معالم إسلامية

جديد أول جامع أقيم في مصر

جامع عمرو بن العاص

يُعتبر جامع عمرو بن العاص أول جامع أُقيم في مصر، ويُعرف بـ “تاج الجوامع” و”الجامع العتيق”، فقد تمّ بناؤه في عام 641م على يدِ الصحابيّ الجليل عمرو بن العاص الذي فتح مصر عام 640م بأمر من الخليفة الفاروق عمر بن الخطّاب، وساعدَه في بناء هذا الجامع عدد من الصحابة؛ كالزبير بن العوّام وعبادة بن الصامت، واختير الموقع الذي نصب فيه عمرو بن العاص خيمته لبناء الجامع بهيكلٍ من جذوع النخيل وأوراقه، وفي عام 827م تمّت توسعة الجامع ليصل إلى مساحته الحالية.[١][٢]

بُني جامع عمرو بن العاص في مدينة الفسطاط التي كانتْ عاصمةً للبلاد في ذلك الوقت، والتي تُعرَف اليوم بالقاهرة، وقد كان الجامِع معسكراً للجيش العربي، إذ كان عمرو بن العاص يتخذه مقرّاً لاجتماعات المسلمين واجتماع القوات العسكرية التي كانت تتالّف من عدد قليل من الرجال، ومن الجدير بالذكر أنّ جامع عمرو بن العاص قد تعرّض للتدمير والترميم مرّات عديدة على مرّ التاريخ.[٢][٣]

وصف جامع عمرو بن العاص

التخطيط المعماري الأصلي للجامع

اختار عمرو بن العاص حديقةً وسط مدينة الفسطاط يمتلكها قيسبة بن كلثوم لبناء المسجد عليها، وقد تبرّع بها قيسبة بعدما طلبها منه عمرو بن العاص ووعده بأن يُعوّضه، وقبل أن يشرع عمرو في بناء الجامع وضع له تخطيطاً يُشبه تخطيط المسجد النبوي في المدينة المنورة؛ لذا كان شكلُ المسجد مستطيلاً عند بنائه بطول 23م وعرض 13م، وكان يُطلّ من ناحيته الشماليّة الغربيّة على نهر النيل، كما كان يضمّ بئرً يستخدمه المصلّون للوضوء والشرب يسمّى بالبستان.[٤][٥]

وصل ارتفاع جدران الجامع نحو ثلاثة أمتار وهو ارتفاع جدران المسجد النبويّ في ذلك الوقت، وقد بنُيت الجدران من الطوب غير المزخرف، كما كان له ستّة أبواب موزّعة على كافّة جدرانه باستثناء جِدار القبلة، أمّا أرضيّته فقد كانت مغطّاةً بالحصى، وسقفه مصنوع من الجريد المُحمّل على جذوع النخل، ولم يكن حينها في المسجد محرابٌ ولا مئذنة ولا صحن إنّما منبر فقط، وقد جاور الجامع دار عمرو الكبرى وهي دارُ عمرو بن العاص التي بناها على الجانب الشرقيّ من الجامع، وبُنيت شمالها دار عمرو الصغرى التي كانت لعبد الله ابن عمرو بن العاص، وأخيرًا بُنيت بجوار الجامع دار ثالثة للزبير بن العوام.[٥][٦]

التخطيط الحالي للجامع

يشتمل التخطيط الحالي لجامع عمرو بن العاص على صحنٍ واسعٍ غيرِ مسقوف في وسطه قبّة مُقامَة على ثمانية أعمدة مستديرة من الرخام، وتُحيطُ بصحنِ الجامِع أربعة أروقة بأسقف خشبيّة؛ أكبرها رواقُ القِبلة الذي يتكوّن من قِبابٍ ترتكز على أعمدة رخامسة ذات تيجان تعودُ إلى مبانٍ قديمة، معلّقٌ عليهِ لوحتان عائدتان إلى عصرِ المماليك، وفي صدرِ هذا الرواق يوجد محرابان متجاوران وقربَ كلّ واحدٍ منهما منبر من الخشب، وفي ركنه الشمالي توجد قبّة بُنيت في عهد عبد الله بن عمرو بن العاص، ويوجد في الجدار الجنوبيّ بقايا من نوافذ الجامع القديم المزخرفة باستخدام الجِص، أمّا المدخل الرئيسي للجامع فيوجد في الجهة الغربية منه.[٧]

إعادة إعمار جامع عمرو بن العاص

أعاد عبد العزيز بن مروان الأموي بناء جامع عمرو بن العاص بنفس أبعاده السابقة، كما اعاد العباسيون بناءه وضاعفوا مساحته عام 827م، وفي عام 1172م أعاد صلاح الدين الأيوبي ترميم الجامع بعد حرق مدينة الفسطاط من قِبل الصليبيين، أمّا الجامع الحالي فهو نتاج إعادة الترميم التي تمّت في القرن التاسع عشر الميلادي، لكن ما زال الجامع يحتفظ بعناصر التصميم والزينة من الفترات الزمنية المختلفة من تاريخ المبنى،[٣] وقد طرأت على الجامع العديد من الإضافات على فترات زمنيّة مختلفة، وهي كالآتي:[٨]

  • زيادة مساحة مُسطّح الجامع وإضافة صحن جديد، وذلك في العصر الأمويّ عام 673م.
  • إضافة أربع ظلّات في منتصفها فناءٌ كبير، وتعدّ ظلّة القبلة أكبرها إذ تتّسع لـ 5000 مصلٍّ، وجاءت هذه الإضافة في عصر الوليد بن عبد الملك عام 712م.
  • إضافة محراب وبجانبه منبرٌ خشبيّ عام 713م، وقد تمّ تحديد هذا المحراب بمقصورة لها 11 باب؛ وذلك محاكاةً لمقصورة الجامع الأمويّ في دمشق.
  • زيادة مسطّح المسجد بشكلٍ كبير حتى أصبحَ أقرب للمربع بطول 120م وعرض 112م، وذلك في عهد الوالي العبّاسي عبد الله بن طاهر عام 827م.
  • إضافة رواقَين إلى صحن المسجد وذلك عام 1015م في عهد الخليفة الفاطميّ الحاكم بأمر الله.

أهمية جامع عمرو بن العاص

لا تقتصر أهمية جامع عمرو بن العاص على الصلاة، بل تعدّدت أغراضُه وتنوّعت، فقد شكّل محكمةً يحتكِمُ فيها المتنازعون من المسلمين، ويُفضّ فيها الخلاف بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى، كما ضمّ الجامع بيتَ مالٍ يُنفِقُ على اليتامى وذوي الإعاقة،[٦] وبالإضافة إلى ذلك فإنّه يُعتبرُ أوّلَ جامعةٍ حقيقية في العالم بأسره فقد كان مركزاً للتعليم والتدريس،[٩] حيث تمّ استخدامه لعقد المحاضرات الدينية التي كان يحضرها العديد من الأساتذة والأئمّة بما فيهم محمّد بن إدريس الشافعي.[١٠]

المراجع

  1. “Mosque of Amr Ibn Al As”, www.lonelyplanet.com, Retrieved 30-3-2019. Edited.
  2. ^ أ ب “جامع عمرو بن العاص”، egymonuments.gov.eg، اطّلع عليه بتاريخ 2020-9-25. بتصرّف.
  3. ^ أ ب “Mosque of ʿAmr ibn al-ʿĀṣ”, www.britannica.com, Retrieved 30-3-2019. Edited.
  4. أحمد الشرقاوي (2015)، الفنون والآداب، الأردن: أمواج للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 296. بتصرّف.
  5. ^ أ ب الزهراء سامي (5-22)، “عمرو بن العاص.. الجامع العتيق أول مسجد بُني بالقاهرة”، egyptiangeographic.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-9-25. بتصرّف.
  6. ^ أ ب “منارات: جامع عمرو بن العاص.. منارة الإسلام في إفريقية”، الوعي الإسلامي، 11-2011، العدد 556، صفحة 1. بتصرّف.
  7. “جامع عمرو بن العاص “، www.sis.gov.eg، اطّلع عليه بتاريخ 2020-9-28. بتصرّف.
  8. د.منى البسيوني، جامع عمرو بن العاص، صفحة 8. بتصرّف.
  9. Yosra Shohayeb (30-3-2018), “The Most Beautiful Mosques in Cairo”، www.theculturetrip.com, Retrieved 30-3-2019. Edited.
  10. “Amr Ibn Al-As Mosque”, www.sis.gov.eg,20-7-2009، Retrieved 30-3-2019. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى