'); }
آية الكرسي
خصّ الله -سبحانه- بعض الآيات والسور الواردة في القرآن الكريم على سواها، وآية الكرسي هي إحدى الآيات التي نالت جانباً من هذه الخصوصية، فقد ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه سأل أبيّ بن كعب عن فضلها، وكان أبيّ أقرأ الأمّة للقرآن الكريم، فقال له رسول الله عليه السلام: (يا أبا المنذِرُ؛ أتدري أيَّ آيةٍ من كتاب اللهِ معك أعظمُ؟ قال قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: يا أبا المنذِرُ؛ أتدري أيَّ آيةٍ من كتاب اللهِ معك أعظمُ؟ قال قلتُ: اللهُ لا إله إلّا هو الحيُّ القيومُ، قال: فضرب في صدري، وقال: واللهِ لِيَهْنِك العلمُ أبا المنذِرِ).[١][٢]
وآية الكرسي هي قول الله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)،[٣] ولعِظمتها وفضلها كان نبيّ الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقرؤها دبر كلّ صلاةٍ مكتوبةٍ، وأوصى المؤمنين بذلك من بعده.[٢]
'); }
السورة التي وردت فيها آية الكرسي
وردت آية الكرسي وهي أعظم آيات القرآن الكريم في سورة البقرة، ولقد كان أحد أسباب ومظاهر عظمتها ذكر شيءٍ من أسماء الله الحسنى وصفاته العُلا فيها، وقد بدأت بلفظ الجلالة كذلك، ثمّ ذكرت اسمي الله: الحي والقيّوم، وقد قيل عنهما إنّهما اسما الله الأعظم الذي إذا دُعي بهما أجاب، حيث قال أبو أمامة رضي الله عنه: (اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب في ثلاث: سورة البقرة، وآل عمران، وطه)، قال هشام: أمّا البقرة فقول الله تعالى: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)،[٣] وقد حوت آية الكرسيّ كذلك لفظ التوحيد كاملاً: (اللَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ)،[٣] ثمّ أسهبت بالحديث عن مظاهر عظمة الله سبحانه، وقوته، حيث ورد فيها: (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)،[٣] والسِّنة هي النعاس أو أوّل النوم، ففي الآية يخبر الله -سبحانه- أنّه لا ينام، ولا يأخذه حتى أول النوم، أو يبلغ به النعاس، وذلك من مظاهر عظمته جلّ شأنه، ومن مظاهر القوة والإحاطة كذلك أنّه -سبحانه- مالك ملك السماوات والأرض، فكلّ الناس والمخلوقات عبيدٌ عنده، وهم تحت ملكه وسلطانه.[٢]
ثمّ يؤكّد الله -تعالى- أنّ هذه العظمة ليست في الدنيا وعلى الأرض فحسب، بل وحتّى يوم القيامة حين ينقلب إليه الناس جميعاً، فإنّه لا يملك مخلوقٍ لسواه شفاعةً أو خيراً إلا بإذن الله سبحانه، وتلك إحاطته وسلطانه في الآخرة، وذلك مذكورٌ في قوله تعالى: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ).[٣] ثمّ تعرّج الآية إلى مظهرٍ آخر من مظاهر العظمة والقدرة وهي علم الله -سبحانه- للظاهر والباطن على حدٍّ سواء، ولكلّ المخلوقات، وبالمقابل فإنّ هذه المخلوقات تتميّز بالقصور ووالضعف، ولا تعلم إلا ما أذن الله -سبحانه- لها بعلمه.[٤]
خُتمت آية الكرسي بالحديث عن الكرسي، وهو كذلك أحد مظاهر العظمة والعلوّ لله سبحانه، ولقد ذكر النبيّ -عليه السلام- وصف عظمة الكرسي وحده، حيث قال: (ما الكرسيُّ في العرشِ إلَّا كَحلقةٍ من حديدٍ أُلْقيَت بينَ ظَهْري فلاةٍ منَ الأرضِ)،[٥] فإذا كانت هذه عظمة أحد مخلوقات الله -تعالى- فإنّها تعدّ دليلاً ومؤشراً على عظمة الخالق سبحانه، وبعد ذكر كلّ تلك العظمة وتعدادها على التوالي كان من المناسب ختام الآية الكريمة باسمي الله سبحانه: العليّ والعظيم؛ وذلك ليبيّن للناس علوّه وعظمته، وأنّ هذه العظمة في الأسماء والصفات على حدٍّ سواءٍ، وقد استحقّها الله سبحانه، إذ لا يوجد أحدٌ يطاوله في تلك الصفات والقدرة والتجلّي، ولا شكّ في ذلك، فالفرق كبيرٌ بين الخالق من العدم، والمخلوقات الضعيفة التي لا تملك لنفسها خيراً ولا شرّاً دون إذنٍ من الله سبحانه.[٤]
مكانة آية الكرسيّ عند المسلم
ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- العديد من الأحاديث التي تذكر فضل آية الكرسي، وتُوصي المسلمين بقراءتها، وفيما يأتي ذكرٌ للمواضع التي سنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن تقرأ فيها آية الكرسي:[٦]
- قراءة سورة الكرسي قبل الخلود إلى النوم، حيث قال النبي عليه السلام: (إذا أوَيتَ إلى فراشِك فاقرأْ آيةَ الكُرسيِّ، من أولها حتى تختم الآيةَ: اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظٌ، ولا يقربُك شيطانٌ حتى تصبحَ).[٧]
- قراءة آية الكرسي دُبر كلّ صلاةٍ، وفي ذلك ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَن قرَأ آيةَ الكُرْسيِّ في دُبُرِ الصَّلاةِ المكتوبةِ كان في ذِمَّةِ اللهِ إلى الصَّلاةِ الأخرى)،[٨] وقال النبي كذلك: (مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ، إلَّا الموتُ).[٩]
- قراءة آية الكرسي مع أذكار الصباح والمساء، كما ورد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
- قراءة آية الكرسي من ضمن الرقية الشرعية الواردة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ للتحصين من العين، والحسد، والشرّ بعمومه.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 810، صحيح.
- ^ أ ب ت “فضل آية الكرسي وتفسيرها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-6-27. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج سورة البقرة، آية: 255.
- ^ أ ب “فضل آية الكرسي وما دلت عليه من التوحيد”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-2. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في شرح الطحاوية، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 279، صحيح.
- ↑ “وقفات مع آية الكرسي (1)”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-6-29. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 610، صحيح.
- ↑ رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن الحسن بن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 10/105، إسناده حسن.
- ↑ رواه ابن حبان، في بلوغ المرام، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 97، صحيح.