقةٍ تُسمّى الأبواء بين مكة والمدينة.[١]
'); }
رضاعة الرسول في بني سعد
كانت قبيلة بنو سعدٍ معروفةً بفصاحة اللّسان، لذلك كان العرب يحرصون على إرسال أطفالهم لمرضعاتٍ من هذه القبيلة ليقضوا بداية سنين حياتهم عندهم، وذلك لسلامة صحّتهم وفصاحة لسانهم، وقد حظيت حليمة السعدية بنت أبي ذؤيب من بني سعد بشرف رضاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حيث نقل ابن اسحق -رحمه الله- أن حليمة قد ذهبت مع باقي قومها في يومٍ من الأيام لالتماس الرِّضاع مُقابل المعروف، وكان من بين الأطفال الذين يحتاجون للرضاعة محمدٌ -عليه الصلاة والسلام-، وبسبب يُتمه لم تَقبل به المُرضعات، فأخذته حليمة لأنها لم تجد غيره، فلم تكن تريد أن تعود دون أخذ طفلٍ معها.[٣][٤]
وبطريقهم للعودة ومعها نبي الله محمد قال لها زوجها: “يا حليمة، والله إنّي لأراك قد أخذت نسمةً مباركة، ألم تري إلى ما بتنا فيه من الخير والبركة؟ فلم يزل الله يرينا خيراً”، وقد أرضعت حليمة محمّد سنتين ثم فَطَمَته، وكانت تقول في رسول الله أنّه لم يشبه أقرانه في ذلك الوقت، فلمّا بلغ السنتين كان جيّد البُنية دون غيره من الأطفال، ثم أخذته لأمّه لتمام رضاعته، ولكنها تعلّقت به وطلبت منها أن يبقى معها ليبتعد عن الوباء الذي أصاب مكة، وأذنت لها آمنة بذلك، فعاش -عليه الصلاة والسلام- معها سنتين أُخريين، وفي بداية السنة الخامسة حصل معه حادثة شقّ الصدر، فردّت حليمة محمد لأمّه خوفاً عليه رغم تعلّقها به، وقصّت على أمّه ما أصابه، فأراحتها آمنة وقالت لها إنّ له شأناً عظيماً.[٣][٤]
رجوع الرسول إلى مكة ونشأته فيها
عاد الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأمّه بعد حادثة شق الصدر، وعاش معها الى أن توفّاها الله، وكان يبلغ من العمر ستّ سنوات، وكانت أم أيمن الحبشيّة معهم، وهي من أوْصلت رسول الله لجدّه عبد المطّلب في مكّة المكرمة، فعاش في كنفه حتى بلغ الثمان سنوات، وكان يُحبّه ويعطِف عليه كثيراً، وبعد وفاته كفِل النبي أخ والده؛ عمّه أبو طالب، وكان حريصاً على محمّدٍ كثيراً، ولشدّة إعجابه به كان يصحبه معه لرحلاته، وكان أبو طالب لا ينام إلا ومحمّدٍ بجانبه، وكان يُدافع عنه ويقف معه حتى بعد نبوّته، وكان -عليه الصلاة والسلام- يرعى الغنم في شبابه ليُحصّل قوته ويعتمد على نفسه، فقد صحّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا رَعَى الغَنَمَ، فقالَ أصْحابُهُ: وأَنْتَ؟ فقالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أرْعاها علَى قَرارِيطَ لأهْلِ مَكَّةَ).[٥][٦][٧]
ولحكمةٍ أرادها الله -تعالى- لنبيّه محمد؛ اختار له مهنة رعي الأغنام التي تُعلّم صاحبها الصبر، وتحمّل المشقّة والتعب، والحِلم، والشفقة على الغير، وكذلك فإنّ قيادة الأمم تحتاج للصبر والحّلم وفهْم ما يحتاجه الناس وما يطيقون وغيره، وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي -عليه السلام- قال: (الفَخْرُ والخُيَلاءُ في أصْحابِ الإبِلِ، والسَّكِينَةُ والوَقارُ في أهْلِ الغَنَمِ).[٨][٩]
أماكن رحل إليها الرسول خارج مكة
خرج الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو بعمر الثّانية عشر مع عمّه أبي طالب في رحلةٍ تجاريةٍ إلى الشام، والتقوا عند بصرى الشام براهبٍ نصرانيٍّ يُقال له بحيرا، وكان هذا الرّاهب لا يُكلّم أحداً، لكنه رأى على أحد ركْب القافلة علاماتٍ مميّزةً ليست موجودةٌ عند الآخرين، فكان هناك غمامةٌ تُظلّ رسول الله دون غيره من باقي القافلة، فقام بحيرا بدعوتهم على الطعام، وطلب حضور رسول الله، وبدأ ينظر في صفاته وللعلامات التي تدلّ على نبوّته، ورأى ختْم النبوّة، فسأل عمّه عنه، فأجابه أبو طالب بأنه ابنه، ولكن بحيرا أخبره أنّه لا أبّ لهذا الولد، فقال له أبو طالب بأنّه ابن أخيه، وأنّ والده قد تُوفّي قبل أن يُولَد، فأخبر الراهب أبا طالب بأن يرجع به إلى مكة، وحذّره من اليهود لأن لهذا الصبيّ شأنٌ عظيمٌ.[١٠]
وقد طلبت خديجة بنت خوليد -رضي الله عنها- في يومٍ من الأيام من رسول الله أن يخرج في تجارةٍ لها لمّا سمعت عن حُسن خُلقه وأمانته وصدقه، إذ كانت تملك المال الكثير، وكانت تبحث عن شخصٍ أمينٍ يقوم بإدارة أعمال تجارتها، فوافق رسول الله وذهب برحلةٍ تجاريّةٍ مع غُلامها ميسرة، ونجحت تجارته وربحت خديجة من هذه التجارة ربحاً كثيراً، وأخبرها غُلامها بصدق رسول الله وبكمال أوصافه وجمال أخلاقه وحُسنها، وبسبب ذلك طلبت خديجة من النبيّ الزواج منها، حيث أُعجبت بصفاته وأخلاقه، وقد وافق -عليه الصلاة والسلام- على طلبها، وبعث جدّه وعمّه ليطلبوها له، وتزوّجها.[١١][١٢]
المراجع
- ^ أ ب “جولة في طفولة النبي صلى الله عليه وسلم”، www.islamweb.net، 10-7-2003، اطّلع عليه بتاريخ 7-11-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 162، صحيح.
- ^ أ ب محمد أبو شُهبة (1427هـ)، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (الطبعة الثامنة)، سوريا-دمشق: دار القلم، صفحة 192، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب بَحرَق اليمني (1419هـ)، حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية-جدة: دار المنهاج، صفحة 107-112. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح بخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2262، صحيح.
- ↑ محمد الدبيسي (2010م)، السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية، مصر-القاهرة: جامعة عين شمس، صفحة 195-198. بتصرّف.
- ↑ أبو الحسن الندوي (1425هـ)، السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي (الطبعة الثانية عشرة)، سوريا-دمشق: دار ابن كثير، صفحة 163. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح بخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4388، صحيح.
- ↑ محمد أبو شُهبة (1427هـ)، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (الطبعة الثامنة)، سوريا-دمشق: دار القلم، صفحة 209، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد أبو شُهبة (1427هـ)، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (الطبعة الثامنة)، سوريا – دمشق: دار القلم، صفحة 211، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد المنصورفوري، رحمة للعالمين (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية – الرياض: دار السلام للنشر والتوزيع، صفحة 36. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 13-14، جزء 1. بتصرّف.