التاريخ الإسلامي

جديد أين اجتمع كفار قريش ليلة الهجرة

مكان اجتماع كفار قريش ليلة الهجرة

اجتمعت قريش في دار النّدوة للتشاور في أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ومنعهم من الخروج؛ وذلك بعد أن رأوا أن أعداد المُسلمين تزداد خارج مكة، وأنّهم يريدون الهجرة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- إليهم، وقد رأوا خروج بعضهم،[١] ودار النّدوة: هي دارٌ في مكّة لِقُصيّ بن كِلاب جدّ قريش، كانت تجتمعُ فيها قُريشٌ كلما أرادت اتّخاذ قرارٍ، أو مُشاورة، أو رأيٍ،[٢] وكان يجتمعُ فيها عُظماءِ مكة وساداتها؛ للتشاور في الحرب والسّلم، كما كانت تجري فيها عُقود زواجهم، ومُعاملاتهم، وفض خُصوماتِهم.[٣]

ويُمنع دُخول دار الندوة لمن هو أقل من عُمُر الأربعين، باستثناء بعض الأشخاص الذين يُرى فيهم سداد الرأي، ورجاحة العقل؛ فقد دخلها أبو جهل وهو في سن الثلاثين، كما أن القرارت التي تخرج من هذه الدار غير مُلزِمةٍ، ويجوز للسّادة مُخالفتها، أو عدم العمل بها، وبعدما جاء الإسلام كانت هذه الدار في يدِ حكيم بن حزام، وباعها لِمُعاوية بن أبي سُفيان بمئةِ ألف،[٣] وكانت دار الندوة في الحرم باتّجاه الكعبة من الجهة الشماليّة الغربيّة، وكان الخُلفاء والأُمراء ينزلون فيها عند حجّهم، وفي القرن الثالث للهجرة بدأ بناؤها يُهدم، فأمر الخليفة المُعتضد بهدمها، وبناء مسجدٍ مكانها، وجُعلت فيه القبلة إلى الكعبة، وبُنيت له قُبّةٌ عاليةٌ.[٤]

سبب اجتماع كفار قريش ليلة الهجرة ونتيجته

علمت قُريش بِهجرة الصحابة -رضي الله عنهم-، والخطر الذي سيُشكِّله عليهم في حال هجرتهم جميعا مع النبي، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- وصاحباه أبو بكرٍ وعلي -رضي الله عنهم- لا يزالون في مكة، وفي يوم الخميس السادس والعشرين من شهر صفر من السنة الرابعة عشرة للبعثة، قامت قُريش بعمل اجتماع لِمُمثلي القبائل وزُعمائها باستثناء قبيلة بني هاشم، ولم يُسمح لغير القُرشيّين دُخول الاجتماع؛ للتفكير بطريقةٍ تمنع النبي -عليه الصلاة والسلام- من الوصول لأصحابه في المدينة، وتأسيسِ دولته فيها، فأشار بعضهم بحبسه، وقال أبو جهل بقتله، وكانت فكرته تقوم على اختيار أكثر من شابٍّ قويٍّ من كُل قبيلةٍ، على أن يُحاصروه في بيته، ويضربوه بسيوفهم عند خُروجه ضربة رجلٍ واحدٍ، فيتفرّق دمه بين القبائل؛ لأن قبيلته بني هاشم قبيلةٌ قويّةٌ، وعندما يتفرّق دمه بين القبائل سترضى قبيلته بالديّة؛ لعدم قُدرتهم على مُحاربة جميع القبائل، فوافق جميع من في الاجتماع على هذا الرأي.[٥][٦]

وقد ذكر الله -تعالى- هذا الاجتماع في القرآن الكريم فقال: (وَإِذ يَمكُرُ بِكَ الَّذينَ كَفَروا لِيُثبِتوكَ أَو يَقتُلوكَ أَو يُخرِجوكَ وَيَمكُرونَ وَيَمكُرُ اللَّـهُ وَاللَّـهُ خَيرُ الماكِرينَ)،[٦] وأخبر الله -تعالى- نبيّه -صلى الله عليه وسلم- بهذه الخُطّة، فأرسل النبيّ إلى عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأمره بالنوم في فِراشه، وأن يتغطّى بِبُردته، وطمأنه بعدم إصابته بالأذى، فوقف القوم عند باب النبي -عليه الصلاة والسلام- ينتظرون خُروجه، وقد خرج النبيّ من أمامهم ووضع التُراب على رؤوسهم، وكان يتلو قول الله -تعالى-: (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ)،[٧] فلم يروْه، فأتاهم رجلٌ وأخبرهم بِخروجه وهم لا يعلمون، فنظروا إلى داخل حجرته ووجدوه نائماً مكانه، فلمّا جاء الصباح وخرج إليهم علي، انقلبوا خائبين.[٨][٩]

صبر النبيّ قبل الهجرة

يُعدُّ الأنبياء أكثر وأشدّ الناس بلاءً، وقد ابتُلي النبي -عليه الصلاة والسلام- بقومه، فآذوه، وعذّبوه، وسبّوه، وحاصروه، وأخرجوه هو وأصحابه، ولكنّه صبر إلى أن أذِن الله -تعالى- له بالهجرة إلى المدينة التي يسكُنها الأنصار.[١٠]

المراجع

  1. عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي (2000)، الروض الأنف في شرح السيرة النبوية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 122، جزء 4. بتصرّف.
  2. جواد علي (2001)، المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام (الطبعة الرابعة)، لبنان: دار الساقي، صفحة 234، جزء 9. بتصرّف.
  3. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 14، جزء 16. بتصرّف.
  4. مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف، الموسوعة التاريخية، www.dorar.net، صفحة 365، جزء 2. بتصرّف.
  5. سورة الأنفال، آية: 30.
  6. ^ أ ب راغب الحنفي راغب السرجاني ، السيرة النبوية، صفحة 3، جزء 14. بتصرّف.
  7. سورة يس، آية: 9.
  8. علي أبو الحسن بن عبد الحي بن فخر الدين الندوي (1425 هـ )، السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي (الطبعة الثانية عشر)، دمشق: دار ابن كثير، صفحة 235-236. بتصرّف.
  9. إبراهيم بن محمد بن حسين العلي الشبلي الجنيني (1995)، صحيح السيرة النبوية (الطبعة الأولى)، الأردن: دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 120-121، جزء 1. بتصرّف.
  10. عبد الحي بن يوسف، دروس الشيخ عبد الحي يوسف، صفحة 1، جزء 3. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى